
تُعتبر الرياضيات واحدة من أصعب المواد الدراسية التي لا يُجيدها الكثير من الطلاب بسهولة، وذلك لأنها تطلب مجهود عقلي أكبر من غيرها من المواد، ولكن أثبتت دراسة جديدة أنه يُمكن تعزيز تعلمها من خلال التحفيز الكهربائي.
وتوصل عددًا من العلماء من خلال دراسة نُشرت في ورقة بحثية نُشرت في مجلة «PLOS Biology»، إلى أن تقنية تحفيز الدماغ غير المؤلمة وغير الجراحية يمكن أن تُحسّن بشكل ملحوظ كيفية تعلم الشباب للرياضيات.
وأجرى العلماء هذه الدراسة على 72 شابًا بالغًا (تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا) تم تعليمهم تقنيات حسابية رياضية جديدة على مدار خمسة أيام، تلقى بعضهم علاجًا وهميًا، بينما تلقى آخرون «تحفيز ضوضاء عشوائي عبر الجمجمة» (tRNS)، والذي يُوصل تيارات كهربائية خفيفة إلى الدماغ، وهذا التأثير غير مؤلم وغالبًا ما يكون غير محسوس، إلا إذا ركزت بشدة لمحاولة الشعور به.
ووُزّع المشاركون الذين تلقوا tRNS عشوائيًا لتلقيه في إحدى منطقتين دماغيتين مختلفتين. تلقى البعض العلاج فوق القشرة الجبهية الظهرانية الجانبية، وهي منطقة بالغة الأهمية للذاكرة والانتباه، أو عند اكتساب مهارة إدراكية جديدة، بينما تلقى آخرون العلاج فوق القشرة الجدارية الخلفية، التي تُعالج معلومات الرياضيات، خاصةً بعد إتمام عملية التعلم.
وقبل التدريب وبعده، تم مسح أدمغتهم وقياس مستويات المواد الكيميائية العصبية الرئيسية مثل حمض جاما أمينوبوتيريك (GABA)، والذي أظهرنا سابقًا، ففي دراسة أجريت عام 2021، أنه يلعب دورًا في مرونة الدماغ والتعلم، بما في ذلك الرياضيات.
وكشفت النتائج أن التحفيز ساعد المشاركين على اللحاق بأقرانهم الذين يتمتعون بوصلات طبيعية أقوى، إذ أن هذه النتيجة تُظهر الدور الحاسم لقشرة الفص الجبهي في التعلم، ويمكن أن تساعد في الحد من التفاوتات التعليمية التي تنبع من علم الأعصاب.
يُذكر أن الرياضيات أساسية للعديد من الوظائف، وخاصةً في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والتمويل، ومع ذلك، أشار تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2016 إلى أن نسبة كبيرة من البالغين في الدول المتقدمة (24% إلى 29%) لا يمتلكون مهارات رياضية أفضل من طفل عادي في السابعة من عمره، إذ أن هذا النقص في المهارات الحسابية قد يُسهم في انخفاض الدخل، وتدهور الصحة، وانخفاض المشاركة السياسية، بل وحتى تراجع الثقة بالآخرين.