
كشفت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، عبر مرصدها الشهير Chandra للأشعة السينية، عن صورة غير مسبوقة لمجرة أندروميدا (M31) باستخدام مزيج من أطوال موجية متعددة تشمل الأشعة السينية، والأشعة فوق البنفسجية، والضوء المرئي، والأشعة تحت الحمراء، والموجات الراديوية.
الصورة الجديدة، التي وصفت بأنها مثال رائع على “تعاون الضوء”، تُظهر البنية الداخلية للمجرة بتفاصيل غير مسبوقة، وتقدم رؤية بانورامية تساعد العلماء على فهم مصير مجرتنا، درب التبانة، التي يُتوقع أن تندمج مع أندروميدا بعد مليارات السنين.

تُعد أندروميدا، الواقعة على بعد 2.5 مليون سنة ضوئية، أقرب مجرة حلزونية ضخمة إلى درب التبانة. وتُظهر الصورة الحديثة نشاطًا عالي الطاقة في قلب المجرة، ناتجًا عن الثقب الأسود فائق الكتلة في مركزها، إضافة إلى تفاصيل دقيقة لأذرعها الحلزونية ونواتها اللامعة.
وبحسب فريق مرصد تشاندرا، فإن البيانات التي جُمعت بمساعدة العديد من المراصد الدولية، منها XMM-Newton التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وGALEX وSpitzer وHerschel التابعين لناسا، وPlanck وCOBE وIRAS، ساهمت في بناء هذا المشهد المتكامل. ومن أبرز ما كُشف، توهّج رصده العلماء في عام 2013 ناتج عن نشاط مفاجئ للثقب الأسود، تجلّى في زيادة ملحوظة في الأشعة السينية المنبعثة من نواة المجرة.
وتكرّم ناسا في هذا المشروع عالمة الفلك الشهيرة فيرا روبين، التي أدت أبحاثها على دوران مجرة أندروميدا إلى تقديم أول دليل مقنع على وجود المادة المظلمة. وتكريمًا لإسهاماتها، ستُطبع صورتها على عملة ربع دولار أمريكي تصدر عام 2025.
في تجربة تجمع بين العلم والفن، تضمنت الإصدارات المصاحبة فيديو “تحويل ضوء إلى صوت” (Sonification)، حيث تم تحويل البيانات الضوئية من مختلف الأطوال الموجية إلى نغمات صوتية: يتحكم السطوع في شدة الصوت، بينما تحدد الترددات موقع الطبقة الصوتية. النتيجة هي خريطة صوتية للمجرة تمنح الجمهور تجربة حسية فريدة، تُترجم الضوء إلى إحساس يُسمع ويُشاهد.
ويُدار برنامج تشاندرا من قبل مركز مارشال للفضاء التابع لناسا في هنتسفيل، ألاباما، بإشراف مرصد سميثسونيان للفيزياء الفلكية في كامبريدج، ماساتشوستس، ضمن مشروع تابع لـمديرية المهام العلمية في ناسا بواشنطن.
وبينما يستعد الفلكيون لاستخدام هذه البيانات الجديدة في دراسة البنية الداخلية للمجرة وتاريخها، فإن العامة يُتاح لهم أيضًا التمتع بتجربة بصرية وسمعية آسرة تُقرّبهم من أقرب جيران درب التبانة، وتفتح نافذة جديدة على جمال الكون وأسراره.