اخبار السياسه دينا عبدالفتاح تكتب : .. "كليات القمة"..والسباق الظالم !

دينا عبدالفتاح تكتب : .. "كليات القمة"..والسباق الظالم !

تنتهى غداً امتحانات أو طوارئ الثانوية العامة التى نعاصرها كل عام، ونعيش أجواءها بين حالات اكتئاب، وحالات وفاة نتيجة هبوط الدورة الدموية والخوف الزائد لدى أبنائنا الذى يصل إلى حد الانتحار! بل وأسرهم أيضاً الذين يعيشون معهم الأجواء لحظة بلحظة، وبين فرحة سهولة بعض الامتحانات، ونجاح البعض فى الإجابات النموذجية على نحو يمهد لحصولهم على درجات عالية.

للأسف هذا المنطق ما زال يحكم تفكيرنا إلى الآن، وما زلنا ننظر إلى الثانوية العامة باعتبارها المرحلة الفارقة فى حياة أبنائنا، وبعدها إما أكون أو لا أكون!

هذا التصور خاطئ تماماً أو بشكل أدق أصبح غير مناسب لطبيعة الوقت الذى نعيشه أو المرحلة الزمنية التى نمر بها، فكل المعطيات المتعلقة بسوق العمل والنجاح فيه شهدت تغيراً جذرياً على مدار السنوات الماضية، وستستمر فى هذا التغير خلال السنوات المقبلة.

وهو الأمر الذى ينبغى أن نراعيه جميعاً فى نظرتنا لمستقبل أبنائنا، بدءاً من تقييم مرحلة الثانوية العامة نفسها، مروراً بعملية تنسيق رغبات الالتحاق بالكليات المختلفة، وصولاً إلى نمط الدراسة فى الجامعة والمهارات التى تحتاج إليها سوق العمل.

الخطوة الحالية والتى تناسب طبيعة هذه الأيام هى خطوة التنسيق، وملء استمارة رغبات الكليات المختلفة لأبنائنا أو مساعدتهم فى الاختيار، بعد الإعلان عن نتائج امتحانات الثانوية العامة.

وفى هذه الخطوة؛ علينا مراعاة عدد من الاعتبارات أهمها:

درجة الطالب هى بمثابة أمر واقع علينا التعامل معه، وكل شخص يكاد يكون لديه نفس الفرص فى النجاح مهما اختلف مجال الدراسة والعمل.

التخصصات الأكثر طلباً فى سوق العمل شهدت تغيرات كبيرة خلال السنوات الماضية، وأصبحت تميل للتخصصات التكنولوجية والصناعية والهندسية، على حساب التخصصات التربوية والأدبية والقانونية وغيرها، وذلك نتيجة لنمط التغير الشديد الذى شهده سوق العمل عالمياً على مدار الفترة الماضية وسيطرة التكنولوجيا على كل شىء، على حساب المهام التقليدية.

لا يوجد مفهوم «كليات القمة» فى الدول المتقدمة منذ عقود طويلة، ومع ذلك ما زلنا فى مصر نتمسك به، وننظر إلى من تخطى مجموعه حاجز الـ95% وتمكن من الالتحاق بالطب أو الصيدلة أو الهندسة أو العلوم السياسية أو الإعلام بأنه هو الذى ربح فى سباق الثانوية العامة والباقى فشل، وهذا المفهوم مخالف تماماً للواقع، الذى يؤكد أن الجميع يمتلك نفس فرص النجاح، بغض النظر عن الكلية التى التحق بها.

لكل شخص رغبة فى الدراسة والعمل لا بد أن نحترمها باعتبارها هى التى ستحدد فرص نجاحه فى هذا المجال، وبالتالى علينا عدم إجبار أبنائنا على دراسة مجال معين وفقاً للمثل السائد (أكبر منك بيوم يعرف عنك بسنة). قد ينطبق هذا المثل على الكثير من الأمور ولكن لا ينطبق على قدرات الآخرين، فأكثر شخص يعلم قدراته ورغباته هو الشخص نفسه وليس من يكبره فى السن!

ظهرت فى مصر على مدار السنوات الماضية تخصصات دراسية جديدة بالجامعات لمواكبة التطور العالمى، مثل كليات الذكاء الاصطناعى، التى تم دمجها مع الحاسبات والمعلومات، والكليات التكنولوجية، والتكنولوجيا الطبية، ومؤخراً كليات التغذية العلاجية والموضة وغيرها، وجميعها تخصصات يحتاج إليها سوق العمل بشدة وفرصها فى العمل والنجاح كبيرة للغاية، ومجموعها قد يكون فى متناول الكثير من أبنائنا الذين نعتقد بأنهم لم ينجحوا فى الالتحاق بكليات القمة على حد وصف الأغلبية حالياً.

المعطيات الحالية تؤكد أن سوق العمل لن يعترف فى المستقبل سوى بأصحاب الأفكار، والمبتكرين، ورواد الأعمال، وأصحاب المغامرات، وعليه؛ قد لا تنجح فى الالتحاق بكلية الطب، ولكنك تنجح فى تنفيذ فكرة لتطبيق طبى ينتهى بك بتملك مستشفى عالمى!

وقد لا تنجح فى الالتحاق بكلية الصيدلة، ولكنك تصبح مستقبلاً بفضل قدرتك على العمل والمغامرة ناجحاً فى بناء مشروع دوائى متميز، وقد لا تنجح فى الالتحاق بكلية الهندسة ولكنك تصل إلى فكرة مشروع ريادى يعمل به لديك ألف مهندس!

لذا من لم ينجح فى السباق الظالم الذى نطلق عليه «كليات القمة» عليه أن يستجمع قدراته، ويؤمن بها، ويتنازل عن معتقدات من حوله، ويبدأ حلمه متسلحاً بالأمل، والعمل، وتوفيق الله سبحانه وتعالى.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه «الأعلى للجامعات»: بدء العمل في مكتب التنسيق مطلع يوليو المقبل
التالى اخبار السياسه نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: 140 صحفيا فلسطينيا استشهدوا منذ 7 أكتوبر