نظرة على خلفاء قاسم سليماني.. كيف تخطط إيران لمستقبل فيلق القدس؟

[real_title] أدى مقتل اللواء "قاسم سليماني"، في وقت سابق من الشهر الجاري، إلى حرمان إيران من أحد أكثر قياداتها تميزا، وأثار أسئلة جديدة حول استراتيجية طهران لبناء نفوذها والحفاظ عليه في المنطقة.

 

وقد يكون السؤال الأهم هو: بدون قائدها ذو الشخصية الجذابة، هل تضطر إيران للتراجع والتوقف؟ أم أنها سوف تجد طرقا جديدة لمقاومة الضغط؟

 

بدأت استراتيجية إيران المقبلة تظهر الآن في الأفق، وهي تعطي نافذة على ما تفعله إيران، وما هي التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة.

 

كان "سليماني" مهما لإيران لأنه كان يرأس "فيلق القدس"، ذراع العمليات الخارجية في الحرس الثوري، الذي كان في عهد "سليماني" عبارة عن آلة مكرسة لدفع الولايات المتحدة والقوات الغربية الأخرى إلى خارج المنطقة، وضمان مكانة إيران كقوة عظمى إقليمية. وتحقيقا لهذه الغاية، قاد "سليماني" جهود إيران لبناء شبكة من الوكلاء، التي كانت عبارة عن فرق أجنبية من المقاتلين الشيعة من غير الإيرانيين الموالين لطهران، والتي قادها بطريقة مباشرة وفاعلة جدا.

 

وكان من الصعب إيجاد من يحل محله، لكن إيران بدأت المهمة بالفعل.. أولا، سارعت بتصعيد اللواء "إسماعيل قآني"، نائب "سليماني"، ليصبح رئيس "فيلق القدس" الجديد.

 

محمد زاده حجازي

 

وهذا الأسبوع، أعلنت إيران عن إجراء جديد ربما يكون أكثر أهمية؛ حيث أعلنت أن نائب قائد فيلق القدس الجديد هو اللواء "محمد حسين زاده حجازي"، الذي تولى في الآونة الأخيرة قيادة "فيلق لبنان" التابع لفيلق القدس، وأشرف على روابط إيران مع "حزب الله"، وأنشطة فيلق القدس في جميع أنحاء بلاد الشام على نطاق أوسع.

 

وبحسب "ماثيو ليفيت"، مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات بمعهد واشنطن، فإن الرسالة وراء ترقية "حجازي" واضحة من إيران، وهي أنه ربما يكون "سليماني" قد مات، لكن فيلق القدس الذي قاده يستمر في الحياة، ويتخذ تدابير فعالة لضمان قدرته على الاستمرار في متابعة الاستراتيجية الإقليمية التي دافع عنها.

 

ويرى "ليفيت" أنه بسبب عدم وجود قائد واحد يمكنه أن يحل محل "سليماني"، فإن شبكة الوكلاء الإيرانية سيتم إدارتها الآن بواسطة لجنة، حيث سيجمع "فيلق القدس" طاقما من قادته الأكثر خبرة للقيام بأدوار "سليماني".

 

ومن المؤكد أن الزعماء الرئيسيين لوكلاء إيران، خاصة زعيم "حزب الله" اللبناني "حسن نصر الله"، سيلعبون أدوارا رئيسية، لكن يجب على صانعي السياسة إيلاء اهتمام خاص بالتحولات الوظيفية والترقيات داخل فيلق القدس نفسه.

 

وقد أثبت مقتل "سليماني" أنه كان نقطة الفشل الأكبر لإيران، حيث تسببت إزاحته من المعادلة في ترك فجوة كبيرة في استراتيجية إيران الإقليمية.

 

قدرات "سليماني"

 

وفي الأعوام القليلة الماضية التي سبقت مقتله في غارة جوية بطائرة بدون طيار في 3 يناير الجاري، أصبح "سليماني" الوجه الرئيسي لمنظمة سرية تدير شبكة من الجماعات المتشددة السرية أيضا.

 

وفي أعقاب الربيع العربي، والحرب الأهلية السورية، وصعود تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق، رأت طهران الفرصة، واستغلها "سليماني"، لبناء تحالفات إيران الإقليمية بالوكالة.

 

وكقائد كاريزمي، طور "سليماني" أتباعا مخلصين بين مجموعات وكلاء طهران، بما في ذلك القادة والجنود.

 

وبحسب "ماثيو"، كان "سليماني" قائدا عمليا، حيث لعب أدوارا مباشرة وشخصية في العمليات الرئيسية، وأقام روابط شخصية مع قادة المليشيات الرئيسيين، وتوسط بين خلافاتهم المبتذلة أحيانا بشأن التمويل أو المكانة.

 

وكان "سليماني" مؤهلا بشكل فريد للعب هذا الدور، لكن خليفته "إسماعيل قآني" ليس كذلك.

 

ومن غير المرجح أن يكون "قآني" قادرا على ممارسة كل الأدوار والمسؤوليات التي اضطلع بها "سليماني".

 

ولعل أكثر مناطق العمليات أهمية بالنسبة لفيلق القدس اليوم هي بلاد الشام، وبالتالي فإن تعيين قائد سلاح فيلق القدس في لبنان، المعروف أيضا باسم "وزارة 2000"، نائبا لـ "قآني" يعد مهما للغاية.

 

"قآني" و "حجازي"

 

وقبل تعيينه خلفا لـ "سليماني" كرئيس لفيلق القدس، كان "قآني"، أحد النواب الرئيسيين لـ "سليماني"، مسؤولا عن فرع "أنصار القدس"، الذي يغطي أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى نيابة عن فيلق القدس.

 

وعلى الرغم من خبرته في آسيا الوسطى، افتقر "قاآني" إلى خبرة عميقة في العالم العربي. وعندما تم تصنيفه إرهابيا من قبل وزارة الخزانة عام 2012، كان في سياق دوره اللوجستي بإرسال الأموال والأسلحة لـ"حزب الله" في لبنان وعناصر "فيلق القدس" في أفريقيا.

 

ويقال إن "قآني" لا يتكلم اللغة العربية، ولن يكون مناسبا تماما لاستبدال "سليماني" كرجل مهم للعلاقة التشغيلية الحميمة لإيران مع وكلائها في العراق واليمن، وسوريا ولبنان على وجه الخصوص.

 

ويتمتع "حجازي" بمهنة طويلة في فيلق القدس، الذي انضم إليه وقت تأسيسه عام 1979. وبحسب ما ورد، كان "حجازي" من بين قوات الحرس الثوري الإيراني، إلى جانب "سليماني" و"قآني"، الذين تم إرسالهم إلى الجماعات الكردية الإيرانية في الشمال. وترقى "حجازي" عبر الرتب ليصبح نائبا وقائدا لميليشيا "الباسيج" في الحرس الثوري.

 

وقاد "حجازي" ميليشيا "الباسيج" لمدة 9 أعوام تقريبا، حيث تورطت جماعات "الباسيج" في قائمة طويلة من انتهاكات حقوق الإنسان وفقا للأمم المتحدة.

 

خبرات "حجازي"

 

ومع تحول استراتيجية إيران الإقليمية نحو حرب إقليمية غير متكافئة أكثر عدوانية، احتاج "سليماني" إلى يد من ذوي الخبرة للإشراف على عمليات فيلق القدس سريعة التوسع في بلاد الشام، فتولى "محمد حسين زاده حجازي"، بعد ذلك، قيادة "القوة 2000" التابعة لفيلق القدس، حيث أشرف على جميع عمليات فيلق القدس في بلاد الشام.

 

ولا يشمل ذلك دعم "حزب الله" فحسب، بل يشمل أيضا دعم الجماعات المسلحة الفلسطينية مثل "حماس" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". كما كان مسؤولا عن الإشراف على دعم فيلق القدس لنظام "بشار الأسد" في سوريا.

 

وأشرف "حجازي" على محاولة إيران نقل صواريخ موجهة بدقة إلى "حزب الله" اللبناني عبر سوريا، وهي المحاولة التي اكتشفتها إسرائيل وأحبطت معظمها، لكن في عام 2019، قام "حزب الله" وفيلق القدس بتحديث المشروع من خلال بناء منشآت التصنيع والتحويل في عدة مواقع في جميع أنحاء لبنان، وفقا للسلطات الإسرائيلية.

 

ويعد القرار الجديد بسحب "حجازي" من لبنان، حيث يظل مشروع الصواريخ الموجهة بدقة أولوية لفيلق القدس و"حزب الله"، مثالا واضحا على الكيفية التي تخطط بها إيران لمحاولة ملء الفراغ الضخم الذي خلفه "سليماني"، مع إعطاء أولوية لجهودها في تسليح ودعم الجماعات المسلحة في لبنان وسوريا.

 

ويؤكد الترويج لورقة قديمة من ذوي الخبرة مثل "حجازي"، الذي يمتلك خبرة في أوراق اعتماد النظام المتشدد في الداخل، احتمال أن تكون الأوامر الموجهة لـ "فيلق القدس" هي المضي قدما في حملة "سليماني" الإقليمية العدوانية للحرب بالوكالة غير المتماثلة.

 

وبدلا من تخفيض الجهد أو التراجع، تشير إيران إلى أنه من المحتمل أن تعتمد بشكل أكبر على ما أسمتهم "مقاتلون بلا حدود" التابعين لفيلق القدس كوسيلة لممارسة النفوذ في جميع أنحاء المنطقة.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى