مع قرب اجتماعها... هذه هي مهام اللجنة الدستورية في سوريا

[real_title] أيام قليلة تفصل السوريين عن الاجتماع الأول للجنة الدستورية، بعد مخاض صعب استمر نحو ما يزيد عن عام ونصف العام لتشكيلها تحت وصاية الأمم المتحدة، ورغم الاحتفاء العالمي الكبير بها ووصفها من قبل الأمم المتحدة بأنها خطوة لإنهاء المأساة والحرب، إلا ان المشهد ما زال ضبابيا حول آلية عملها وجدواها، في ظل استمرار الصراع العسكري شمالي سوريا.

 

 وتتألف اللجنة، التي أثارت تسمية أعضائها خلافات بين النظام السوري والأمم المتحدة على مدى أشهر، من 150 عضوا، خمسون منهم اختارهم النظام، وخمسون اختارتهم المعارضة، بينما اختارت الأمم المتحدة الخمسين الآخرين، من خبراء وممثلين عن المجتمع المدني.

 

 ومن المنتظر أن تجتمع اللجنة خلال الأسابيع القليلة المقبلة في جنيف برعاية الأمم المتحدة لبحث صياغة دستور جديد لسوريا، وبحث الانتقال السياسي، رغم أن الخلاف قائم منذ اللحظة الأولى بين طرفي اللجنة الممثلين بالنظام والمعارضة، حيث يرى النظام أن الجلسات ستكون لبحث تعديلات في الدستور الحالي المعلن عام 2012، فيما ترى المعارضة أن هدف اللجنة صياغة دستور جديد برعاية أممية وقرار سوري.

 

وأثارت اللجنة الدستورية التي من المقرر أن تجتمع في 30 أكتوبر، ردود أفعال متضاربة حيث يعقد عليها البعض آمالًا عريضة للخروج من الحرب الدائرة، ورأب الصدع عبر حل سياسي يتوافق عليه الجميع ،  بينما عبر البعض عن مخاوفهم من أن تعمل اللجنة على "إعادة تأهيل" النظام القائم والحيلولة دون التغيير السياسي في البلاد.

 

ومع اقتراب انعقادها بدأت التساؤلات عن مهامها، وهل سيكون هناك تعديلات دستورية، أم دستور جديد للبلاد؟.

 

اجتماع اللجنة

 

قبل أسبوع أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أنه تم الاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية السورية، مؤكدا أن بدء عمل اللجنة بداية المسار السياسي للخروج من المأساة، باتجاه حل يلبي التطلعات المشروعة لكل السوريين.

قال وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، إن اللجنة الدستورية السورية قد تبدأ عملها في 30 من أكتوبر الجاري.

 

وأكد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، إن اللجنة الدستورية المقترحة للخروج من الأزمة في سوريا ستسهم في التوصل إلى حل سياسي في البلاد.

 

وأضاف بيدرسون في إحاطة له أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي في نيويورك، أن "اللجنة الدستورية ستتكون من ممثلين عن الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني".

 

ودعا المبعوث الأممي إلى انعقاد أول اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف في 30 أكتوبر، معربا عن أمله في أن تشكل بداية الطريق لإيجاد حل سياسي في البلاد.

 

وأكد بيدرسون على ضرورة إيجاد "حل شامل للأزمة السورية"، مشيرا إلى أن "اللجنة الدستورية وحدها لا يمكنها التوصل إلى حل ينهي الأزمة المستمرة في البلاد منذ مارس 2011"، مضيفا أن "الإصلاح الدستوري في سوريا يجب أن يرتقي إلى تطلعات السوريين، وتتم الموافقة عليه من الشعب".

 

ودعا الشعب السوري للمشاركة في انتخابات نزيهة بمعايير دولية وبإشراف من الأمم المتحدة.

 

مبادئ اللجنة

 

كشف وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خمس نقاط من المرجعيات والمبادئ الناظمة لعمل اللجنة الدستورية، والتي اتفق عليها مع المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، خلال زيارته مؤخرا إلى دمشق.

 

وقال المعلم في كلمة ألقاها من على منبر الجمعية العامة الـ74 للأمم المتحدة،السبت الماضي، إن من بين ما تم الاتفاق عليه، هو أن ملكية القرار في سوريا، هي للسوريين فقط، مطالبا بإخراج القوات الأمريكية، والتركية من البلاد.

 

وشدد المعلم على ضرورة "ألا يتم المساس بأي شكل من الأشكال بمبدأ الالتزام الكامل والقوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها أرضا وشعبا".

ولفت المعلم إلى أن الاتفاق شمل ضرورة "ألا يتم فرض أي شروط أو استنتاجات مسبقة بشأن عمل اللجنة والتوصيات التي يمكن أن تخرج بها، فاللجنة سيدة نفسها، وهي التي تقرر ما سيصدر عنها وليس أي دولة أو طرف آخر مثل ما يسمى بالمجموعة المصغرة التي نسبت لنفسها وصية على الشعب السوري وحددت منذ الآن نتائج عمل الجنة".

 

وبحسب وسائل إعلام مقربة من النظام السوري، فإن الاتفاق شدد على ألا يتم فرض أي مهل أو جداول زمنية لعمل اللجنة، "بل يجب أن يكون تحركها مدروسا لأن الدستور سيحدد مستقبل سوريا لأجيال قادمة".

 

 وتابعت أن "دور المبعوث الخاص إلى سوريا يتمثل في تسهيل عمل اللجنة وتقريب وجهات النظر بين أعضائها من خلال بذل مساعيه الحميدة عند الحاجة".

 

مهام اللجنة

الدكتور محمد خير عكام، عضو مجلس الشعب السوري، وأستاذ القانون الدولي، قال إنه "من الصعب التكهن بجدول أعمال اللجنة الدستورية، المقرر اجتماعها قريبًا لبحث التعديلات الدستورية".

 

وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك" الروسية، أن "من المتوقع أن تشهد أعمال الجلسة الأولى من اجتماع اللجنة الدستورية، اختيار 15 عضوًا من كل 50، لتشكيل أعضاء اللجنة المصغرة التي ستقوم بإعداد وصياغة المقترحات الدستورية".

 

من جانبه ، قال الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي والعضو السابق في الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف، إن "مهام اللجنة الدستورية تتمثل في مناقشة الشأن الدستوري، والسعي للتوصل إلى توافق ما بين أعضاء اللجنة بالإجماع (وإن لم يكن فبأغلبية ٧٥% من الأصوات) حول إقرار مقترحات تعديل الدستور".

 

وأضاف في تصريحات صحفية أن "بعد إقرار المقترحات يتم طرحها على الموافقة العمومية، أي عرض هذه المقترحات على الأطر المخولة بتعديل الدستور، للتصويت عليها ضمن مجلس الشعب السوري أو عرضها على الاستفتاء العام".

وأكد أن "طبيعة التعديلات المقترحة على الدستور هي أمر يعود لأعضاء اللجنة الدستورية وتوافقهم الذي يجعل الطروحات الجدية والعميقة ومحل الإجماع أو الأغلبية هي صاحبة الحظ في أن تقترح كتعديلات للدستور، والتكهن بها مسبقًا قد يكون أمرًا غير موضوعي، وتعسفي، وأقرب للرجم بالغيب".

 

وتابع: "كلمة دستور جديد عمليًا تعني دستورًا قد أدخلت عليه تعديلات سواء أكانت واسعة أم ضيقة أم جذرية، وصياغة الدستور السوري الحالي لعام ٢٠١٢ صيغت بغالبيتها بالتوافق مع المعايير الدستورية العالمية، مع وجود خصوصية سورية شأنه شأن جميع الدساتير حول العالم".

 

وكانت صحيفة "لاكروا" الفرنسية قد قالت :"يمكن لهذه الهيئة الدستورية أن تؤسس مساحة للتعامل مع القضايا المركزية لمستقبل البلاد، مع تحديد أي نوع من النظام (رئاسي أو برلماني) ونوع الدولة (مركزية أو لامركزية)، خصوصا وأنه لم يقع بعد معالجة كل هذه القضايا في الوقت الحاضر".

 

وقالت الصحيفة إن "أبرز الإشكاليات التي تعترض هذه الهيئة تتمثل أولا في تركيبتها، فالنظام السوري الذي يجد نفسه في موقف قوة سيفرض رأيه على خصومه المعارضين مع أحقية النظام في تعيين ممثلين عن المجتمع المدني "يتحدثون باسمه" للمشاركة في أعمال الهيئة، بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن النظام لن يسمح بسهولة تسجيل خطوة سياسية إلى الأمام خصوصا مع مواصلته في تطبيق سياسته القمعية التي تستهدف المناطق التي أبرمت فيها اتفاقيات وقف إطلاق نار".

 

وأضافت الصحيفة أن "الإشكال الثاني يكمن في استبعاد جزء هام من الطبقة الشعبية عبر غياب أي ممثل عنهم ضمن الهيئة الدستورية، ولكن لسائل أن يسأل، هل تعمل الأمم المتحدة على وضع دستور جديد في سوريا من أجل إعادة توطين اللاجئين والمهجرين؟ ولكن حتى ولو تحقق ذلك، فأين سيقطن هؤلاء المهجرون، خصوصا وأن النظام السوري يقود حملة مصادرة مكثفة للأراضي وتقديمها كمكافأة للذين حافظوا على ولائهم له، ويعني ذلك أن استحالة عودة ملايين اللاجئين من جديد إلى سوريا يبقى مشكلا كبيرا يعرقل جهود استعادة الاستقرار".

 

مسار تشكيل اللجنة الدستورية

 

يشار إلى أنه في أعقاب محادثات بين رئيسي روسيا وتركيا — باعتبارهما دولتين ضامنتين للهدنة في سوريا — في سوتشي في 17 سبتمبر 2018، وقع وزيرا الدفاع للبلدين مذكرة حول استقرار الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب في سوريا، واتفقا على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب، يجري سحب المسلحين والأسلحة منها، على أن تضمن تركيا تنفيذ هذا الاتفاق.

 

ونص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 على تشكيل لجنة دستورية، إضافة إلى وقف إطلاق النار وعملية انتقال سياسي.

وحسب الخطة المقترحة، فإن اللجنة الدستورية ستشكل من 150 عضوا، تختار السلطات السورية 50 منهم في مقابل 50 تختارهم المعارضة و50 يختارهم مبعوث الأمم المتحدة.

وتعثر تشكيل اللجنة بسبب رفض الحكومة السورية قسما من الأسماء التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة.

 

ويأمل مبعوث الأمم المتحدة، الذي تولى مهامه في يناير 2019، أن يتمكن من إحياء عملية السلام المتعثرة بعد أكثر من 8 سنوات من الحرب في البلاد، وكان سلفه ستافان دي ميستورا حاول تشكيل لجنة دستورية.

 

وكان بيدرسون أكد في الأول من مايو أمام مجلس الأمن الدولي قرب التوصل لاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية، التي يرى فيها مدخلا لعملية سياسية تنهي النزاع المستمر في البلاد منذ العام 2011.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى