[real_title] وسط انعدام كافة مقومات الحياة، ووسط حالة من الفقر المدقع بسبب الحصار الجائر الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة، يتألم أهل القطاع من المرضى بسبب انهيار المنظومة الصحية من جانب، وإجراءات الاحتلال التعسفية من الجانب الآخر. القطاع الذي يئن وجعا من شدة الحصار الذي أنهك سكانه من الفلسطينيين، ها هي تعود معاناته بسبب نقص الأدوية ونفاد المواد البترولية وانقطاع الكهرباء خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة. مأساة المرضى في القطاع المحاصر، كانت وصفته قبل أشهر وزارة الصحة في غزة، والتي أطلقت وقتهاعدة استغاثات للمجتمع الدولي والعربي، وحذر الناطق باسمها أشرف القدرة، من أن المنظومة الصحية في غزة تنهار، وأن الساعات القادمة حاسمة في استمرار عمل عدد من مستشفيات غزة. وأكد القدرة أن هناك مستشفيات مهددة بالتوقف بشكل كامل، وهي: "أبو يوسف النجار" برفح و"العيون" و"الطب النفسي" و"الرنتيسي التخصصي للأطفال" و"النصر للأطفال"، مشيراً إلى توقف خدمات مستشفى بيت حانون. وأشار إلى أن مصير مئات المرضي سيكون مجهولاً عند توقف المولدات الكهربائية في المستشفيات جراء أزمة الوقود الحادة، مطالباً كافة المؤسسات الإنسانية والإغاثية بالعمل الفوري لإنقاذ أرواح المرضى في قطاع غزة قبل وقوع الكارثة. أيضا، في سبتمبر الماضي، كانت وزارة الصحة ذاتها حذرت من المآلات الخطيرة لتفاقُم أزمة نقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات، على تقديم الرعاية الصحية للمرضى، في حين رفضت الوزارة برام الله توفير أي كميات؛ بحجة عدم مسؤوليتها عما يجري. وفي الأيام الأخيرة، ازادت الأزمة الصحية في غزة سوءا بسبب الإجراءات التعسفية التي يقوم بها الاحتلال بشأن نقل المرضى من مكان لآخر، وهو ما حدث مع الطفلة عائشة، أحد أطفال غزة والذي تسبب الاحتلال بموتها بسبب تأخر إجراءاته والتعسف فيها. وتلخص قصة وفاة الطفلة الفلسطينية عائشة اللولو مأساة مئات المرضى الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يدفعون ضريبة الحصار مضاعفة من صحتهم وأرواحهم. فبعد تسويف وتأجيل من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، خرجت عائشة من قطاع غزة في أبريل الماضي لتلقي العلاج في مستشفى بالقدس، لكن سلطات الاحتلال رفضت أن يرافقها أحد من أهلها خلال فترة العلاج. لكن عائشة ابنة الخمس سنوات توفيت على سرير الشفاء بأحد مستشفيات غزة بعد أربعة أيام فقط من عودتها إلى حضن والديها اللذين حرما منها وحرمت منهما طيلة فترة علاجها في القدس. ومن مسكن الأسرة في مخيم البريج وسط قطاع غزة، أخرج والد عائشة جثة ابنته بين يديه يوم الجمعة الماضي إلى مقبرة البريج، وسط بكاء المشيعين وحزن الأسرة على الصغيرة التي حملوا سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن تدهور حالتها الصحية، وحرمانها من صحبة أي من والديها في رحلة علاجها الأخيرة. آلاف الأطفال والنساء في غزة، تحديدا المرضى منهم ينتظرون مصيرهم المجهول، بسبب تعسف الاحتلال. وحول ملف علاج الفلسطينيين بالخارج، يقول حسين حماد الباحث في "مركز الميزان لحقوق الإنسان" إن هذا الملف مليء بالانتهاكات الإسرائيلية حيث يضع الاحتلال شروطا صعبة أمام المريض، منها أن يكون مرافقه من الدرجة الأولى، وأن يكون عمره 45 عاما للذكر، وأربعين عاما للأنثى، ويرد على طلباتهم بالموافقة أو الرفض أو تحت الفحص لوقت غير معلوم. وحول حالة وفاة عائشة يقول حماد إنها كانت من بين الأطفال "الذين صمدوا وكافحوا أمام الاحتلال الإسرائيلي الذي انتهك حقها في الحياة والعلاج السليم، وانتهك أعظم حق إلهي لها، وهو حق الأمومة، ولم يسمح لوالدتها بمرافقتها". وتشير بيانات المركز الحقوقي إلى أن عدد طلبات الحصول على تصاريح للعلاج بالخارج للمرضى في غزة 25658 منها طلبات الحصول على تصريح للمرافقين، لكن الاحتلال رفض منها 1971 طلبا، وتمت المماطلة في 7861 طلبا خلال عام 2018. وحسب معلومات المركز فإن الاحتلال قام باعتقال مريض واحد وأربعة مرافقين من نفس العام، مما يشكل انتهاكا للمواثيق الدولية للقانون الدولي الإنساني، كما أن عدد المرضى الذين توفوا نتيجة عرقلة تلقيهم للعلاج من الجانب الإسرائيلي بلغ تسعة منهم ثلاث سيدات وستة ذكور بالغين. أبو عهد المسلمي أحد أهالي غزة قال في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية": 11 عاما حصار والشعب الغزي يموت من الجوع، الاحتلال يخنق القطاع كل يوم، ينتقم منا لصمودنا في سبيل قضيتنا، مضيفا: استهداف لمنازلنا وحصار واغتيال الشباب وإغلاق الأونروا، كل هذا يقوم به الاحتلال بمساعدة الشيطان الأكبر "أمريكا". وأوضح المسلمي أن الحياة هنا في القطاع تلفظ أنفاسها الأخيرة، فلا طعام ولا شراب، ولا دواء، ولا كهرباء، الحياة هنا توقفت منذ سنوات، حتى مصدر رزقنا من البحر يخنقه الاحتلال بفرض مزيد من العقوبات وتحديد مناطق الصيد. وتابع: العالم كله يشاهدنا ونحن نحتضر، وللأسف لا يساعدنا أحد، حتى العرب، إلا القليل منهم لا يقفون بجانب عروبتنا، مشيرا إلى أن معدلات الفقر والبطالة وصلت في قطاع غزة لمعدلات مخيفة، أيضا استمرار الانقسام الفلسطيني زاد من معدلات البطالة بين صفوف الغزيين، فالقطاع الآن يعيش في حاله سيئة نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب. ويعاني الفلسطينيون في قطاع غزة أوضاعا معيشية كارثية، تتسبب بها القيود على حرية الحركة والتنقل، ومنع وصول المواد الغذائية والطبية، إضافة إلى مشكلات تتعلق بالحصول على مياه صالحة للشرب. وكانت هيئات ومنظمات حقوقية فلسطينية ومؤسسات دولية بما فيها الأمم المتحدة حذرت، خلال الأشهر الأخيرة، من تفجر الأوضاع الإنسانية بغزة بسبب الحصار الإسرائيلي. يُذكر أن قطاع غزة يعاني أزمات عدة بسبب الحصار المفروض عليه من قِبل الاحتلال منذ 12 عاماً، أبرزها أزمة الكهرباء التي تصل إلى المنازل من 2-3 ساعات يومياً، الأمر الذي تسبَّب في وقف عجلة الحياة بغزة، وينذر بحدوث كارثة حقيقية قريبة.