في شهر رمضان.. لماذا يصعد الأسد والروس في إدلب؟

في شهر رمضان.. لماذا يصعد الأسد والروس في إدلب؟
في شهر رمضان.. لماذا يصعد الأسد والروس في إدلب؟

[real_title]  

 

لم يتوقف القصف الروسي والأسدي عن مناطق المعارضة السورية بريف إدلب، منذ قرابة 16 يوما، تحديدا منذ الـ 29 من أبريل الماضي.

 

وعادت إدلب إلى دائرة الأحداث على وقع تصعيد كبير في وتيرة الضربات العسكرية من جانب الروس وقوات نظام الأسد.

 

قصف الروس والأسد جاء بشكل مفاجئ على المدينة التي تحتضن بداخلها آخر ما تبقى من صفوف المعارضة السورية، وبالرغم من اتفاق خفض التصعيد بتلك المنطقة إلا أنها تعرضت لهجوم وحشي ينذر بقرب كارثة إنسانية في تلك المنطقة.

 

وقبل ساعات استهدفت مقاتلات الأسد وروسيا عشرات المدنيين، بينهم أطفال، جراء القصف الذي يستهدف ريف إدلب الجنوبي منذ نهاية أبريل.

في حين، أعلنت منظمات إغاثية عدة، بينها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تعليق نشاطها في هذه المناطق، وارتفعت حصيلة القتلى في ريف إدلب الجنوبي والمناطق المحاذية له إلى 106 مدنيين بينهم 15 طفلا.

 

ويذكر أن ريف إدلب الجنوبي مع مناطق محاذية له في محافظات أخرى، يتعرض لقصف كثيف منذ نهاية أبريل الماضي، تشنه قوات النظام مع حليفتها موسكو مع أن المنطقة مشمولة باتفاق روسي تركي تم التوصل إليه العام الماضي.

 

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فإن "بعض المنظمات علقت أنشطتها بعدما تدمرت مقارها أو طالتها الأضرار أو باتت غير آمنة". كما اتخذت أخرى قرارا بوقف الأنشطة حفاظا على سلامة العاملين معهم أو حتى نتيجة نزوح السكان بشكل كامل في مناطق معينة.

 

ومنذ الثامن من مايو، علق أكثر من "16 شريكا في العمل الإنساني عملياتهم في المناطق المتأثرة بالنزاع"، وفق مكتب الشؤون الإنسانية الذي أشار إلى تقارير حول مقتل خمسة عمال إغاثيين نتيجة الغارات والقصف المدفعي.

 

من جهته، أفاد برنامج الأغذية العالمي عن "تعليق توزيع المساعدات لنحو 47 ألف شخص في قرى وبلدات في جنوب وغرب إدلب نتيجة تعرضها للقصف"، مشيرا إلى أن بعض المتعاونين مع البرنامج اضطروا أنفسهم إلى النزوح وآخرون أصيبوا بجروح.

 

ودعا برنامج الأغذية العالمي كافة أطراف النزاع إلى توفير إمكانية وصول آمنة لشركائها الإغاثيين لبلوغ عائلات لا تزال عالقة بين النيران.

 

وأحصى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الفترة الممتدة بين 29 أبريل و9 مايو نزوح أكثر من 180 ألف شخص جراء القصف، مشيرا إلى أن التصعيد طال 15 منشأة صحية و16 مدرسة وثلاث مخيمات نزوح.

 

فيما تواصل قوات النظام وحليفتها روسيا قصفها بعشرات الغارات والقذائف الصاروخية بلدات وقرى عدة في ريف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، بحسب المرصد.

 

اللجنة السورية لحقوق الإنسان من جانبها وثقت مقتل (292) شخصاً في سورية خلال شهر  أبريل 2019، من بينهم (64) طفلاً و(34) سيدة و(30) شخصاً تحت التعذيب.

 

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، قال قبل عدة أيام، إنه لا يستبعد شنّ عملية عسكرية شاملة على محافظة إدلب شمالي سورية، إلا أنه أشار إلى أن هذه العملية "ليست ملائمة الآن".

 

في حين، دعت الولايات المتحدة روسيا إلى احترام التزاماتها وإنهاء "التصعيد" في منطقة إدلب، حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية مورغان أورتاغوس "ندعو جميع الأطراف وبينهم روسيا والنظام السوري إلى احترام التزاماتهم بتجنّب شنّ هجمات عسكرية واسعة والعودة إلى خفض تصعيد العنف في المنطقة".

 

الاتحاد الأوربي أيضا حذر من مغبة التصعيد في محافظة إدلب وشمال حماة، وذلك جراء تكثيف الغارات الجوية من قبل نظام الأسد وروسيا هناك، داعياً روسيا وتركيا لتنفيذ التزاماتها بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب.

 

لكن جميع هذه الدعوات والتحذيرات لم تجد لها صدى لدى موسكو حتى اللحظة، بل إن المؤشرات تقول بأن المنطقة مقبلة على تصعيد خطير سيكون ضحيته المدنيون.

 

على الجانب الآخر، فإن دخول تركيا على خط مسار أستانا، لم يكن بسبب تطابق الرؤى ووجهات النظر بين أنقرة وموسكو حول طريقة الحل في سورية، ولا لقناعة أنقرة بأن موسكو لديها مفاتيح الحل في سورية، إنما للحاجة الماسة لكل من الطرفين للتنسيق والتعاون فيما بينهما حول الملفات الكبرى، الاقتصادية والعسكرية والسياسية.

 

من الواضح أن اتفاق سوتشي جاء ثمرة للعلاقات الشخصية الحميمة بين الرئيسين أردوغان وبوتين، ونتيجة للتواصل والتنسيق المستمر بين موسكو وأنقرة، إلا أن تطبيق هذا الاتفاق على الأرض ظل يشكل الامتحان الأصعب لكلا الطرفين.

 

مراقبون رأوا أن سبب التصعيد الروسي الأخير في محافظة إدلب، يعود إلى استشعار موسكو ملامح تفاهمات حول القضية السورية، يتم وضع لمساتها بين الولايات المتحدة وتركيا، وهذا قد يدفع روسيا إلى شن عملية واسعة في المحافظة، كما صرح بذلك الرئيس الروسي بوتين، لإعادة خلط الأوراق، رغم وجود تحذيرات دولية من مغبة اتخاذ هذه الخطوة، في ظل احتضان إدلب لأكثر من ثلاثة ملايين نسمة.

 

وعبر المراقبون أن ما يثير شكوك موسكو أكثر هو تواتر الاجتماعات وعمليات التنسيق بين تركيا والولايات المتحدة من جهة، وشخصيات من العشائر العربية في دير الزور شرق سورية، كانت زارت أنقرة في الأيام الماضية.

 

أيضا، زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية جيمس جيفري لأنقرة في توقيت لافت، ولقاؤه ومباحثاته مع المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، التي تركزت على الملف السوري، لم يتم الإفصاح عن مخرجاتها. بل اقتصرت المعلومات التي قدمتها وكالة "الأناضول" على أن كالن وجيفري ترأسا اجتماعا لوفدي البلدين، وتناولا التطورات الأخيرة في الملف السوري.

 

ما يؤرق المسؤولين الروس أكثر، تصريحات الطرف الأمريكي بأنه سيتم إنهاء المخاوف الأمنية لتركيا عبر المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في سورية، وسيتم تطهير تلك المنطقة من كافة التنظيمات الإرهابية. طبعا يقصد بذلك الميليشيات الانفصالية الكردية، لأن تنظيم داعش لم يبق له وجود هناك، سوى خلايا نائمة مبعثرة في بعض المناطق.

 

اللقاءات بين الوفدين التركي والأمريكي، سبقها اتصال هاتفي جرى بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأميركي دونالد ترامب، شدد خلاله الطرفان على وجوب تعزيز التنسيق في الملف السوري.

 

لا يريد الطرف الروسي خسارة تركيا كشريك اقتصادي هام في المنطقة، لكن في الوقت ذاته موسكو أمام تحد كبير، بخصوص قطف ثمار النصر العسكري المزعوم على المعارضة السورية وصرفها/ تحويلها إلى مكاسب سياسية واقتصادية.

 

وتخشى موسكو في حال الوصول إلى اتفاق كامل الجوانب بين أنقرة وواشنطن، أن تخسر جميع مكتسباتها في سورية، خصوصا مع الحصار الخانق الذي الأمريكان على إيران، والضربات الموجعة التي تتلقاها الأخيرة في سوريا عبر الضربات الإسرائيلية.

 

يذكر أنه منتصف سبتمبر 2017، أعلنت الدول الضامنة لمسار أستانة (تركيا وروسيا وإيران)، توصلها إلى اتفاق على إنشاء منطقة خفض تصعيد في إدلب، وفقاً لاتفاق موقع في مايو من العام نفسه.

 

وفي إطار الاتفاق، تم إدراج إدلب ومحيطها (شمال غرب)، ضمن "منطقة خفض التصعيد"، إلى جانب أجزاء محددة من محافظات حلب وحماة واللاذقية.

 

وفي سبتمبر 2018، أبرمت تركيا وروسيا، اتفاق "سوتشي" من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، وسحبت بموجبه المعارضة أسلحتها الثقيلة من المنطقة المشمولة بالاتفاق في 10 أكتوبر من العام نفسه.

 

وتسيطر فصائل المعارضة المسلحة على إدلب منذ عام 2015 ويقطن فيها نحو 3 ملايين شخص، ونصفهم نازحون من مناطق اقتتال أخرى، حسب أرقام الأمم المتحدة.

 

وتقع إدلب ضمن مناطق "خفض التوتر"، في إطار اتفاق تم التوصل إليه العام الماضي خلال مباحثات أستانة، بضمانة من روسيا وإيران وتركيا.

 

وتعد إدلب (شمال) من أوائل المحافظات السورية التي انتفضت ضد نظام بشار الأسد عام 2011، وقد خضعت  لسيطرة المعارضة منذ عام 2015، وتلقب بالمدينة الخضراء، وعرفت التهجير والنزوح والقصف، ووضعت ضمن المنطقة الرابعة من خفض التصعيد بحسب اتفاق أستانا6.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى