«سكاي نيوز» ترسم ملامح جزيرة سواكن في «سودان ما بعد البشير»

«سكاي نيوز» ترسم ملامح جزيرة سواكن في «سودان ما بعد البشير»
«سكاي نيوز» ترسم ملامح جزيرة سواكن في «سودان ما بعد البشير»
[real_title] شكَّل عزل الرئيس السوداني عمر البشير، في 11 أبريل الجاري، محطة فارقة في تاريخ البلاد، سواء تعلق الأمر بالانتقال السياسي الداخلي، أو بالسياسة الخارجية.

 

وقالت شبكة "سكاي نيوز" في تقريرٍ لها، إنّه بعدما أدَّت أشهر من الاحتجاج العارم في الشارع إلى إسقاط البشير على إثر مطالب اجتماعية تطورت إلى حراك سياسي، عاد الجدل مجددًا بشأن جزيرة سواكن السودانية التي سملتها الخرطوم إلى أنقرة بموجب اتفاق موقع في سنة 2017.

 

ونصَّت الاتفاقية التي وقعت خلال زيارة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى السودان في ديسمبر 2017، على تسليم الجزيرة الاستراتيجية لتركيا حتى تقوم بإعادة تأهيلها، وفق المعلن.

 

ولم يخف أردوغان وقتها، مطامعه التوسعية، وقال في اجتماع حزبي إنّه حريص على الإرث العثماني، ووجد في البشير آنذاك فرصة سانحة حتى يضمن موطأ قدم في البحر الأحمر وإفريقيا.

 

ولم تنحصر مطامع أنقرة في الجزيرة الاستراتيجية، فبالإضافة إلى سواكن، تستثمر تركيا في مطار الخرطوم الدولي، واستأجرت الحكومة التركية أراضي بلغت مساحتها 780 ألفًا و500 هكتار لمدة 99 عامًا.

 

ومنحت الخرطوم عقدًا قيمته 100 مليون دولار للتنقيب عن النفط لشركات تركية، فيما كان يعتقد أنه حل وشيك لأزمة السودان الاقتصادية، لكن شيئًا من ذلك لم يحصل.

 

ومباشرة بعد إعلان عزل البشير، بعث النائب التركي عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، إلهامي أوزجان أيغون، برسالة إلى مجلس النواب التركي، للسؤال عن مصير الاستثمارات التركية في السودان بعد سقوط "النظام المقرب".

 

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يطرح فيها ساسة أتراك أسئلة مثيرة بشأن مشروع سواكن، ففي 2017، تساءلوا عما يمكن أن تجنيه تركيا ماليًّا من هذا المشروع، لا سيّما أن الرئيس أردوغان تحدث عن الميناء بشكل مبهم حين قال إنه سيخدم الحجاج الأتراك.

 

ويقلل خبراء من شأن القيمة الاقتصادية للميناء ويستبعدون أن يكون استثمارًا ناجحًا، وهو ما يؤكد أن المشروع ليس في جوهره إلا سعيًّا من أردوغان إلى استعادة ما يعتبرها "أمجادًا عثمانية ضائعة".

 

وفي الجانب السوداني أيضًا، حامت الشكوك حول الاستثمارات التركية التي أهداها رموز نظام البشير إلى الأتراك على طبق من ذهب، ويرى منتقدو التوجه السابق، أنه منح تركيا امتيازات كثيرة في إطار شراكة غير متكافئة.

 

ومن أوجه عدم التكافؤ، أن السودانيين صاروا يدخلون إلى تركيا بتأشيرات إلكترونية لمدة 30 يومًا فقط، لكن الأتراك بوسعهم أن يدخلوا بدون تأشيرة أو ضوابط.

 

وحذَّر سودانيون من ضبابية تلفّ الاتفاقيات التجارية المعلن عنها في 2017 في إطار عقود مشتركة تتجاوز 650 مليون دولار.

 

وكان البشير قد صرح أنه يأمل بأن تبلغ الاستثمارات التركية 10 مليارات دولار.

 

ويرى الباحث في الشؤون السودانية والإفريقية هاني رسلان، أن ثمة توجُّه لدى المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، نحو إتباع سياسة مستقلة وبعيدة عن المحاور التي ارتمى نظام البشير في أحضانها دون أن يستحضر مصلحة الخرطوم.

 

وأوضح رسلان، في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، أن الترجمة العملية لهذا التوجُّه الجديد هو الابتعاد عن محور تركيا وقطر اللتين تشكلان أداتي التنظيم الدولي للإخوان.

 

وأضاف: "مصالح السودان الحالية ليست مع محور التوسع ونشر الفوضى، بل مع من يعينها على تجاوز الوضع الصعب وتأمين النفط والأدوية.. لقد سقط البشير لأنه أخفق على هذا الصعيد وعجز عن تأمين الخدمات".

 

وأشار إلى أن رفض الاتفاقية ليس أمرًا جديدًا، لأنّ عددًا من الغيورين على مصلحة السودان سارعوا إلى التحذير من الاتفاقية الملغومة في سنة 2017، ودعوا إلى ترجيح مصالح الخرطوم بالدرجة الأولى عوض تقديم الهدايا "الاستراتيجية" من أرض البلاد.

 

ولفت إلى أنّ تركيا ليست لها مصالح في منطقة البحر الأحمر حتى تبادر إلى حمايتها، وبالتالي، فإن استلام جزيرة سواكن، ينم في الغالب عن نزعة توسع مضمرة، والسوابق التركية في سوريا وليبيا ومحطات أخرى، تعزز هذه المخاوف وتؤكد مشروعيتها.

 

وتقول الباحثة في شؤون السودان أسماء الحسيني، إنَّ التحقيق الذي فتح مؤخرًا في السودان، بشأن الدور القطري في ميناء بورتسودان، يفتح الباب أمام تحقيقات أخرى حول الصفقة المريبة لجزيرة سواكن التي سلمها نظام البشير لتركيا.

 

وأمس الأول الاثنين، أعلن المجلس العسكري الانتقالي في السودان، تعليق عقد الشركة الفلبينية التي تعمل في ميناء بورتسودان الجنوبي، إلى حين استكمال إجراءات إلغاء العقد.

 

وتحوم عدة شكوك حول دور قطري محتمل في نيل الشركة الفلبينية لعقد ميناء بورتسودان، عن طريق استغلال العلاقة مع نظام البشير.

 

وأشارت الحسيني إلى أن نظام البشير ارتكب عدة أخطاء وكان يتأرجح بين عدة أطراف خارجية مناوئة للمصالح العربية، فتارة يضع يده في يد نظام الملالي بإيران، وتارة أخرى يرتمي في الحضن التركي دون أن يكترث لمصالح بلاده وجواره.

 

لكنَّ الشارع الذي انتفض ضد البشير بعدما ساءت الأوضاع الاقتصادية إلى درجة لا تطاق، لن يرتضي الأدوار القديمة التي لعبها البشير، بحسب الباحثة.

 

وأضافت أن أدوار البشير السلبية كانت تنذر بغرس شوكة في الخاصرة العربية، بالنظر إلى المواقف والممارسات التركية المشبوهة في المنطقة، لكن الحراك أربك الحسابات، وأصبح يتجه إلى ضبطها وفق ما يراعي مصالح الخرطوم والدول العربية.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى