«مذبحة المسجدين» بداية.. ماذا تعرف عن «الإرهاب الأبيض» الذي يتجاهله الغرب

[real_title] عندما أطلق الإرهابي الأسترالي برينتون تارانت، النار على مسجدين وأردى 50 مصليًا لم كان بمفرده، ولم يكن «مستقلاً بذاته»، فهو جزء من حركة الإرهاب القومي الأبيض ، وهو الإرهاب اليميني المتطرف الذي أنتشر في القرن الـ21.. فما هو اليمين المتطرف؟ وكيف أصبح أكثر خطوة على اعالم من تنظيم "القاعدة"؟.

 

الحادث الإرهابي كان جزءاً من حركة كبيرة ممتدة وشاملة تماماً مثل تنظيم القاعدة عندما هاجم الولايات المتحدة عام 2001 ، إلا ان هذه الحركة أخطر بكثير على مستقبل الديمقراطيات الغربية من الإرهاب المنسوب للإسلام، حسبما يرى تقرير لموقع "ديلي بيست" الأمريكي.

 

حتى عقب الحادث البشع الذي هز نيوزيلندا ، لا أحد لديه حماس لمحاربة الاٍرهاب الأبيض كما يفعلون مع ما اطلقوا عليه الاٍرهاب الإسلامي.

 

في نهاية المطاف، وبقدر صعوبة المهمة، يجب خوض الحرب على الإرهاب القومي الأبيض كحرب لإنفاذ القانون وحرب الأفكار، حرب على "الداخل" ويتعين على أفراد الشرطة ورجال الادعاء أن يتعاملوا معه كما تعاملوا مع المنظمات الإرهابية الإسلامية المتطرفة.

 ويتعين على الناخبين في الدول الغربية أن يفهموا أن الذين يؤيدون الإرهاب القومي الأبيض ليسوا مشاركين مرحباً بهم في الديمقراطيات الحديثة، فالمعركة ليست ضد المحافظين، أو التيار اليميني، أو اليمين البديل، إنها ضد الإرهاب القومي الأبيض والمدافعين عنه.

 

اعداء الداخل .. "أنهم هنا بالفعل"

 

يقول "ديلي بيست" الأمريكي: "لأنه من الضروري أن تبدأ مكافحة التطرف بمخاطبة الأفكار وبلغة واضحة لا لبس فيها، فلا بد أن نكون واضحين تماماً بشأن ما زعم برينتون تارانت، وحش كرايستشيرش البالغ من العمر 28 عاماً أنه يمثله وما مثله ويمثله بالفعل، وهو الإرهاب القومي الأبيض".

 

حان الوقت لشن حرب عالمية على الإرهاب القومي الأبيض والوقت مناسب الآن لمواجهته بالقدر نفسه من الاهتمام الدولي المشترك والموارد الذي ظهر أثناء مواجهة أسامة بن لادن، قبل أن يزداد قوة، حسب الموقع.
 

 إذ يقول الموقع الأمريكي: "لقد حان الوقت لشن حرب عالمية على الإرهاب القومي الأبيض، لكن ليس من المرجح أن يحدث هذا ، حيث ان شبكة المدافعين عن هذا الإرهاب تساعدهم ، ولا يمكن لأحد أن يخرج علينا ويقول، كما فعلت إدارة جورج بوش الابن: «إننا سنقاتلهم هناك حتى لا نضطر إلى قتالهم هنا»، لأنهم «هنا» بالفعل وحاضرون بقوة، ويزيدون بصورة ثابتة من قوتهم وحضورهم في الديمقراطيات الغربية".

 

وتعد شبكات المدافعين عن القومية البيضاء والمتعاطفين معها والمؤيدين والميسرين لأفعالها- وهو أمر حيوي لأي حركة إرهابية- جزءاً لا يتجزأ من النسيج السياسي والاجتماعي ، فهم حرفياً أعداء الداخل، حسب  "هاف بوست عربي". 

 

 

ترامب واحد منهم

 

ربما تبعُد نيوزيلندا آلاف الأميال عن الولايات المتحدة وأوروبا، لكن فيديوهات القاتل تُظهِر أنه كان راسخاً بعمق في تيار اليمين المتطرف العالمي، وأنه رجل على دراية بدراسة الأيقونات، والإشارات التي لا يفهمها إلا أشخاص أو جماعات معينة، وشعارات المجموعات المتطرفة المختلفة من مختلف أنحاء أوروبا وأستراليا وأمريكا الشمالية، بالإضافة إلى كونه عضواً أصيلاً بمنظومة اليمين المتطرف على شبكة الإنترنت.

 

وينبغي القول إن ترامب يعدّ متميزاً لأنه أحد المدافعين عنهم. إذ أنه "رمز لتجديد الهوية البيضاء والهدف المشترك"، مثلما كتب تارانت في بيانه.

 

 إن تدابير مثل هاجس الجدار الحدودي، ومحاولات حظر دخول جميع المسلمين- تسير في ركب تارانت لأن قاعدة ترامب تؤمن بها.

 

 وحينما يتعلق الأمر بتغذية الغرائز الأساسية للقاعدة لإحكام القبضة على السلطة، فليس من الواضح على الإطلاق إلى أي حد قد يذهب ترامب في أفعاله.

 

وقد يصل به الأمر إلى تنظيم انقلاب إذا خسر الانتخابات إن أحد أكثر اللحظات التي تقشعر لها الأبدان أثناء شهادة مستشار ترامب، مايكل كوهين سيئ السمعة، أمام الكونغرس الشهر الماضي كانت عندما قال: "أخشى أنه إذا خسر الانتخابات عام 2020، فلن يكون هناك انتقال سلمي للسلطة أبداً".

 

ويقول كاتب التقرير: "لقد أخبرني أحد كبار مسئولي الاستخبارات السابقين في الولايات المتحدة أنه يشعر بالقلق إزاء إمكانية انجرار البلاد إلى عنف يمزقها إذا أُقيل ترامب وأزيح من منصبه".

 

 ويحب ترامب نفسه أن يتظاهر بأنه يمضي في هذا الاتجاه، كما فعل في مقابلته مع موقع Breitbart الأسبوع الماضي.

وفي تصريح غريب، في منتصف حوار ممل حول رئيس مجلس النواب السابق بول ريان، قال ترامب: "أحظى بدعم الشرطة، ودعم الجيش، ودعم حركة Bikers for Trump- أحظى بدعم الأشخاص الأقوياء، لكنهم لا يظهرون هذه القوة- إلى أن تصل بهم الأمور إلى درجة معينة، وحينها سيكون الأمر بالغ السوء".

 

 وفسر العديدون هذا التصريح بأنه تهديد مستتر باللجوء للعنف لأن من الواضح أنه كذلك.

 

ومن هنا فإنه أكبر عقبة أمام مكافحة الإرهاب الأبيض ورجاله يخترقون الحكومة لذا، إذا كنا سنأخذ خطوة حرب عالمية على الإرهاب القومي الأبيض على محمل الجد، فعلينا أن نعترف أن الرئيس الأمريكي يمثل عقبة ضخمة.

 

يقول لنا بيان تارانت: "يجب أن تكون الحرب الأهلية في ما يسمى بـ" بوتقة الانصهار "، وهي الولايات المتحدة، هدفاً رئيسياً في الإطاحة بهيكل القوة العالمية وثقافة الدول الغربية العالمية المهيمنة التي تدعم حقوق الفرد والمساواة".

 

إنه يأمل أن يؤدي "النزاع حول التعديل الثاني" (الذي يعطي المواطنين حق حمل السلاح) إلى هذا الاقتتال الأهلي و»تقسيم الولايات المتحدة في النهاية على أسس سياسية وثقافية، والأهم من ذلك، عنصرية".

 

وما طرحه سفاح المسجد ليس مجرد جنون بل مبادئ القوميين البيض

 

عندما يكتب تارانت بحروف كبيرة بارزة قائلاً: "يجب أن تنتهي أسطورة بوتقة الانصهار وتنتهي معها أسطورة الأمة متساوية الحقوق"، فهو لا يطرح نظرية جنونية صاغها بنفسه،  ولكن يردد تلك الكلمات التي نشرها العنصريون الأمريكيون من قبلُ لسنوات، وتطورت إلى أيديولوجية في أوروبا كصدى للإرهاب اليوم مثلما كان كتاب كفاحي لهتلر في العشرينيات.

 

 كل شيء بدأ في فرنسا !

 

نحن نعلم أن تارانت سافر مؤخراً إلى إسبانيا وبلغاريا ودول أخرى توجد بها حركات يمينية مغرقة في التطرف.

 

ومن المحتمل أن منفذ هجوم نيوزيلندا شعر بأنه في وطنه وهو في المجر، حيث تعرف حكومة فيكتور أوربان بمعاداتها المتطرفة للهجرة والواضحة للسامية.

 

وكان العنوان الرئيسي في صحيفة " لا باريسيون" الفرنسية     السبت  الماضي يقول: "49 قتيلاً في نيوزيلندا: كل شيء بدأ في فرنسا.." جاء تارانت إلى فرنسا عام 2017 لمراقبة الانتخابات الرئاسية بين إيمانويل ماكرون، الذي يمثل كل شيء، من العولمة إلى التعليم العالي، يكرهه تارانت وأمثاله، واليمينية المتطرفة مارين لوبان، التي خلص إلى أنها لم تكن عنصرية بما يكفي لتروق له.

 

وهو وأمثاله يستلهمون أفكارهم من مفكر فرنسي يتحدث عن الاستعمار الإسلامي 

 

ولكن مفتاح طريقة تفكير تارانت وأمثاله يكمن في عنوان بيانه، "الاستبدال العظيم"، المستمد مباشرة من عمل المؤلف الفرنسي اليميني المتطرف رينو كامو، الذي كتب أن الشعوب التي تتمتع بالخصوبة في إفريقيا والعالم الإسلامي سوف يُغرقون أوروبا ويحلون محل سكانها.

 ومثلما أشارت صحيفة" ليموند "الفرنسية، فإن خيالية هذه المؤامرة الشريرة قائمة في الأصل على فكرة أن اليهود كانوا هناك لتقليص أعداد السكان البيض في أوروبا وإخضاعهم- وهي فكرة استمرت في أوساط التيار اليميني حتى بعد الحرب العالمية الثانية وكشف المحرقة.

 

 وهي لا تزال شائعة بين الأمريكيين الذين ينتمون للتيار اليميني المتطرف. وعندما خرج النازيون الجدد في مسيرة في شارلوتسفيل عام 2017، كانوا يتعهدون بأن اليهود لن يحلوا محلهم.

 

ولكن هنا في أوروبا في القرن الحادي والعشرين، حيث تعتبر العديد من الدول الإفصاح عن معاداة السامية جريمة، أضاف رينو كامو فكرة جديدة إلى خرافة الاستبدال تلك بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001، بزعمه أن المسلمين كانوا يستعمرون أوروبا.

 

 ونفى كامو أي تحريض على الإرهاب بطريقته الخاصة. إذ كتب: "يجب ألا يقلد المُستَعمر"، أي الأوروبيين البيض المحاصرين، "أساليب المستعمِر"، أي المهاجرين إلى أوروبا، بتبني الأساليب الإرهابية. "لأن ذلك يعني أن يصبح مثله بالفعل ويستسلم للاستعمار".

 

 

"تفوق العرق الأبيض"

 

وكان كاتب البيان متأثراً بصورة خاصة، بأفكار ووسائل أندريس بريفيك، الإرهابي اليميني المتطرف النرويجي الذي قتل 77 شخصاً عام 2011، والذي مثَّل بيانه الخاص غير المترابط، الذي جاء في 1518 صفحة، مصدر إلهامٍ لكثير من المتطرفين الذين قلَّدوه، وضمن ذلك – بحسب السلطات- كريستوفر هاسون، وهو ملازم في خفر السواحل الأمريكي يواجه اتهاماتٍ فيدرالية بالتخطيط لهجومٍ إرهابي محلي، على غرار هجوم بريفيك.


 

 في الحقيقة، كان البيان عبارة عن "قائمة تعريفية بالقَتَلة المؤمنين بتفوق البِيض". وكانت مصادر إلهام الكاتب هي ديلان روف، المؤمن بتفوق البِيض الذي قتل 9 أمريكيين من أصلٍ إفريقي داخل كنيسة بولاية ساوث كارولينا عام 2015، بالإضافة إلى لوكا ترايني، وأنتون لوندين بيترسون، ودارين أوزبورن، وجميعهم نفَّذوا هجمات عنصرية بأوروبا في السنوات الأخيرة.

 

 إضافة إلى ذلك، فقد اهتم بملابسه وأسلحته بعناية. إذ كان يضع رُقعة عليها شعار تستخدمه بعض مجموعات النازيين الجدد في أنحاء العالم، وضمن ذلك أستراليا.

 

وكان مكتوباً على بندقيته مجموعة من معتقدات القوميين البِيض التي روَّج لها ديفيد لين، الإرهابي الأمريكي المحلي وأحد المنتمين إلى النازيين الجدد.

 

وكان يوجد على سترته الواقية من الرصاص شعار شائع تستخدمه "كتيبة آزوف"، وهي منظمة أوكرانية شبه عسكرية تنتمي إلى تيار النازيين الجدد.

 

وبينما كان يبث مقطع فيديو مباشرةً من سيارته، كان يستمع إلى أغنية أُعِدَّت تكريماً لرادوفان كاراديتش، وهو أحد قادة صرب البوسنة والمسؤول عن موت الآلاف من مسلمي وكروات البوسنة خلال حربٍ عِرقية نشبت بمنطقة البلقان في التسعينيات.

 

قد يكون من الممكن إسكات أصوات الكراهية ، إذ حاولت العديد من الحكومات الأوروبية أن تفعل. لكن هل سيكون ذلك كافياً لوقف انتشار الإرهاب القومي الأبيض؟ وهل تتمكن الديمقراطيات الغربية من إدراك مدى خطورة توغل هذا الفكر بين قادتها وساستها؟ .

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى