[real_title] واصل آلاف الجزائريين الاحتجاجات في العاصمة ومدن أخرى مطالبين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالتنحي وعدم الترشح في الانتخابات المقبلة ، فيما حذر رئيس أركان الجيش الجزائري من العودة إلى سنوات الجمر والآلم. ومع اشتعال الوضع وفشل رسالة بوتفليقه وتعهداتها في تهدئة الأوضاع.. توجهت الأنظار إلى جنيف وبرز سؤال أكتنفه الغموض خلال الأسبوع الماضي. أين بوتفلقة؟ أثار شريط مصور نشرته، ليل الاثنين الثلاثاء، وسائل إعلام غربية مزيدا من الغموض بشأن مكان وجود بوتفليقة . ونشر حساب برنامج “Quotidien” على تويتر، الذي تبثه قناة “TMC” الفرنسية، فيديو قال إنه لناصر بوتفليقة، الشقيق الأصغر للرئيس الجزائري، داخل مستشفى في جنيف بسويسرا. http://www.youtube.com/embed/xpwYEt83YO4 وتساءل البرنامج عن سبب وجود ناصر في المستشفى رغم أن تقارير غير رسمية كانت قد أشارت إلى أن بوتفليقة عاد إلى بلاده قادما من سويسرا حيث خضع لجلسات علاج في أحد مشافي جنيف. بيد أن تقديم مدير الحملة الانتخابية للرئيس الجزائري ملفات الترشح، مساء الأحد، عوضا عن بوتفليقة أثار علامات استفهام عن صحة عودته إلى البلاد، لاسيما أن التلفزيون السويسري قال إنه لا يزال في مستشفى بجنيف. وجاء فيديو شقيق بوتفليقة ليزيد الغموض عن مكان وجود الرئيس البالغ من العمر 82 عاما، الذي يحكم الجزائر منذ 1999، وكان قد تعرض لجلطة دماغية عام 2013 أضعفته بشدة. ومذاك، لم يظهر إلى العلن إلا نادراً. وكانت قناة "العربية" قد اعلنت السبت،ان الرئيس الجزائري عاد إلى البلاد ، ولم تقدم أية تفاصيل . وفي المقابل ذكر الموقع الإخباري الجزائري "كل شيء عن الجزائر" في نسخته الفرنسية، أن طائرة بوتفليقة لا تزال في مطار جنيف ، ولم تؤكد السلطات الجزائرية أو تنفي صحة أنباء عودته. http://www.youtube.com/embed/M146Ntfu2I8 وكان مصدر رسمي جزائري قال لشبكة "يورونيوز"، إن طائرة بوتفليقة عادت من جنيف إلى الجزائر الجمعة دون وجوده على متنها. وأثار ترشح بوتفليقة الترشح لولاية خامسة موجة احتجاجات، الأمر الذي دفع الرئيس إلى محاولة تهدئة الشارع من خلال التعهد، عبر رسالة تلاها مدير حملته، بإجراء انتخابات مبكرة خلال عام في حال فاز في السباق الرئاسي. من كتب الرسالة؟ ويرى علي بن فليس رئيس وزراء الجزائر السابق ورئيس حزب طلائع الحريات المعارض أن بوتفليقة لم يكتب الرسالة الأخيرة التي تلاها زعلان، بعد تقديمه أوراق ترشح بوتفليقة لولاية خامسة على أنها رسالة من الرئيس للشعب. وقال بن فليس في حوار مع "عربي بوست" إن الرئيس ليس هو مَن كتب الرسالة لأسباب الكل يعرفها، ويجب التحقيق فيمن كتب هذه الرسالة، معتبراً أن هذه الرسالة تعود لقوى غير دستورية. http://www.youtube.com/embed/fDqzvfK8G-k ورأى بن فليس أن هذه القوى غير الدستورية قد استولت على القرار والحكم في الجزائر وباتت هي الحاكم الحقيقي للبلاد مؤخراً، مشيراً إلى أن الرئيس بوتفليقة مريض، متمنياً له الشفاء. من يحكم الجزائر؟ تحت عنوان "من يحكم الجزائر؟ الاحتجاجات تسلط الضوء على الزمرة المحيطة ببوتفليقة المريض" نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقريرا حول الشخصيات التي ينظر إليها على أنها تدير شئون البلاد في ظل حكم الرئيس القعيد . وقالت الصحيفة في تقريرها الثلاثاء :" إنهم يعتقدون أن السلطة السياسية في الدول الغنية بالغاز الواقعة في شمال أفريقيا تقع في يد مجموعة غامضة من الشخصيات المدنية والعسكرية المحيطة بالرئيس من بينهم رجال أعمال وشقيق بوتفليقة، وينظر المحتجون إلى ترشح بوتفليقة على أنه محاولة ساخرة من هذه المجموعة لتبقى محتفظة بمقاليد السلطة". ونقلت الصحيفة عن مصطفى بوشاشي المحامي الجزائري البارز في مجال حقوق الإنسان:" لا نعرف من يدير الدولة.. من يعين الحكومات والسفراء والوزراء؟ هناك أناس يتخذون القرارات في الدولة دون مناصب رسمية ودون مساءلة." ورأت الصحيفة أن هناك أفراد نافذين في النظام بينهم سعيد بوتفليقة الأخ الأصغر للرئيس والذي يعمل مستشارا له، وأحمد غايد صلاح رئيس أركان الجيش الذي حذر المتظاهرين مؤخرا من أنهم يدفعون البلد إلى مصير مجهول. ماذا قال الجيش؟ في أول تعليق له على الاحتجاجات ، قال نائب وزير الدفاع الجزائري، أحمد قايد صالح، إن هناك من يريد العودة بالبلاد إلى سنوات الألم والجمر، في إشارة إلى تمرد الإسلاميين في التسعينات حين قتل أكثر من مائتي ألف شخص في حرب أهلية. ونقلت وسائل الإعلام الجزائرية عن الفريق قائد صالح قوله "الجيش سيبقى ماسكا بزمام مقاليد إرساء مكسب الأمن الغالي .. وهناك من يريد أن تعود الجزائر إلى سنوات الألم والجمر". وشدد صالح في كلمة له على أن الشعب الجزائري "الذي أفشل الإرهاب مطالب اليوم بمعرفة كيفية التعامل مع ظروف وطنه". ما الذي يريده المحتجون؟ ما قاله بوتفليقة غير كاف بالنسبة إلى المتظاهرين وكان عشرات الآلاف قد احتشدوا في مدن مختلفة بأنحاء الجزائر في أكبر مظاهرات منذ الربيع العربي في عام 2011، مطالبين بوتفليقة، البالغ 82 عاما، بعدم الترشح في الانتخابات المقررة في 18 أبريل. ويتصدر الشباب الجزائري مشهد الاحتجاجات، ويسعون - بحسب ما يقوله محللون - إلى رؤية جيل جديد من الزعماء لا تربطه صلات بالحرس القديم. وأصبح الجزائريون - بعد تمرد للإسلاميين دام عشرة أعوام ونجح بوتفليقة في القضاء عليه في فترة حكمه الأولى - يتحملون نظاما سياسيا لا يترك مساحة تُذكر للاختلاف ثمنا للأمن والاستقرار النسبيين. ويطالب سكان الجزائر، وأغلبهم من الشبان الذين تقل أعمار 70 في المئة منهم عن 30 عاما، بوظائف وخدمات أفضل، ووضع حد للفساد المستشري في دولة تعد واحدة من أكبر الدول المنتجة للنفط في أفريقيا. ويقول معارضو بوتفليقة إنه لم يعد لائقا لقيادة البلاد، مستشهدين باعتلال صحته وعدم وجود إصلاحات اقتصادية للتعامل مع نسبة البطالة المرتفعة التي تفوق 25 في المئة بين من تقل أعمارهم عن 30 عاما. ما الذي يحدث في الشوارع؟ وتواصلت احتجاجات الطلاب في وسط العاصمة بينما انتشرت الشرطة بأعداد كبيرة، لكنها لم تتدخل، بل اكتفت بتحديد مكان تجمع المتظاهرين وتحركهم في الشوارع المجاورة لساحة البريد المركزي. وساند المارة الطلاب بالتصفيق، وأطلق سائقون أبواق سياراتهم، وأصبح التحرك في وسط العاصمة صعبا جدا. وتظاهر الطلاب بأعداد كبيرة في وهران ثاني مدن الجزائر أيضا، وتوجهوا إلى وسط المدينة، بحسب ذكرته وكالة فرانس برس للأنباء. وتظاهر آلاف الطلاب مع أساتذتهم في قسنطينة، ثالث مدن البلاد، بحسب ما قالته وسائل إعلام محلية، تحدثت عن مظاهرة "ضخمة" ضمت الآلاف. ونقلت فرانس برس عن أحد السكان قوله إن آلاف الطلاب تظاهروا أيضا في بجاية، التي تبعد 180 كلم شرق الجزائر، وفي منطقة القبائل. http://www.youtube.com/embed/DQtHeieeVCY وتظاهر طلاب بأعداد كبيرة في البليدة، والبويرة، وتيزي أوزو، وستيف، وتلمسان، بحسب مواقع إخبارية محلية. ورفع محتجون لافتات كُتب على إحداها "انتهت اللعبة"، بينما حمل أخرون عبارة "ارحل يا نظام". وتوجه المحتجون من الطلاب الرافضين للعهدة الخامسة في عدد من المدن الجزائرية مباشرة إلى الشوارع ولم يذهبوا إلى جامعاتهم، حيث تحاصرهم قوات الأمن وتمنعهم من مغادرة الحرم الجامعي. وظهر في لقطات مصورة المئات يشاركون في مظاهرات صغيرة بعدة مدن أخرى غير العاصمة، مواصلين المسيرات والتجمعات الحاشدة المستمرة منذ نحو أسبوعين، احتجاجا على اعتزام الرئيس الجزائري الترشح لولاية خامسة. ويبدو أن الانقسام بشأن ترشح بوتفليقة لولاية جديدة، لم يقتصر على الشارع فقط، بل بدأ يمتد إلى أوساط الحزب الحاكم، إذ أعلن وزير الفلاحة الجزائري السابق سيدي فروخي، الاثنين، استقالته من عضوية البرلمان ومن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، في دلالة نادرة على الاستياء داخل النخبة الحاكمة التي تتعرض لضغوط لم يسبق لها مثيل.