[real_title] يسمّون "أبناء الخلافة" أو "أشبال الخلافة" أو "أطفال داعش".. بعضهم تعلّم القتل والذبح والاغتصاب وسيقَ إلى جبهات القتال ، وبعضهم الآخر وُلد في مناطق الإرهاب، وغُسلت أدمغته... أي مصير لهؤلاء الأطفال بعد اندحار داعش؟ وهل يمكن معالجتهم نفسياً وإعادتهم إلى مجتمعهم؟. في شرق سوريا، بدأ التحالف الكردي العربي "القوات الديمقراطية السورية" هجومه على آخر معقل لداعش في سوريا يوم السبت الماضي، ويتحصن آخر إرهابيي داعش فى مساحة قدرها اثنين فقط من الكيلومترات. وفي مبنى يقع على الحدود السورية العراقية، تجري عملية إعادة تأهيل مجموعة من الأطفال كان التنظيم قد جنّدهم عنوة، وزج بهم في ساحات القتال، بعد ما عمل على غسل عقولهم. وفي داخل هذا المركز، الذي يخضع لحراسة أمنية مشددة، قصص مروعة عن أطفال انتزعوا من السياق الطبيعي الذي عاشوا فيه مثل أقرانهم، ووجدوا أنفسهم فجأة في وسط المعارك. وسلط تقرير لـ"سكاي نيوز"، الاثنين، الضوء على الأطفال الذين يعيشون في المركز، مضيفا: "خلف الباب المتين يعيش أكثر الأطفال خوفا في سوريا اليوم، وربما في العالم". الملاذ الآمن وثمة كاميرات في كل زاوية من زوايا المركز، وهو الوحيد الذي يقدم ملاذا إلى الأطفال الذين استغلهم داعش، علما بأنه لا يستقبل أطفالا تقل أعمارهم عن 10 سنوات. ويقول المدير المشارك للمركز لـ"سكاي نيوز" بأن الأطفال الموجودين في المركز قبض عليهم جميعا وهم يرتدون أحزمة ناسفة أو يحملون أسلحة في وسط مناطق القتال"، مضيفا أن بعضهم حاول أن يفجر نفسه في الجنود الذين سارعوا إلى إنقاذهم. وشاهد "أطفال داعش" أقاربهم وهم يفجرون أنفسهم، وبعضهم فقد والديه أثناء القتال، فيما لا يزال بعض الآباء يقاتلون في صوف داعش، وفق مدير المركز. وأعطى المركز تعليمات صارمة تقضي بعدم طرح أسئلة على الأطفال والقاصرين عن الفترة، التي عاشوا فيها تحت سيطرة داعش. أطفال محطمين وقال معلمون واستشاريون نفسيون إن الأطفال الذين وصلوا إلى المركز كانوا في صدمة نفسية وجسدية ومحطمين عاطفيا. ويساعد المركز الأطفال في العودة إلى الحياة الطبيعية عبر تلقي الدروس وتقديم الدعم النفسي، في خطوة ترمي إلى إخراجهم من حالتهم المأسوية. وربما تكون المحاضرات المدرسية هي المرة الأولى منذ فترة طويلة، التي يقدر فيها أشخاص قيمة هؤلاء الذين دفعهم تنظيم إرهابي إلى الموت والدمار. وأقبل الطلبة الجدد على درس بشأن المجموعة الشمسية، فقد كان عالمهم في السنوات الماضية صغيرا للغاية، بعدما جرى قطع تواصلهم مع العالم الخارجي، إذ لا إنترنت ولا تلفزيون، وكانوا عوضا عن ذلك منغمسين في القتال، وظهر بعضهم في عمليات إعدام وحشية وثقتها كاميرات داعش.ومن بين هؤلاء، بيير 13 عاما، الذي قال: "أول أمر أريده هو أن أكون مع والدتي وأن أظل معها وأخبرها بكل ما حدث". http://www.youtube.com/embed/gORQLbw9NrYوتحدثت طالب آخر لم يكشف اسمه بلغة فرنسية ممتازة إنه عندما كان في التاسعة من عمره، اعتقد أنه ذاهب لقضاء عطلة إلى تركيا مع والده وإخوانه الأكبر، لكن والده ترك والدته ومنزله في باريس، وأخذ بقية أفراد الأسرة إلى سوريا للانضمام إلى داعش، ويقول إنه أخويه قتلا في انفجار قنبلة أثناء نومهما، وقضى الصبي الصغير 4 سنوات تحت حكم داعش. وتوسل الصبي أن يوصل الفريق الصحي رسالة إلى أمه الموجودة في باريس، وهي عبارة عن رسم لقلب حب باللون الأحمر وكتب عليه "أنا أحبك" باللغتين الإنجليزية والعربية. أما حميد لا يعرف كم عمره فيقول: "عندما كنت في منطقة داعش اعتدت أن أرى الكثير من الناس الذين بترت أذرعهم وساقيهم من قبل داعش، وكانت هناك الكثير من الدماء". وأضاف "عندما جئت إلى هنا (مركز التأهيل) للمرة الأولى، كانت أعاني من الكوابيس المؤذية حقا، لكنني أتحسن الآن ببطء". ويقول طفل يحمل جواز سفر فرنسي إن أقرانه في المركز يضايقونه بسبب نوبات البكاء، التي يدخل فيها كل ليلة، متحدثا بمرارة عن والدته التي تقاتل في صفوف داعش وباتت الآن عالقة في جيب داعش الأخير. ومن الصعب الحصول على صورة دقيقة لما حدث ما هذا القاصر الفرنسي، لكنه تحدث عن وجوده داخل سجن للبالغين على الرغم من صغر سنه. ويقول المدير إن الطفل عندما وصل إلى المركز على الحدود العراقية السورية، بدا مشلولا، وكان محطما عاطفيا. وقد يبدو الهدوء على وجه هذا الطفل عاديا، لكن خلف تلك الابتسامة الخجولة ألم عميق للغاية. أرقام مفزعة وكان داعش مع اتساع نطاق سيطرته في سوريا والعراق قبل سنوات، قد سعى إلى تجنيد الأطفال ودفعهم إلى المعارك وحتى إلى تفجير أنفسهم، مطلقا عليهم اسم "أشبال الخلافة" المزعومة. وفي سوريا وحدها وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان حالات أكثر من 1200 طفل انتموا إلى ما بات يعرف بـ"أشبال الخلافة" خلال عام 2015. وفي الموصل، بلغت أعدادهم 900 طفل، وكانت مصادر التنظيم قد تفاخرت بتجنيد 4500 طفل خلال عام في نينوى وحدها، التي استعادها الجيش العراقي بدعم من التحالف الدولي في 2017. ومع انهيار التنظيم الإرهابي، بدأت عملية استعادة هؤلاء الأطفال من قبل دول، مثل روسيا التي أعلنت خلال الأشهر الأخيرة أنها استعادة نحو 50 طفلا يحملون الجنسية الروسية، وكان ذووهم يقاتلون في صفوف داعش. وكان آلاف من الروس قد توجهوا إلى سوريا والعراق في السنوات الأخيرة للانضمام إلى صفوف المتطرفين، بحسب تقديرات أجهزة الأمن الروسية، وقد اصطحب بعضهم عائلاتهم. وكان مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن ، قد قال:" أن المئات من أطفال مسلحي "داعش" الأجانب الذين قُتل أو فر آباؤهم على وقع الخسائر التي مُني بها التنظيم، أصحاب مآس خاصة". ويقول: "هم في الأغلب موجودون في مخيمات بمناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية (شمالي سوريا)، ودولهم الأصلية لا ترحب بعودتهم ولا عائلاتهم "خوفا من انتشار أي أفكار متطرفة قد يحملونها نتيجة معاشرة مسلحي التنظيم الإرهابي". وتابع مستفيضا في شرح أبعاد معاناة هؤلاء الأطفال: "لا يوجد تواصل مع سفارات بلادهم في تركيا، كما أن بعضهم ولد في سوريا ولا يوجد إثبات أنهم يحملون جنسيات آبائهم". وحسب تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عدد الأطفال من أبناء المقاتلين الأجانب في سوريا وحدها يزيد على 2500، موزعون على مناطق سيطرة الأكراد في الشمال. http://www.youtube.com/embed/_6jznXST0H0 وألقى عبد الرحمن باللوم على المجتمع الدولي الذي "يغض الطرف عن هؤلاء الأطفال، رغم كونهم في حاجة إلى تأهيل نفسي كبير. حتى الآن لا توجد مساع دولية حقيقة لاحتواء هذه الأزمة". وتقول منظمة "هيومان رايتس ووتش" إن أكثر من 800 طفل مع ما يزيد على 500 امرأة، جميعهم من الأجانب، محتجزون في السجون العراقية بانتظار المحاكمة بتهمة الانتماء إلى "داعش".ويحكم علي هؤلاء السيدات بعقوبات تصل إلى الإعدام، ويواجه أبناؤهن مصيرا مجهولا في بلد لا يعرفون عنه الكثير. والأدهى أنه حسب القانون العراقي، يمكن إصدار أحكام قضائية بحق الأطفال المرتبطين بتنظيم "داعش"، في عمر 9 سنوات أو أكثر، بالسجن 5 سنوات في حالة إدانتهم بالانتماء إلى التنظيم، أو بالسجن 15 عاما إذا شاركوا في أعمال عنف.