تعرف على العالم العراقي الذي ساعد «داعش » في إنتاج سلاح كيميائي

[real_title]  "كان داعش قد أصبح هو الحكومة، وكنا نعمل لصالحه. كُنا نريد العمل حتى نحصل على راتب".. بهذه الكلمات برر العالم العراقي "سليمان العفاري"، تعاونه مع تنظيم "الدولة الإسلامية" عندما استولى مسلحوها على مدينة الموصل عام 2014.

 

وكشف العالم الجيولوجي لدى وزارة الصناعة والمعادن العراقية عن قبوله عرضاً للعمل مع تنظيم ""داعش" خلال سيطرته على الموصل ،وقال خلال لقاء معه بصحيفة "واشنطن بوست" الامريكية  :"إن تنظيم داعش جمع العمال والمديرين الذين لم يكونوا قد فروا من المدينة وأرغمهم على العمل لصالحهم".
 


وبعد استعادة بغداد السيطرة على الموصل، انتهى المطاف بالعالم العراقي سجيناً في أحد سجون مدينة أربيل، بعد اعتقاله من قبل جنود أمريكيين وأكراد عام 2016  حيث ينتظر تنفيذ حكم  الإعدام .

 

وأشارت الصحيفة الأمريكية في عددها الصادر الثلاثاء إلى أن العفاري كان يعمل في وزارة الصناعة والموارد المعدنية العراقية عند الاستيلاء على المدينة ، "وظلت رواتبهم تصل في حساباتهم المصرفية، لكن عندما قررت الحكومة قطع الرواتب، لم يكن أمام الكثير منهم خيار سوى الالتحاق بوظيفته تحت ظل التنظيم من أجل أن يحصل على راتب".

 

العمل أو الموت جوعاً
في يونيو 2014 هجم التنظيم على الموصل مستغلِّين عامل المفاجأة أثناء هبوب عاصفة رملية.
 

وفي غضون ستة أيام، هزمت قوة مكونة من 1500 مقاتل داعشي قوة حامية عراقية كانت أكبر بـ15 ضعفاً على الأقل، واحتل داعش المطار والقواعد العسكرية المحيطة، ونزح نصف مليون مدني وخلع الآلاف من أفراد القوات العراقية زيهم العسكري وحاولوا الهرب، فإذ بهم يعتقلون ويذبحون .
 

العفاري سلم من الهجوم بالبقاء في المنزل يستمع إلى تقارير الأخبار وأصوات القتال. وفي نهاية المطاف، هدأ الوضع، وخرج المواطنون في ثاني أكبر مدن العراق ليجدوا راياتٍ سوداء تُرفرِف في الساحة الرئيسية بالمدينة .
 

في البداية، بقي معظم موظفي الحكومة العراقية في منازلهم، وظلَّت رواتبهم تُنقَل إلى حساباتهم المصرفية تلقائياً. لكن حين توقَّفت الرواتب، تُرِك الكثيرون أمام خيار إمَّا العمل لصالح خلافة داعش المُعلَنة حديثاً، أو تدبُّر العيش بدونها".  


ونقل الصحفي الأمريكي جوبي واريك عن العفاري  ، عقب مقابلة استمرت 45 دقيقة بغرفة استقبال بمديرية مكافحة الإرهاب في أربيل  ،قوله "إنَّ داعش طلب منه المساعدة في تحضير سلاح كيميائي، فرد بأنه لا يعرف إلا القليل عن ذلك، ولكنه في النهاية وافق على العرض وأشرف على إنتاج داعش لغاز الخردل طيلة 15 شهراً". مبيناً أنه من خلال حواراته مع أحد مقاتلي التنظيم بات مقتنعاً بأن هذا السلاح سوف يُستخدم للتخويف وردع القوات العراقية، كي لا تحاول استعادة الأراضي التي استولى عليها التنظيم.

 

العالم العاطفي

واستطرد العفاري البالغ من العمر 52 عاماً قائلاً: "كان مقاتلو التنظيم يطلبون معدات وحاويات وأشياء يحتاجونها لتصنيع الأسلحة الكيميائية، ومنها الحصول على فولاذ مقاوم للصدأ. لم يكن لنا خيار سوى أن نكون جزءاً منهم ، كانوا السلطة الوحيدة في البلاد" ، بحسب "روسيا اليوم".

 

وأشار إلى أنه عمل لدى التنظيم في قوام مجموعة من المختصين، قامت بتركيب وإنتاج سلاح كيميائي تم استخدامه لاحقاً ضد المدنيين والفصائل المسلحة المتحالفة مع الجيش الأمريكي والتحالف الدولي خلال القتال في العراق وفي سوريا.

 

وأضاف العفاري: "هل أنا نادم على ذلك؟ لا أدري هل يمكنني استخدام مثل هذه الكلمات"، ثم تجهم ، وراح ينقف لحيته الخفيفة بأصابعه.

 

وتصف الصحيفة الأمريكية العفاري بأنه رجل عاطفي ومهندم بطريقة مثالية، وروى خلال المقابلة تفاصيل واقعية عن محاولات المجموعة الإرهابية الناجحة لتصنيع غاز الخردل، وهو سلاح كيماوي من الجيل الأول أوقع عشرات الآلاف من الإصابات في أثناء الحرب العالمية الأولى.

 

الخردل والكلور

وحسب الصحيفة فإن الاختبارات التي أُجريت في نهاية 2014 وبداية 2015، على بعض قذائف الهاون التي استخدمها التنظيم، أكدت أنه تم حقن تلك القذائف بغاز الخردل واستُخدمت ضد القوات الكردية، وأثارت هذه الاكتشافات المخاوف من أن يكون داعش قد نجح في تصنيع أسلحة كيميائية ، خاصة عقب هجوم أغسطس 2015، حيث أثبتت الاختبارات أنه استخدم الكلور الكلور –وهو مادة كيميائية صناعية شائعة تُستخدَم في تنقية المياه- مرتين أثناء المعارك مع الأكراد العراقيين.
 

وفي عامي 2015 - 2016، قُتل ما لا يقل عن اثنين من الخبراء الكيميائيين التابعين للتنظيم في عمليات نفذتها القوات الأمريكية، وبعد ذلك تم تدمير مراكز الإنتاج في الموصل وهيت بالعراق، وذلك من خلال غارات جوية مخططة بعناية وباستخدام ذخائر خاصة، بحسب "يورو نيوز".

 

وتوجد الآن أدلة على أنَّ داعش كانت يختبر سموماً جديدة وأنظمة جديدة لإطلاق هذه السموم. وفي غضون أشهر، كان غاز الكلور وخردل الكبريت يُطلَقان على قوات البيشمركة في قنابل غاز، وقذائف، وقذائف هاون، وحتى صواريخ المدفعية.


وسعت الإدارة الأمريكية والقوات العراقية بعد الهجوم إلى تدمير مصانع التنظيم ومعامله، وقال أحد الأمريكيين الذين شاركوا في الحملة، "بحثنا عن أي نوع من القرائن والنصائح التي تقودنا لمخابئ التنظيم ومصانعه".
 

وعلى مدار الأشهر التالية، أطلقت إدارة أوباما وحلفاؤها العراقيون والأكراد حملةً سرية، لكن قوية، للعثور على مراكز إنتاج الإرهابيين، وتدميرها، وقتل كبار القادة في البرنامج.
 

كانت المهمة مُعقَّدة بسبب حقيقة أنَّ الأهداف كانت في الغالب مراكز حضرية قرب تجمعات سكنية مدنية كبيرة. لكنَّ واشنطن رأت أن القضاء على برنامج داعش الكيماوي أولوية قصوى.
 

وفي عامي 2015 و2016، قتلت القوات الأمريكية شخصين على الأقل يُشتبه في أنَّهما كيميائيان تابعان لداعش.
 

وبحسب مسئولين أمريكيين اثنين سابقين على اطلاعٍ بالعمليات، دُمِّرت بعد ذلك مراكز إنتاج في الموصل ومدينة هيت العراقية في ضرباتٍ جوية دقيقة مُخطَّط لها بعناية استُخدِمَت فيها ذخائر خاصة مُصمَّمة لإحراق أي سموم أو سلائف كيميائية موجودة في المواقع المقصوفة.
 

وقال المسئول المتقاعد إنَّ الضربات الجوية أجبرت داعش على نقل مرافق الإنتاج في مطلع 2016 وإخفاء العلماء المتبقين لديه، ما أبطأ تقدُّم البرنامج الكيميائي.

وبحلول هذا الوقت، كان التنظيم الإرهابي في تراجع على عدة جبهات تحت ضغط القصف الجوي المستمر والهجمات البرية عبر غرب وشمال العراق.
 

واستمر استخدام الأسلحة الكيماوية من جانب  داعش الذي شنَّ 76 هجوماً كيماوياً على مدار ثلاث سنوات، وذلك وفقاً لتفريغ بيانات أعدَّها في أكتوبر 2017 كولومب ستراك، محلل الشرق الأوسط البارز لدى مجموعة جينز للمعلومات التابعة لمؤسسة HIS Markit. لكنَّ مسئولين أمريكيين يقولون إنَّ نوعية غاز الخردل لدى التنظيم ظلَّت رديئة، ما يوحي بأنَّ التنظيم لم يستعيد زخمه قط بعد الضربات الجوية عام 2016.

 

 

الخطر مستمر

ويقول مسئولون عراقيون إنَّ قادة داعش نقلوا المعدات، وربما المواد الكيميائية، من العراق إلى سوريا في 2016، وربما دُفِن بعضها أو خُبِّئ .

 

علاوة على ذلك، ووفقاً لمسئولين غربيين وخبراء في الإرهاب، لا تزال المعرفة والمهارات التي اكتسبت من العفاري والخبراء الآخرين في البرنامج موجودة بلا شك، ومُخزَّنة في ملفات حاسوبية، ووحدات ذاكرة فلاشية، وفي ذكريات المشاركين الأحياء في البرنامج الذين تناثروا بعد انهيار الخلافة التي أعلنها التنظيم.

وقال مسئولو مكافحة الإرهاب الأكراد الذين شاركوا في التحقيق مع العفاري إنَّ العالم تحدَّث عن وحدة إنتاجٍ مُتنقِّلة للأسلحة الكيماوية بُنيَت على مقطورة مُسطَّحة بشاحنةٍ كبيرة.
 

واضافوا إنَّ واحداً من مثل هذه المختبرات المتنقلة دُمِّر أثناء غاراتٍ جوية في الموصل، ولا يزال من غير الواضح كم بُني من هذه المختبرات، وما إن كان بُني منها بالأساس.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن هاميش دي بريتون غوردون، خبير الأسلحة الكيماوية الذي قاد فرق التحرُّك السريع بالجيش البريطاني وحلف شمال الأطلسي (الناتو) قوله : "هناك جهاديون في مختلف أرجاء العالم سيصلون إلى كل تلك الأشياء على شبكة الإنترنت المظلم (Dark Web)». وأضاف: "لا يزال أكبر تنظيم إرهابي في العالم مهتماً للغاية بالسلاح الإرهابي الأكبر".

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى