الإغلاق الحكومي الأمريكي.. شعاع نور يهبط في النفق المظلم

الإغلاق الحكومي الأمريكي.. شعاع نور يهبط في النفق المظلم
الإغلاق الحكومي الأمريكي.. شعاع نور يهبط في النفق المظلم
[real_title] في الوقت الذي تتعقد فيه أزمة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة بسبب الخلاف بين الرئيس دونالد ترامب ومعارضيه الديمقراطيين حول الجدار الحدودي، أطلّ شعاع نور ربما يغيّر الكثير من المشهد.

 

الأمل انبعث عن كبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني الذي كشف عن آلية جديدة لهذا الجدار الخلافي الذي يُفترض إنشاؤه على الحدود بين الولايات المتحدة والمكيسك.

 

مولفاني قال في مقابلة مع شبكة "إن بي سي"، إنّ هناك احتمالية لتغيير مواد البناء التي تستخدم لتشييد الجدار الحاجز، وقال إنّ الرئيس (ترامب) يدرس قبول تمويل بناء سياج حديدي على الرغم من تعهده الانتخابي بأن الجدار سيكون خراسنيًّا.

 

وأضاف مولفاني - الذي يترأس أيضًا مكتب الإدارة والميزانية: "إذا تعيّن على (ترامب) التخلي عن جدار خرساني واستبدله بسياج حديدي كي يتسنى للديمقراطيين القول: أترون؟ لم يعد يبني سياجًا.. فيجب أن يساعدنا هذا في المضي في الاتجاه الصحيح".

 

وأوضح أنّ المفاوضات بين العاملين معه والديمقراطيين في الكونجرس انحصرت في طلبات فنية بعدما التقى الجانبان صباح أمس الأول السبت، وقال: "أعتقد أنّ هذا سيستمر لفترة أطول كثيرًا.. أعتقد أنّ هذا متعمد".

 

وبدأ الإغلاق الجزئي للحكومة الأمريكية في 22 ديسمبر الماضي؛ بسبب خلافٍ حول تمويل جدار يريد الرئيس ترامب إنشاءه على الحدود مع المكسيك لمواجهة الهجرة غير الشرعية وتدفق المخدرات إلى داخل البلاد وأن تتضمن موازنة الحكومة تكاليف إنشاء هذا الجدار، بينما ينظر الحزب الديمقراطي المعارض إلى الجدار على أنّه مضيعة للمال لخدمة أغراض سياسية للرئيس.

 

والجمعة الماضية، أقرّ مجلس النواب تشريعات لإنهاء الإغلاق الجزئي للحكومة، ولك بأن يتم تمويل وزارات الخارجية والتجارة والزراعة والعمل والخزانة وغيرها من الوكالات حتى 30 سبتمبر المقبل أي نهاية السنة المالية الحالية.

 

وفي الأيام الأخيرة، بدى ترامب أكثر تمسّكًا بموقفه في هذه الأزمة، وأكّد أنّه مستعدٌ لبقاء الإدارات الفيدرالية مغلقة لعدة سنوات قادمة، مشدّدًا على أنّ بناء الجدار هو قضية "أمن قومي" ولا يجب تسخيف الأمر.

 

ويبلغ طول حدود الولايات المتحدة مع جارتها المكسيك ثلاثة آلاف كيلو متر، منها 1100 كيلو مُسيّجة بجدار وأسلاك شائكة، لكنّ هذا القسم يشوبه عدد من الفتحات التي تتم من خلالها عمليات التهريب والتسلل، وفق وسائل إعلام أمريكية.

 

ولا يمكن إقرار خطة الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة في الولايات المتحدة إلا إذا حصلت الحكومة على موافقة مجلسي الكونجرس (النواب والشيوخ) على الخطة، وإذا ما فشلت في الحصول على تلك الموافقة، يحدث ما يسمى الإغلاق.

 

ويُشترط لكي تمر خطة الموازنة، أن يوافق المجلسان على كافة بنودها، ولكن إذا دخلا في نزاع واختلفا على بعض البنود، وتعطّل إقرار الخطة، يتم الإعلان عن أن هناك إغلاقًا حكوميًّا سيقع في توقيت محدد.

 

إجمالًا، يعني الإغلاق وقف جميع الخدمات الحكومية التي يتم تمويلها من جانب الكونجرس، وحين يعجز الطرفان عن حل النزاع يتم وقف العمل بمؤسسات الدولة غير الحيوية وتسريح موظفي الحكومة بصفة مؤقتة.

 

على الجانب الآخر، تواصل المؤسسات الحيوية أعمالها مثل الشرطة والدفاع المدني والوكالات الاستخباراتية والهيئات العسكرية، إلا في حال طالت فترة الإغلاق، فحينها تتوقف كافة مؤسسات الدولة عن العمل الرسمي.

 

ويبقى الإغلاق مفعلًا إلى أن يتم تسوية النزاع على خطة الموازنة، ويتأثر سير العمل داخل مؤسسات الدولة، كما يتأثر الاقتصاد سلبًا بذلك، وتكون الدولة غير ملزمة بدفع رواتب عن مدة الإغلاق.

 

ويؤثر الغلق الجزئي على تسعة من 15 وزارة اتحادية وعشرات الوكالات ومئات الآلاف من العاملين في الحكومة، ومن بين الوزارات التي تعاني من غياب التمويل وزارات العدل والأمن الداخلي والداخلية والخزانة، أمّا الوكالات المستقلة المتضررة من الغلق فتشمل هيئة الأوراق المالية.

 

في الوقت نفسه، يعمل مئات الموظفين الحكوميين دون أجر في الوقت الراهن، في حين أن هناك 350 ألف موظف حصلوا على إجازة دون أجر لحين تمرير الموازنة، لكن خدمات إنفاذ القانون ودوريات الحدود وتوصيل البريد وتشغيل المطارات لن تتوقف، كما تغلق المتنزهات الوطنية في الولايات المتحدة، وسيعمل أكثر من 400 ألف موظف فدرالي "ضروري" في هذه الوكالات دون أجر، إلى أن يتم حل الخلاف.

 

وبحسب تقارير أمريكية، فإنّ الإغلاق الحكومي يعني أنّ تمويل 25% من مؤسسات الحكومة الفيدرالية قد نفذ، وهو الأمر الذي سينعكس على اعتمادات وكالة الأمن الوطني ووزارة العدل ومشروعات التطوير المدنية والإسكان إلى جانب أمور أخرى.

 

وذكر باحثون ومحللون أمريكيون أنّ الغلق يؤثر على الاقتصاد بطرق مختلفة، بدءًا من إرجاء التراخيص الخاصة بالأعمال والتأشيرات، وكذا تقليل الساعات التي يتم خلالها أداء الخدمات في الوكالات والهيئات الحيوية، فيما تكون القناة الرئيسية التي يؤثر من خلالها الغلق على الاقتصاد عبر تعليق أو سداد المدفوعات للموظفين الفيدراليين الذين لم يتلقوا رواتبهم.

 

لكنّ نظرة تفائلية تقول إنّ تعليق أجور بعض العمال الحكوميين من الممكن أن يمنح دفعة سرية للاقتصاد على المدى القصير، وهناك أكثر من مليون موظف فيدرالي تأثروا ولم يحصلوا على الرواتب الخاصة بهم خلال فترة الإغلاق، بينما البعض الآخر حصل على إجازات ولم يتم إبلاغهم بأي شيء يتعلق بوظائفهم.

 

وذكر موقع "ذا كونفيرزيشن" الأمريكي أنّ الموظفين الذين يُعدون "أساسيين" أو "معفيين" - مثل موظفو الأمن الذين يقومون بفحص الركاب في المطارات أو يقومون بدوريات على الحدود - يُتطلب منهم الاستمرار في العمل بوظائفهم، برغم أنهم لم يحصلوا على رواتبهم.

 

وأضاف الموقع - في تقرير - أنّه كلما كان الغلق الجزئي للحكومة أطول، كلما كان التأثير شديدًا، فالأسر من الممكن أن تستنزف مدخراتها أو حتى تتجاوز حدود بطاقاتها الائتمانية، مع اشتداد الأزمة يومًا تلو الآخر، مشيرًا إلى أنّه إذا ما رفض الكونجرس منح أموال للعمال الذين تم تسريحهم، واستمر الغلق لأسابيع بدلًا من أيام، سيكون التأثير الاقتصادي شديدًا.

 

ونتيجة عدم التوافق بين الكونجرس والبيت الأبيض حول الموازنة الجديدة، اضطرت مؤسسات الحكومة ا لفيدرالية إلى الإغلاق، وتبقى المؤسسات الفيدرالية مغلقة إلى حين دخول الموازنة الجديدة حيز التنفيذ، وخلال هذه الفترة يضطر ملايين الأمريكيين للعمل مجانًا أو أخذ إجازات إجبارية.

 

وفي خضم هذه الأزمة المعقدة، ألقى عدد كبير من الشعب الأمريكي باللوم على ترامب على خلفية أزمة إغلاق الحكومة الجزئي.

 

وطبقا لاستطلاع رأي أبرزته مؤسسة "إيبسوس"، فقد ألقى 47% من الأمريكيين باللوم على ترامب بسبب إغلاق الحكومة، مقابل 33% رأوا أنّ الديمقراطيين هم السبب، بينما 7% فقط أرجعوها إلى الجمهوريين.

 

ومع دخول إغلاق الحكومة يومه الـ17، اقترح ويليام جيل، زميل معهد بروكنجز المتخصص في الدراسات الاقتصادية، آلية تمنع الإغلاق المستقبلي للحكومة الأمريكية.

 

وتقوم الآلية المقترحة على أن يتفق الكونجرس والرئيس على قاعدة، أساسها أنه في حالة عدم التمكن من تمرير فواتير الإنفاق المطلوبة في الوقت المحدد، يكون هناك "قرار استمرار"، يسمح باستمرار عمل الحكومة بنفس فواتير الإنفاق السابقة، مع تعديلها بحيث تأخذ في الحسبان معدلات التضخم.

 

وهذا الاقتراح - بحسب "جيل" - لن يؤدي إلى القضاء على الجمود في القضايا الأخرى، لكنه سيزيح عائقًا محتملًا من الطريق، وسيساعد المشرعين على تحمل مسؤوليتهم الأساسية حتى في أشد أوقات النزاع الحزبي للحفاظ على استمرار الحكومة مفتوحة وضمان أدائها لوظائفها.

 

وعلى مدى تاريخها، أغلقت الحكومة الأمريكية أبوابها 21 مرة، كان أطولها في أعوام 1995- 1996 و2013، بالإضافة إلى الإغلاق الحالي، إلا أن أطول إغلاق لم يستمر أكثر من 21 يومًا.

 

وفي إغلاق 2013، قدر الاقتصاديون ما تسبب به الإغلاق من انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، بما لا يقل عن 24 مليار دولار، بينما الخلاف الحالي مع الرئيس الأمريكي لا يتجاوز 3.7 مليارات دولار، حيث يطلب ترامب 5 مليارات دولار، بينما يعرض النواب 1.3 مليار فقط.

 

ويرى جيل أن استمرار الانقسام السياسي يؤدي إلى زيادة تكلفة الإغلاق الحالي للحكومة يومًا بعد يوم، موضحًا أنّه مع تكرار الفشل في الاتفاق على فواتير الإنفاق في الموعد اللازم، تقل الثقة في قدرة الحكومة الفيدرالية على أداء المهام الموكلة إليها، وتزداد صعوبة تنفيذ البرامج الحكومية.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى