«الإيغور» في الصين.. «أقلية مسلمة» تذبح في صمت

[real_title]  

 لازالت أقلية "الإيغور" المسلمة تعاني ويلات القمع والاضطهاد من قبل الحكومة الصينية رغم التحذيرات الأممية، والتي كشفت مؤخرا بشاعة ما تتعرض له تلك الأقلية في إقليم "شينغيانغ" منذ نحو سبعين عاما..

 

"الإيغور هم أصحاب "المحنة المنسية"، رغم حقهم كباقي البشر في العيش بأمان بلا قمع أو اضطهاد، فهم أصحاب قضية شأنهم شأن كثير من القضايا التي يهيمن فيها الطرف الأقوى ويفرض فيها قوته على الطرف الأضعف.

 

وفي السنوات الأخيرة، ازداد القمع الصيني بحسب مراقبين، ضد أقلية الإيغور المسلمة، فأصبحوا بلا حقوق، تكال لهم الاتهامات يوما تلو الآخر.

 

وتتعرض تلك الأقلية لتضييق كبير من الحكومة الصينية بين الحين والآخر، آخرها قبل أشهر حين قامت السلطات الصينية بسحب جميع المصاحف وسجاجيد الصلاة وغيرها من المتعلقات الدينية من أيدي تلك الأقلية.

القمع الصيني أيضا ازداد مع استمرار احتجاز أكثر من مليوني فرد من تلك الأقلية المسلمة، وهو ما ذكرته منظمات حقوقية دولية.

 

ودعت المنظمة الحكومات إلى "اتخاذ إجراءات مشتركة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وإنشاء ائتلاف لجمع وتقييم الأدلة على الانتهاكات في الإقليم، وفرض عقوبات هادفة على أمين الحزب الشيوعي تشن كوانغو وغيره من كبار المسؤولين".

 

تركستان الشرقية

 

والإيغور هم قومية من آسيا الوسطى ناطقة باللغة التركية وتعتنق الإسلام يعيش أغلبها في إقليم شينجيانغ الذي كان يسمى تركستان الشرقية قبل ضمه من قبل الصين.

 

وقبل الاستقرار في تركستان الشرقية بغرب الصين كان الإيغور قبائل متنقلة تعيش في منغوليا، وقد وصلوا إلى هذا الإقليم بعد سيطرتهم على القبائل المغولية وزحفهم نحو الشمال الغربي للصين في القرن الثامن الميلادي.

 

واللغة الأويغورية هي لغة قارلوقية، من الغات الترکية ويستعملون الحروف العربية في كتابتها إلى الآن.

وكان الإيغور يعتنقون عددا من الديانات على غرار البوذية والمسيحية (النصطورية)، والزرادشتية إلى حدود القرن العاشر الميلادي حيث دخلوا في الإسلام و غالبيتهم سنية حنفية، وأقلية شيعية إسماعيلية.

 

وتتمتع شينجيانغ بالحكم الذاتي داخل الصين مثل إقليم التبت في جنوب البلاد.

 

ويعتبر إقليم شينغيانغ (تركستان الشرقية سابقا) أحد الأقاليم الصينية الخمسة التي تتمتع بحكم ذاتي، وبحسب أرقام الحكومة الصينية فإن أكثر من نصف سكان الإقليم هم من المسلمين الذين ينتمون أساسا إلى عرق الإيغور.

 

حكومة بكين

 

وقد قام السكان الإيغور بعدة ثورات في القرن العشرين للاستقلال عن الحكومة المركزية في بكين، أبرزها ثورة 1944 التي نجحوا على إثرها في إعلان دولة تركستان الشرقية المستقلة، لكن سرعان ما ضمتها الصين الشيوعية عام 1949.

 

ومنذ ذلك الحين وهم يتعرضون لحملات قمع متواصلة من حكومة بكين طالت كل مناحي الحياة، وأسفرت عن تغيرات بنيوية شملت الديموغرافيا والثقافة والدين واللغة، وجميع مناحي الحياة.

 

ويتمتع الإقليم بثروات طبيعية هائلة، أهمها الفحم والغاز الطبيعي والنفط الذي يسد حوالي 80% من الاحتياج الصيني، ولا يمكن أيضا إغفال مساحة الإقليم الشاسعة التي تمثل خمس مساحة الصين والتي طالما كانت تشكل هاجسا أمنيا بالنسبة للسلطات الصينية لتقاطع حدودها مع خمس دول مسلمة.

 

وحتى عام 1949 كان الإيغور يمثلون 80% من سكان إقليم تركستان الشرقية، ومارست السلطات الصينية صنوفا مختلفة من القمع والاضطهاد ضد أبناء قومية الإيغور، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف منهم إلى الدول والمناطق المجاورة.

ومهدت هذه الهجرة الطريق أمام الحكومة الصينية لحث الصينيين من قومية الهان على الهجرة إلى الإقليم تحت شعار الانفتاح والتعايش السلمي بين القوميات، وهو ما أدى بشكل تدريجي إلى زيادة في نسبة السكان من قومية الهان الصينية الذين أصبحوا يمثلون اليوم قرابة 42% من سكان الإقليم البالغ عددهم 24 مليونا.

 

وباسم التصدي للإرهاب، تفرض السلطات في الإقليم تدابير أمنية متشددة على السكان، وتنفي أنها ترتكب انتهاكات ممنهجة لحقوق مسلمي الإقليم، قائلة إنها تتخذ فقط إجراءات صارمة ضد "التطرف" و"النزعة الانفصالية" في الإقليم.

 

وكانت صحيفة تابعة للحزب الحاكم أفادت بأن الإقليم قام بتعديل تشريعات من شأنها السماح للسلطات المحلية بتعليم وتعديل سلوك الأشخاص المتأثرين بالتطرف في مراكز التدريب المهني.

 

ويسمح القانون الجديد بإلقاء القبض على المشتبه بهم دون توفير محاكمة قانونية لهم، كما يسمح "بتوفير التربية العقائدية ضد التطرف، والعلاج النفسي وتصحيح السلوكيات".

 

ووفق تقرير إعلامية، فإن السلطات الصينية أغلقت خلال العقدين الماضيين أكثر من ستة آلاف مسجد، وتسريح عشرات الآلاف من الأئمة الإيغور.

 

سياسات عنصرية

 

ولم تقف السياسات العنصرية عند هذا الحد، ففي 28 يونيو 2014 نشرت الإدارة المحلية لإقليم شينغيانغ بيانا على موقعها الإلكتروني حذرت فيه المسلمين الذين يعملون في المؤسسات والدوائر الحكومية من الصوم أو القيام بواجبات دينية مرهقة خلال شهر رمضان، كما طالبت أيضا الطلاب والمدرسين بعدم الصوم، والامتثال إلى القوانين المعمول بها داخل الإقليم.

 

وتبع ذلك قرار أصدرته السلطة المحلية يقضي بمنع النساء المحجبات والرجال الملتحين وكل من يرتدي ملابس تحمل رمز الهلال والنجمة من ركوب الحافلات بحجة تعزيز الأمن والسلم.

 

كما شرعت السلطات القضائية في العاصمة الإدارية أورومتشي في 11 ديسمبر من العام ذاته 2014 قانونا يقضي بحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة على اعتبار أن النقاب الذي يغطي كامل الوجه لا يعد من الملابس التقليدية.

 

بعدها، حذرت السلطات الأمنية عقب صدور القرار كافة شركات الملابس في المدينة وكذلك الخياطين من تصنيع ملابس المحجبات.

 

يذكر أنه قبل أيام، قالت مسؤولة أمريكية كبيرة إن الولايات المتحدة تبحث بتمعن في حملة القمع الصينية ضد أقلية مسلمة في إقليم شينغ يانغ، وذلك في الوقت الذي تدرس فيه واشنطن فرض عقوبات على مسؤولين صينيين كبار وشركات على صلة بانتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان.

 

وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أنها تلقت رسالة من مجموعةٍ من نواب الحزبين الجمهوري والديمقراطي تـَطلب من وزير الخارجية مايك بومبيو فرض عقوبات على عدد من المسؤولين الصينيين المتهمين بالإشراف على تلك السياسات في شينغ يانغ

 

وقالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي مانيشا سينغ، خلال جلسة بالكونغرس، “نبحث الوضع و(قانون) جلوبال ماجنيتسكي هو أحد الأدوات التي نستخدمها للحد من انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم”. وكانت سينغ ترد على سؤال بشأن إمكانية فرض عقوبات على الصين بسبب معاملتها لأبناء عرقية الإيغور وغيرهم من الأقليات المسلمة.

 

ويسمح قانون (جلوبال ماجنيتسكي) لواشنطن بفرض حظر على تأشيرات الدخول وعقوبات على أفراد في أي مكان بالعالم مسؤولين عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان أو أعمال فساد كبرى.

 

ومن بين هؤلاء تشين قوانغو، وهو رئيس الحزب الشيوعي في شينجيانغ وأيضا عضو في المكتب السياسي للحزب. وسيكون أي قرار بشأن فرض عقوبات خطوة نادرة فيما يتعلق بحقوق الإنسان من جانب إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد بكين، التي تخوض معها حربا تجارية، بينما تسعى للحصول على مساعدتها لحل أزمة أسلحة كوريا الشمالية النووية.

 

سيكون أي قرار بشأن فرض عقوبات، خطوة نادرة فيما يتعلق بحقوق الإنسان من جانب إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد بكين، التي تخوض معها حربا تجارية. وسيكون اتخاذ إجراء ضد مسؤول كبير بحجم تشين أمراً غير مسبوق وسيغضب بكين بشدة.

وعبرت وزارة الخارجية الأمريكية قبل أيام، عن قلقها العميق إزاء "حملة القمع التي تزداد سوءاً" ضد المسلمين في شينجيانغ، بينما قالت مصادر في الكونجرس إن المناقشات حول عقوبات محتملة اكتسبت زخما داخل أروقة الحكومة الأمريكية لكن لا يبدو أن هناك خطوة وشيكة.

 

وتشمل المناقشات أيضا عقوبات يسعى نواب لفرضها على عدة شركات صينية تشارك في بناء معسكرات احتجاز وإنشاء أنظمة مراقبة تستخدم لتعقب ومراقبة الإيغور.

 

في حين، تقول الصين إن إقليم شينجيانغ يواجه تهديدا خطيرا من المتشددين الإسلاميين والانفصاليين الذين يخططون لشن هجمات وإشعال التوتر بين أقلية الإيغور المسلمة التي تشكل غالبية سكان الإقليم وجماعة الهان العرقية التي ينتمي لها معظم سكان الصين.

 

وقالت بكين، إن "اتخاذ مثل هذه الإجراءات لمنع ومكافحة الإرهاب والتطرف قد ساهم حقا في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي في شينغيانغ ووفر الحماية لسبل العيش الخاصة بأبناء كل المجموعات العرقية".

 

انتهاكات جماعية

 

تجدر الإشارة إلى أن، منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، اتهمت قبل شهر، الحكومة الصينية بإطلاق "حملة انتهاك جماعية وممنهجة لحقوق الإنسان" ضد المسلمين الأويغور بإقليم تركستان الشرقية (شينغيانغ) ذاتي الحكم، شمال غربي البلاد.

 

وقالت المنظمة، في تقرير: إن لديها "أدلة جديدة على الاعتقال التعسفي الجماعي (ضد الأويغور) على يد الحكومة الصينية، والتعذيب وسوء المعاملة والقيود المتزايدة على الحياة اليومية في جميع أنحاء المنطقة".

 

وأوضحت أن "المسلمين الترك، البالغ عددهم 13 مليون نسمة، في الإقليم يخضعون للتلقين السياسي القسري، والعقاب الجماعي، والقيود المفروضة على الحركة والاتصالات، والقيود الدينية المتزايدة، والمراقبة الجماعية".

 

ولفتت إلى أن "الصين لا تتوقع تكلفة سياسية كبيرة لانتهاكاتها"، مرجعة ذلك إلى "نفوذها داخل منظومة الأمم المتحدة، في مواجهة الأدلة الدامغة على الانتهاكات الجسيمة في الإقليم".

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى