أمريكا والنووي السعودي.. «أنا وأخويا على ابن عمي»

أمريكا والنووي السعودي.. «أنا وأخويا على ابن عمي»
أمريكا والنووي السعودي.. «أنا وأخويا على ابن عمي»

[real_title] "أنا وأخويا على ابن عمي، أنا وابن عمي على الغريب".. هذا المثل الدراج بين الشعوب العربية ربما تحمل رايته الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة.

 

الحديث عن مساعي السعودية لاقتناء السلاح النووي، وموقف الولايات المتحدة من ذلك الملف، ففي الوقت الذي تجمع واشنطن والرياض علاقة دافئة من التقارب السياسي والعسكري ودعوات التطبيع مع الاحتلال التي غزت الداخل السعودي من قِبل كتاب وإعلاميين بل وحتى مسؤولين كبار، بمن فيهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فإنّ هذا الحلف بات مهدّدًا بشكل كبير جرّاء الخوف على المصالح الأمريكية في المنطقة.

 

صحيفة "هآرتس" العبرية قالت إنّ مشرّعين في الكونجرس الأمريكي قدّموا مشروع قانون يدعو البيت الأبيض للكشف عن كيفية تأثير بيع الولايات المتحدة الأمريكية لمفاعلات نووية للسعودية على المصالح الأمنية للحلفاء الإقليميين مثل "إسرائيل".

 

وأوضحت الصحيفة أنّ المشرّعين يطالبون إدارة الرئيس دونالد ترامب، بتقديم تقرير مفصّل إلى الكونجرس حول طموحات السعودية، محذّرين من أنّ سعي المملكة لامتلاك قدرات نووية قد يؤدّي إلى سباق تسلّح في الشرق الأوسط.

 

وقدّم براد شنايدر ومارك ميدوز، الأعضاء في لجنة الشوؤن الخارجية بمجلس النواب، مشروع القانون الموقّع من قبل الحزبين، وإذا مُرّر فسيجبر مجلس الأمن القومي الرئيس ترامب على تقديم تقارير للكونجرس في غضون 180 يومًا لتقييم مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة والحلفاء الإقليميين، ومنهم "إسرائيل".

 

وكانت السعودية قد أعلنت رغبتها في بناء 16 مفاعلًا نوويًا خلال السنوات القليلة المقبلة لتوفير احتياجات الطاقة المتزايدة، ورغم أنّ السعوديين قدّموا المشروع على أنّه مشروع مدنيّ، إلا أنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قال في مقابلة في مارس الماضي، إنّه إذا حصلت إيران على أسلحة نووية فإنّ بلاده ستحصل عليها أيضًا.

 

وسبق لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، أنّ طلب من إدارة الرئيس الأمريكي عدم بيع مفاعلات نووية للسعودية.

 

ورفض ترامب تقديم مثل هذا الالتزام، وقال إنّه إذا لم تَبِع الولايات المتحدة مفاعلات نووية للسعودية فإنّ الرياض سوف تشتريها من الصين، التي تتفاوض حاليًّا من أجل بيع مفاعلات للرياض.

 

وتنقل "هآرتس" عن شنايدر قوله إنّه يخشى أن يكون هناك نهج رافض داخل إدارة ترامب، للحديث عن المخاوف التي يمكن خلقها لحلفائهم الإقليميين بسبب هذه الصفقة، وأضاف: "لقد قدّمنا التشريع لأن هذه القضية تستحقّ المزيد من الاهتمام بها".

 

وتابع: "ينبغي النظر للتشريع باعتباره خطوة سلبية تجاه السعودية، التي تعتبر حليفًا للولايات المتحدة في الصراع الإقليمي للنفوذ ضد إيران، وكنّا بحاجة للفصل بين هذين الأمرين؛ مكافحة العدوان الإقليمي الإيراني أمر مهمّ، والسعودية أحد حلفائنا الذين نعمل معهم.. نحن بحاجة إلى إخراج إيران من سوريا ووقف خططها لإقامة طريق بري حتى البحر المتوسط، لكننا في الوقت نفسه يجب أن ندرك أيضاً مخاطر سباق التسلّح النووي".

 

وأوضح شنايدر: "سيكون حريًّا بالكونجرس أن يدرس الآثار المترتّبة على بيع مفاعل نووي للسعودية، القريبة من أقرب حليف لنا في الشرق الأوسط (إسرائيل)".

 

وتوقّع أن يحصل مشروع القانون على موافقة مختلف الأعضاء، حتى لو سعت إدارة ترامب للعمل ضد هذا المشروع، فإن هناك دعمًا قويًّا لدى الحزبيين لأمن تل أبيب، كما أنّ هناك إدراكًا أنّ هذا يمكن أن يشكّل تهديداً إقليميًّا لمصالحهم ومصالح  إسرائيل.

 

السعودية لا تملك برنامج أسلحة نووية، لكنّ كثيرًا من السياسيين وعسكريين أكّدوا أنّ الرياض تملك أسلحة نووية صينية وتمول برنامج أسلحة نووية في باكستان، وتحاول أن تبني برنامجًا نوويًّا على اراضيها..

 

وفيما تبدو التحركات السعودية لامتلاك سلاح نووي بطيئة الخطوات، وغير معلنة في كثيرٍ من التفاصيل، فإنّها في الوقت نفسه تبدو مفهومةً في أسبابها بشكل واضح، وهذا يتعلق بالملف النووي الإيراني.

 

دليلًا على ذلك، كان رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل قد أكّد أنّه اذا امتلكت إيران أسلحة نووية فإن السعودية سوف تمتلك أسلحة نووية هي الأخرى..

 

وفي 2003، تحدثت مصادر عن أنّ السعودية تملك ثلاثة خيارات حول الأسلحة النووية، الأول أن تتحالف مع دولة تملك أسلحة نووية لكي تحميها، والثاني أن تتخلص من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، والثالث أن تمتلك برنامجًا نوويًّا خاصًا بها.

 

والسعودية هي الدول العربية الوحيدة التي تملك قوة خاصة للصواريخ في جيشها يعرف باسم قوة الصواريخ الاستراتيجية الملكية السعودية. 

 

وفي السابق، كانت المملكة ضد الأسلحة النووية في الشرق الأوسط بعد أن وقّعت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية،والسعودية من الدول المؤيدة لمنطقة خالية من الأسلحة النووية في المنطقة.

 

وخلال الأشهر الماضية، تزايد الحرص السعودي على امتلاك سلاح نووي، بالنظر إلى التهديدات التي تحيط بالمملكة، سواء فيما يتعلق بالخلافات الحادة مع إيران، وكذا الأزمة العاصفة في اليمن التي لم تحسم السعودية عسكريًّا رغم مرور ثلاثة أعوام على تدخلها على رأس التحالف العربي، بالإضافة إلى الأزمة مع قطر والتي ردّت على حصارها من قبل دول السعودية ومصر والإمارات والبحرين بتقوية ما بات يُوصف بـ"الحلف" مع قطر وإيران وتركيا.

 

وكانت السعودية قد أعلنت في يناير الماضي، عن خطة لبناء مفاعلين نوويين، يمكن أن ينتجا 3,2 جيجا وات من الطاقة الكهربائية، ومن المقرر أن يبدأ العمل فيهما خلال عامين، وتسعى للحصول على تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم اللازم لتشغيلهما.

 

وفي فبراير الماضي، قالت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، في تقرير لها: "السعودية لا تملك البنية التحتية لتخصيب اليورانيوم، لذلك ستكون بحاجة للحصول على الوقود النووي من طرف آخر لشتغيل مفاعلاتها النووية"، مشيرة إلى أن ثلاث دول يمكن أن تمدها بتكنولوجيا تخصيب اليورانيوم.

 

لكن السعودية - بحسب المجلة - تُخطّط للتنقيب على اليورانيوم الخاص بها وتسعى للحصول على تكنولوجيا تخصيبه من إحدى الدول النووية التي يمكن أن تسمح بتحويل تلك التكنولوجيا إلى الرياض.

 

وذكرت "ناشيونال إنترست" أنّ التعاون بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية يطرح النقاش حول ما إذا كانت واشنطن ستصر على معاييرها الخاصة بمنع انتشار تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم أم أنها ستسمح بحصول السعودية على تلك التكنولوجيا ضمن اتفاق معها.

 

وإذا كانت السعودية تسعى للحصول على تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم، سيكون عليها الحصول على مساعدة إحدى الدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية، وفقًا للمجلة الأمريكية، التي أشارت إلى أن جميع تلك الدول تنتمي إلى مجموعة "موردي الطاقة النووية"، التي تتحكم في إمدادات الوقود النووي حول العالم.

 

ولفتت المجلة إلى أنّ بعض المراقبين يرون إمكانية أن تحصل السعودية على تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم من دول أخرى مثل إسرائيل أو الهند أو باكستان، لكنها أشارت إلى أن هذا الأمر مرهون بإرادة صانعي القرار في تلك الدول.

 

محطات النووي

بحسب مؤرخين سياسيين، فإنّ الاهتمام السعودي في مجال التكنولوجيا النووية بدأ في سبعينات القرن الماضي، وتحديدًا بعد عقد رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق "ذو الفقار علي بوتو" اجتماعًا مع الفيزيائيين الباكستانيين قبل ذهابهم إلى "جامعة الملك فهد للبترول والمعادن"، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن السعودية كانت تُعتبر منذ ذلك الوقت الممول الرئيسي لمشروع القنبلة الذرية الباكستانية الذي أسسه بوتو عام 1974.

 

وفي عام 1980، زار الجنرال الباكستاني ضياء الحق السعودية حيث قال بشكل غير رسمي للملك فهد بن عبد العزيز: "إنجازاتنا هي لك". 

 

وفي عام 1993، أبلغ رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف السعودية بشكل سرّي قبل البدء في اختبار الأسلحة النووية في إقليم بلوشستان الباكستاني. 

 

وفي يونيو 1998 قام نواز شريف بزيارة الرياض وشكر ​حكومتها علناً لدعم بلاده في الإختبارات النووية. وتقدر الإستخبارات الغربية أن السعودية قدّمت 7 مليارات دولار لبرنامج باكستان النووي على أقل تقدير.

 

بعد فترة وجيزة، ذهب وزير الدفاع السعودي السابق سلطان بن عبد العزيز مع نواز شريف في جولة لمختبرات الأبحاث النووية في "كاهوتا" خارج إسلام آباد، حيث اجتمعا مع البروفسور الباكستاني النووي الشهير "عبد القدير خان" وتناقشوا حول الفيزياء النووية والمشاكل الحساسة في الصواريخ النووية، وفي نوفمبر 1999 قام عبدالقدير خان الملقب بـ"أبو القنبلة النووية" بزيارة إلى السعودية.

 

ومنذ عام 1998، اعتقد الدبلوماسيون الغربيون ووكالات الاستخبارات أنّ باكستان ستبيع السعودية الرؤوس الحربية النووية والتكنولوجيا النووية رغم نفي كلا البلدين وجود مثل هذا الاتفاق.

 

وفي عام 2003، ذكر موقع الأمن العالمي أنّ باكستان قد دخلت في إتفاق سرّي مع السعودية بشأن التعاون النووي حيث تُقدم إسلام آباد الأسلحة النووية للرياض في مقابل الحصول على النفط الرخيص.

 

وفي مارس 2006، ذكرت مجلة ألمانية أنّ السعودية تلقّت صواريخ نووية ورؤوسًا حربية من باكستان، حيث عرضت المجلة صورًا للأقمار الصناعية تكشف عن مستودعات تحت الأرض في مدينة السليل جنوبي الرياض تحتوي على صواريخ نووية.

 

لم يقتصر التعاون على باكستان، ففي عام 1994 طلب الدبلوماسي السعودي محمد الخليوي من أمريكا اللجوء السياسي وأحضر معه مستندات تثبت دعم السعودية لبرنامج العراق النووي أثناء نظام صدام حسين في العراق، ثم نقل بعض الأسلحة النووية إلى السعودية.

 

لم يتم تأكيد مزاعم الخليوي من قبل أي مصدر آخر، وقد ذكر مسؤولون أمريكيون أنّ ليس لديهم أي دليل على مساعدة السعودية لبرنامج العراق النووي ، ونفى مسؤولون سعوديون مزاعم محمد الخليوي.

 

وفي عام 1990، اشترت السعودية من الصين 60 صاروخًا بالستيًّا متوسطة المدى قادر على حمل روؤس نووية، وتحدثت تكهنات بأنّ التعاون العسكري الاستراتيجي بين الصين والسعودية قد استمر في النمو.

 

ويعتقد خبراء أنّ الصين قد ترسل أكثر من ألف من مستشاريها العسكريين إلى منشآت صواريخ سعودية، وتشير تقارير صحفية إلى أنّ الصين قدمت للمملكة العربية السعودية عرضًا لشراء أنظمة صواريخ حديثة. 

 

وفي يناير 2012، وقّع الرئيس الصينى ون جيا باو اتفاق التعاون المشترك في مجال الطاقة النووية مع الملك عبد الله، وكان الهدف من ذلك تعزيز التعاون بين البلدين في مجال تطوير واستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية والاتفاق يمهد الطريق لتعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي والاقتصادي بين جمهورية الصين الشعبية و المملكة العربية السعودية مع التركيز على مجالات مثل صيانة وتطوير محطات الطاقة النووية ومفاعلات الأبحاث وكذلك مكونات الوقود النووي.

 

وفي 2015، وقّعت السعودية وكوريا الجنوبية في الرياض اتفاقية لبناء مفاعلين نوويين بلغت قيمتها ملياري دولار، ومدتها 20 سنة، وشمل الاتفاق أيضًا التعاون في الأبحاث والتطوير والبناء والتدريب.

 

اتفاق الشراكة جاء بعد جهود قادتها مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والطاقة المتجددة واستمرت أكثر من أربع سنوات حيث كانت البداية في العام 2011 عندما وقعت اتفاقية مشتركة بين البلدين في مجال تطوير وتطبيق الطاقة النووية، ثم التوقيع في العام 2013 على مذكرة تفاهم مع معهد الأبحاث الكوري للطاقة الذرية، للتعاون في المجالات البحثية وما يتطلب للسعودية من بنية تحتية للمفاعلات البحثية إلى أن جاءت اتفاقية 3 مارس 2015 لتكون تتويجًا ونجاحًا لهذه الجهود.

 

ووفقًا لهاشم يماني رئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة فإنّ السعودية سوف تمتلك 16 مفاعلًا نوويًّا قبل بحلول 2030.

 

وفي عام 2015، قام الأمير محمد بن سلمان وقت أن كان وليًّا لولي العهد بزيارة لروسيا، والتقى هناك الرئيس فلاديمير بوتين، وقد تمّ الاتفاق على بناء 16 مفاعلًا نوويًّا للأغراض السلمية، وتلعب روسيا الدور الأبرز في تشغيل تلك المفاعلات.

 

برنامج السعودية النووي كان قد أثار المخاوف في 2008، حين وقّعت المملكة مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة لبناء برنامج نووي مدني في السعودية ويكون جزءًا من برنامج "الذرة من أجل السلام"، وكان الباعث الرئيسي للقلق أنّ إيران بدأت برنامجها النووي كجزء من برنامج "الذرة من أجل السلام" ثم تحول البرنامج إلى تخصيب اليورانيوم.

 

كما شهدت السنوات العشر الأخيرة العديد من التطورات بشأن هذا الملف، ففي عام 2011، أعلن الأمير تركي الفيصل الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات السعودية وسفير المملكة في الولايات المتحدة أنّ بلاده قد تنتج أسلحة نووية إذا وجدت نفسها محاطة بين نووي إيران ونووي إسرائيل.

 

وفي عام 2012، تم التأكيد على أنّ السعودية ستطلق برنامجها للاسلحة النووية الخاصة فورًا إذا طورت إيران بنجاح الأسلحة النووية، لكن شائعات تحدثت عن أنّ البرنامج النووي لإيران لا يقارن مع برنامج النووي السعودي وذلك نظرًا لأنّ إيران بدأت ببرنامجها النووي منذ الستينات بينما السعودية بدأت برنامجها النووي خلال فترة وجيزة.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى