[real_title] عندما يتبادل مسؤولان مهمان الابتسامات، فذلك لا يعني لقاء عابر جمع صديقين فرّقتهما الأيام، لكنّ ذلك يعكس ما بين الدولتين من علاقات. هذا ما قُرأ من مصافحة حارة، جمعت في لقطة نادرة وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، ووزير خارجية النظام السوري وليد المعلم. قناة "العربية" السعودية بثّت مقطعًا مصورًا لتلك اللحظة النادرة التي جمعت الوزيرين، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. طغى على اللقاء العابر مصافحة حارة وابتسامات متبادلة، علمًا أنّه الأول منذ العام 2011 عندما قطعت البحرين ودول خليجية أخرى علاقاتها مع النظام السوري. ونقلت "العربية" عن مصدر - لم تسمه - أنّ اللقاء يأتي ضمن جهود إعادة الدور العربي إلى الملف السوري. http://www.youtube.com/embed/A6KMRLydTa0 تعكس تلك الابتسامة ما يمكن قراءته بأنّه إعلان رسمي من مملكة البحرين بتأييدها بقاء نظام بشار الأسد في سوريا، وهو موقف ينضم لأخرى مشابهة كشفت تغيرًا في المواقف الخليجية تجاه الأزمة السورية. العلاقات بين دول الخليج - عدا عمان - والنظام السوري مقطوعة منذ العام 2011، بسبب قمعه الدموي للتظاهرات السلمية المناوئة لحكمه آنذاك. في أبريل الماضي، خرج تصريح داعم لنظام الأسد هو الأول منذ العام 2011، عندما أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان دعمه لأن يكون النظام برئاسة الأسد "قوياً"، شريطة تخليه عن تحالفه مع إيران. يُضاف إلى ذلك موقف سعودي آخر، في نهاية العام الماضي، تعلق برسالة جديدة من المملكة صدرت إلى المعارضة السورية، عنوانها إعداد صياغة جديدة بشأن مستقبل الأسد. وطالما أنَّ موقف المعارضة يدعو إلى الإطاحة بالأسد بسبب "الجرائم في حق الشعب"، فإنَّ التوجه الجديد يعني – افتراضًا – أن تتخلى المعارضة عن المطالبة برحيله. وكالة "أسوشييتد برس" نقلت عن مسؤول سعودي قوله - آنذاك - إنَّ وزير خارجية المملكة عادل الجبير أبلغ المعارضة أنَّه حان الوقت لصوغ "رؤية جديدة". أعاد هذا الموقف، الأذهان إلى رسالة سرَّبها موقع قناة "الجسر" الفضائية المقربة من المعارضة، وذلك خلال زيارة أجراها الجبير إلى مقر الهيئة العليا للمفاوضات في العاصمة السعودية الرياض في أغسطس من العام الماضي. حسب موقع القناة، فإنَّ الجبير استبعد خروج الأسد من السلطة في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أنَّ الوقائع تؤكِّد أنه لم يعد ممكنًا خروجُه في بداية المرحلة الانتقالية، وأنَّه يجب بحث مدة بقائه في المرحلة الانتقالية وصلاحياته في تلك المرحلة. دولة خليجية أخرى طبّعت فيما يبدو من علاقاتها مع نظام الأسد، انقلابًا على ثورة 2011. في نهاية يوليو الماضي، تم الكشف عن أنّ دولة الإمارات في طريقها لاستكمال إجراءات إعادة فتح سفارتها في دمشق، وفق مصادر دبلوماسية. المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، قالت لموقع "عربي 21"، إنّ رئيس الاستخبارات الإماراتي علي محمد الشامسي التقى في دمشق، مدير مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك، لمناقشة إعادة العلاقة الدبلوماسية بين الطرفين. وأكّدت المصادر أنّ أبو ظبي تجري حاليًّا أعمال الصيانة في مبنى سفارتها في دمشق، تمهيدًا لإعادة افتتاحها. وكانت السفارة الإماراتية في دمشق، قد تعرّضت لهجوم في نوفمبر 2011، وحينها حمّلت أبو ظبي، النظام السوري مسؤولية الحفاظ على أمن السفارة والبعثة الدبلوماسية. وقبل نحو ثلاث سنوات، وتحديدًا في يوليو 2015، ذكرت تقارير أنّ أبو ظبي أرسلت وفدًا بالتنسيق مع النظام السوري، لتفقد أحوال مبنى السفارة في دمشق، لكنّ وزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، نفى في أغسطس 2016، أي توجه لبلاده لإعادة فتح سفارتها في دمشق. وفي خضم الحرب الأهلية السورية في سوريا التي لا تزال مستمرة، قال وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، في 25 سبتمبر 2013، إنّ بلاده ستواصل دعم السوريين وتطلعاتهم المشروعة لاستعادة الأمن والاستقرار في البلاد. ومع ذلك، كان المعلن خلال السنوات الماضية أنّ الإمارات العربية المتحدة لا تدعم بنشاط حكومة بشار الأسد. وفي 13 يناير 2014، قال نائب الرئيس ورئيس الوزراء وأمير دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إنّه لا يمكن أن يكون هناك حل طويل الأجل لإنهاء الحرب مع الأسد في السلطة، وتوقع بأنّ الرئيس السوري سيفقد السلطة في نهاية المطاف. على الرغم من أنّ الإمارات تتحدث بين حين وآخر عن دعم خطابي ودبلوماسي للمعارضة السورية، إلا أنها متهمة بالحفاظ على علاقاتها مع النظام، وقبل سنوات كان يمكن وصف موقفها من الصراع السوري بأنّه "أقل عدوانية" من السعودية أو قطر، ولكن بخلاف مصر في دعم الأسد بشكل غير مباشر. بيد أنّ الحديث عن إعادة فتح السفارة الإماراتية في سوريا تمهيدًا لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، يؤشر إلى مرحلة جديدة في سياق الرؤية الإماراتية للأزمة في سوريا، تعتبر قريبة بشكل كبير من رؤية المملكة العربية السعودية. ولعل قاسمًا مشتركًا يبدو واضحًا في هذه القضايا، وهو التحالف بين السعوية والإمارات والبحرين، لا سيّما في حرب اليمن وكذا حصار قطر، وهو ما يجعل مواقفهم متشابهة إلى حد كبير. وفيما يتعلق بالأزمة السورية، ورغم أنّ ذلك غير معلن، لكن يبدو أنّ الدول الثلاث تفضّل بقاء الأسد في الحكم رئيسًا لسوريا، ضمن إعادة تشكيل المنطقة، لا سيّما بالنظر إلى الموقف القطري من دعم المعارضة السورية المسلحة، التي تُوصف لدى جهات إعلامية سعودية وإماراتية بأنّها إرهابية. تعليقًا على كل ذلك، يقول المعارض السوري تيسير النجار إنّ "الثورة لا تتقاطع مع أي دولة في العالم إلا مع الدول الديمقراطية، أو التي تعلن أنّها ديمقراطية ويجب أن تتبع هذا الاتجاه". ويضيف في حديثٍ لـ"مصر العربية"، أنّ "دعم هذا الاتجاه يكون من خلال الإعلام وعبر السبل الدبلوماسية ومؤسسات المجتمع الدولي، وعلى الأرض يكون عبر الصليب الأحمر والهلال الأحمر". ويتابع: "نحن لا نريد شيئًا من أحد على الإطلاق.. نحن على مدى 65 سنة أو أكثر كنا ندفع لكل دول العالم مساعدات عبر الصليب الأحمر، وجاء الوقت الذي عندما نكون في حاجة تكون لنا حصة، وهذا حق وليس منة من المجتمع الدولي". ويشير إلى أنّ دولًا مثل السعودية تحديدًا، تخشى أن يُقال إنّها تدعم الإرهاب، بينما الإرهاب الحقيقي هو قتل الشعب السوري. ويذكر النجار: "النظام السوري وروسيا وإيران هم الإرهاب نفسه، وليس الطرف الآخر هو الإرهاب، وهو ما يجعل دول كثيرة بينها السعودية من دعم المعارضة بشكل كبير وذلك خشية اتهامها بدعم الإرهاب كما يزعمون". سعوديًّا، يرى المعارض السوري: "الرياض تريد للأسد أن يسقط لكن لا تريد للثورة أن تنجح.. وفي المحصلة يمكن النظر إلى تقاطع بين الثورة والسعودية في أنّ كلاهما ضد إيران وضد الأسد، لكون إسقاط النظام يعتبر بمثابة كسر لشوكة طهران".