«من خبير نفط إلى بائع فحم».. الحرب تهدم اليمن أرضًا وعلمًا

«من خبير نفط إلى بائع فحم».. الحرب تهدم اليمن أرضًا وعلمًا
«من خبير نفط إلى بائع فحم».. الحرب تهدم اليمن أرضًا وعلمًا

[real_title] " 7  ملايين شخص على حافة المجاعة.. طفلٌ يموت كل عشر دقائق من المرض.. مليون مريض بالكوليرا".. أعداء اجتمعوا على الفتك باليمنيين، يضاف إليهم بارودٌ يهطل عليهم من السماء، وينفجر من تحت أقدامهم.

 

لا تتوقف معاناة اليمنيين عند مرضى وقتلى ومهجرين، بل قامات رفيعة في وطن مزقتهم الحرب كما فعل ببلدهم.

 

"ناصر الجرادي"، خمسيني يمني، كان يعمل كـ"كبير مهندسي قطاع النفط" في القطاع 32 بالشركة النرويجية لإنتاج النفط بحقول المسيلة بمدينة حضر موت جنوبي شرق اليمن.

 

لكن تسريح "ناصر" وحرمانه من رواتبه دفع به إلى مجال آخر؛ حيث يعمل في مجال بيع الفحم في سوق الكدر بكريتر جنوب مدينة عدن.

 

وقد سرحت الشركة النرويجية لإنتاج النفط 198 موظفًا وعاملًا، الأمر الذي أجبر البعض منهم على بيع الغاز المنزلي في شوارع مدينة عدن، والقيام بأعمال أخرى كسائقين سيارات أجرة، والبيع في بسطات بحسب الجرادي وموظفين آخرين، مؤكدين أنّ الدولة أنفقت ملايين الدولارات على هذا الكادر من خلال تأهيلهم في عدد من دول العالم كخبراء محليين أكثر كفاءة من الكادر الأجنبي، مستغربين صمت الحكومة حيال الظلم الذي وقع بهم، من هذه الشركة التي كانت تعمل في قطاع يرفد خزينة الدولة بأكثر من 70% من الإيرادات.

 

الجرادي الذي يعول أسرة مكونة من 9 أفراد، قضى عشر سنوات في العمل بالشركة النرويجية لإنتاج النفط وفق المشهد اليمني، عاش خلالها ميسور الحال، وما جمعه في تلك الفترة من أموال لا تكفي لسداد ديوانه لأحد البنوك والمقدرة بـ 3469 دولارًا، رغم بيع سيارته وأرضية اشتراها في وقت سابق لتكون مساحة لمنزله المستقبلي، فلم تكن.

 

ويعجز الجرادي شهريًّا عن دفع إيجار المنزل، الأمر الذي راكم عليه الديون لصاحب العقار، وبات مهددًا بالطرد في أي لحظة، لأن ما يكسبه من بيع الفحم لا يكفي المتطلبات الأساسية التي تبقيه وأسرته على قيد الحياة بحسب قوله، مضيفًا: "أشعر بالألم عندما أقف عاجزًا عن توفير أدنى متطلبات الحياة لأسرتي، فاضطررت إلى تحويل أبنائي من مدارس أهلية إلى أخرى حكومية لتجنب الإنفاق بسبب تردّي الدخل الذي أفرزته تبعات تسريحنا من الشركة النرويجية".

 

فاقم من معاناة "الجرادي" اليومية مرضه بالقلب، بعد أن خضع لعملية قسطرة، وعجز معها عن شراء الأدوية المطلوبة كما يقول، موضحًا أنّ أكثر ما يوجعه هو عجزه عن توفير ما يحتاجه أبناؤه الثمانية.

 

ومع اندلاع الحرب بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي في مارس 2015، أوقفت الكثير من الشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط إنتاجها من النفط الخام بحقول المسيلة في حضرموت، وغادرت اليمن ومنها الشركة النرويجية لإنتاج النفط التي أشعرت الموظفين في إبريل من العام ذاته بقرار الفصل بدون سابق إنذار وبدون الرجوع إلى وزارة النفط والمعادن اليمنية، التي لها القرار السيادي بهذا الخصو، كونها شريكًا رئيسيًا للشركة الأجنبية، والعمالة يمنية 100%، وفقًا لمهندسين شملهم الفصل.

 

ويتمنى "الجرادي" العودة إلى عمله السابق وترك تجارة الفحم، قائلًا: "القانون إلى جانبنا في العودة لعملنا، كوننا عماله محلية والدولة بأمس الحاجة لمثل هذه الكوادر". 

 

ويعتب على الحكومة اليمنية في عدم التعاطي مع قضيتهم، رغم أن وزير النفط وعد النقابة في وقت سابق أنه سيطرح معاناتهم على الحكومة في أول جلسة لمجلس الوزراء، وهو ما لم يتم إلى اليوم بحسب الجرادي، الذي شارك في عشر وقفات احتجاجية نضمها الموظفون، أغلبها كانت بالقرب من قصر المعاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن مقر إقامة رئيس الجمهوري.

 

الحرب الدائرة في البلاد هدمت عليل صنعاء التي عرفها التاريخ نقيةً بديعةً، فمليشيشات الحوثي وضعت يدها في يد عدوها السابق المخلوع علي عبد الله صالح قبل أن تقتله، وطائرات التحالف تدك خصمها ولا يسلم المدنيون من غاراتها، حتى بات الشعب هو الضحية الأكبر.

 

يموت يمنيون بالغارات وآخرون بالمجاعة وغيرهم بأمراض تفشت في وطنهم، جرّاء الحالة الكارثية التي وصلت إليها مرافق الدولة، لا سيّما ما يتعلق بالجانب الصحي.

 

صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اعتبرت أنّ الحرب الجارية في اليمن ليست مجرد مأساة وحسب، وإنّما أيضًا جريمة ضد الإنسانية، مشيرةً إلى تحذيرات أصدرها خبراء في الأمم المتحدة من أنّ بعض الإجراءات التي لجأ إليها عددٌ من الأطراف المتحاربة يكمن أن ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.

 

وأجابت الصحيفة الأمريكية عن تساؤل طرحته حول الأسباب التي تجعل مما يجري في اليمن جريمة ضد الإنسانية، مبينةً أنّ استخدام الغذاء كسلاح في أي معركة يعد من بين تلك الجرائم التي ترقى إلى أن تكون جرائم ضد الإنسانية.

 

وأوضحت: "أدى الحصار إلى تعرض اليمنيين لمجاعة، وحتى قبل فرض الحصار كانت اليمن تعاني من التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأيضاً فإن العديد منهم لم يعودوا قادرين على الحصول على الإمدادات الغذائية".

 

وتابعت: "منذ بدء الحرب السعودية على المتمردين الحوثيين في عام 2015، ونحو 17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بحسب وكالات الأمم المتحدة للإغاثة، وهي تعني أنهم لا يتمتعون بإمكانية الحصول على الغذاء بشكل منتظم، ويمكن أن يتعرضوا لخطر الجوع"، مشيرةً إلى أن "اليمن كان حتى قبل الحصار السعودي الأخير على وشك المجاعة".

 

وبحسب بيان لشبكة الإنذار المبكر الخاصة بالمجاعة، وهي جماعة أسستها وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة، فإنّ معظم سكان اليمن سيعانون من المجاعة في غضون ثلاثة أشهر إلى أربعة، واتهمت الشبكة جماعة الحوثيين بأنّها أسهمت في منع وصول الإمدادات الغذائية لبعض المدن ولكن على نطاق ضيق.

 

البرلماني اليمني عبد الكريم الأسلمي اعتبر في تصريحات سابقة، أنّ مواجهة هذه المأساة الإنسانية تمثل "ضرورة قصوى".

 

وقال إنّ اليمن دخل حاليًّا "مرحلة الكارثة"، وباتت المجاعة الأخطر على الأبواب، مشيرًا إلى أنّهم يأملون بشكل كبير أن تستجيب كل الأطراف للقضاء على هذا الوضع المأساوي.

 

التحالف - كما يرى الأسلمي - لا يتحمل المسؤولية وحده، بل هو جزء من المساهمين في هذا الوضع، متحدثًا عن دور الحوثيين وكذا المجتمع الدولي، وأيضًا السلطة الشرعية (منصور هادي).

 

ودعا كافة الأطراف إلى الاستجابة والمبادرة لمواجهة الأزمة الإنسانية، أكّد أنها إذا لم تنتهِ بالحل السريع فإنّ كارثة إنسانية تضرب اليمن ويصعب تخيلها.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى