بين مأزق التحالفات ومستقبل القرار.. ماذا يقدم «نصر الصدر» للعراق؟

بين مأزق التحالفات ومستقبل القرار.. ماذا يقدم «نصر الصدر» للعراق؟
بين مأزق التحالفات ومستقبل القرار.. ماذا يقدم «نصر الصدر» للعراق؟
[real_title] "سائرون سار على طريق النصر".. هكذا انتهت الانتخابات البرلمانية العراقية، بفوز تحالف الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

 

الانتخابات التي شارك فيها 44.5% من الناخبين بحسب "المفوضية"، حل فيها تحالف "سائرون" الذي يجمع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والحزب الشيوعي وبعض أحزاب التكنوقراط على أساس مكافحة الفساد، في المرتبة الأولى بـ54 مقعدًا.

 

ووفقًا للنتائج النهائية التي أصدرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، فإنّ كتلة الفتح، بقيادة هادي العامري قائد فصائل الحشد الشعبي - المدعوم من إيران والذي حارب ضد تنظيم "الدولة" - جاءت في المركز الثاني بـحصولها على 47 مقعدًا.

 

بينما حصلت كتلة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي "تحالف النصر" على 42 مقعدًا، ليُقضى على حلم العبادي في "الولاية الثانية"، في أول انتخابات تجرى بعد إعلان القضاء على تنظيم "الدولة" المتطرف.

 

وفي أول رد فعل، شكر "الصدر" الناخبين على ثقتهم وتعهد بعدم خذلانهم، وكتب في تغريدة على "تويتر" بعد وقت قصير من إعلان النتائج النهائية من لجنة الانتخابات: "صوتكم شرف لنا أمانة في اعناقنا".

 

وأضاف: "فقد انتصر العراق والإصلاح بأصواتكم.. ولن نخيبكم.. والعتب كل العتب على من خذل العراق والإصلاح ممن كنا نظن بهم خيرًا".

 

لكن رغم فوز تحالف الصدر، فإن تشكيله الحكومة المقبلة ليس مضمونا، فبعد كل انتخابات تشريعية تدخل الكتل الفائزة في مفاوضات طويلة لتشكيل حكومة غالبية، وليس بعيدا أن تخسر الكتلة الأولى الفائزة في الانتخابات التشريعية قدرتها على تشكيل حكومة، بفعل تحالفات بين الكتل البرلمانية.

 

أثيرت العديد من الأسئلة عن مستقبل العراق، لا سيما بعد قضائه على تنظيم "الدولة"، والتحديات العاجلة التي تواجهه في الفترة الحالية، كما أنّ فوز تيار الصدر نفسه بالانتخابات أثار كثيرًا من الجدل وعديدًا من ردود الأفعال.

 

ولعل أكثر جدلية، تمثّلت في أن يدخل رجل دين بارز (الصدر) في تحالف مع حزب شيوعي، بيد أنّ مسيرة "مقتدى" يمكن توقع منه أي شيء، لا سيّما ما يتعلق بالتحالفات وتبديل المواقف وفقًا لمصالحه ومقتضيات المرحلة.

 

تقول إذاعة "دويتشه فيلا"، إنّ ما ساعد الصدر على الفوز بالانتخابات هو استشعاره لاحتياجات الشارع، وتوضح: "الشعب العراقي بمختلف أطيافه ضاق ذرعًا بالفساد المستشري، والاحتجاجات الشعبية في 2015 جاءت في هذا الإطار.. خبز، حرية، دولة مدنية كان شعار تلك التظاهرات التي أقلقت الحكومة العراقية".

 

وتشير إلى أنّ "الصدر دفع بأنصاره للمشاركة، رغم أنّ العلمانيين والشيوعيين والاشتراكيين ليسوا حلفاء للصدريين، بل كان الصدريون ينعتونهم بالكفار"، وهو ما يفسّر حجم تبديل المواقف الذي يمارسه الصدر من أجل حسم المعارك السياسية.

 

وتضع الإذاعة الدولية، سببًا آخرًا لهذا الفوز الذي يُتوقع أن يغيّر الكثير من الحسابات في الفترة المقبلة، وهو ما أسمته "يأس الكثيرين" من نظام المحاصصة الطائفية وتقسيم الخريطة السياسية بين الشيعة والسنة والأكراد.

 

وتنقل على الخبير الألماني تيم بيتشولات: "إنهم يريدون دولة وطنية.. هذا الأمر استشعره الصدر مبكرًا.. واندفع إلى مقدمة الاحتجاجات وصار موجهاً لها".

 

ويستند الصدر على الإرث النضالي الكبير لعائلته ضد النظام البعثي في العراق، والذي يُتهم باغتيال والده محمد صادق الصدر وعمه محمد باقر الصدر، ولذا يحظى باحترام وشعبية واسعين في الأوساط الشعبية.

 

داخليًّا، لن يكون الأمر مضمونًا لـ"الصدر" من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، فبعد كل انتخابات تشريعية تدخل الكتل الفائزة في مفاوضات طويلة لتشكيل حكومة غالبية، وبالتالي يمكن القول إنّه ليس بعيدًا أن تخسر الكتلة الأولى الفائزة في الانتخابات التشريعية قدرتها على تشكيل حكومة، بفعل تحالفات بين الكتل البرلمانية.

 

الباحث في الشؤون العراقية الدكتور أحمد الأبيض حدّد السيناريو الأقرب الذي يتلو الانتخابات مباشرةً، وهو يتمثل في أن يتحالف "سائرون - الصدر" مع "النصر - العبادي".

 

ويقول الطيب: "يمكن لهذين التحالفين تشكيل الكتلة الشيعية الأكبر وتذهب إلى الفضاء الوطني، وتلتحق مثلًا مع الوطنية أو القرار العراقي ثم مع الحزب الديمقراطي الكردستاني".

 

لكنّ "الأبيض" تحدّث عما وصفها بـ"عقدةٍ" في هذا السيناريو: "كيف يتحالف سائرون مع النصر؟.. اشتراط أن يكون العبادي في ولاية ثانية ليس أمرًا سهلًا أن يمرره سائرون".

 

ويضيف: "هناك اعتراضات على هذا المنحى، وهناك عدة شروط والتزامات مقدمة للعبادي حتى يتحالف، وبالتالي هناك عقدة كبيرة متوقعة في هذا الطرح".

 

الباحث العراقي وضع سيناريو آخرًا، قال إنّه ترغب فيها إيران وحلفاؤها، وهو أن يتحالف دولة القانون مع النصر والفتح لتشكيل أكثر من 110 مقاعد شيعية في البرلمان، بالتحاق الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يملك 17 مقعدًا، وبعض القوى الكردية الأخرى، إضافةً إلى قوى سنية بعلاقاتها مع المالكي.. هذا يمكن حدوثه".

 

غير أنّ "الأبيض" حذّر من السيناريو الأخير الذي يرى أنّه يُسقط العراق في "خندق طائفي"، مشددًا على أنّ القضية في حاجة لبعض الوقت.

 

أظهرت نتائج الانتخابات أنّ التيار والأحزاب المعلن ولاؤها إلى إيران لم تلقَ قبولًا كبيرًا من قبل الشارع العراقي في الانتخابات، ولعل أكثر ما يغيّر المشهد في الفترة المقبلة حيث استفحل نفوذ إيران في بلاد الرافدين، ومدعى التغيير أنّ الصدر يحرص على استقلال القرار العراقي قدر المستطاع، ورفض التحالف مع حليف إيران في العراق نوري المالكي.

 

وفي موقف واضح الدلالة، وقع عقب تحرير الموصل من قبضة تنظيم "الدولة"، طالب الصدر بحل فصائل الحشد الشعبي المدعومة من إيران، وأن يكون السلاح بيد الجيش العراقي فقط، كما انتقد مشاركة ميليشيات عراقية في القتال إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، داعيًّا الأخير إلى التنحي عن حكم سوريا.

 

الأكثر من ذلك كان تصريحًا صدر من مقتدى الصدر، دعا فيه إيران إلى "ترك المهاترات السياسية في المنطقة، والانفتاح على بعض القوى في المنطقة"، قاصدًا السعودية على وجه الخصوص.

 

وبالحديث عن المملكة، فيبرز إلى الأذهان زيارة الصدر إلى الرياض في نهاية العام الماضي، وزيارته قبلها إلى الإمارات، وفسّرت تلك الجولة بأنّ هذا المحور يحاول استمالته للحد من النفوذ الإيراني في العراق، على اعتبار أنّ "الجمهورية الإسلامية" هي العدو الأول وربما الوحيد للسعودية.

 

هذا التقارب مع السعودية، ربما يحتاجه العراقيون في الفترة المقبلة أكثر مما سبق، لا سيّما أنّ المرحلة التالية عقب دحر تنظيم "الدولة" تتمثل في إعادة الإعمار، وهنا يمكن التعويل على المال السعودي بدلًا من النفوذ السياسي الإيراني، لكن هنا أيضًا تبرز مخاوف أخرى تتمثل في توسع النفوذ السعودي في العراق بشكل يحد من استقلاليته.

 

عن سبب عدم التصويت للأحزاب الموالية لإيران، يوضح "الباحث العراقي": "الشيعة موالون للوطن وليس إيران لكنّهم غير أعداء لهم.. أنا أتحدث عن شيعة الشعب وليس السلطة، والحال نفسه ينطبق على الكرد.. الولاء الوطني موجود لكنّه كان فقط غائبًا في السنوات الماضية".

 

ويضيف: "إيران اعتبرت العراق ممرًا لمشروع في المنطقة، وأصبح هذا معروفًا، لكن إيران خسرت كثيرًا، ومما خسرته ود الجمهور العراقي بشكل عام، كما خسرت حلفاءها في الانتخابات".

 

ويوضح "الأبيض" مقارنةً بين عدد النواب الموالين لإيران في البرلمان الحالي الذي يتجاوز 200 نائب، بينما عددهم في المجلس المنتخب مؤخرًا يبلغ نحو 100 نائب، بالإضافة إلى عناصر السلطة التنفيذية الموالين لإيران، وبالتالي الخريطة ستتغير في الفترة المقبلة.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى