حمصيون يبكون على أطلال الريف الشمالي: قتلونا ثم هجّرونا

حمصيون يبكون على أطلال الريف الشمالي: قتلونا ثم هجّرونا
حمصيون يبكون على أطلال الريف الشمالي: قتلونا ثم هجّرونا

[real_title] "الموت أو الخضوع أو التهجير".. عندما يقف سوري أمام مرآة منزله أو بين ركام أنقاضه، ربما يطرح على نفسه سؤالًا ملحًا، "ماذا فعلت ليضعني ضابط روسي - قهرًا - أمام تلك الخيارات الصعبة، ولماذا يصمت العالم أمام ذلك؟.. ستتلخص الإجابة في مصطلح "الثورة".

 

وصل الموت السوري إلى أطواره الأخيرة، فبعد موت البارود والكيميائي والبراميل والصواريخ وحتى الجوع، بات "التهجير القسري" هو الصنف الأخير.

 

أحدث حلقات التهجير القسري عنوانه ريف حمص الشمالي، حيث تضمّن الأمر الاتفاق على وقف إطلاق النار بشكل كامل في المنطقة، وذلك بعد مفاوضات متكررة مع الجانب الروسي على معبر الدار الكبيرة.

 

وبذلك، فبعد سنوات من الحصار "الأسدي" لتلك المنطقة المتبقية للمعارضة، أسدل ستار خنقها بشتى صنوف الجرائم، باتفاق تهجير، مارست فيها روسيا ضغوطًا كبيرةً ضد المعارضة في تلك المنطقة "الحمصية".

 

وحسب مواقع محلية سورية، فإنّه حتى أمس السبت، استمر تسجيل أسماء الراغبين بالخروج من المنطقة، ضمن قوائم في ظل هدوء شهده ريفا حمص الشمالي وحماة الجنوبي بعد الاتفاق، بينما خرجت مظاهرات في مناطق مختلفة ضد التهجير داعية إلى البقاء.

 

وتقول صحفية "عنف بلدي"، أنّ قسمًا قليلًا من الأهالي البالغ عددهم نحو 350 ألف نسمة سيخرج إلى الشمال السوري، وإنّ "الكثيرين يصرون على البقاء وبخاصةً في تلبيسة والرستن، بينما من المتوقع خروج 60% من أهالي منطقة الحولة.

 

ومع إتمام إجراءات الإخلاء، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" أنّ "عناصر الهندسة في قوات الأسد بدأت العمل على إعادة فتح الطريق الدولي بين محافظتي حمص وحماة"، وذلك تزامنًا مع استمرار تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من قبل فصائل المعارضة، على أن تخرج أولى الدفعات، إن لم يحدث طارئ، غدًا الاثنين.

 

الحديث عن الاتفاق وتنفيذه بدأ منذ منتصف الأسبوع الماضي، بين جيش النظام وفصائل معارضة مسلحة وبرعاية روسية، وتحدّثت مصادر ميدانية عن أنّ الشرطة العسكرية الروسية دخلت مناطق ريف حماة الجنوبي وحمص الشمالي، وأنّ بعض الفصائل المسلحة سلمت أسلحتها الثقيلة والمتوسطة في إطار الاتفاق.

 

وكان من المقرر أن يبدأ التهجير أمس السبت بينما تم تأجيله إلى غدًا الاثنين، وقد حدّدت تقارير إعلامية أسباب هذا التأجيل، وهو عدم استكمال تسليم السلاح الثقيل من فصائل المعارضة للقوات الروسية الذي بدأ الخميس الماضي.

 

بينما وضع أعضاء بلجنة المفاوضات سببًا آخرًا لهذا التأجيل، وهو عدم الانتهاء من خروج قوافل المهجرين من جنوب العاصمة دمشق.

 

بيد أنّ معارضةً كبيرةً قد نالها هذا الاتفاق، حيث أدانه "الائتلاف الوطني"، واعتبره تهجيرًا قسريًّا وتغييير ديمغرافيًّا.

 

وذكر الائتلاف - في بيان - أنّه "يرفض مشروع التهجير والتغيير الديموغرافي الذي ينفذه النظام وروسيا وإيران بحق المدنيين في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي".

 

وأضاف أنّ "عملية التهجير في تلك المناطق استمرارٌ لمخطط التغيير الديموغرافي في سوريا، حيث جرى استخدام كل أساليب القتل والقصف والإجرام، إضافةً إلى قيام روسيا و إيران بخرق كل الاتفاقيات الدولية بهدف إجهاض أي محاولة للتسوية".

 

وحذّر من أنّ "التطورات الجارية تصب بشكل مباشر في خدمة المشروع الإيراني المنهمك في نشر الفوضى وتصدير العنف والإرهاب وسَوْق المنطقة نحو صراع مستمر يتم خلاله تمرير عمليات التطهير العرقي والطائفي، بقرار سياسي إيراني يحظى بدعم وإسناد من قبل روسيا".

 

أيضًا، أكّد "الفيلق الرابع" العامل في ريف حمص الشمالي، رفضه التام لذلك، لاعتباره خاليًّا من أي ضمانة لمستقبل المدنيين في منطقة الريف الشمالي، مؤكدًا تمسكه بحقه في الدفاع عن المدنيين.

 

بيان الفيلق جاء بعد اجتماع لجنة عسكرية ممثلة عن فصائل ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي الثلاثاء الماضي، مع الجانب الروسي في معبر بلدة الدار الكبيرة بريف حمص الشمالي، للبت في مصير المنطقة بعد سلسلة التهديدات الروسية والنظام بشن عملية عسكرية على المنطقة أو قبول المصالحة أو التهجير.

 

وذكر الفيلق - في بيان - أنّ "الاتفاق تعمّد وضع شروط معينة وغير منطقية متجاوزة كل الاتفاقيات والتفاهمات السابقة"، مطالبًا الحكومة التركية - أحد الضامنين لاتفاق خفض التصعيد - بلعب الدور الذي ينتظره منهم الشعب السوري بأكمله، وألا يسمحوا لروسيا والنظام بارتكاب مجزرة جديدة بحق الشعب السوري أو تهجيرهم قسريًّا.

 

في سياق شبيه أيضًا، أعلنت كتائب الثوار في مدينة تلدو بمنطقة الحولة بريف حمص الشمالي، رفضها للخروج من المنطقة وتسليم السلاح الثقيل.

 

وبعيدًا عن هذا الرفض، فإنّ تاريخ مثل هذه المفاوضات المتعلقة بـ"التهجير القسري" تؤكد سعي النظام وحلفائه لارتكاب جرائم تغيير ديموغرافي في سوريا، تنفيذًا للمخططين الإيراني والروسي في المنطقة وليس فقط في سوريا، بحسب محللين.

 

الرسالة الأخيرة

 

حصل "مصر العربية" على رسائل موجزة من أهالٍ بريف حمص، يبكون على أطلالها وهم يهجرون قسرًا بعدما واجهوا الموت قهرًا.

 

يقول "مصعب": "النظام لم يتفاوض معنا ولا أذنابه ولا حتى إيران، لكن من فاوضونا هي دولة عظمى، ولم يأخذ المنطقة بالقوة لكن بقتل المدنيين.. هؤلاء يستقوو على الأطفال والنساء".

 

يذكر "ليث": "النظام ارتكب جرائم حرب بدعم روسي، لذلك اختار الثوار الخروج من أجل الحفاظ على المدنيين سواء الراغبين في البقاء بالمنطقة أو الخروج معنا".

 

يوضح "نور": "المشكلة الاستراتيجية التي إتبعتها روسيا هي الضغط على المدنيين.. أول قصف لها كان على منطقة الرستة بأكثر من 600 صاروخ جراد وأكثر من 200 غارة و100 برميل متفجر".

 

وأضاف: "هذا الأمر مثّل ضغطًا على الحاضنة الشعبية والمدنيين، فمدينة الرستا بها 60 ألف مدني.. روسيا أجبرت المواطنين على الذهاب لمعبر الدرك ثم أغلقته واحتجزت نحو 4000 مدني لمدة ثلاثة أيام، من أجل إجبار لجنة المفاوضات على التوقيع على الاتفاق".

 

في تعليقه عما يجري في ريفي حمص وحماة، يقول المحلل والباحث السوري ميسرة بكور مدير مركز الجمهورية للدراسات: "هذا ليس اتفاقًا.. ولا توجد أي وثيقة رسمية يعتد بها، يمكن أن نناقش بنودها".

 

ويضيف في حديثه لـ"مصر العربية": "هناك إملاءات روسية تم فرضها من أجل تمرير هذا التهجير، فالضابط الروسي حدّد للمدنيين ثلاث نقاط، وهي الموت أو الاستسلام أو التهجير".

 

ويتابع: "من الناحية القانونية، نحن أمام اتفاق إذعان، وبشار الأسد لا يبحث عن مفاوضات لكنّها يحاول بشتى السبل تهجير هؤلاء الأشخاص من أجل تحقيق نوع من التوازن الديمغرافي".

 

ويرى بكور: "هناك تغيير ديمغرافي في المنطقة، لكن هناك تغيير أيديولوجي حاصل في دمشق، وعنوانها تبديل الأيديولوجية السورية بأخرى إيرانية، وهناك تواصل حدث بين قبائل عربية سنية إيران بهدف التغيير الأيديولوجي".

 

ويوضح أنّ النظام وحلفاءه يسيرون على مسارين متوازين، وهما التغيير الديمغرافي من خلال طرد العرق العربي الذي يحمل الأيديولوجية السنية، بعرق آخر من خلال الأفغان ومنظمات تابعة لحزب الله".

 

وفي حمص تحديدًا، يذكّر بكور بمدينة القصير التي حتى الآن لم يُسمح بعودة أهلها إليها، وهي خاضعة لسيطرة حزب الله منذ ثلاث سنوات، لافتًا إلى أنّ مراسلًا لقناة تابعة لنظام الأسد مارس دعاية انتخابية لبنانية لحزب الله هناك في المدينة.

 

ويختم: "إيران تعمل على التغيير الأيديولجوجي والديمغرافي، لكنّهم لن يستطيعوا تحقيق ذلك، لأنّنا نتحدث عن أكثر من 20 مليون عربي، 80% منهم سنة، مقابل أقلية أخرى تدعم إيران".

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى