ماذا ينتظر سوريا في الولاية الرابعة لـ«بوتين»؟

ماذا ينتظر سوريا في الولاية الرابعة لـ«بوتين»؟
ماذا ينتظر سوريا في الولاية الرابعة لـ«بوتين»؟
[real_title] "فاز القيصر.. ماذا ينتظر سوريا؟"، لعلّ هذا هو السؤال الذي شغل الكثير من السوريين في الأيام الماضية بعد فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية رابعة.

 

بأغلبية كاسحة، أعلنت لجنة الانتخابات الروسية أمس الجمعة، النتائج النهائية للانتخابات التي جرت الأحد، الماضي.

 

حصل بوتين على 56 مليونًا و430 ألفًا و712 صوتًا بنسبة 76.69 % من أصوات الناخبين، بينما حلّ بافيل جرودينين المرشح عن الحزب الشيوعي ثانيًّا، بحصوله على 8 ملايين و659 ألفًا و206 أصوات بنسبة 11.77%.

 

بعيدًا عن الداخل الروسي، فإنّ أكثر مناطق العالم التهابًا بتدخل موسكو هي سوريا، التي يرى محللون أنّها تنتظر مستقبلًا صعبًا في ولاية بوتين الرابعة.

 

بدأ سلاح الجو الروسي توجيه ضربات جوية في الأراضي السورية في 30 سبتمبر 2015، بعد أن طلب رئيس النظام بشار الأسد دعمًا عسكريًّا من موسكو من أجل كبح الثورة السورية، ووافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد.

 

عزّزت روسيا حضورها العسكري في سوريا، إذ نشرت 21 طائرة هجوم أرضي من نوع سوخوي-25، و12 مقاتلة اعتراضية من نوع سوخوي-24، و6 قاذفات متوسطة من نوع سوخوي-34، و4 سوخوي-30 متعددة الأدوار بالإضافة إلى 15 مروحية، متضمنة مي-24 هايند الهجومية، في مطار باسل الأسد الدولي قرب اللاذقية، وتحمي هذه الطائرات 2 أو ثلاثة على الأقل من أنظمة الدفاع الجوي إس إيه-22، وطائرات من دون طيار مثيلة لطائرة إم كيو بردتور الأمريكية تستخدم لتنفيذ طلعات استطلاعية، كما تضمنت القوات الروسية أيضًا 6 دبابات من طراز تي-90 و15 قطعة مدفعية و35 عربة جند مدرعة و200 من مشاة البحرية مع منشآت إسكان تسع 1500 فرد، كذلك رصدت قاذفات بي إم-30 سمرش قرب اللاذقية.

 

استمر التدخل العسكري على وتيرته حتى ديسمبر الماضي، عندما أعلن بوتين خلال زيارة للقاعدة الجوية الروسية في حميميم بسوري، انسحابَ القوات الروسية على وجه التحديد لاستكمال المهمة الرسمية، وأعلنت وزارة الدفاع أنّ الوضع "استقر" بعد القضاء على نحو 35 ألف مقاتل و700 معسكر تدريب.

 

وبالتالي، تحتفظ روسيا في سوريا فقط بقوات محدودة داخل القواعد العسكرية الروسية الدائمة في طرطوس وحميميم، وتتولى هذه القوات "مهامًا تتعلق بحماية المصالح الوطنية لروسيا"، بينما أكّدت السلطات أنّ "المرتزقة الروس" لا ينتمون إليها.

 

إلا أنّ هناك سببًا يقود إلى استمرار التدخل الروسي في سوريا، فوفقًا لبعض التقديرات، تبين أنّ أكثر من 5000 مقاتل مسلم من أصل روسي من آسيا الوسطى والقوقاز يقاتلون مع تنظيم "الدولة" في سوريا وبلدان أخرى، ويشعر الكرملين "لأسباب واضحة" بالقلق من احتمال عودة هذه العناصر المتطرفة ذات الخبرة القتالية إلى روسيا.

 

الجانب الأهم هو ما أسفر عنه التدخل الروسي في الأزمة السورية إلى الآن، هذا التساؤل الملح أجابت عنه دراسة بعنوان "التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا"، أصدرتها مؤسسة عمران للدراسات الاستراتيجية.

 

خلصت الدراسة إلى القول: "التدخل الروسي في الملف السوري عجّل فشل كافة المسارات السياسية الباحثة عن حلول ومخارج للأزمة السورية وأطال عمرها الزمني".

 

ورغم مساوئ هذا التدخل على الحل السياسي للأزمة السورية، لكنّه حقّق أرباحًا سياسية كبيرة للجانب الروسي، حيث سعى بوتين منذ اليوم الأول للتدخل العسكري إلى استعادة زمام المبادرة في الشرق الأوسط، وأن يصبح لروسيا دور أكبر في المنطقة، والتخلص من تعامل المجتمع الدولي مع روسيا على اعتبار أنّها دولة "مارقة عن النظام الدولي".

 

كما حافظت موسكو على القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس التي تعد القاعدة العسكرية الوحيدة لروسيا في الشرق الأوسط، كما قضت روسيا على مخاوفها من أن يمكّن سقوط النظام السوري - حليفها الاستراتيجي - الولايات المتحدة وحلفاءها من إقامة المشروع الذى يهدف إلى نقل خطوط الغاز من قطر إلى أوروبا عبر سوريا, وبالتالي لا تستطيع روسيا تمرير كثير من سياساتها التي ترفضها أوروبا، وفي حالة إحراز تقدم في سوريا فإنّ روسيا تستطيع امتلاك العديد من أوراق الضغط بحيث تستطيع المساومة والتفاوض مع الغرب حول العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبله.

 

لم يخلُ التدخل من الأهمية العسكرية، حيث أنّ العمليات الروسية في سوريا هي استعراض للأسلحة من طائرات وصواريخ وأنظمة عسكرية، وهو ما يمكن اعتباره دعايةً للتصنيع العسكري الروسي لإظهار إمكانات الأسلحة لتسويقها ثم بيعها.

 

كما حقّق التدخل مكاسب داخلية تعني الكثير للرئيس بوتين، وتتمثل بأنّ العمليات الروسية في سوريا تُشغّل الشعب الروسي عن الأوضاع الداخلية وتزيد الاعتزاز بالوطنية ودعم بوتين داخليًّا، وبخاصةً أنّ العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، أدّت إلى ارتفاع مستوى الأسعار، وانخفاض مستوى المعيشة، والتعليم، والخدمات الصحية.

 

"المصلحة الاقتصادية" كانت حاضرةً بقوة في المشهد أيضًا، حيث حقّقت روسيا من دعمها العسكري لنظام الأسد عدة مكاسب اقتصادية واستراتيجية، ومنها تحويل ميناء طرطوس إلى قاعدةٍ ثابتةٍ للسفن النووية الروسية مقابل شطب معظم الديون الروسية على سوريا، وعقد صفقة أسلحةٍ روسيةٍ مع سوريا تتمثل في شراء الأخيرة - بالتقسيط أو بالدين - طائرات ميج 29 SMT مقاتلة، ونظم بانتسير إس 1 إي الدفاعية، ونظم صواريخ إسكندر الدفاعية، وطائرات ياك 130، وغوّاصتين من طراز آمور 1650.

 

يُضاف إلى ذلك أيضًا التنقيب عن النفط والغاز، حيث حصلت شركات روسية على عقود التنقيب عن النفط والغاز في الساحل السوريّ، وتطمح روسيا إلى الاستفادة من موقع سوريا الحيويّ للتحكم بأسعار النفط بدلًا من السعودية.

 

ويرى الخبير العسكري بمركز البحوث العسكرية السياسية في معهد موسكو للعلاقات الدولية شارباتولو سوديكوف أنّ العمليات العسكرية في سوريا لا تؤثر على الاقتصاد الروسي.

 

وبرّر ذلك بالقول: "روسيا من الدول المصنعة للأسلحة وبالتالي فإنّها تنتج أسلحة وذخائر ولا تستعملها لعدم وجود حرب، ثمّ يتم إتلاف تلك الذخائر عندما تنتهى مدة صلاحيتها, وعليه فإنّها تستخدم تلك الذخائر في الحرب على سوريا, والوقود المستخدم في العمليات لن يكلف أكثر مما يتم إنفاقه في عمليات الطيران التدريبية".

 

خلافًا لذلك، سلطت الخبيرة الاقتصادية بجامعة موسكو إيرينا فيليبفا الضوء على الجانب السلبي للتدخل حيث أنّ فاتورة الخسائر التي يتحملها الاقتصاد الروسي بسبب التدخل العسكري في سوريا باهظة الثمن, وبخاصةً في ظل الأزمات الخانقة التي يعانيها الاقتصاد الروسي نتيجة العقوبات الأوروبية, لأنّ الزيادة في هذا الإنفاق ستؤدي إلى تقليل النفقات على قطاعات أخرى مثل التعليم والصحة وبالتالي سيؤثر على معدلات النمو، وكل مفاصل المجتمع الروسي, الذي سيتحمل عواقب يمكن أن تكون مقدمة لانتكاسة اقتصادية تشبه الأزمة التي تعرض لها عقب أزمة القرم والتي فقد على إثرها الروبل الروسي 45% من قيمته.

 

أحمد علاء "ماذا ينتظر سوريا في ولاية بوتين الرابعة؟".. سؤال طرحته "مصر العربية" على الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، فأجاب اختصارًا: "لا جديد".

 

يقول غباشي: "في الولاية الرابعة، سنرى إصرارًا من جانب بوتين على وجود روسي في الساحة السورية باعتبار أنّها حلبة صراع شديدة الأهمية على المستوى الدولي بينها وبين الولايات المتحدة وتركيا وإيران.

 

ويضيف: "المرحلة الحالية تشهد توافقًا بين الدول الأربع على سبل المصالح وأماكن الحماية الخاصة بهم داخل سوريا، وإذا ما خصّصنا الحديث عن الموقف الروسي، يمكن تخليص الوضع بأنّه سيمثل تأكيدًا للوجود الروسي هناك حفاظًا على مصالحها".

 

هذا الوجود الروسي يعتبره "غباشي" مُضرًا بالأزمة السورية، لا سيّما أنّ موسكو لا تلقي بالًا بالشعب السوري وحمايته بقدر ما تسعى إلى حفظ مصالحها، كما أنّ هذا الضرر لا يقتصر من خلاله فقط بل من التدخل الأمريكي والإيراني والتركي، وإجمالًا دول الغرب.

 

ويتابع: "تدخل هذه الدول في سوريا لا يجدي أي نفع على العالم العربي، بل يمثل عارًا على منطقتنا العربية، ولا نرصد أي قضية في التاريخ تمّ حلها في مثل هذا التدخل".

 

ويرى أنّ هذه الأطراف تتدخل في القضايا العربية من أجل ابتزازها وتحقيق مصالحها، متحدثًا عن استفادة شديدة الأهمية تجنيها موسكو جرّاء هذا التدخل.

 

"هذه المكاسب تتمثل في وجود روسيا على حلبة صراع مهمة مع الولايات المتحدة، كما أنّ سوريا تمثّل بوابة دخول قوية في الشرق الأوسط، لتوسعة النفوذ الروسي في المنطقة".. يوضح غباشي.

 

حل الأزمة السورية يحدّده المحلل الاستراتيجي بالقول: "يجب أن يستشعر العالم العربي وجامعة الدول العربية بأن ما يحدث في الساحة السورية وأيضًا في اليمن وليبيا، كلها أمور لا تليق بالعالم العربي ولا تاريخه.. ما يحدث هو أمر مهين للعرب بشكل كبير للغاية، وإذا أردنا انتشال أنفسنا من هذا الوضع، يجب الاعتماد على مقدراتنا دون النظر إلى قوى إقليمية أو دولية تصادر هذه المقدرات".

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى