في ذكرى استقلالها الـ62.. «تونس» قصة كفاح يهددها الإحباط

[real_title] وسط موجة شعبية من "الإحباط"، ومعيشة داخلية "مضطربة" بسبب الأوضاع الاقتصادية المزرية، يحيي التونسيون اليوم، الذكرى الـ 62 لعيد استقلالها عن الاستعمار الفرنسي.

 

ومن المثير قول الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، في كلمته بمناسبة الاحتفال، بقصر قرطاج، إن 99.9% من التونسيين يشعرون بالإحباط.

 

كما أكد  السبسي أن استقلال تونس عن فرنسا "كان استقلالا تاما غير منقوص رغم تشكيك المشككين".

 

 

وفي نهايات القرن التاسع عشر، بدأت حقبة جديدة من الاستعمار، فتقاسمت القوات الاستعمارية الكبرى التي خرجت من القارة الأوروبية، الوطن العربي، فبات كل جزء يخضع لما أطلق عليه "حماية" لدولة أجنبية، تتحكم في ثرواته ومقدراته، وتسلب وتنهب ما تريد.

 

في تلك الحقبة، خضعت دول المغرب العربي للحماية فرنسا، التي كانت تعتبر في تلك الفترة من أكبر الدول العظمى، ومن ضمن تلك البلدان تونس.

 

بداية الاستعمار الفرنسي 

 

جنود فرنسيون أثناء استعمار تونس

 

في مايو عام 1881 عقدت معاهدة"باردو"، وبعدها معاهدة المرسى عام 1883، وتعتبر النص المكمل لمعاهدة "باردو" لترسيخ الإدارة الاستعمارية؛ استعملت عبارة "الحماية" فى الاتفاقية بوضوح تعريفا للمؤسسة المحدث، وهدفت الاتفاقية إلى إعلان السلطة المطلقة لفرنسا فى البلاد التونسية.

 

ومنذ سنة 1881، تحولت "الحماية الفرنسية" بشكل تدريجي لاستعمار مباشر نُهبت خلاله ثروات البلاد، واستشهد العديد من أبناء تونس على مرّ السنين تمكّنت خلالها السلطات الاستعمارية الفرنسية من إخماد كل أشكال المقاومة معتمدة سياسة الاغتيال والاعتقال والنفي. 

 

اعتراض عثماني

 

احتجت الدولة العثمانية على الاحتلال الفرنسي غير المبرر وإرسالها تلغرافات إلى سفرائها في عواصم الدول الأوروبية تبين ذلك.

 

لم يلق الاحتجاج العثماني تأييدًا دوليًا وذلك لاتفاق فرنسا مع الدول الأوروبية الكبرى (إيطاليا - إنجلترا - ألمانيا)، على ذلك وتقديم بعض التنازلات لها مقابل انتصاب الحماية في تونس.

 

بداية النضال 

 

المقاومة المسلحة في تونس

 

 قامت الحملة العسكرية الفرنسية بجيش قوامه 30 ألف جندي ذي خبرة وعتاد حربي حديث، مقابل ذلك لم تكن البلاد التونسية مجهزة لا من حيث الجنود ولا من حيث العتاد، إذ لم يجهز الباي محمد الصادق سوى محلتين قوامهما 1000 جندي و1800 عسكري نظامي و1000 مخازني و500 زواوة و500 من الحنفية.

 

أما العتاد العسكري الثقيل فلم يتعد 11 مدفعا، ولم تعط الأوامر للجيش النظامي التونسي لصد الغزو الفرنسي بل اعتبر الباي أن معاقبة القبائل المتاخمة للحدود الجزائرية (قبائل خمير) هو الهدف الرئيسي للحملة التأديبية إذ اعتبر هذه القبائل هي المتسببة في الغزو.

 

ورغم رفض العربي زروق إمضاء معاهدة "باردو" ومحاولته إقناع الباي بذلك إلا أنه لم يفلح وتم إمضاء المعاهدة في 12 ماي 1881 وبدأت الجيوش الفرنسية في اكتساح البلاد تدريجيا ولاقت مقاومة اختلفت حدتها من منطقة إلى أخرى.

 

المقاومة التونسية ضد فرنسا

 

اجتمعت القبائل  بجامع عقبة بمدينة القيروان بين 15 و20 يونيو 1881، ترأس علي بن خليفة هذا الاجتماع وتم الإجماع خلاله على ميثاق شرف بمواصلة المقاومة المسلحة رغم مهادنة السلطة مع المستعمر.

 

وبعد محاولات التصدي التي قامت بها قبائل الشمال والشمال الغربي متمثلة في قبائل خمير وعمدون والشيحية وغيرها أعقبها انضمام قبائل الساحل والوسط أولاد سعيد، جلاص، السواسي، المثاليث، المهاذبة وعديد القبائل الأخرى تلاه انضمام عديد العساكر النظامية الذين رفضوا الهدنة وانضموا بدورهم إلى المقاومة المسلحة من ذلك قائد المدفعية في صفاقس محمد الشريف.

 

بيد أن تفوق الجيش الفرنسي عدة وعتادا وعددا كان له دور حسم المعركة لفائدته بضمه 17 سفينة حربية و151 مدفعا و600 جندي، في المقابل لم تضم المقاومة التونسية سوى 500 عنصرا، مجهزين بأسلحة تقليدية، كانت حصيلة المواجهات ثقيلة إذ سقط من الجانب التونسي بين 800 و1000 قتيل ولم تتكبد الجيوش الفرنسية سوى 40 قتيلا.

 

المقاومة بالجنوب

 

 

اتجهت القوات البحرية الفرنسية إلى مدينة صفاقس واستبسل سكان المدينة في الدفاع عنها رغم قوة العدو وبعد سقوطها أخذت الجيوش الفرنسية طريقها نحو مدينة قابس فلاقت مقاومة عنيفة إذ فشلت قواتها في عمليات الإنزال على السواحل ولم تتمكن من السيطرة نهائيا عن المدينة إلا في نوفمبر1881.

 

وقد أبدت خلال المعارك قبائل نفات وبني زيد والجزم وعديد المتطوعين بقيادة علي بن خليفة مهارات قتالية عالية مكنتها من تكبيد الفرنسيين خسائر بشرية فادحة.

 

في خريف 1881 توجهت القوات الفرنسية نحو منطقة الساحل في محاولة منها لتأمين السيطرة الكلية على المناطق الساحلية للبلاد التونسية كلها وفي جميع أنحاء القرى ومدن الساحل لاقت مقاومة عنيفة من الأهالي انضم إليهم العديد من جنود الباي الفارين والرافضين لمعاهدة الحماية.

 

ومن أهم المواجهات معركة "واد لاية" 18 – 22 أكتوبر 1881، وشاركت فيها عدة قبائل بفرسانها، حاولت قبائل الهمامة وماجر وأولاد عيار وأولاد عون والفراشيش ورضوان وأولاد عزيز، ونجحوا في صد زحف الجيوش الفرنسية نحو مدينة القيروان ولكنهم لم يفلحوا ووقعت المدينة بأيدي الفرنسيين بدون مقاومة لخوف السكان من تدمير آثار المدينة التاريخية.

 

لم يبق للمقاومين بعد أن أحكمت فرنسا الطوق عليهم وتمكنت من إخضاع كامل البلاد التونسية إليها في بداية سنة 1881 سوى التوجه نحو الإيالة الطرابلسية وملازمة الحدود للقيام بمناوشات ضد المواقع الفرنسية من محميات وأبراج وكذلك عمليات نهب وتدمير لممتلكات المتعاونين مع الفرنسيين. دام هذا الوضع إلى حين وفاة علي بن خليفة سنة 1885.

 

وحدثت الكثير من الانتفاضات التونسية ضد المستعمر الفرنسي، منها انتفاضة 1906، وأحداث الزلاج 1911، وانتفاضة الجنوب الشرقي 1915- 1916، وانتفاضة المرازيق 1943- 1944.

 

بدأت المقاومة المسلحة التونسية من عام 1952 إلى 1954، ومثلت سنة 1954 سنة الحسم إذ بلغت المقاومة المسلحة ذروتها. 

 

استقلال تونس

 

تظاهرة تطالب باستقلال تونس

 

وفي 31 يوليو 1954 الإعلان عن الاستقلال الداخلي للبلاد التونسية. غير أن هذا القرار لم تتقبّله القيادات الوطنية آنذاك بنفس الدرجة، ليخلق ذلك انشقاقا خطيرا كاد أن يعصف بأشواط من الكفاح والتضحيات والشهادة على مر عقود من الزمان.

 

اتجّه «الحبيب بورقيبة» آنذاك إلى اعتبار الاستقلال الداخلي خطوة هامة يجب كسبها والبناء عليها لنيل الاستقلال التام، ذلك أن لرجل سياسة المراحل حساباته وقراءته الخاصة التي حسم التاريخ فيما بعد الكفّة لصالحها مثبتا نجاعتها وفاعليتها.

 

إعلان استقلال تونس

 

وفي المقابل عارض «صالح بن يوسف» الاستقلال الداخلي واعتبره لا قيمة له وخطوة للوراء، ونادى بضرورة الكفاح من أجل تحرير لا تونس فقط بل كامل دول العالم المغاربي والعربي، مؤسسا لفكره القومي أنذاك.

 

بعد مفاوضات مضنيّة توصّل الطرفين؛ حكومة التفاوض التونسية وحكومة باريس للإتفاق على إعلان الاستقلال التام البلاد التونسية يوم 20 مارس 1956.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى