لماذا استمرت الحرب السورية 7 سنوات؟

[real_title] "ما لنا غيرك يا الله".. شعارٌ هو الثابت الوحيد منذ الثورة السورية في 2011 حتى الآن، وهي حراك غاضب تحوّل إلى حرب أهلية، أنتجت أرقامًا مفزعة.

 

 

مرّت سبع سنوات كاملة على اندلاع الثورة السورية، وحصيلتها لم يكن تنحي الأسد أو هروبه لخارج البلاد أو حتى تراجع عن ثورته، لكن هدمت البلاد وقتل الناس وهجّر غيرهم.

 

 

نشأت الاضطرابات في سوريا، وهي جزء من موجة أوسع نطاقًا من احتجاجات الربيع العربي 2011، من الاستياء من حكومة الأسد وتصاعدت إلى نزاع مسلح بعد أن قمعت بعنف الاحتجاجات الداعية إلى إبعاده.

 

وتخوض الحرب عدة فصائل، الحكومة السورية وحلفاؤها، روسيا و وإيران وحزب الله، وتحالف للجماعات المسلحة المعارضة السورية بما في ذلك الجيش السوري الحر، و‌قوات سوريا الديمقراطية التي تضم أغلبية كردية، وجماعات سلفية جهادية "بما فيها جبهة النصرة".

 

 

امتدت الحرب لتكون إقليمية على صعيد أوسع، إذ تورط عدد من البلدان في المنطقة وخارجها إما مشاركة مباشرة، أو عبر تقديم الدعم إلى فصيل مسلح .

 

 

شكّلت جماعات المعارضة السورية الجيش السوري الحر وسيطرت على المنطقة المحيطة بحلب وأجزاء من جنوب سوريا، وبمرور الوقت انشقت بعض فصائل المعارضة السورية عن وضعها المعتدل الأصلي لمتابعة رؤية إسلامية لسوريا، وانضمت إلى مجموعات مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة "داعش".

 

وضمّت وحدات حماية الشعب صفوفها إلى القوات العربية والآشورية والأرمنية وبعض المجموعات التركمانية لتشكيل قوات سوريا الديمقراطية، في حين ظلت معظم المجموعات التركمانية مع الجيش الحر.

 

مآلات الحرب.. أرقام مفزعة

 

المرصد السوري لحقوق الانسان أصدر قبل أيام، تقريرًا عن مآلات الحرب، قال إنّها تسبّبت في مقتل نحو 350 ألف شخص، بينهم أكثر من 100 ألف مدني، وبينهم نحو 20 ألف طفل.

 

 

صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية نشرت تقريرًا، عرضت فيه أيضًا أرقامًا مفزعة خلفتها الحرب الدائرة منذ سبع سنوات في سوريا، حيث تجاوز عدد القتلى أكثر من 350 ألف شخص.

 

 

وقالت الصحيفة إنّه قد قُتل أكثر من 63 ألف مقاتل تابع لقوات بشار الأسد، فيما قتل أكثر من 58 ألفًا من المقاتلين الأجانب الموالين للنظام، على غرار حزب الله، كما بلغ عدد القتلى في صفوف كل من كتائب الثوار المعتدلة والجيش السوري الحر والوحدات الكردية قرابة 62,039 قتيلًا، علاوةً على سقوط قرابة 62,360 قتيلًا من مقاتلي تنظيم "الدولة" وجماعات على علاقة بتنظيم القاعدة.

 

 

وأوضحت الصحيفة أنّ عدد القتلى في صفوف المدنيين منذ يوم 15 مارس سنة 2011، وصل إلى 106,390 قتيلًا، بينهم 19,811 طفلًا و12,513 امرأة، كما تجاوز عدد السوريين اللاجئين عتبة ستة ملايين لاجئ. 

 

 

وبحسب الأرقام البيانية، تقدر قيمة الخسائر المادية التي خلفتها الحرب الدامية بأكثر من 183 مليار يورو.

 

وأكّدت الصحيفة أنه بحسب تقرير نشر في 12 مارس الجاري من قبل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" فقد خلفت الحرب السورية قرابة ثلاثة ملايين جريح، حيث يعيش أكثر من 1,5 مليون منهم بإعاقة جسدية سببتها الحرب، فيما فقد قرابة 86 ألفًا آخرون أحد أطرافهم أو أكثر.

 

وأشارت إلى أنّ صندوق الأمم المتحدة للسكان كشف عن ارتفاع نسبة القتلى في صفوف الأطفال بنسبة 50% خلال سنة 2017 مقارنة بالسنوات السابقة، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل قرابة 20 ألف طفل خلال السنوات السبع التي مرت على الصراع السوري، بالإضافة إلى ذلك، يشكل الأطفال 20% من الضحايا المدنيين.

 

 

وبحسب ما كشفت عنه منظمة اليونيسيف، فإنّ قرابة 3,3 ملايين طفل معرضون للإصابة بشظايا مواد متفجرة مزروعة في جميع أنحاء البلاد، في حين تم شن هجمات على عشرات المدارس خلال سنة 2017. 

 

 

وفي الأثناء، قد يتدهور الوضع أكثر خلال سنة 2018، إذ قُتل ما لا يقل عن 200 طفل في الغوطة الشرقية جراء قنابل وقصف النظام مؤخرا، وفقًا لما أفاد به المرصد.

 

 

ونوهت الصحيفة بأنّ تقريرًا نشر خلال سنة 2017 من قبل منظمة العفو الدولية، التي استنكرت فيه عملية "الإبادة" التي ينتهجها نظام بشار الأسد، أشار إلى أنّ ما بين خمسة آلاف و13 ألف شخص تم شنقهم، بين سنة 2011 و2015، في سجن "صيدنايا" الواقع بالقرب من دمشق. 

 

 

من جهته، قدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه قد قتل على الأقل حوالي 60 ألف شخص تحت التعذيب أو تحت ظروف الاعتقال القاسية في سجون النظام.

 

 

وأفادت الصحيفة بأنّ "قرابة نصف مليون شخص قتلوا في دهاليز النظام منذ اندلاع الحرب السورية، كما قتل عدة آلاف آخرون في السجون التابعة للثوار والتنظيمات المتطرفة".

 

 

وذكرت أنّ الصراع السوري خلف أيضًا قرابة 6,1 مليون نازح داخل سوريا، وقرابة 5,6 مليون لاجئ فرّوا إلى دول مجاورة في المنطقة، من أبرزها لبنان، والأردن، والعراق، وتركيا. 

 

 

علاوة على ذلك، توافد مئات الآلاف من السوريين إلى دول القارة العجوز، وخاصة ألمانيا، ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يواجه حوالي 5,6 مليون سوري من الذين لم يغادروا البلاد، تهديدات تحيط بأمنهم أو بحقوقهم أو بظروف معيشتهم، كما أنهم في حاجة ماسة لمساعدات إنسانية عاجلة.

 

 

وكشفت الصحيفة أيضًا عن الوضع الاقتصادي الذي خلفته الحرب السوريةـ فبحسب تقرير نشره البنك الدولي خلال يوليو 2017، بلغت قيمة الخسائر المادية للحرب السورية قرابة 226 مليار دولار، أي ما يعادل 183 مليار يورو، وما يقرب من أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد قبل بداية الحرب.

 

 

كما نقلت على لسان عدة خبراء أنّ الصراع السوري تسبب في تراجع اقتصاد البلاد إلى حالته التي كان عليها قبل ثلاثة عقود، خاصة في ظل الدمار الذي لحق بالبنية التحتية في سوريا، في حين شدّد البنك الدولي على أن "الأزمة ستتفاقم بما أن الصراع لا يزال متواصلًا".

 

 

لماذا تستمر الحرب؟

 

سؤال واحد ربما يطرح نفسه على السوريين، ليس هو "سبب استمرار الحرب"، لأنه قد يجدون جوابًا فيما يسمونه "صمت العالم" أمام الجرائم المرتكبة هناك، بيد أنّ السؤال الأهم هو "لماذا استمرت الحرب  سبع سنوات كاملة".

 

 

أجابت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن هذا السؤال المهم، فقالت بدايةً عن الذكرى السابعة لـ"أهوال سوريا": "سوف يدخل الصراع في سوريا عامه الثامن قريبًا، وعلى الرغم من اقتصار القتال حاليًا على منطقة أصغر، بعد أن كان يشغل سابقًا معظم البلاد، فإن فرصة الوصول إلى سلام حقيقي تبدو بعيدة للغاية، وأفضل ما يؤمّل حاليًا، هو الوصول البطيء لهدنة متقلبة تتخللها وحشية مروعة؛ إذ يحاول نظام بشار الأسد، مدعومًا من موسكو وطهران، إعادة سيطرته على هذا البلد المحطم".

 

 

وتضيف: "اتضح مؤخرًا ما الذي تتضمنه هذه الجهود، إذ قتلت الضربات الجوية للطيران السوري في الأسابيع الأخيرة الماضية أكثر من 600 مدني في الغوطة، وهي ضاحية في دمشق تسيطر عليها المعارضة منذ عام 2013".

 

 

وتوضح: "على الرغم من إجبار داعش على الخروج من كل أراضي سوريا تقريبًا، فإن جماعات إسلامية متطرفة أخرى ما تزال نشطة للغاية، بما في ذلك هيئة تحرير الشام المرتبطة بالقاعدة، وما تزال جماعات المعارضة المسلحة تتلقى دعمًا لوجستيًّا وتمويلًا من الولايات المتحدة وتركيا، ودول خليجية كثيرة، واستولت جماعة كردية على مساحات من الأرض في الشمال الشرقي، وفشلت كل المساعي المتتالية لمفاوضات السلام".

 

 

"لماذا استمرت الحرب السورية سبع سنوات"، أجابت الصحيفة عن ذلك بالقول: "الحرب السورية لطالما كانت شديدة التعقيد، وتعود جذورها لأسباب إقليمية وطائفية وأيدلوجية وعرقية، وهذا التداخل وحده من شأنه إطالة أمد أي نزاع حتى دون تدخل الفاعلين الإقليميين والدوليين".

 

 

بحسب الصحيفة، هُمّشت الأمم المتحدة بفعل سياسات القوة تلك، وتراجعت الولايات المتحدة، والنتيجة كانت معاناة ضخمة وبلد محطم، سوف يحتاج إلى ما يصل إلى تريليون دولار لإعادة بنائه، إذا ما تم التسيم بإمكانية الوصول لاتفاق سلام". 

 

 

في تعليقه على ذلك، يقول الباحث والمحلل السوري ميسرة بكور إنَّ الأسد استدعى منذ بداية الثورة في 2011 كل الميليشيات الإيرانية ذات الطابع الشيعي من أجل تثبيت حكمه. 

 

 

وأضاف لـ"مصر العربية": "الأسد استجلب أيضًا ميليشيات حزب الله اللبنانية منذ معارك القصير، وسيطرت هذه القوات على مساحات واسعة في سوريا وتحديدًا من القصير بمدينة حمص إلى جنوب دمشق على طول الخط الفاصل بين سوريا ولبنان". 

 

 

وأشار إلى أنَّ "خطة ب" وُضعت من قبل نظام الأسد وإيران، ففي حال فشلوا في السيطرة على كامل الأراضي السورية يتم التقسيم رسميًّا.

 

 

واعتبر أنَّ المجتمع الدولي عاجر عن استخدام أدوات رادعة لوقف ما أسماها "الانتهاكات" هناك، وأوضح: "لسوريون عاشوا هذه المآسي بكل تفاصيلها وتحدياتها.. الكيماوي مثلًا هتلر نفسه لم يستخدمه ضد أعدائه رغم أنه ارتكب جرائم كبيرة وخسر الحرب في النهاية".

 

 

وأضاف: "القضية في سوريا هي قضية ملك يُنتزع، فبشار يعتبر الأمر أنَّ ملكه سينتزع منه، وأدرك أنَّ خروجه من الحكم ستكون نهايته أمام المحكمة الجنائية الدولية، التي قبلت منذ أيام دعوى ضد جرائم بشار شكلًا، والمحكمة ستناقش كل ذلك".

 

 

 الأسد - كما يقول ميسرة - أدرك أنَّ خروج الحكم من أسرته معناه أنَّه لن يعود مرة أخرى بغض النظر عن إجراء انتخابات من عدمه، مشيرًا إلى أنَّ الأسد استخدم كل أنواع القتل والحرق والتعذيب وقطع الرؤوس والإبادة الجماعية والتهجير.

 

 

 ورغم عدم محاكمة أي مسؤول بالنظام إلا أنَّ بكور رأى: "الأمر سينتهي بالأسد إمَّا أمام الجنائية الدولية أو التخلص منه عبر حلفائه سواء الروس أو الإيرانيين أو حتى الأمريكان، ولأنَّ بشار يعي ذلك جيدًا فهو يتحالف مع كل قوى الشر من أجل الحفاظ على الملك وقبل ذلك الملك وليست الرئاسة، لأنَّه يعتبر نفسه ملك الملوك".

 

 

الباحث السوري طالب كافة الأطراف المعنية باتخاذ الإجراءات العاجلة لوقف أي "مجازر" في سوريا، ومواجهة حالة التواطؤ من المجتمع الدولي، بدءًا من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، ومحكمة الجنايات الدولية، وحراك شعبي في معظم المناطق، وتدخل عسكري مباشر سواء تحت مظلة مكافحة الإرهاب.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى