السعودية تخطط لتصنيع أسلحتها العسكرية محلياً.. فما الذي يعيق سعيها؟  

[real_title]  تسعى الحكومة السعودية إلى توطين الصناعات الدفاعية داخل المملكة، وتعزيز الصناعات العسكرية، خلال السنوات القادمة، لتتناسب مع رؤية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد "2030" ، بحسب تقرير نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز".

 

وقالت الصحيفة إن الشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني، (تقنية) وهي شركة سعودية حكومية مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، أنفقت مؤخرا نحو 44 مليون دولار على شراء معدات متطورة لتصنيع قطع غيار الطائرات وتجميعها.

 

والمهندس منير بقش، الذي يقود وحدة الملاحة الجوية في شركة "تقنية" للطيران السعودية ، التي أنفقت لتوها أكثر من 44 مليون دولار على أجهزةٍ مُتقدِّمة؛ لتصنيع أجزاء الطائرات وتجميع مروحيات "بلاك هوك" في السعودية بالشراكة مع شركة لوكهيد مارتن، شركة الدفاع الأمريكية، بحسب الصحيفة البريطانية.

 

وبقش الذي عمل لأكثر من عقدين في الولايات المتحدة مهندسا في شركات مثل بوينج، صار هو وزملاؤه الآن عنصرا في خطة تهدف لتأسيس صناعة الدفاع السعودية، وهي بين أكبر المشترين للأسلحة في العالم.
وقالت "فايننشال تايمز" إن كبرى شركات الدفاع في العالم تدرك أنه سيتوجب عليها توطيد بعض الصناعات في المملكة، في حال أرادت الاستمرار في بيع منتجاتها لهذه البلد، ولكنها إذا أردت شركات الدفاع العالمية مساعدة السعودية على تصميم وبناء أسلحة كالصواريخ، فإنها تحتاج إلى موافقة من حكوماتهم على تخفيف القيود المفروضة على تصدير التكنولوجيا.

 

وأضافت الصحيفة أن المملكة تعمل في الوقت نفسه على تطوير تكنولوجيا خاصة بها، مشيرة إلى أن لدى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، الذراع الحكومي للبحث والتطوير، 40 مهندسا يعملون في مجال الصواريخ قصيرة المدى والقنابل الموجهة بالليزر، حسب ما صرح به مسئول إعلام محلي الأسبوع الماضي.

 

خطة بن سلمان

وتعد هذه الخطط جزءاً لا يتجزأ من جهود ولي العهد، محمد بن سلمان، في مساعدة المملكة على تنويع اقتصادها بعيداً عن عائدات النفط.

 

وقال ولي العهد، الذي يشغل منصب وزير الدفاع أيضاً، في مقابلة تلفزيونية العام الماضي (2017): "نحن ننفق ما بين 50 و70 مليار دولار سنوياً على الجيش. نحن ثالث أكبر منفق على الأسلحة في العالم، و99٪ من هذا المال يذهب إلى خارج المملكة. هذه فرصةٌ ضخمة لبناء صناعات وفرص عمل بالسعودية".

 

ويأتي هذا الدفع لإنشاء صناعة دفاع محلية بينما تتعرض السعودية للإدانة بشكل واسع؛ لدورها في الحرب بجارتها اليمن.

 

وقُتل أكثر من 3200 مدني على يد قوات التحالف الذي تقودها السعودية، بين مارس  2015 وأغسطس  2017، وذلك بحسب تقرير حقوقي للأمم المتحدة. وقد أظهرت هذه الحرب أيضاً اعتمادية السعودية على إمدادات الدفاع الغربية.

 

وتعرَّضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لانتقاداتٍ؛ لإمدادهما السعودية بالسلاح، الذي تسبَّب في مقتل مدنيين في اليمن. وقالت ألمانيا العام الجاري (2018)، إنها سوف تُوقف صادرات الأسلحة إلى الدول المنخرطة في هذا الصراع، بحسب الصحيفة البريطانية.
ولما كان من المُقرَّر لولي العهد زيارة واشنطن الأسبوع التالي؛ لمناقشة التعاون في مجال الدفاع، فقد دعا بعض نواب الكونجرس لقيود مماثلة. وكان مسئولون عسكريون أميركيون قد دافعوا عن مهمة السعودية في اليمن.

 

وتهدف السعودية، ضمن خطتها الاقتصادية المسماة "رؤية السعودية 2030"، إنفاق ما لا يقل عن نصف ميزانيتها العسكرية محلياً بحلول ذلك العام.

 

وكذا، فقد أنشأت المملكة الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وهي شركة تدعمها الدولة، وعيَّنت أندرياس شوير، الرئيس السابق للأنظمة القتالية في شركة راينمنتال الألمانية، رئيساً لها. وأنشأت السعودية أيضاً الهيئة العامة للصناعات العسكرية، وهي هيئةٌ حكومية ذات سلطات واسعة في المشتريات العسكرية وكذلك البحوث والتطوير، بحسب الصحيفة البريطانية.

 

العراقيل أمامها  

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن كبرى شركات الدفاع في العالم تدرك أنها إذا أرادت الاستمرار في بيع السلاح للسعودية، التي تعد واحدةً من أكبر المُنفقين العسكريين بالعالم، فسوف يتعيَّن عليهم إيجاد المزيد من التصنيع في السعودية.

 

فشركة "بي إيه إي سيستمز" البريطانية، على سبيل المثال، تُوسِّع من تدريبها وأنشطتها التصنيعية في المملكة منذ عقود. وتوظف الشركة 6 آلاف موظف هناك، نحو ثلثيهم مواطنون سعوديون. وتجمّع الشركة طائرة "هوك" التدريبية في السعودية، وتقوم ببعض الأعمال المُتعلِّقة بطائرات "تايفون" المقاتلة.

 

ووقعت المملكة المتحدة والسعودية، الأسبوع الماضي، مذكرة نوايا بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني لشراء 48 طائرة "تايفون" مقاتلة أخرى، وهي صفقة كان يجري النقاش حولها منذ عام 2014.

 

وقال شخص على اطلاع بهذا الأمر، للصحيفة البريطانية، إنَّ المفاوضات الصعبة حول المواد الخام والخدمات التي سوف يجري الحصول عليها محلياً، قد أسهمت في تأخير التوصل لاتفاق.

 

وقال خالد العتيني، نائب رئيس التصنيع بشركة "بي إيه إي" في السعودية، إنَّ نقل العمل من أوروبا أو الولايات المتحدة إلى المملكة أمر معقد ومكلف؛ إذ اضطرت الشركة إلى ضمان التزام المتعاقدين المحليين بالمعايير الدولية واحتاجت إلى تدريب عمال سعوديين؛ بسبب افتقار الخريجين الصغار إلى المهارات اللازمة للوظيفة.

 

وقال العتيني: "لقد استفادت البلد من الناحية التشغيلية، بلا شك، (من عمليات شراء الأسلحة) وبَنَتْ قوات مسلحة قوية. لكن عندما يتعلق الأمر بالتصنيع ونقل المصانع هنا، فثمة الكثير من أوجه النقص والقصور".

 

وقال نائب الرئيس التنفيذي لشركة "لوكهيد مارتن إنترناشونال"، ريك إدواردز: "لقد كانوا واضحين للغاية في رغبتهم في النمو السريع. نحن ندعم أهداف (رؤية 2030) بشكل كامل، لكن لا يمكنك الانتقال من 2٪ (من الإنفاق المحلي) إلى 50٪ في سنوات قلائل. هذه عملية طويلة، ولا بد أن تجري بطريقة تدير المخاطر"، بحسب الصحيفة البريطانية.

 

ويقول خبراء الدفاع السعوديون إنَّ بناء صناعة دفاع محلية أمر محوري للأمن القومي، إلى جانب أهميته في تنويع الاقتصاد وخلق وظائف.

 

وقال اللواء بداح العجمي، الذي يقود العمل الهندسي في القاعدة الجوية: "لو طلبت (قطع غيار من الخارج) فقد يستغرق الأمر شهوراً، ما لم يكن سنوات، لتصل إليك بينما تحتاجها في غضون ساعة. لقد طلبنا نحو 6 آلاف قطعة مصنّعة محلياً، فوصل بعضها في أقل من يوم واحد".

 

وإذا كانت الشركات الدولية سوف تساعد السعوديين على تصنيع الصواريخ، فسوف يتعين على حكوماتهم التخفيف من القيود المفروضة على تصدير التكنولوجيا. وقال إدواردز: "لن تُمرَّر كل التكنولوجيا. هذه حقيقة. سوف ينبغي لنا العمل بالتعاون مع الحكومة الأميركية، لنرى إذا ما كان يمكن السماح بإطلاق بعض التكنولوجيات عالية المستوى للاستخدام الثنائي".

 

ويعمل السعوديون بالفعل على تطوير استراتيجيتهم الخاصة؛ إذ قال أحد المسئولين لوسائل الإعلام المحلية الأسبوع الماضي: "إنَّ مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا، الذراع الحكومية للبحث والتطوير، لديها 40 مهندساً يعملون على صواريخ باليستية قصيرة المدى وقنابل موجَّهة بالليزر".

 

أكبر مستورد

وكانت بيانات معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام قد كشفت أن المملكة التي تسعى للتصنيع كانت ثاني أكبر مستورد للأسلحة في عامي 2015 و2016. وقد زادت واردات الأسلحة إلى المملكة بأكثر من 200% منذ عام 2012، وفقا للمعهد.
 

وبحسب التقرير فإن عدم فاعلية المملكة العربية السعودية، ليست بسبب المعدات، فالأسلحة التي يتم شراؤها ليست منخفضة الجودة، بل إن معظمها من الشركات الأمريكية (13% من صادرات الأسلحة الأمريكية في عام 2016 توجهت إلى المملكة)، وكانت شركات من المملكة المتحدة وإسبانيا ثاني وثالث أكبر البائعين للمملكة.

 

كما تشمل ترسانة سلاح الجو الملكي السعودي مقاتلات تايفون الاكثر تقدما في الجيوش الأوروبية، فضلا عن مقاتلات F-15 الأمريكية، ملكة السماء ببلا منازع لمدة ثلاثة عقود ولا تزال، إضافةً إلى النموذج الخاص بهم من مقاتلات F-15SA (السعودية المتقدمة)، التي بدأ تسليمها هذا العام.

 

وتشمل القوات البرية الملكية السعودية، كل شيء من دبابات أبرامز M1A2، ومدرعات M2 برادلي، إلى مقاتلات أباتشي لونغبو AH-64D، ومروحيات UH-60 من طراز بلاك هوك، وتقريبا كل سفن البحرية السعودية أمريكية الصنع، مع أحدث الفرقاطات، المعدلة من الفرقاطة الفرنسية من طارز "لا فاييت".
وفي العام الماضي، كانت المملكة العربية السعودية رابع أكبر منفق على المنتجات الدفاعية في العالم، خلف روسيا، ووفقا لشركة آي.إتش.إس جين، البريطانية المتخصصة في شؤون الجيش والفضاء والنقل، كانت المملكة العربية السعودية أكبر مستورد للأسلحة في العالم في عام 2014.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى