[real_title] "كم كنت وحدك، يسرقون الآن جلدك".. لو قُدّر للشاعر الفلسطيني محمود درويش أن يكتب من جديد عمّا آلت إليه القدس المحتلة، أو تُركت لما آلت إليه، لكتب يقول: "كم كنت وحدك يسرقون الآن أرضك ووطنك". أمس الأول الأربعاء، صادق برلمان الاحتلال "الكنيست" بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون يمنح وزير الداخلية صلاحية سحب حق الإقامة الدائمة من الفلسطينيين سكان القدس الشرقية المحتلة، في حال ارتكبوا اعتداءات تشكّل مساسًا بأمن الاحتلال. هيئة البث ذكرت: "صادق على المشروع 64 عضوًا وعارضه 18 آخرون، حيث تقدم بهذا القانون المسمى خرق الأمانة لدولة إسرائيل النائب عن حزب الليكود". سكان القدس المحتلة، هم يحملون هويات لا تمنحهم سوى حق الإقامة المؤقت، ورغم كل الانتهاكات لحقوقهم يجدون أنفسهم مطالبين بإعلان الولاء للاحتلال، وذلك بعد هذا القرار. القانون جاء بعد قرار للمحكمة العليا التي رفضت قرارات لوزير داخلية الاحتلال بسحب هويات من نواب عن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من سكان مدينة القدس. ردّت القيادة الفلسطينية بإعلانها أنّ هذه الخطوة ترمي أساسًا إلى تهجير المقدسيين، كما يرى الفلسطينيون أنّ خطورة هذا القانون تكمن في أنّ الاحتلال وتحت عنوان الولاء قد تقوم بسحب عشرات الآلاف الهويات من الفلسطينيين في القدس تحت هذا القانون. رئيس لجنة العلاقات الدولية في القائمة المشتركة للأحزاب العربية النائب يوسف جبارين، وصف قانون الكنيست بـ"العنصري والفاشي"، وأنه يستهدف المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية. وقال جبارين - في بيان - إنّ "هذا القانون الاستبدادي يندرج ضمن حملة القوانين العنصرية والفاشية التي تعمل حكومة نتنياهو على تشريعها للنيل من صمود الشعب الفلسطيني، ومن أجل تكريس الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشريف وسلب حقوق الفلسطينيين فيها". يضاف هذا القرار إلى سلسلة خطوات استهدفت مدينة القدس المحتلة، أرضًا وهويةً، حاضرًا ومستقبلًا، ولعل أخطرها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أشهر بإعلان المدينة المقدسة عاصمةً للاحتلال، هو ما قوبل برد فعل شعبي غاضب في أوساط العرب، لكن التقييمات لم تكن كذلك فيما يتعلق بموقف الزعماء العرب، وهذا يتعلق بإصدار بيانات شجب معتادة، حتى قيل إنّ القرار "المشؤوم" دبّر بليل بين ورجل الأبيض وقادة الدول العربية، أو بالأحرى أغلبهم، كما رأى محللون. في معرض تعليقه على هذه التطورات، يقول السفير الفلسطيني الأسبق بركات الفرا: "هذا التصعيد يمثل زيادة تأكيد على عنصرية الدولة الإسرائيلية.. هذه دولة عنصرية، تطبق نظام الأبرتايد كما حدث في جنوب إفريقيا". ويضيف في حديثه لـ"مصر العربية": "هذا القرار مخالف للقانون الدولي، وللشرعية الدولية سواء مجلس الأمن أو الجمعية، كما يمثل تماديًّا من هذا الكيان في الضرب بعرض الحائط بكل شيء له علاقة بالقانون الدولي أو غيره، واستخفاف بكل الأمة العربية من محيطها إلى خليجها". الخيارات المتاحة أمام السلطة الفلسطينية يذكر عنها "الدبلوماسي السابق": "لا يفل الحديد إلا الحديد.. طالما أنّ حال الأمة العربية على ما هو عليه الآن، ليس من المتوقع أن يحسب لها حساب". ويتابع: "الأمة العربية متفرقة وممزقة، وتعاني بأيديها كل المعاناة، وبالتالي لا نتوقع منها شيء.. لابد من هذه الأمة أن تلملم جراحها وتعيد وحدتها لا سيّما أنّنا مقبلون على القمة العربية في الشهر المقبل، ويجب أن تنهي هذه القمة الخلافات القائمة على الساحة العربية وتعضّد من وحدة الموقف العربي للحفاظ على كيانات الدول العربية". ويرى "الفرا" أنّ هناك كيانات عربية ضائعة، وهي سوريا والعراق واليمن وليبيا، كما أنّ لبنان على نفس الطريق، مشدّدًا على ضرورة أن تصدر القمة المقبلة قرارات تشعر العالم بأنّ هذه الأمة بالفعل هي أمة واحدة وقوية بأبنائها ومواردها ومكانتها وما لديها من إمكانيات هائلة. الربط بين "تصعيد الاحتلال" وما تسمى بـ"صفقة القرن"، أوضحه السفير السابق بالقول: "كل ذلك إرهاصات.. صفقة القرن لا نعلم عنها شيئًا حتى الآن.. الولايات المتحدة تريد أن تملي علينا أمرًا لا نريده.. هم يعلمون جيدًا أنّهم لا يملكون ذلك.. طالما أنّ الشعب الفلسطيني لن يقبل إلا بتحقيق الحد الأدنى من حقوقه التي تتمثل في الثوابت الفلسطينية فلن تمر أي صفقة، لأنّ أي دولة عربية لن تقبل هذا المخطط الجهنمي طالما أنّ الشعب الفلسطيني يرفضها".