في العراق.. العطش يعتصر بلاد الرافدين

[real_title]  دخلت بغداد معركة جديدة تعد الأشرس في تاريخها الحديث، وذلك بعد انخفاض منسوب مياه نهر دجلة لأكثر من 70%، في سابقة لم تحدث منذ عقود الأمر الذي يشكل تهديدا كبيرا على العراق.

 

ودقت أزمة المياه الخانقة التي عصفت بمناطق في جنوب العراق، مطلع الأسبوع الماضي، ناقوس الخطر؛ بعد أن تسببت في جفاف عدد من الأنهار الفرعية لنهر دجلة في محافظة ميسان.

 

ومع اقتراب موسم الصيف زادت مخاوف المواطنين ومسؤولين في الحكومة العراقية من حدوث كارثة إنسانية وبيئية بسبب انخفاض منسوب مياه نهر دجلة إلى حد الجفاف، مع حديث عن إدخال سد أليسو التركي العمل في منتصف هذا العام، والذي سيدخل البلاد بحالة من الجفاف غير المسبوقة بحسب مراقبين.

 

خسائر زراعية

 

ويعدّ سد أليسو الذي بدأت تركيا بناءه في أغسطس عام 2006 من أكبر السدود المقامة على نهر دجلة، ويستطيع تخزين كمية من المياه تقدر بأكثر من 11 مليار متر مكعب وتبلغ مساحة بحيرة السد حوالي 300 كلم2.

وتقول وزارة الزراعة إن العراق لم يسبق أن مر بفصل شتاء شحيح الأمطار كهذا منذ 70 عاما، وتوقعت أن تلحق بالقطاع الزراعي العراقي خسائر فادحة تتراوح بين 20 إلى 30%في حال استمرت أزمة المياه من دون حلول ناجحة.

 

فيما أشار أعضاء في مجلس النواب إلى أن العراق سيخسر 40% من أراضيه الزراعية خلال فترة قصيرة جدا، إضافة إلى أن مناسيب المياه في نهر دجلة ستنخفض لمستويات قياسية.

 

وتقر اتفاقيات المياه الدولية بين العراق وتركيا وإيران وسوريا، منها اتفاقية لوزان (1923، في مادتها رقم 109)، بضرورة تزويد دول المنبع دولاً أخرى بكميات كافية من المياه، إلا أنه نتيجة لهدر العراق معظم مياه أنهاره التي تصب في الخليج العربي، وعدم وجود خطط حقيقية من شأنها أن توازن حاجة بغداد للمياه مقابل الكميات المهدورة، فإن ذلك حال دون استفادة العراق من كميات المياه المهدورة منذ الغزو الأمريكي عام 2003، وهو ما تدفع البلاد ثمنه في الوقت الحالي.

 

مصادر مياه العراق

 

ومن المعروف أن المصدر الطبيعي للمياه في العراق هو الأنهار والبحيرات المتكونة من الأمطار والثلوج، وتعتبر أكبر حقول توفير الاحتياجات المائية للبلاد، أما المصدر الصناعي فهو البحيرات والسدود والأحواض الكبيرة، التي تعمل بنظام توفير وخزن المياه من الأنهار، ثم رفد البلاد بما يحتاجه من مياه، كما هو الحال في سوريا والأردن وفلسطين.

وينبع نهر الفرات من المرتفعات الجبلية شرقي تركيا، وتكون الينابيع نهراً واحداً بعد مسافة (1176 كم) داخل الحدود التركية، ويتجه إلى سوريا بمسافة 600 كم، ويدخل الأراضي العراقية عند مدينة القائم في محافظة الأنبار، إذ يبلغ طول النهر الكلي (2940 كم) بمعدل جريان بين (31 - 32) مليار م3، ويتجه نحو جنوب العراق ليجتمع مع نهر دجلة في شط العرب ثم المصب النهائي في الخليج العربي.

 

أما نهر دجلة (طوله 1900 كم) فينبع من مرتفعات جنوب شرق تركيا، وينحدر من الأراضي التركية وبمسافة (485 كم)، ليدخل الأراضي العراقية عند قرية فيشخابور، وصولاً إلى شط العرب ثم الخليج العربي.

 

وثائق تاريخية

 

وتشير الوثائق العراقية إلى أن بغداد وقعت عام 1971 اتفاقية مع أنقرة وبروتوكولاً عام 1980 حول حصص المياه، انضمت إليه دمشق عام 1983، نص على إنشاء لجنة فنية مشتركة للمياه الإقليمية بين البلدان الثلاثة، لدراسة الشؤون المتعلقة بالمياه، لا سيما حوضي دجلة والفرات.

 

كما توصل العراق عبر اتفاقية الجزائر عام 1975، مع إيران إلى اتفاق ينص على إجراء تخطيط شامل للحدود البرية والنهرية الملاحية (شط العرب) وتنظيم مقدار الاستفادة من الأنهار الحدودية بين البلدين، إلا أنه سرعان ما ألغيت هذه الاتفاقية من قبل العراق إثر اندلاع الحرب بين البلدين عام 1980.

 

ونشر عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورة أظهرت أطفالا يلعبون وسط حوض نهر المجر الكبير في ميسان الذي كان خاليا تماما من المياه، حيث اتهموا الحكومة بالتقصير والإهمال الذي تسبب في ظهور هذه الأزمة.

إهمال حكومي
 

بدوره قال الناشط العراقي محمد الزهيري، إن المسؤول الأول والأخير هى السلطات بسبب سوء التخطيط وتجاهل الدعوات وتكالب السياسيين على المناصب لنهب ثروات الشعب العراقي دون التفكير في إيجاد حلول خلال السنوات الماضية لعدم الوصول لهذه الكارثة.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الحكومة العراقية في وادي ومصلحة البلاد في واد آخر، فمن الممكن أن تخرج الحكومة الآن علينا ببيان تطمئن فيه الشعب بخصوص المياه، بل وربما تنكر وجود أزمة بالأساس وتقول أن الصور المنشورة لجفاف النهر مفبركة.
 

وأوضح أن القوى السياسية لم تعد تكترث بالصالح العام وكل ما تسعى له هو تحقيق انتصارات وامتيازات سياسة دون النظر لمثل هذه الازمات التي ربما تتسبب في هلاك الجميع.

 

فساد إداري

 

واتفق معه الناشط العراقي حسن الفواز، بأن هذه الكارثة بسبب الإهمال الحكومي، فرغم كثره المناشدات والدعوات التي أطلقها أهالي قضاء المجر الكبير في محافظة ميسان، إلا أن ذلك لم يجد نفعا ولم يمنع من جفاف نهر القضاء الذي يغذي مساحات زراعية واسعة.
 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن البلاد تحتاج لقائد ثوري يخرجها من هذه الأزمات بقرارات ثورية أهمها القضاء على الفاسد الحكومي خاصة في المسؤولين عن الموارد المائية.
 

القيادي في ائتلاف دولة القانون، عباس البياتي، قال إن أزمة المياه التي يعيشها العراق اليوم لها أسباب استراتيجية وتاريخية، منها عدم بناء السدود، وعدم الاستفادة من الفيضانات، التي حدثت في المواسم السابقة، وكذلك عدم وجود اتفاقيات مع دول الجوار"، مشيراً إلى أن "هذه الأسباب لا تمنع من أن نبدأ الآن بالحوار مع دول الجوار بتطبيق اتفاقيات تنظم تدفق المياه لنهري دجلة والفرات".
 

وأضاف في تصريحات صحفية أن "في بعض المحافظات شحاً حتى في مياه الشرب وليس الزراعة فقط، وهذا يحتاج إلى جهود وإجراءات سريعة وبعيدة المدى"، لافتاً إلى أنه "من الممكن أن تستخدم الحكومة العراقية كل وسائل الحوار والضغط والمقايضة مع دول الجوار في سبيل أن نؤمِّن الماء للعراقيين"، على حد تعبيره.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى