هل بدّد «مؤتمر الكويت» آمال العراقيين في إعادة الإعمار؟

[real_title] لم تجد آمال العراقيين التي عُلّقت على مؤتمر إعادة الإعمار، الذي استضافته الكويت مؤخرًا، واقعًا يعيد بلاد الرافدين إلى استقرارها وأمنها القومي.

 

وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح قال إنّ التعهدات المالية في مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق بلغت 30 مليار دولار، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الكويتية.

 

وأضاف أنّ هذه التعهدات المالية أتت بسبب مشاركة 76 دولة ومنظمة إقليمية ودولية، و511 صندوقًا ومؤسسة مالية و107 منظمات غير حكومية و1850 ممثلاً عن القطاع الخاص.

 

الاتحاد الأوروبي شارك بمبلغ 400 مليون دولار على هيئة مساعدات إنسانية، كما شاركت تركيا تعهدها بقيمة خمسة مليارات دولار على هيئة قروض وتسهيلات ائتمانية، فيما أعلنت السعودية التزامها بتقديم 1.5 مليار دولار لإعادة الاعمار عن طريق الصندوق السعودي للتنمية ولتمويل الصادرات السعودية للعراق.

 

كما شاركت بالتعهدات المالية كل من قطر والإمارات العربية المتحدة وفنلندا وماليزيا والصندوق العربي للإنماء.

أقيم المؤتمر برئاسة خمس جهات، هي الاتحاد الأوروبي والعراق والكويت والأمم المتحدة والبنك الدولي، وانعقد على ثلاثة محاور أساسية هي إعادة الإعمار وتنمية الاستثمار ودعم الاستقرار في البلاد وتعزيز التعايش السلمي بين مختلف أطياف المجتمع العراقي وتحقيق المصالحة الوطنية.

 

إلا أنّ هذه المشاركة والأرقام التي نتجت عنها، بدى أنّها لن تجدي نفعًا أمام إعادة الإعمار، حيث كانت تتوقع الحكومة الحصول على 90 مليار دولار. 

 

وقال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري إنّ "التعهدات التي قدمت في المؤتمر الدولي للمانحين لإعادة بناء العراق أقل مما يتطلبه العراق".

 

وأضاف في حديث أمام صحفيين، أنّ "المبالغ المخصصة ستسهم في إعادة الإعمار لكنها لن تسد الحاجة".

 

وصرح مدير عام وزارة التخطيط العراقية قصي عبد الفتاح بأنّ إعادة الأعمار تتطلب جمع 22 مليار دولار بشكل عاجل، و66 مليار دولار أخرى على المدى المتوسط، حيث كان العراق قد نشر قائمةً بنحو 157 مشروعًا سيسعى للحصول على استثمارات أجنبية لها خلال المؤتمر الذي يحضره ما يقرب من 1900 ممثل لحكومات أجنبية وشركات خاصة ومنظمات مجتمع مدني.

 

فرض هذا العجز، تحديات جسام أمام حكومة حيدر العبادي لإعادة إعمار البلد الذي دمّرته الحرب على تنظيم "الدولة"، الذي كان قد سيطر على مناطق شاسعة بينها الموصل في صيف 2014، قبل أن يُسحق قبل أشهر، بعد عملية عسكرية واسعة للجيش العراقي، مدعومًا من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وبعض الفصائل الكردية.

في حديثٍ لـ"مصر العربية"، يرى المحلل السياسي العراقي محمد أرسلان أنّ هذا المؤتمر لن يكون الوحيد، بل ستكون خلال السنوات المقبلة، العديد من المؤتمرات من أجل إعادة الإعمار.

 

ويقول: "حصيلة هذا المؤتمر يمكن اعتبارها قليلة بالفعل، والسبب الرئيسي في ذلك هو أنّ الفساد في العراق، وبالتالي لا نتوقع أن تقدم الأطراف المانحة أموالًا كثيرة في ظل هذه الظروف".

 

ويضيف: "الفساد متنوع في العراق، سواء على الصعيد الإداري أو الحزبي أو العسكري وهو الحشد الشعبي وتوابعه، وبالتالي نجد أنّ كل القطاعات التي تحتاج لإعادة إعمار يعيثها الفساد".

 

الأموال المقدمة - يوضح "أرسلان - لن تكون كهدايا نقدية، لكنّ هذه الأطراف ستأتي بنفسها من أجل العمل، وهذا مؤشر كبير على انتشار الفساد.


ويشير إلى أنّ الخطوة الأولى أمام السلطات العراقية من أجل جذب الاستثمار هي القضاء على الفساد، ويتابع: "منذ احتلال العراق حتى الوقت الراهن، نلحظ أنّ أغلب الحكومات التي تولت المسؤولية هي في الأساس متهمة بالتورط في الفساد بشكل عام".


الأمر الثاني في أزمة إعادة الإعمار هو يتمثل في "الدور الإيراني" بحسب المحلل الذي يقول: "العراق يدار من قِبل إيران، ونلحظ أنّ كل الدول قدّمت منحًا عدا إيران التي شاركت في المؤتمر، وهو ما خلق شكوكًا لدى الدول المانحة لتقديم الأموال".


يذكر أرسلان: "مبلغ الـ30 مليار دولار في اعتقادي سيكون دفعة أولى، وإذا ما تخلص العراق من الفساد أو التبعية الإيرانية ستقدم دول أخرى منحًا على الفور".

لخص النائب حسين سالم النائب في البرلمان العراقي تلك الحالة بالقول: "للأسف الشديد، هذا المؤتمر كنا نأمل فيه الخير، لكنه عملية استجداء ومخيب للآمال".

 

وأضاف: "لو طلب من الشهب العراقي جمع تبرعات لجمع أكثر من هذا المبلغ، لكن أولًا فيه قروض ما يثقل كاهل الميزانية العراقية، بالإضافة إلى ذلك فالولايات المتحدة هي من نهبت ميزانية الخليج، وغير منطقي أن يكون لديهم شيء من الكرم من أجل دعم العراق وانتشاله من أزمته الراهنة".

 

توجّهت الأنظار سريعًا إلى الولايات المتحدة، باعتبار أنّها من قادت تحالفًا للقضاء على التنظيم المتطرف، بالإضافة إلى الدور الذي تفعله في العراق منذ الغزو وصولًا إلى دورها "المتهمة بالتورط" من خلاله في نشر تنظيم "الدولة" في العراق تحديدًا.

 

لكنّ يبدو أنّ الحكومة العراقية أرادت مكسبًا سياسيًّا من هذا المؤتمر، فقالت إنّه يجسّد إرادة المجتمع الدولي في الوقوف إلى جانب العراق بعد الانتصار على تنظيم "الدولة"، وهو ما فسّر بأنه نوع من الرضا انتاب بغداد على هذا القدر المتحقق من المؤتمر.

 

يقول النائب العراقي كاظم الصيادي: "كان لزامًا على الحكومة العراقية أن تتخذ قرارًا بإلغاء اتفاقية الإطار الاستراتيجي وطرد الأمريكان وغلق سفارتها لعدم مشاركة الولايات المتحدة في محنة العراقيين ودعم مؤتمر المانحين".

 

ويضيف: "بالأمس القريب، السعودية منحت أمريكا استثمارات بنحو 400 مليار دولار، وبالتالي لماذا لم تشارك الآن سوى بمليار و500 مليون دولار لدعم العراق".

 

إزاء هذه الحالة المتشائمة، تحدّثت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن سياق شبيه، حيث قالت إنّ المؤتمر لن يحقق الكثير، وبخاصةً أنّ يومه الأول كان "فاشلاً"، وشكّل ضربة موجعة للحكومة العراقية، ما يهدد المستقبل السياسي للعبادي.

 

وأضافت أنّ الولايات المتحدة وبعد إنجاز مهمة القضاء على تنظيم "الدولة" يبدو أنّها تترك مهمة إعادة الإعمار إلى الدول الأخرى والقطاع الخاص، في حين أن غالبية الدول المشاركة في مؤتمر الكويت أعربت عن أمنياتها الطيبة بنجاح المؤتمر، ولكنها لا يبدو أنها متحمسة لدفع المال لإعادة الإعمار.

 

وتحدّثت الصحيفة عن أزمة أخرى أسفرت عن هذه النتيجة غير المنتظرة للمؤتمر، وهي تتمثل في "الفساد"، وهي مشكلة تدفع بكثير من المانحين إلى التراجع عن رمي أموالهم فيما وصفته بـ"ثقب العراق الأسود"، حيث تشير منظمة الشفافية الدولية إلى أنّ العراق من بين الدول العشر الأكثر فسادًا في العالم، مؤكدة أن العراق تلقى 61 مليار دولار منذ العام 2003 وحتى 2012 كجزء من المساعدات التنموية، اختفت منها 6 مليارات، في حين بلغ حجم الإهدار نحو مليار.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى