أكاديمي جزائري: «الأمازيغية» حائرة في بلادنا.. وهكذا ستكتب حروفها

[real_title] لازال الجدل قائما في الجزائر حول الحرف الذي تُكتب فيه اللغة الأمازيغية، التي أصبحت لغة رسمية ثانية إلى جانب اللغة العربية في تعديل الدستور 2016 . اعتبر البعض الحرف اللاتيني يختصر المسافات لانتشار الأمازيغية وازدهارها، والبعض الآخر يتشدد للحرف العربي لأنه من نفس جذر اللغة العربية (لغات سامية) وأنهما لغتان شقيقتان متكاملتان، وهؤلاء الموالون للحرف العربي يتهمون فرنسا بتشجيع الحرف اللاتيني لكتابة الأمازيغية وأسست الأكاديمية البربرية منذ 1968..

 

هذه القضايا وغيرها طرحتها مصر العربية في حوار مع الباحث في اللغة الأمازيغية الدكتور حميد بوحبيب الذي ينحدر من منطقة القبائل، ويدرّس الأدب الشعبي الجزائري في كلية الأدب العربي بجامعة الجزائر2، وله إصدارات شعرية وأدبية عديدة.

 

إلى نص الحوار..

 

دكتور حميد بوحبيب بأي حرف يمكن كتابة الأمازيغية وأنت باحث فيها ودارس لها أدبا وشعرا؟

 

بأي الحروف سنكتبها؟ بأي الحروف يمكن أن نكتب اللغة الأمازيغية الآن؟ الحقيقة هناك جدل، ولا يمكن أن يُفصَل فيه غدا أو بعد غد ، هل نتبنى الحرف العربي؟ هل نتبنى الحرف اللاتيني؟ أم نتبنى حرف التيفيناغ؟..

لكل فريق من أنصار هذه الحروف مبرراته ومحاولات إقناع الآخر ، دعاة الحرف اللاتيني يتحججون بأن الحرف اللاتيني ليس حرف لاتيني فقط بل هو حرف عالمي تُكتب به الكثير من لغات العالم ، وهذا سيفسح أفقا للحداثة لهذه اللغة وسيسمح لها بالانتشار ، كأنهم يتوهمون أنه مجرد كتابة اللغة بالحرف اللاتيني سيجعل منها لغة حية ولغة عالمية، وهذا وهمٌ ، نجد كثير من اللغات تُكتب بالحرف اللاتيني ولا أحد يتكلمها بالعالم ، معظم لغات أوربا الشرقية الآن تُكتب بالحرف اللاتيني ولكنها ضيقة الانتشار .. 

 

عندنا أمثلة كثيرة، تركيا مثلا كانت التركية تُكتب بالحروف العربية في زمن ما، ثم تقرر تبني الحرف اللاتيني، هل أصبحت اللغة التركية لغة عالمية بسبب الحرف اللاتيني؟ لا أبدا، عكس ماحدث مع اللغة الفارسية كانت تُكتب بالحرف اللاتيني أو قريب منه ثم تبنوا الحرف العربي القريب من العربية ومع ذلك اللغة الفارسية لغة ضيقة الانتشار .

 

برأيكم نوع حرف كتابة لغة لايحدد مستقبلها ولا يدلل على قوة انتشار اللغة أو تطور حضارة شعب؟

 

الحرف ليس مبررا ، ولا يؤكد أو يحدد مستقبل اللغة، لأن العلاقة بين الحرف والصوت هي علاقة اعتباطية ، قرر العرب أن يكتبوا حرف الزاي بشكل ما ، وقرر البربر أن يكتبوه بشكل آخر، هل يمكن أن نصطنع أو نختلق أبجدية جديدة الأمر ليس فيه إشكال ؟ أما دعاة الحرف العربي تأتي قناعتهم باسم التعايش الثقافي باسم المقدس، تعايشوا خمسة عشر قرنا (15) من التعايش ، وأمازيغ كتبوا بالحرف العربي وتبنوا الثقافة العربية ، فمن الطبيعي جدا أن الحرف العربي يكون امتدادا لهذه اللغة ، خاصة أن اللغتين العربية والأمازيغية هما من عائلة واحدة هي اللغة السامية ، هما لغات سامية وبالتالي أولى أن يختار الحرف العربي..

 

أما دعاة حرف التيفيناغ وهم أصحاب شرعية تاريخية ، لأنهم حافظوا آلاف السنين على هذا الحرف ، وهو الامتداد الطبيعي لهذه اللغة، متى سيفصل فيه؟ فلنترك الوقت للوقت كما يقول الفرنسيون ، يعني بعد عشرين سنة أو ثلاثين سنة يمكن أن نعمل حصيلة ماذا أبدع بالحرف العربي؟ وماذا أبدع بالحرف اللاتيني؟ وماذا أبدع في الحرف التيفيناغ ؟ حينئذ يكون الفصل سهلا .

 

هناك اتهام لفرنسا بأنها وراء هذه الجدل اللغوي حول حرف كتابة الأمازيغية وتشجيعها للحرف اللاتيني، هل تخطط باريس لكتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني لفصلها عن شقيقتها العربية لتكون تابعة إلى منظمة الفرانكفونية العالمية؟

 

حسنا ، دعينا نضع الأمور في سياقها التاريخي ، الذين أسسوا هذه الأكاديمية وأنا أعترض على كلمة أكاديمة فهي كبيرة على تلك المؤسسة، التي لم تكن أكاديمية بالمعنى الكلمة، كانت عبارة عن جمعية نشطاء ثقافيين، الحقيقة كانت جمعية ثقافية وليست أكاديمية بالمعنى العلمي للكلمة، وللتوضيح أن هؤلاء المثقفين كانوا نشطاء سياسيين في الجزائر مغضوب عليهم من الدولة الجزائرية..

خاصة بعد استيلاء هواري بومدين على السلطة في انقلاب 1965، بعضهم كانوا محسوبين على الحركة البربرية ، كانوا نشطاء بربريين ، والبعض الآخر كانوا ينتمون إلى حزب القوى الاشتراكية ( FFS) الذي دخل في حرب أهلية عام 1963 بالحكومة المركزية ضد حكومة بن بلة آنذاك، فلم يكن ثمة مجال لبقائهم هنا بالجزائر لأنهم مطلوبون مهددون بالسجن بالاقصاء فهربوا إلى فرنسا، وكانوا ناطقون باللغة الفرنسية، يعني فرانكوفونيين في تكوينهم ، ولا أحد منهم يتكلم عربي أو يتقن اللغة العربية.. 

 

فلما اجتمعوا في باريس أنشأوا مجلات عديدة مثلا "مجلة الشمس، مجلة الوحدة بالأمازيغية " وكانت تصل تلك المجلات خفية إلى الجزائر، فكانوا يجتمعون في تلك الجمعية الثقافية، انضم إليهم شعراء ، انضم إليهم مغنون وجامعيون لاحقا، وبدأوا يفكرون في محاولة إحياء اللغة الأمازيغية، فشجعوا على الانتاجات الشعرية والنثرية وغير ذلك، فكانت تصل إلى الجزائر بطرق سرية، وبالتالي هؤلاء لم يختاروا بين الحرف العربي والحرف اللاتيني عن وعي، كان اختيارهم مباشرة اللغة الفرنسية بحكم الجغرافية، كانوا فرانكوفونيين بحكم أنهم يتقنون الفرنسية، وتكوينهم الثقافي باللغة الفرنسية.

مظاهرات أمازيغية مطالبة بتعليم اللغة الأمازيغية

 

تقصد أن فرنسا لم تكن وراء تأسيس الأكاديمة البربرية ولا تكترث بالحرف الذي تكتب فيه اللغة الأمازيغية لاتيني أو عربي؟

 

هل كانت فرنسا وراء ذلك ؟ لم تكن فرنسا وراء ذلك لتأسيس هذه الجمعية الثقافية لمثقفين جزائريين مايسمى " الأكاديمية البربرية"، ولكن أكيد أنها استغلت الأمر وشجعتها على مبدأ سياسة " فرق تسد " هذه معروفة ، ثم فرنسا تريد أن يكون هناك امتداد فرانكوفوني بشكل من الأشكال في شمال أفريقيا، والجزائر أكبر بلد في المنطقة يتحدث سكانها بالفرنسية ولكنها ليست منضمة في منظومة الفرانكوفونية العالمية، وبالتالي على فرنسا أن يبقى المجال الحيوي الثقافي في الجزائر موجودا ولو بالحرف اللاتيني في اللغة الأمازيغية.. 

 

إذن أكيد أن فرنسا استغلتها لكن ليست هي التي أسستها ، أسسها نشطاء جزائريون يناهضون السلطة الجزائرية ملاحقون بالجزائر فذهبوا إلى فرنسا ، هؤلاء أيضا في مروحة طيف سياسي منهم العقلانيون الموضوعيون عندهم رزانة في الطرح ، لكن فيهم أيضا متعصبون متطرفون ، يجب أقول الحقيقة فيهم المتعصبون متطرفون ضد الحرف العربي ضد البعد العربي كله في الجزائر، لكن فيه ناس مقبولون يمكن التحاور معهم ويبني ويؤسس على هذا الحوار .

 

عودة للأدب والشعر الأمازيغي.. هل يوجد شعر مقاومة مثل شعر محمود درويش مثلا إبان الاستعمار الفرنسي؟

 

نعم يوجد، أكيد والجميل في هذ الشعر، الذي نسميه شعر المقاومة، أن قالته النساء ، شعر نسوي مجهول المؤلف يتغنى بأبطال الثورة الجزائرية وقادتها ، تغنين بعميروش، بعبان رمضان، وبن مهيدي، وسي الحواس ، ويصحب الشعر الغناء ، النساء هن تغنين بالثورة والمقاومة أكثر من الرجال ، هذا معروف في الشعر الْأمازيغي كله سواء كان شاويا أو قبائليا ، لأن النسوة شاركن مشاركة فعالة في الثورة.. 

 

لم يكنّ فقط ممرضات كما يدعي البعض ، أو كن يطبخن ، لا ليس صحيحا كنّ حاملات السلاح لمقاومة الاحتلال ، هذا جانب ، والجانب الثاني أن هؤلاء النساء هن يكتوين بنار الحرب ، اكتوت النسا ء بفقد الابن أو الأخ والأب وخالها وعمها بالجبل ولا تدري هل يعودون أم لا.

 

هن اللائي كن يبقين في البيوت منتظرات عودة الرجال، وأحيانا فرغت القرى من الرجال، جميعهم طلعوا للجبل ، أو كانوا في الغربة يعملون للقمة العيش، بقيت النسوة يرددن الأشعار ويندبن حظهن ويبكين، ثم بعد ذلك يثرن ضد هذا المغتصب الذي أرغمهن على هذه الحياة الصعبة، لذلك بقي عنصر المقاومة واضحا جدا في الشعر الأمازيغي، وتحول بعد الاستقلال إلى مقاومة من أجل الهوية أو سلطة مركزية حاكمة ضاغطة.

 

سقوط الحزب الواحد منذ 1962 إلى 1989 منع هذه الهوية أصبح الشعراء يتغنون ليقولوا نحن هنا ، لذلك بقي بيت شعري رائع جدا لسي محمد أومحاند في قصائده القديمة " ننكسر ولا ننحني " هذا كان شعار المقاومة الأمازيغية في الشعر القديم ، يعني أنا عودٌ صلب أُفضل أنكسر ولا أطأطئ رأسي، بقي هذا الشعار موجودا طيلة الستينات والسبعينيات لشعراء المقاومة على الهوية الثقافية مثل آيت منقلات ، معطوب الوناس.


 


 


 


 


 


 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى