في الجزائر.. لماذا تجاهلت فرنسا مجازرها في حرب التحرير؟

[real_title] أقر المجلس الدستوري الفرنسي ( أعلى هيئة قانونية بفرنسا) قانونا يقضي بتعويض الجزائريين ضحايا أعمال التعذيب والعنف من المدنيين خلال حرب التحرير الجزائرية 1954 ولغاية 1962، وهو تعديل لقانون سابق يمنح التعويض لحاملي الجنسية الفرنسية فقط.

 

وانطلاقا من " المساواة أمام القانون" الذي يعتبر شعار الجمهورية الفرنسية، اعتبر المجلس الدستوري الفرنسي أن الجزائريين ضحايا التعذيب والعنف من المدنيين كانوا يقيمون في أرض تابعة للسيادة الفرنسية في تلك الفترة ومن حقهم التعويض.

 

جاء قرار المجلس الدستوري الفرنسي بعد شكوى رفعها جزائري تعرض للتعذيب وعمره ثماني سنوات، كما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.

 

وجاء في حيثيات قرار المجلس الدستوري الفرنسي، أنه " لا يمكن التفريق بين الضحايا على أساس جنسياتهم، ماداموا قد تعرضوا إلى أعمال عنف فوق التراب الفرنسي عند وقوع الأفعال التي رفعوا شكاوى بشأنها ".

 

وكانت فرنسا تمنح التعويض لضحايا حرب التحرير الجزائرية لحاملي الجنسية الفرنسية فقط ، لكن المجلس الدستوري الفرنسي راجع القانون وأسقط شرط " التمتع بالجنسية الفرنسية للحصول على التعويض " لأن الجزائر آنذاك ( قبل الاستقلال 1962 ) كانت تابعة للسيادة الفرنسية ، والجزائريون يحملون الجنسية الفرنسية، فمن حقهم التعويض عن الضرر الذي سببه الجيش الفرنسي من اعتداءات على الجزائريين المدنيين.. 

المحامي بوجمعة غشير

 

ويستثني القانون كل من كان في صفوف ثورة التحرير أو متعاطفا معها، كما أوضح لمصر العربية المحامي بوجمعة غشير " القانون يمنح التعويض للجزائريين المحايدين أو غير الموالين للثورة الجزائرية ، بينما المجاهدون الذين ماتوا تحت التعذيب أو أصيب بعاهة دائمة كبتر الرجل أو اليد أو قلع العين، لايعوضون بل وحتى المتعاطفين مع الثورة وتضرروا بالتعذيب والعنف غير مشمولين بالتعويض".

 

المجلس الدستوري الفرنسي

 

ورغم ذلك اعتبر المحامي غشير رئيس سابق للرابطة الجزائرية لحقو الإنسان قرار المجلس الدستوري الفرنسي " جيدا لتعويض ضحايا التعذيب المدنيين".

 

وعما إذا كان القانون يشمل ضحايا القصف الفرنسي لقرى مسحها عن وجه الأرض قال غشير  إن القانون حدد ضحايا التعذيب والعنف فقط، أما قصف القرى وإبادة سكانها غير مشمول بهذا القانون، فذاك ملف آخر يضاف لملف ضحايا التفجيرات النووية في رقان بالجنوب الجزائري، لازالت أضرار الأشعة النووية تسبب أمراضا خطيرة لسكان المنطقة، سيبحث لدى حكومتي البلدين، وتحدد الأضرار والتعويض عنها".

الجيش الفرنسي في الجزائر

 

جاء قرار المجلس الدستوري الفرنسي الذي أعلنه الخميس الماضي في أعقاب تجديد الجزائر مطالبتها فرنسا بمراجعة تحديد المنطقة المتضررة من التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في رقان 13 فبراير 1960 بالهواء الطلق ، وراح ضحيتها فوريا 150 جزائريا، وذلك قبل انعقاد اللجنة المشتركة الفرنسية – الجزائرية المكلفة بدراسة هذا ملف التجارب النووية الفرنسية وقد مضى عليها نصف قرن دون تعويض حتى اليوم.. 

 

وتقلل فرنسا من الأمر بأنها " تجارب علمية "، لكن الخبراء الجزائريين وبالتعاون مع خبراء دوليين تبينوا أن " يرابيع رقان " ( الاسم الفرنسي لتلك التجارب )كانت تجارب نووية، وكان الجزائريون " فئران تجارب " ماتوا على الفور عند حدوث الانفجار ، وتلوثت المنطقة بالإشعاعات النووية تحتاج ملايين الدولارات لتنظيها كما قال لمصر العربية الدكتور عمار منصوري خبير بالتلوث النووي، وتتحمل فرنسا مسؤولية التنظيف وتعويض الضحايا.

وكان وزير المجاهدين الطيب زيتوني قد صرح للصحافة " إن الجزائر لديها اقتراحات لتعويض الجماعات والأفراد المتضررين من الإشعاعات النووية، إضافة إلى التعويض عن تلوث البيئة والأضرار التي لحق بالأرض لم تعد صالحة للزراعة لقرون.

 

وأوضح الوزير زيتوني " أن الأراضي المتضررة من الإشعاعات النووية تزيد عن 100 كلم مربع ، وفرنسا عوضت بعض الجنود الفرنسيين الذين كانوا يعملون في تلك المناطق التي أجريت فيها التجارب النووية"

 

إشعاع نووي

 

وحسب الدكتور منصوري الخبير بتلوث الإشعاع النووي أن منطقة رقان وعين ابكر بالجنوب الجزائري لازال السكان يعانون من تشوهات خلقية في الأجنة، وارتفاع نسبة مرض السرطان بين سكان تلك المناطق.

 

وكانت وزارة الدفاع الفرنسية أصدرت مرسوما عام 2010 يكمّل القانون الصادر 2009 ينص على تعويض الجزائريين ضحايا التجارب النوورية ، إلا أنه لم يعوض الضحايا لاشتراط فرنسا " تقديم وثائق طبية تثبت أن تلك الأمراض بسبب التجارب النووية " وهو أمر صعب الحصول عليه حسب المختصين.

 

وهناك مطالب جزائرية يقودها محامون جزائريون " جمعية مناهضة الفكر الاستعماري" يطالبون فرنسا بالتعويض عن جرائم الماضي الاستعماري منذ 1980 ولغاية الاستقلال 1962 وما جرى من نهب لثروات الجزائر، وقال غشير لمصر العربية " ذاك ملف عكر دائما العلاقات الجزائرية الفرنسية رغم التظاهر بحسن العلاقات ، فالأضرار التي لحقت بالجزائر وشعبها خلال الحقبة الاستعمارية أكبر بكثير من تلك التي أقرها المجلس الدستوري الفرنسي الذي شمل قطرة في بحر "أعمال العنف والتعذيب"، وتجاهل المجازر على طول الجزائر وعرضها طيلة 132 عاما من الاستعمار الاستيطاني الاحتلالي"

جانب من أحداث ثورة الجزائر

 

حاولت مصر العربية الاتصال بمحامين في جمعية مناهضة الفكر الاستعماري ، يدافعون عن ضحايا الاستعمار الفرنسي في الجزائر ، ويطالبون فرنسا بتعويض الدولة الجزائرية عن الأضرار التي لحق بالجزائر خلال قرن و 32 عاما من الاستعمار الفرنسي، ويطالبون أيضا فرنسا بالاعتذار للجزائر عن تلك المرحلة السوداء لتسوية كافة الملفات وتستوي العلاقات بين الجزائر وفرنسا، لكن تفاجأت مصر العربية باعتذارهم عن التصريح لأن " نقيب المحامين سيليني عبد المجيد هدد المحامين في نقابة محامي الوسط بالشطب من قيود النقابة إن صرحوا للصحافة"..

 

وحاولت مصر العربية الاتصال بنقيب المحامين سليني عبد المجيد لتسأله عن قراءته لقرار المجلس الدستوري الفرنسي بتعويض ضحايا التعذيب والعنف، ولماذا يمنع المحامين من التصريح للصحافة في قضايا قانونية؟ للأسف لم نتمكن من ذلك فقد أغلق هاتفه.

وهي مسألة تثير الدهشة في حرية التعبير، وفي حرية الحصول على المعلومة..\

 

استغلال الصحافة

 

في السياق، أكد محامي رفض ذكر اسمه حتى لايُشطب من النقابة " أن سيليني قال يمنع على المحامي استغلال الصحافة للإشهار لعمله كمحامي، وهذا موجود في القانون الداخلي للنقابة، ولكن المحامين الذين يدافعون عن ضحايا تفجيرات رقان أو ضحايا المجازر وغيرها لا يعملون دعاية لأنفسهم، بل نشطاء في الشأن العام بلا مقابل".

 

وأوضح شكل الإشهار المحظور بالنقابة " عندما يصرح المحامي للصحافة أنه يستقبل قضايا صعبة ويضمن البراءة لموكله وبأجور في متناول الزبائن، هذا حتما ممنوع ، ولا يُقْدِم عليه أي محامي كي لايخالف النظام الداخلي للنقابة " وعما إذا كان كافة محامي الجزائر يمنعون من التصريح للصحافة قال " فقط نقابة محامي الوسط من تعرضوا لتهديد الشطب من النقابة لو صرحوا للصحافة.

 

وعن رأيه بقرار المجلس الدستوري الفرنسي قال المحامي رافضا ذكر اسمه " إنه قرار يعتبر فتحا في الموقف الفرنسي إزاء تعويضات ضحايا الاستعمار الفرنسي ، وهناك ملفات أخرى لكن لايمكن طرحها دفعة واحدة حتى لاتتعقد الأمور ، والأفضل معالجة ملفات الحقبة الاستعمارية تدريجيا حتى يكون لها نتائج ملموسة. 

 

وأشار إلى ملف ضحايا رقان في الذكرى 58 لأول تفجير في 13 فبراير عام 1960 باسم " اليربوع الأزرق " أن التجارب كانت حسب ملف التفجيرات " تجارب علمية" لكن ما حصل تفجير نووي بالهواء الطلق ، أدى إلى مقتل مئات الجزائريين ، وتلوث المنطقة بالإشعاع النووي ، الذي تسبب بحرق الأرض والتشوه الخلقي في البشر والماشية ، وانتشار أمراض السرطان وأخرى غير معروفة تتسبب بارتفاع الوفيات بالمنطقة.

وأكد أن هذا الملف سيكون محل دراسة في اللجنة المشتركة الفرنسية الجزائرية المزمع انعقادها قريبا.


 


 


 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى