مدينة جرادة المغربية.. مناجم الفحم تشعل مظاهرات الغضب

[real_title] لم تلتفت الحكومة المغربية لمناخها القاسي وتضاريسها الجبلية؛ فأهملت ما تبقى من مظاهر الحياة تاركة عشرات الآلاف من السكان ليواجهوا مصيرهم المجهول، أغلقت مناجم الفحم التي تمثل شريانا حيويا للعمل والحياة، فاشتعلت (عوضا عن الفحم) المظاهرات الغاضبة.. إنها مدينة جرادة المغربية التي تشهد حراكًا شعبيًَا غاضبًا منذ فترة. 

 

المدينة المعروفة بالفحم الحجري والواقعة قرب حدود الجزائر صنفتها "الأرقام القياسية" من بين أفقر مدن المملكة المغربية، واندلعت مظاهراتها إثر وفاة شقيقين اضطرهما الفقر والبطالة إلى التنقيب بشكل غير شرعي عن الفحم من منجم مهجور، فدفنتهما الانهيارات أحياء.

 

وتشهد جرادة العديد من التظاهرات الناقمة على المعيشة والمطالبة بإصلاحات اقتصادية عاجلة، وخطة لإيجاد بديل يساعد على العيش، كان آخرها قبل أيام. 

 

تظاهرات غاضبة

 

 

وتظاهر الآلاف من سكان مدينة جرادة ليل السبت، غداة لقاء وزير الزراعة عزيز أخنوش مسؤولين محليين في المدينة ونقابيين ووفدًا من المتظاهرين الشباب، وعرضه مشاريع وآفاقًا واعدة حصيلة للمشاريع الزراعية الحالية في المنطقة.

 

التظاهرات التي دخلت أسبوعها الخامس، لم تهدأ رغم تدخل عزيز أخنوش، ثاني مبعوثي حكومة سعد الدين العثماني للمنطقة، بعد الزيارة الأولى لعزيز رباح وزير الطاقة والمعادن حرصا منها على تطويق الاحتجاجات حتى لا تكون على غرار الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من 15 شهرا، وكان لها تداعياتها السلبية على سمعة المغرب دُوليا إضافة الى تكاليفها السياسية والاقتصادية الباهظة.

 

ولم ينجح الوزير القوي عزيز أخنوش، في زياراته التي قام بها للمنطقة نهاية الأسبوع الماضي في وقف الاحتجاجات، التي تسود المدينة، واستقبلته الساكنة بإضراب عام شهدته المدينة يوم الجمعة الماضي وتظاهرات يوم السبت شارك فيها الأهالي والنشطاء، معلنين رفض الساكنة للمقترحات التي حملها مبعوث الحكومة لوقف حالة الاحتقان التي اندلعت بسبب ارتفاع فواتير الماء والكهرباء، وتأججت بعد سقوط “شهيدي الفحم” في مناجم ضواحي المدينة.

 

وقال نشطاء في حراك جرادة إن الاحتجاجات مازالت متواصلة، خصوصا أن المتظاهرين لم يروا جديدا فيما حملهم لهم أخنوش، مؤكدين أن ما قدمه هو المقترحات نفسها التي سبق أن قدمها رباح، والتي رفضها السكان، ومطالبين بتسوية عاجلة وحقيقية لمشاكل منطقة يرون أنها تحتضر اقتصاديا.

 

وعود تشغيل

 

 

وقالت صحف مغربية إن الحكومة حملت لمحتجي جرادة مقترحات بتشغيلهم في مشروعات ردم آبار الفحم، وتشغيل نسائهم في الأعمال الفلاحية الموسمية في إسبانيا، وتخصيص فرص عمل لشباب المدينة في المدن الصناعية مثل طنجة والقنيطرة، إلا أن فواتير الماء والكهرباء ما زالت أهم نقطة خلافية بين المحتجين ومبعوثي حكومة العثماني، حيث يتشبث أهالي جرادة بمطلب مجانية الكهرباء، في ظل وجود محطة حرارية في المدينة.

 

ورفعت التظاهرات شعارات تندد بـ "مماطلة الحكومة في تنفيذ وعودها"، بشأن خلق بديل اقتصادي في المنطقة من بينها "لا رباح لا أخنوش الحوار كله مغشوش". 

استجابة جزئية

 

استجابة الحكومة
 

 

وكانت السلطات أعلنت الثلاثاء خطة طارئة للاستجابة لمطالب سكان جرادة، وتشمل تخفيضات في فاتورتي الماء والكهرباء، وخلْق فرص عمل ومراقبة استغلال مناجم الفحم المتهالكة وتدهور البيئة، وتعزيز الخدمات الصحية.

 

وقالت وكالة الأنباء الرسمية المغربية إن الوزير عرض مشاريع وأفاقا واعدة كحصيلة للمشاريع الفلاحية الحالية في المنطقة، لكن ذلك لم يقنع المحتجين الذين عبروا عن عدم رضاهم عن المحادثات.

 

وقبل الاجتماع مع الوزير، قال أحد الناشطين الشباب لوكالة الأنباء الفرنسية إنه "لم تتم الاستجابة لمطالب الحراك، ولم تقدم الدولة حلا، ولم يكن هناك تحرك ملموس، وأضاف أن جميع المتاجر والمصارف والمقاهي أغلقت أبوابها في يوم إضراب عام.

 

وسبق ذلك إرسال السلطات وفدا وزاريا للمدينة مطلع الشهر الجاري لتهدئة التوتر، لكن من دون التوصل الى إقناع المحتجين الذين واصلوا المطالبة بـ "مشاريع تنمية ملموسة"، ونظموا مسيرات.

 

مخاطر التنجيم

 

 

وعلى الرغم من إغلاق منجم كبير نهاية تسعينيات القرن الماضي في جرادة كان يعمل فيه نحو تسعة آلاف شخص، فإن المئات من عمال المناجم يواصلون المخاطرة بحياتهم لاستخراج الفحم الحجري سرا.

 

وأصيب الكثير منهم بأمراض ناجمة عن استنشاق غبار الفحم الحجري.

 

وكانت المدينة شهدت تظاهرات إثر وفاة شقيقين في حادث نهاية ديسمبر 2017، عندما كانا يحاولان بشكل غير قانوني استخراج الفحم من منجم مهجور.

 

وتوجه وفد حكومي إلى المدينة بداية يناير الجاري لاحتواء التوتر، لكن المسؤول الحقوقي سعيد زروال قال إن الوفد لم يقنع المحتجين الذين يطالبون بمشاريع ملموسة للتنمية.

 

وشكل السكان لجان أحياء وأعدوا قائمة بمطالبهم.

 

على مبارك الناشط الحقوقي والباحث في جمعية حقوق الإنسان المغربية، قال إن معاناة سكان الجبال والمناطق النائية هي مشكلة عامة في كل دول المغرب العربي وذلك من عشرات السنين وجاءت الأوضاع السياسية والأزمات الاقتصادية لتزيد من تلك المعاناة.

 

تحسين الظروف

 

 

وأضاف في تصريحات سابقو لـ"مصر العربية" أنه على الرغم من وجود دستور مغربي يكفل الحقوق والحريات إلا أن الحقوق الاجتماعية لسكان هذه المناطق خصوصا منطقة الجرادة وربما الريف نفسه بها تراجع كبير ويتضح ذلك من الأزمة الحالية في الحسيمة.

 

وأوضح أن لابد أن تعي الحكومات جيداً خاصة في البلاد المستقرة نسبياً كالمملكة المغربية بأن غضب الجماهير ليس له حدود، كما لابد ان يعملوا من أجل تحسين جميع الظروف الحياتية والاجتماعية وتفويت الفرصة على المتربصين خارج البلاد الذي يريدون استغلال أي تحركات حتى وإن كانت مسالمة لاستغلالها من أجل الفوضى.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى