مؤتمر سوتشي.. انفراجة سورية أم مكيدة روسية؟

[real_title]  

بعد إعلانه إنهاء عملياته العسكرية ضد تنظيم داعش في سوريا، لم يعد أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوى أن يطلق رصاصة الرحمة على المعارضة السورية، وذلك بتمرير رؤيته السياسية عبر مؤتمر "سوتشي".

 

ولم يعد يخفى على أحد أن الرؤية السياسية الروسية في سوريا تعتمد كليًا على تواجد بشار الأسد في سدة الحكم، وهو ما يسعى بوتين إلى فرضه في مؤتمر سوتشي، والمزمع عقده الشهر المقبل.

 

تحاول روسيا والتي أخذت غطائًا دوليا لمؤتمرها - بحسب المراقبين- تجميع أكبر عدد من القوى السورية لتمرير حلها السياسي، إلا أنها اصطدمت مؤخرًا برفض شبه كامل للحضور من قبل فصائل المعارضة.

 

وأصدر نحو أربعين فصيلًا عسكريًا سوريًا معارضًا من أبرزها جيش الإسلام وحركة أحرار الشام بيانًا مشتركًا أعلنت فيه رفضها القاطع لمؤتمر سوتشي.

 

المراقبون اتفق أغلبهم في وصف المؤتمر بـ "الخبيث"، مؤكدين أن روسيا تسعى من خلاله إلى قتل الثورة وإضعاف قوى المعارضة، بينما يرى آخرون أنه قد يخرج بنتائج هامة وأفكار يمكن تأسيسها، خصوصا بعد فشل مفاوضات جنيف في حلحلة الأوضاع السورية.

 

من أستانا إلى سوتشي

 

لقاء تمهيدي لرؤساء روسيا وتركيا وإيران في سوتشي


واتفقت روسيا وتركيا وإيران - وهي الدول الضامنة لوقف إطلاق النار في سوريا- خلال الجولة الثامنة من اجتماع أستانا على عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في منتجع سوتشي الروسي يومي 29 و30 يناير المقبل.

 

ففي البيان الختامي للجولة الثامنة من مفاوضات أستانا، أكدت الدول الثلاث استعدادها للتحضير لمؤتمر الحوار السوري، ودعت ممثلي النظام السوري والمعارضة إلى المشاركة في هذا المؤتمر الذي اقترحته روسيا.

 

وفي الوقت ذاته جرى تخطي القضايا الأساسية المطروحة على مسار أستانا في مختلف جولاته، تلك المتعلقة بتثبيت وقف إطلاق النار، وتشكيل لجنة لمراقبة الانتهاكات والتصعيد في "مناطق خفض التصعيد"، وملف المعتقلين والمخطوفين وفك الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى كافة المناطق.

 

وقال رئيس الوفد الروسي في أستانا ألكسندر لافرينتيف إن دولا عدة رشحت قوائم أسماء لحضور مؤتمر سوتشي، منها مصر والسعودية وتركيا والإمارات وروسيا.

 

فيما قال رئيس وفد المعارضة السورية أحمد طعمة إن المعارضة تلقت دعوة لحضور المؤتمر، وأضاف أنها ستقيم الدعوة من منطلق مرجعياتها السياسية لاتخاذ قرار بالمشاركة أو عدمها.

 

رفض المعارضة

 

دي ميستورا وهيئة التفاوض السورية المعارضة

 

انضم مسؤولون في المعارضة السياسية السورية إلى كبرى الفصائل المسلحة في رفض المشاركة في مؤتمر الحوار الذي دعت إليه روسيا نهاية الشهر المقبل بمنتجع سوتشي، في وقت طالبت الأحزاب الكردية بتمثيلها في المؤتمر بوصفها كيانات لا أفرادا.

 

وقال أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري (أحد مكونات المعارضة الممثلة في الهيئة العليا للتفاوض) يحيى مكتبي، في بيان صحفي، إن روسيا غير مؤهلة لرعاية مؤتمر حول إحلال السلام في سوريا، مشيرا إلى رفضها خلال جولة جنيف الثامنة الضغط على النظام لإلزامه بالانخراط في مفاوضات مباشرة.

 

وأضاف أن الطائرات الروسية لا تزال تساعد النظام في استهداف المدنيين والأحياء السكنية.

 

من جهته، أضاف عضو الهيئة السياسية بالائتلاف عقاب يحيى إن المسؤولين الروس وضعوا الشروط على المعارضة السورية قبل أن يعلنوا أجندة مؤتمر سوتشي، في إشارة إلى تصريحات روسية بأن على المعارضة أن لا تشترط رحيل الرئيس بشار الأسد إذا أرادت المشاركة في المؤتمر.

 

 بدوره قال الناطق الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية المعارضة يحيى العريضي للجزيرة، إن هناك رفضًا سوريًا واسعا للمشاركة في مؤتمر سوتشي.

 

وأضاف أن "أجندة المؤتمر ظاهرها شيء وباطنها على الأغلب شيء آخر"، منتقدا ما وصفها بالعنجهية الروسية في هذا الشأن.

 

وكانت المعارضة السورية أكدت أنها لن تشارك في مؤتمر سوتشي إن لم يُفض إلى تحقيق انتقال سياسي ويوقف خروق النظام، ويضمن عودة اللاجئين، وفتح ملف المعتقلين لدى النظام السوري.

 

موقف الفصائل

 

 

وأصدر نحو أربعين فصيلًا عسكريًا سوريًا معارضًا من أبرزها جيش الإسلام وحركة أحرار الشام، بيانًا مشتركا أعلنت فيه رفضها القاطع لمؤتمر سوتشي.

 

وقالت الفصائل، وبعضها شارك في جولات سابقة لمفاوضات جنيف، إن روسيا تسعى للالتفاف على عملية السلام التي تجري في جنيف برعاية الأمم المتحدة، وجددت التزامها بمسار الحل السياسي وفق بيان جنيف واحد، والقرارات الدولية ذات الصلة بما فيها القراران 2254 و2218.

 

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصطفى سيجاري القيادي في "لواء المعتصم" - وهو أحد الفصائل الموقعة على البيان - قوله إن الروس شركاء في قتل الشعب السوري وداعمون لما وصفه بإرهاب الأسد.

 

وأضاف أن من يريد أن يكون وسيطًا وضامنًا في المسألة السورية يجب أن يكون محايدًا ومنصفًا وصادقًا في دعم الانتقال السياسي، مؤكدا أن هذا ما لا يتوفر في الجانب الروسي.

 

وبالتزامن مع بيان الفصائل، أصدرت الهيئات السياسية التابعة للمعارضة في المحافظات السورية بيانًا أكدت فيه رفضها مؤتمر سوتشي، وما يصدر عنه من قرارات قالت إنها تجرّم من يحضره من الأجسام السياسية أو العسكرية أو الشخصيات المعارضة، وطالبت قوى الثورة السياسية والعسكرية بالتمسك بأهداف الثورة وثوابتها.

 

أكراد سوريا 

 

المجلس الوطني الكردي في سوريا

 

في الأثناء، قالت أحزاب كردية، أبرزها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (الذراع السياسية لوحدات حماية الشعب الكردية) إن من حقها المشاركة في مؤتمر الحوار السوري بسوتشي.

 

وطالبت في بيان بأن تشارك تحت مسمى "الإدارة الذاتية الديمقراطية"، ودعت لعدم إخضاع التحضير للمؤتمر وتوجيه الدعوات للحضور لمشيئة الحكومة التركية، في إشارة إلى رفض أنقرة مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره امتدادا لحزب العمال الكردستاني.

 

وأعلنت الأحزاب الكردية السورية أنها ترفض المشاركة كأفراد، وأبدت تأييدها لأي مؤتمر ينهي الاستبداد ويحقق السلام في سوريا، كما عبرت عن أملها في أن يكون مؤتمر سوتشي حلا نهائيا للقضية السورية برعاية دولية، وفق ما جاء في البيان.

 

وكان مسؤول روسي استبعد مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي بسبب الرفض التركي له.

 

إضعاف المعارضة

 

الدكتور عماد الدين الخطيب، سياسي سوري والأمين العام لحزب التضامن، قال إن روسيا تحاول الهروب من التزامها بالقرارات الدولية والتي هي شريكة في إصدارها، بما يتعلق بالصراع السوري- السوري بدءا من مبادئ جنيف، وانتهاءا بالقرار 2254.

 

وأضاف لـ "مصر العربية" أن روسيا تعلم جيدا بأن نهاية النظام في سوريا سيكون بتطبيق القرارات الدولية، لذلك تحاول إيجاد بديل لمفاوضات جنيف بعد أن عجزت عن إنهاء قوى الثورة العسكرية بتدخلها عسكريا واستغلال الموقف التركي الذي يخشى على أمنه القومي من وجود كيان كردي في الشمال السوري مما دفع تركيا للتماهي مع الرغبة الروسية.

 

وتابع: "يبدو أن لقاءات الأستانة الثمانية لم تأت بالمطلوب منها بشكل كامل، لذلك تحاول روسيا الاستعانة بمسمى جديد للحوار السوري لتثبت أنها صاحبة الكلمة والفصل بإنهاء الصراع ومحاولة اللعب على التصريحات الإعلامية وأهمها أن كل الاجتماعات ستكون مساعدة لمؤتمر جنيف وهي في ذلك تكذب بكل وقاحة.

 

روسيا تحاول من خلال مؤتمر سوتشي - بحسب الخطيب- جمع أكبر عدد من الحضور بذريعة تمثيلهم للشعب السوري ومكوناته، وفي ذلك غاية أساسية كما جاء على لسان المبعوث الروسي لسوريا أنه لا مجال للحديث عن رحيل الأسد.

 

السياسي السوري يعتقد أن الهدف من ذلك هو إضعاف قوى الثورة والمعارضة، وإحراجهم أمام ذلك العدد الهائل من الحضور والمؤيد لبقاء الأسد ونظامه.

 

وعن موقف المعارضة السورية، قال الخطيب إن كل قوى المعارضة تؤكد عدم الذهاب إلى "سوتشي" إلا أن حصل تغيير بالموقف الدولي، وتم إعطاء شرعية أممية، لمؤتمر سوتشي، وبأنه مكمل لمباحثات جنيف.

 

وأنهى حديثه قائلا: "روسيا وتحديدًا بوتين أمام استحقاقات محلية وعالمية، أهمها داخليًا الانتخابات المقبلة الرئاسية، ودوليا استضافة نهائيات كأس العالم، ويريد بوتين الظهور ومعه روسيا بأنهم حمائم السلام في العالم".

 

مؤامرة دنيئة

 

 

من جانبه اتفق نواف الركاد، السياسي السوري ورئيس الحركة الوطنية لأبناء الجزيرة مع كلام الخطيب، مؤكدا أن "مؤتمر سوتشي مجرد محاولة التفافية لخنق الثورة، ومؤامرة دنيئة يراد منها إلغاء أحلام السوريين".

 

ويرى الركاد أن "روسيا تريد تتويج عملها العسكري العدواني بانتصار سياسي، يحفظ كامل أهدافها بالإبقاء على شبه نظام يتمتع دستوريا بصلاحيات مطلقة، تريد أن تقول هؤلاء هم السوريون لا يرغبون بتغيير النظام ومن يرغب بتغييره هم الإرهابيون فقط".

 

وبسؤاله من يمثل المعارضة في مؤتمر سوتشي، أجاب: "ليست هناك قوى معارضة حقيقية ستذهب إلى موسكو، وليس هناك أي ممثل للثورة، بل قامت روسيا وأجهزة استخبارات الأسد بدعوة المؤيدين و بعض القوى الاجتماعية ذات الصبغة الرمادية من الداخل.

 

أهمية سوتشي

 

بدوره قال أكثم نعيسة، السياسي السوري ومدير مركز الشام للدراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، إن من يقبل الحضور في جنيف، ويرفض سوتشي إنما يفعل ذلك وفق إرادة مشغليه لا أكثر، إنها تجاذبات مصالح وأجندات إقليمية، وغالبية المعارضات السورية تبني مواقفها وفقا لتبعية كل منها والجهة التى تنفق عليها.

 

وتابع: "من يرى في تركيا دولة فاتحة ويرى في روسيا دولة محتلة، ومن يرى في جنيف مؤتمرًا للحل، ويرى في سوتشي مؤتمرا للخيانة حالة من الفصام يعيشها المعارضون المتهافتون على المؤتمرات، كل المعارضين السوريين ليسوا أكثر من موظفين لدى جهات أجنبية، يأكلون وينامون ويتحدثون بما يقدم لهم، دمى في رقعة شطرنج.

 

ومضى قائلًا:" مؤتمر سوتشي سيحضره أغلب الذين يبقون عليه الآن؛ ليس لأن هذا موقفهم أو رأيهم وإنما لأنها إرادة مشغليهم".

 

نعيسة والذي أوضح عدم إيمانه بجنيف أو سوتشي في حل اﻷزمة السورية، أكد في الوقت نفسه أن فشل جنيف والقاعدة العريضة التي ستحضر مؤتمر سوتشي، ستجعل نتائجه أكثر أهمية من جنيف، وربما يطرح أفكارا يمكن التأسيس عليها لإيجاد حل مستقبلا.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى