«ضحايا الدقيق».. توزيع المساعدات تحول إلى فاجعة أودت بحياة 15 امرأة بالمغرب

" الموت من أجل حفنة دقيق".. واقع عاشه أهالي منطقة سيدي بوعلام، نواحي مدينة الصويرة، جنوبي المغرب ، حينما تحول نشاط خيري لتوزيع مساعدات غذائية للفقراء والنساء الأرامل إلى فاجعة راح ضحيتها 15 امرأة .


"أخبرتني سيدة بأن بعض المحسنين يوزعون مساعدات غذائية، بسيدي بولعلام، فسألتها أين تقع هذه المنطقة، وجئت لأخذ حصتي، فإذا بي أفاجأ بوجود جمهور غفير من النساء، يرابطن بالمكان منذ الساعة الثانية صباحا، وبعد انطلاق عملية التوزيع، انتشر دخان كريه الرائحة، في الفضاء المخصص للعمل المذكور، مما أدى إلى اختناق بعض النساء، فسقطن وشرعت الأخريات في السقوط عليهن" تقول فوزية بلهاط لصحيفة"هسبريس" المغربية.


وقالت مصادر محلية متطابقة، أنه بمجرد علم هؤلاء النساء بأن جمعية (غير حكومية) تعمل في مجال التطوع توزع مساعدات غذائية، حتى تهافتت صباح الأحد أكثر من 800 منهن على المتجر، الذي تمت فيه عملية توزيع الإعانات للحصول على سلة تحتوي على مواد غذائية قيمتها حوالي 20 دولاراً، ما أدى إلى تدافع شديد بين النسوة، تسبب في اختناق 15 منهن وإصابة عدد 7 آخرين بجروح متفاوتة.


ضحايا فوق الأربعين


مصالح الوقاية المدنية والأطقم الطبية، استمرت طيلة، الأحد، في إسعاف المصابات في حادثة التدافع، اللاتي بلغ عددهن سبع نساء بنسب متفاوتة الخطورة، إذ تم نقل 3 مصابات إلى المستشفى المحلي للمدينة ، فيما تم تخصيص مروحية لنقل مصابتين منهن إلى المستشفى الإقليمي، مولاي عبد الله بمدينة الصويرة، عبر مروحية الدرك الملكي، إلى المركز الجامعي محمد السادس، بعاصمة النخيل، نظراً لخطورة إصابتهما، وأدخلت الثالثة قسم الإنعاش، فيما تلقت أربع نساء العلاج، وبدأت حالتهن تتحسن كما أشارت مصادر إعلام مغربية .

وقال مصدر مطلع ، رفض الكشف عن أسمه من الفريق الطبي أن النساء اللواتي فارقن الحياة، كلهن فوق سن الأربعين عاماً، مشيراً إلى أن الضحايا توفين بعين المكان وقبل وصولهن إلى المستشفى بسبب الاختناق الناتج عن التدافع ، نقلا عن " هاف بوست عربي".


"ضحايا الدقيق" 

الحادث أثار الكثيرَ من ردود الفعل في صفوف نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي المغاربة، حيث أطلقوا هاشتاغ "ضحايا الدقيق"، من بين المتفاعلين الصحفي والناشط محمد الموساوي، الذي اعتبر أن فاجعة الصويرة "هي امتداد لخارطة القهر في هذا الوطن"، مضيفاً أن ما حدث "ليس حدثاً عابراً، وليس نتيجة لعدم التنظيم، بل نتيجة لواقع معيشي مزر، نتيجة سياسة قائمة على تجويع الفقراء، وإغناء الأغنياء".

وكتب عبد الإله الخضيري، الفاعل الحقوقي، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان: "إنها جريمة في حق الكرامة، التسول المفضي إلى الموت". مشدداً على أن الأمر "واقع مر، نسعى إلى إخفائه بانتصارات وهمية، في الرياضة وفي الصعود إلى القمر، وفي الاحتفاء بنجوم الفن وصرف المليارات عليهم".


كما طالب رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، "بالتحقيق في هذه الجريمة النكراء، من أجل تحديد المسؤولية التقصيرية التي أفضت إلى تدافع المواطنين بهذا الشكل المؤدي إلى موت بريئات".

بدورها علقت المحامية والناشطة الحقوقية، سعيدة الرويسي، على حادث الصويرة بالقول: "إنها كارثة إنسانية، ونكبة تؤكد ارتفاع نسبة الفقراء المنكوبين ببلادنا وتردي مستوى التنمية"، مضيفة أن ناقوس الخطر يدق بقوة "بسبب التردي المعيشي للفقراء المغاربة، الذين أصبحوا يعانون حتى الموت من أجل لقمة العيش، بينما هناك توزيع غير عادل لثروات البلد يحول دون تحقيق العدالة الاجتماعية وكرامة المواطنين".


كذلك انتقد الباحث في علم الاجتماع، يونس الوكيلي "الواقع الذي نخفيه بمساحيق التجميل، الواقع الذي ما زال الناس يموتون فيه من أجل لقمة تسدّ الرمق، الواقع الذي يفضح زيف مشاريع التنمية، الواقع الذي يؤكد أن الثروة والكرامة ليست لجميع المغاربة".


وفي السياق ذاته، أوضح محمد لقطيب، فاعل نقابي من إقليم الصويرة، أن "هذا الحادث المميت هو لحظة لمساءلة جميع المسؤولين، من منتخبين وسلطات محلية وحكومة، ومحاسبتهم على ما قدموه لهذه المناطق المهمشة، وكذا مساءلة المقاربة الإحسانية، التي تعتمدها الدولة المغربية في محاربة الفقر".


وأوضح لقطيب أن لفظ 15 من النسوة أنفاسهن الأخيرة، وإصابة سبع منهن، يطرح أكثر من علامة استفهام حول البرامج الإقليمية والمحلية لمحاربة الهشاشة والفقر، وصندوق دعم العالم القروي، والبرامج المندمجة لجهة مراكش أسفي، خاصة أن منطقة سيدي بولعلام، يضيف لقطيب، توجد على مقربة من أكبر منطقة، يتم فيها التنقيب عن الغاز الطبيعي، وتعرف أراضي فلاحية لزراعة العنب ، في تصريح لـ"هسبريس".


تدخل ملكي وتحقيق

مباشرة بعد الحادث دخلت وزارة الداخلية على الخط، لتُصدر بياناً، مفاده أن العاهل المغربي

محمد السادس، أصدر تعليماته إلى "السلطات المختصة لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، من أجل تقديم الدعم والمساعدة الضروريين لعائلات الضحايا وللمصابين إثر حادث التدافع". مضيفة أن الملك قرر "التكفل شخصياً بلوازم دفن الضحايا ومآتم عزائهن وبتكاليف علاج المصابين".


كما أكد بيان الداخلية، أنه تم فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة، لمعرفة ظروف وملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية فتحت تحقيقاً إدارياً شاملاً في الموضوع.


كما نشرت وسائل إعلام محلية أن كبار المسؤولين بوزارة الداخلية المغربية قطعوا عطلة نهاية الأسبوع للانتقال إلى مكان الحادث.


وأضافت أنه تم توقيف رئيس الجمعية الخيرية القادم من مدينة الدار البيضاء الذي كان مسؤولاً عن توزيع الإعانات، وهو داعية ديني معروف، وجرى وضعه رهن التحقيق من طرف عناصر الدرك الملكي، بناء على تعليمات من النيابة العامة، إلى جانب أحد الشيوخ الذي كان يرافقه؛ وذلك لغياب ترخيص من طرف السلطات للقيام بهذا العمل الخيري، رغم أنه تعوّد القيام بنفس النشاط بشكل سنوي، حيث يقوم بتوزيع مساعدات للفقراء والنساء الأرامل ، بحسب " أ ف ب".


يشار إلى ان بلدة سيدي بو لعلام تبعد خمس ساعات بالسيارة عن العاصمة الرباط ويبلغ عدد سكانها نحو ثمانية الاف نسمة هي "احدى أفقر القرى" في البلاد.


ويتسم المغرب، وهو بلد يزيد عدد سكانه عن 35 مليون نسمة، بعدم مساواة اجتماعية صارخة.


وابرز تقرير رسمي صدر اوائل أكتوبر استمرار الفقر الشديد في المناطق الريفية والنائية في المملكة وتعيش على المساعدات التي تقدمها الدولة مما يتسبب في حالات ازدحام كبيرة وفوضى تنظيمية تتسبب في جملة من الإشكالات.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى