«حزب الله تغيّر».. لماذا يجب على إسرائيل الحذر قبل الحرب على «المقاومة»؟

«حزب الله تغيّر».. لماذا يجب على إسرائيل الحذر قبل الحرب على «المقاومة»؟
«حزب الله تغيّر».. لماذا يجب على إسرائيل الحذر قبل الحرب على «المقاومة»؟

"في زمن آخر غير بعيد، كانت قلوب كثيرة تهفو لكل قتيل يسقط من ميليشيات حزب الله اللبناني وتهلِّل لكل ضربة يُنزلها بالاحتلال الإسرائيلي، قبل أن تمتد يداه في أرض الإخوة".

 

الحزب الذي دخل الحزب في سوريا أو أدخل فيها، استفاد عمليًّا منها بشكل كبير، من خلال زيادة الخبرة القتالية لعناصره فضلًا عن الدعم اللوجستي الكبير الذي يتلقاه جرّاء مشاركته في هذه الحرب.

 

ولأنها ضمن أعدائها التاريخيين، تحدثت العديد من التقارير عن مواجهة محتملة قريبًا بين إسرائيل وحزب الله، في ظل التطورات بالمنطقة.

 

إلا أنّ تلك الحرب لن تكون سهلة على الاحتلال، إذ حذّر ضباط إسرائيليون وغربيون كبار من خطورة اندلاع حربٍ جديدةٍ ضدّ حزب الله، الذي بات يمتلك قذائف صاروخية قادرة على إصابة أهدافها بدقّةٍ متناهيةٍ وقدرات جيشٍ منظمٍ، علمًا بأنّ إسرائيل باتت تعتبر الحزب الجيش الثاني من حيث القوّة في الشرق الأوسط.

 

وأوضح هؤلاء العسكريون، وهم من كبار ضباط الاحتياط في إسرائيل وخبراء من الولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا وألمانيا وأستراليا وإيطاليا، في تقريرٍ عسكري مشترك، أنّ حزب الله تطورّ عسكريًا إلى حد امتلاكه قدرات عسكرية لدولة.

 

وتحدّث التقرير أنّ الحزب يُعدّ أقوى قوة مسلحة غير تابعة لدولة في العالم، وأنّ عدد مقاتليه بلغ 25 ألفًا، خمسة آلاف منهم تلقوا تدريبات عسكرية في إيران، ممّا يُعّد تطورًا ملحوظًا مقارنة مع حرب لبنان الثانية في صيف 2006، حين كان يضم عشرة آلاف مقاتل فقط، على حدّ قول التقرير العسكريّ الإسرائيليّ-الغربيّ المُشترك.

 

وأشار إلى أنّ قوّة حزب الله العسكريّة في معظمها تكمن في ترسانةٍ ضخمةٍ من القذائف والصواريخ، وقدرة مدفعية يصل مداها إلى عشرين كيلومترًا، وتعتمد على صواريخ الكاتيوشا، بجانب آلاف الصواريخ الإيرانيّة والسوريّة القادرة على ضرب أهدافٍ على بُعد عشرات، وأحيانًا مئات الكيلومترات.

 

ورغم أنّ التقرير لم يؤكّد بشكلٍ قاطعٍ أنّ حزب الله ينتج صواريخ سكود يغطي مداها مساحة إسرائيل كاملةً، لكنّه يمتلك صواريخ مُوجهّة تُتيح له ضرب الأهداف بدقّةٍ عاليةٍ لا تتجاوز نسبة خطئها أمتارًا قليلةّ، الأمر الذي سيسمح له ضرب المنشآت الاستراتيجيّة الإسرائيليّة كمحطات الطاقة والموانئ والمطارات ومرافق البنى التحتية الحرجة، وفي مُقدّمتها مطار اللد الدوليّ، بالقرب من مدينة تل أبيب.

 

وأوضح أنّ حزب الله يُدير جهازًا استخباراتيًا يبذل جهودًا كبيرةً لجمع المعلومات حول أهدافٍ إسرائيليّةٍ، ومقاتلوه مزودون ببنادق كلاشينكوف ومناظير للرؤية الليلية وصواريخ كورنيت مضادّة للدبابات، ويضم مختصين في المواد والمتفجرة ونصب الفخاخ والتكتيكات العملياتية، التي أثبتت نجاعتها خلال عملياته العسكرية داخل سوريّا.

 

وأظهر التقرير تزايد عدد طائرات الحزب المسيرة المستخدمة للمراقبة، التي تحمل متفجرات وزنها 50 كيلو جرامًا، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ عناصره مدربون على التحكم بها.

 

وتابع: "رغم أنّ حزب الله لا يمتلك سفنًا بحريةً، لكنْ لديه قدرات عسكريّة عالية تُشكّل تهديدًا على البحريّة الإسرائيليّة، وصواريخ تُهدد تجارتها الخارجيّة المارّة عبر البحار، كما يمتلك مئات الصواريخ الباليستية، ولديه القدرة على التشويش على الاتصالات اللاسلكيّة الإسرائيليّة وفكّ تشفير الاتصالات، كما أوضح التقرير الغربيّ-الإسرائيليّ".

 

وأوضح: "عمد الحزب إلى تحويل قرى الجنوب اللبنانيّ، أوْ كما سمّاها بالقرى الشيعيّة، إلى منشآت عسكرية، 10% من سكانها من مقاتليه، وبعض المنازل تحتوي على أنظمةٍ دفاعيّةٍ وأسلحة ومعدات عسكرية متطورة وشبكة واسعة من الأنفاق السريّة، لمدّ القرى بالأسلحة الثقيلة ونصب الكمائن العسكرية التي قد تستخدم لخطف جنود إسرائيليين، ولذلك فإنّ أيّ حربٍ جديدةٍ ستندلع مع الحزب ستكون مكلفةً جدًا".

 

المواجهة بين الحزب والاحتلال - إن وقعت - حتمًا لن تكون الأولى، فكانت حرب بينهما قد اندلعت في 2006، أودت بحياة 1200 شخص في لبنان أغلبهم مدنيون، و160 إسرائيليًّا أغلبهم جنود.

 

كما استهدفت إسرائيل، حزب الله داخل سوريا في السنوات القليلة الماضية بما في ذلك قادة عسكريون في عدد من الضربات لكن لم تحدث مواجهة مباشرة كبيرة.

 

ومؤخرًا، برزت سلسلة مؤشرات، أوحت وكأنَّ الحرب المقبلة باتت قريبة، ففي الوقت الذي حقَّق الحزب انتصارًا في معركة الجرود، يجري جيش الاحتلال مناورات حية ضخمة عند الحدود الشمالية مع لبنان، وصل صداها إلى عمق مدينة صيدا في جنوب لبنان، بعد أن نفذت المقاتلات الإسرائيلية طلعات جوية على علو منخفض، محدثةً خرقًا في جدار الصوت أثار خوف المدنيين في لبنان.

 

كان لزامًا إزاء هذا التحرك الإسرائيلي أن يُقابل بغضب لبناني، فأعلن وزير الخارجية جبران باسيل، أنَّ بلاده ستتقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة ضد إسرائيل لانتهاكها المجال الجوي اللبناني وتسببها في أضرار نتيجة اختراق حاجز الصوت في جنوب البلاد.

 

كما ارتبط الحديث عن المواجهة بما كشفته صحيفة "العرب" اللندنية قبل أشهر عن تحضيرات أمريكية لعمل عسكري ضخم ضد حزب الله اللبناني، وممارساته في لبنان وسوريا.

 

الصحيفة أشارت إلى اجتماع موسع عُقد في وزارة المالية الأمريكية ضمَّ ممثلين عن الدول الأعضاء في مجموعة التنسيق الأمني الدولية، وممثلين عن جهاز الإنتربول الدولي لبحث هذا الأمر، وهو ما فُسِّر سببًا في إقدام الحزب على تفكيك مواقعه على الحدود السورية؛ خوفًا من الضربات الأمريكية.

 

النائب وليد سكرية عن "حزب الله" في البرلمان اللبناني يقول إنَّ "حزب الله" أعدَّ نفسه ويعد نفسه للمواجهة مع إسرائيل.

 

وأضاف: "إسرائيل ترى أنَّ محور المقاومة يتواصل ويتكامل من سوريا إلى العراق وإيران، مما يشكِّل تهديدًا استراتيجيًّا لها، وليس تهديدًا أمنيًّا صغيرًا، لذلك عادت للإتكال على ذاتها وعلى قوة جيشها، لذلك تجري المناورات وتوجه رسائل التهديد، بالضرب بالداخل السوري رسالة لسوريا، واختبار للموقف الروسي والرد الروسي لأنَّها منطقة ضمن سيطرة الطيران الروسي، وخرق جدار الصوت فوق صيدا رسالة للدولة اللبنانية والمقاومة".

 

المعلق السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع قال إنَّهم في الجيش الإسرائيلي لا يتحدثون عن حرب لبنان الثالثة، بل عن حرب الشمال على الجبهتين السورية واللبنانية.

 

وهذا ما ما يؤكد حضور التطورات الميدانية والسياسية التي شهدتها الساحتان السورية والإقليمية في خلفية قرار مناورة بهذا الحجم، ويعزز ذلك أيضًا التقدير إزاء مستوى التهديد الذي بات أكثر حضورًا وتجذّرًا في وعي صنّاع القرار السياسي الأمني في تل أبيب.

 

واتفق محللون كثيرون على أنَّ مشاركة حزب الله في الحرب السورية أحدثت تطورات هائلة على المنطقة، ومثلًا عندما سحب قوات قبل أسابيع من الحدود السورية، لم تغب إسرائيل عن الحديث.

 

يقول الدكتور سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية: "الحزب عندما سحب قواته من الحدود السورية جاء ذلك بخطاب شعبوي يحذِّر فيه الاحتلال بأنَّه لا توجد منطقة في إسرائيل خارج نطاق الصواريخ وأقدام مقاتلي الحزب.. أعتقد أنَّ الحزب ليس في وضعٍ يسمح له بشن هجوم على إسرائيل".

 

عدم قدرة الحزب على مهاجمة إسرائيل فسَّره غطاس بأنَّه يعاني عسكريًّا بشدة داخل سوريا فضلًا عن انحسار شعبيته داخل لبنان نتيجة تورُّطه الواسع في سوريا.

 

ورأى أنَّه إذا ما توقفت الحرب في سوريا فإنَّ الحزب سيعقد مراجعةً شاملةً قد تطيح بالأمين العام للحزب حسن نصر الله.

 

في تدخله بالأزمة السورية، سعى الحزب إلى تحقيق عدة أهداف، منها - كما يقول محللون - الحفاظ على محور المقاومة عن طريق حشد القدرات العسكرية لنظام الأسد، والإبقاء على الدعم المادي الإيراني والسوري من خلال تأمين خطوط الاتصال التي تمتد من دمشق إلى لبنان، ومنع ظهور نظام يهيمن عليه السُنّة في سوريا بسقوط الأسد.

 

وأدَّى قتال الحزب في سوريا إلى مقتل أعداد كبيرة من عناصره، بما في ذلك قادة مخضرمون، ما دفع إلى إنشاء قوة كبيرة ومدربة تنتمي للحزب من المقاتلين الإيرانيين والسوريين والعراقيين وهي قابلة للتشغيل المتبادل بطرق جديدة.

 

ومؤخرًا، أقدم الحزب على الانتشار عبر الحدود السورية والعراقية للقيام بعمليات مستمرة في التضاريس المتنوعة، ما قدَّم لإيران وحلفائها أداة هامة يمكن من خلالها تعزيز مصالحها، وهذا هو السبب في أنَّ دور حزب الله في سوريا تطور بشكل كبير وهام ويشكل بلا شك إنذارًا بالخطر لمناهضي حزب الله وإيران في المنطقة.

 

ومع تطوُّر مشاركته في الحرب، بات الحزب يعيش وضعًا داخليًّا صعبًا في ضوء ازدياد المطالبات بالانسحاب بعد ارتفاع أعداد القتلى من قادته ومقاتليه في المعركة واستنزافها لقدراته المالية وخبراته العسكرية، فضلًا عن توتر علاقاته الداخلية في لبنان بسبب هذه الحرب، وتأثيرها بشكل جلي على دوره وتحالفاته في المشهد السياسي حتى أنَّه فشل في فرض قانون انتخابي على مقاسه كما كان يفعل.


 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى