أكراد سوريا في مأزق.. هل تكرر أمريكا ما حدث في «كركوك»؟

بعد ساعات من تحرير مدينة الرقة السورية من قبضة تنظيم الدولة "داعش"، بات الأمر أكثر  غموضا بشأن مصير الأكراد وتخوفاتهم من تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عنهم مثلما فعلت مع إقليم كردستان في كركوك، وسمحت للجيش العراقي والحشد دخول المدينة دون إدانة.


الأنظار في الساعات الأخيرة تتجه نحو دور أمريكا في رسم ملامح المرحلة المقبلة ومواصلة دعمها لحليفها الأبرز، الأكراد، الذين يترقّبون مستقبلهم، وسط مخاوف من تفجّر كارثة.


استعادة السيطرة على مدينة الرقة السورية من قبضة تنظيم الدولة، يعد علامة فارقة في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضده، إلا أنه أيضاً يطرح العديد من التساؤلات عن مستقبل الوجود الأمريكي في سوريا، ومدى جدية واشنطن في التزامها حيال حلفائها الأبرز، الأكراد.

 

سوريا" target="_blank">أكراد سوريا


وبعد فقد تنظيم الدولة 87% من الأراضي التي كان يسيطر عليها، وتراجعه في دير الزو بعد تحرير الرقة، تركت أمريكا الخيار لقوات سوريا الديمقراطية، التي يتزعمها سوريا" target="_blank">أكراد سوريا، في مواصلة التقدم بعد الرقة أو الوقوف.

مسلحون أكراد في شمال سوريا

 

الوضع في شمال سوريا بات أكثر تعقيدا، وربما يشهد تطورات لم تكن في حسابات البعض، خصوصا وأن الشمال يعد رمانة الميزان بين الدول الكبرى في سوريا، تركيا تريد منع دويلة الأكراد، والروس يدعمون الأسد ويبحثون تمكينه، بينما الأمريكان لا تعرف وجهتهم هل يواصلون دعم الأكراد أم أنها ستنسحب وتتركهم عرضة للتقدم من قبل قوات الأسد، تماما كما فعلت مع أكراد العراق.

 

استراتيجية أمريكا

 

وإثر غياب ملامح استراتيجية أمريكية في سوريا، تدور العديد من الأسئلة في حال تخلّت واشنطن عن قوات سوريا الديمقراطية (يقودها تنظيم "ب ي د"، الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني)، ما الخيارات التي ستكون أمامهم؟ وكيف سيكون مستقبلهم إن تركتهم عرضة للتقدّم من قِبل قوات النظام السوري؟

 

وسبق للعديد من المسؤولين في النظام بدمشق أن أعلنوا نيَّتهم استعادة السيطرة على كل الأراضي التي خسرها الأسد أمام المعارضة بأرجاء البلاد كافة، وضمن ذلك المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد السوريين.

 

ويرى نيكولاس هيراس المحلل الأمني الأمريكي، أن الأمر سيكون كارثياً إذا ما قررت الولايات المتحدة الانسحاب من تلك المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا.

الجيش العراقي والحشد الشعبي والمليشيات الإيرانية يسيطرون على كركوك

 

الناشط والمحلل السياسي السوري عبد الرحمن الدمشقي قال، إن الأمريكان والأكراد حلفاء منذ فترة طويلة، ولكن يوجد قول لأحد السياسيين بأنه إذا كان على أعداء أمريكا الحذر منها مرة واحدة، فعلى أصدقائها الحذر منها ألف مرة، لأنها تتخلى عن حلفائها بسرعة كبيرة إذا رأت في ذلك التخلي مصلحة لها..

 

فهي لم تقف بوجه نظام الأسد عند مجزرته ضد الكرد منذ عدة سنوات، وأيضا لم تقف معهم خلال استفتاء كردستان العراق ولم تقف بوجه القوات العراقية التي دخلت كركوك، وبالتالي عند مواجهتم مع الأتراك والروس أيضا ستتخلى عنهم، لأن مصالحها مرتبطة بالتخلي عنهم في هذه المنطقة من أجل مكاسب في مناطق أخرى.

 

وأضاف لـ"مصر العربية": الأكراد سيتوجهون إلى الروس والأتراك الذين يعتبرون اللاعب الأساسي في المنطقة بعد التحالف والتقارب الذي حصل بينهم بالفترة الأخيرة، وهذا ما حصل من يوم أو اثنين عندما حطت طائرة تحمل وفدا تركيا روسيا بمناطق سورية يسيطر عليها الأكراد من أجل لقاء قادة أتراك، ولا ننسى أبدا وجود أكبر زعيم وأحد الرموز الكردية "أوجلان" على ما أعتقد في السجون التركية وهو يعتبر ورقة ضغط كبيرة على الأكراد جميعاً بيد الأتراك إذا ما هددت بإعدامه.

 

دعم عسكري

 

وتابع: الدعم الأمريكي لن يتجاوز الدعم العسكري بالآليات البسيطة كدبابات وغيرها للأكراد وبالتالي لن يستطيع الأكراد مواجهة الأتراك والروس مع امتلاك الحليفين الروسي والتركي السلاح والعتاد الثقيل، وبالتالي سيتم تحويل الأكراد إلى بيدق بيد الروس للتخلص من الضغط التركي الذي بدأ يقترب من مناطق الأكراد بعد دخول تركيا إلى إدلب وكل هذا متفق عليه بين الأتراك والروس.

بدوره، رأى المحلل السياسي والصحفي الكردي، محمد زنكنة، أن "سياسة أمريكا تتغيّر حسب المعطيات، ومسألة الانسحاب ما زالت مبهمة لدى إدارتها"، مؤكداً أن "تصريحات واشنطن متضاربة"، ومشيراً إلى أنها "مدّت القوات الكردية بالسلاح، سواء كانت تحارب مع النظام أو ضده".

 

وقال زنكنة في تصريحات صحفية إن "أمريكا تُعدّ لكارثة في المنطقة سيواجهها الشعب الكردي"، وبيّن أن "المشكلة الكبرى هي التقاء كل من القوات التابعة لحركة الثورة الإيرانية ممثلة بالحشد الشعبي، وقوات الجيش التركي، والتي ستتورط بها القوات الكردية"، مؤكداً أن "أمريكا تعد العدة لهذا السيناريو".

 

وتابع: "أعتقد أن هذه الأطراف الثلاثة ستجد نفسها وجهاً لوجه في هذه المنطقة، وستكون منطقة كردستان سوريا ملتقى لمعركة ثلاثية لن يسلم منها الشعب الكردي. أمريكا دائماً تريد تقوية وجودها في أي منطقة تتعرّض لكارثة"، موضحاً أن "الأمريكان يريدون تحريك بقية اللاعبين الأساسيين، بالأخص الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، لتأتي واشنطن بعدها وتأخذ امتيازات الانتصارات".

 

الدور الروسي

 

وأضاف، "الأكراد منفتحون اليوم على الجانب الروسي أكثر"، موضحاً أن "موسكو أعلنت، الخميس 19 أكتوبر، أن هناك اتفاقية للكرد"، وسط إشارة منه إلى أن "الأمريكان مهتمون بمعركة إدلب وما حولها، ودعمهم للجيش التركي حالياً".

 

من جهته رأى العراقي عزيز بارزاني، المختص في الشأن الكردي والعلاقات الأمريكية الكردية، أنه "خلال الأسابيع القادمة سيتضح إن كان الأمريكان سينسحبون بعد معركة الرقة أو ستكون هناك جولة من المعارك مع المليشيات الموالية للحكومة السورية".

 

بارزاني قال أيضا في تصريحات صحفية إن "سوريا" target="_blank">أكراد سوريا يسألون ماذا سيكون مستقبلهم في حال انسحبت الولايات المتحدة بعد طرد داعش من الرقة؟"، مبيناً أن "الروس على الخط أيضاً، والأكراد لديهم علاقات معهم".

 

وتابع المختص في الشأن الكردي: "إذا افترضنا انسحاب أمريكا فسيكون الروس على الخط، وسيحاولون أن يكونوا حلقة وصل بين الأكراد والحكومة السورية، على الرغم من تقارب أمريكا وسوريا" target="_blank">أكراد سوريا، إلا أن لديهم أيضاً علاقات مع الروس".

وحول أهمية وجود أمريكا من عدمه، في ساحة الحرب السورية الآن، رأى بارزاني أن "انسحاب أمريكا لن يؤثر عليهم، خصوصاً أن مصلحة الروس تقتضي أن تحلّ الأطراف السورية مشاكلها مع الحكومة السورية بالطرق السلمية، وفق تفاهمات جديدة، تصوّر على أساس الحكم الذاتي".

 

كما أن "هناك خيبة أمل، نحن لا نستفيد منها، ونحاول حفظ حقوقنا، وأن نقرر مصيرنا، اتضح أن المصالح الأمريكية هي مع التوازنات الإقليمية في المنطقة وليس مع الشعوب"، على حد قوله.

 

تأييد واشنطن للأكراد


في حين قال مفيد يوكسل، المؤرخ التركي والباحث في الشأن الكردي: إن "واشنطن ستواصل تأييدها للأكراد، وهي تريد أن تتشكل لهم حكومات ودولة". وبيّن أنها ما زالت تدعمهم بالأسلحة، وأن "هناك سيناريو في سوريا لانهيارها إلى ثلاثة دول".

 

وأضاف في تصريحات صحفية: "الآن أمريكا لن تنسحب، وستترك هذه المناطق لمنظمة حزب العمال الكردستاني (تصنّفه تركيا إرهابياً)، وستواصل إعطاءهم الأسلحة"، مشيراً إلى أن "حكومة سوريا تركت هذه المناطق للحزب لتشكل قوة ضد تركيا وغيرها".

 

كما بيّن المؤرخ التركي أن القوات "ستتحالف في دير الزور، وسيتركون الرقة لحزب العمال الكردستاني، أما دير الزور فمن الممكن تأسيس حكومة سلمية عربية فيها".

وأعلنت ما تُعرف بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي إنها سيطرت على حي الثكنة وسط مدينة الرقة (شمال وسط سوريا) بعد معارك مع تنظيم الدولة الإسلامية ضمن حملة تسميها "غضب الفرات". 

 

وأشارت الناطقة باسم قوات سوريا الديمقراطية -التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية معظمها- إن الاشتباكات لا تزال مستمرة في حيي الأمين والمنصور ومنطقة المستشفى الوطني وسط الرقة، إلا أن قواتها سيطرت على عدد من الأبنية "المهمة"، كما وصفتها.

 

وأكدت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة أن محافظة الرقة ستكون جزءا من دولة سوريا الاتحادية اللامركزية، في وقت استنكر فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفع صورة الزعيم السابق لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بالمدينة.

 

وأعلن المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو أثناء مؤتمر صحفي عقده وسط المدينة عن "تحرير عروس الفرات مدينة الرقة"، مؤكدا أن قواته ستقوم بتسليم إدارة مدينة الرقة وريفها إلى مجلس الرقة المدني، أما مهام حماية أمن المدينة وريفها فسيتم تسليمها لقوى الأمن الداخلي.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى