إذا قالت صناديق الأكراد للانفصال «نعم».. ماذا بعد؟

إذا قالت صناديق الأكراد للانفصال «نعم».. ماذا بعد؟
إذا قالت صناديق الأكراد للانفصال «نعم».. ماذا بعد؟
"ماذا إن وافقوا؟، ماذا سيحدث إذا اختارت الصناديق الانفصال؟".. تلوح في عقول عراقيين كثيرين تساؤلات عدة حول مستقبل بلادهم إذا انتهى استفتاء إقليم كردستان باختيار الخروج من سلطة حكومة بغداد المركزية.

 

منذ ساعات الصباح الأولى، يتوجه الناخبون الكرديون صوب مراكز الاقتراع للإجابة على سؤال الخروج من عدمه، وهو استفتاء يتم وسط معارضة شديدة سواء إقليمية أو دولية.

 

في مراكز الاقتراع بالمحافظات الشمالية الثلاث التي يتكون منها الإقليم، وفي المناطق المتنازع عليها بين الأكراد والحكومة في بغداد، يحق لنحو 5 ملايين و200 ألف شخص، من الأكراد وغيرهم، ممن في سن 18 أو أكثر من المسجلين سكانًا في المناطق التي يديرها الأكراد، المشاركة في الاستفتاء.

 

وكالة "رويترز" نقلت عن أحد المقترعين الذي كان ينتظر دوره في طابور أمام مدرسة في أربيل قوله: "لقد انتظرنا هذا اليوم منذ 100 عام. نريد أن تكون لنا دولة. واليوم احتفال لكل الأكراد، وسنقول نعم لكردستان".

 

يذكر ناخب آخر في الستينيات من عمره، لـ"بي بي سي" إنَّ الناس كانوا يعدون الأشهر والأيام والدقائق حتى يأتي اليوم الذي يدلون فيه بأصواتهم، وأضاف: "إنها أكثر لحظة فخر في حياتي".

 

وأوضحت سيدة: "لم ُتسفك دماء زوجي هباء"، وذكرت أنَّ أسرتها لم تنم منذ أيام، إذ كان يساروها القلق من أن يلغى الاستفتاء.

 

 قناة "رووداو" التلفزيونية - مقرها في أربيل - نقلت عن المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء أنَّ نسبة الإقبال على التصويت في الاستفتاء على انفصال الإقليم. 

 

وأضاف أن هذه النسبة سجلت في الخامسة مساء بالتوقيت المحلي "14:00 بتوقيت جرينتش" قبل ساعة من الموعد المحدد من البداية لإغلاق مراكز الاقتراع.

 

وكان من المفترض أن تغلق مراكز الاقتراع أبوابها في السادسة مساء لكن تلفزيون رووداو قال إنَّ التصويت لا يزال جاريًّا في عدة بلدات ومدن بالمناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في شمال العراق حيث ما زال المواطنون يقفون في طوابير.

 

تشير أغلب التوقعات إلى أنَّ الأكراد سيقولون "نعم" للانفصال، لكن يفرض تساؤل نفسه، هو ماذا بعد؟، سواء سياسيًّا أو إجرائيًّا، في منطقة مشتعلة من الأساس، ما جعل أطراف إقليمية تحذر من أنَّ إجراء الاستفتاء يهدد بأمن وسلامة الأوضاع في المنطقة.

 

رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان برزاني أوضح اليوم، أن إجراء استفتاء الانفصال لا يعني إعلان الاستقلال غدًا، معربًا عن استغرابه من دعوة الحكومة العراقية الدول الأجنبية إلى وقف استيراد النفط الكردي.

 

وقال برزاني في مؤتمر صحفي: "نعلن للعالم أنَّنا نريد التوجه صوب الاستقلال عبر مفاوضات جادة مع بغداد، ونرغب في الاستقلال بطريقة سلمية وديمقراطية، بعيدًا عن العنف".

 

وأكد البارزاني أنَّ الإقليم لا يمانع الذهاب إلى بغداد للرد على كل الأسئلة التي ترغب في الإجابة عنها.

 

وعلق على كلمة رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي: "نأسف لتصريحات العبادي وتهديداته التي أطلقها أمس، التي تذكرنا بقرارات البعث الجائرة ضد كردستان".

 

وتابع: "قرارات العبادي ردًا على إجراء الاستفتاء تعد بمثابة فرض عقوبات جماعية ضد شعب كردستان".

 

ووجه برزاني حديثه إلى حكومة بغداد، قائلًا: "لا داعي لإطلاق التهديدات"، معربًا عن استغرابه من طلب العبادي مساعدة الدول الأخرى لفرض عقوبات على إقليم كردستان، ومعلقًا عليها بالقول: "لم نكن نتوقع مثل هذه الخطوة في العراق الجديد".

 

هذه التصريحات تأتي ردًا على دعوة بغداد الدول الأجنبية، أمس، على وقف استيراد النفط الخام مباشرة من إقليم كردستان العراق، وقصر التعاملات فيما يتعلق بالنفط على الحكومة المركزية.

 

لكن رئيس حكومة كردستان العراق نيجيرفان برزاني أعاد تأكيد ما قاله رئيس الإقليم، الأحد، بشأن عدم نية أربيل الدخول في حرب مع أي جهة، وقال: "بغداد هي العمق الاستراتيجي لكردستان، ونرغب في العيش بسلام معها".

 

تشير هذه الصغية الكردية إلى اعتزامهم الاستمرار في الطريق نحو الوصول إلى دولتهم التي لطالما حلموا بها، وربما لا تأبه كثيرًا بالتهديدات الكبيرة التي تطق من هنا وهناك لوقف هذا الحلم.

 

آخر هذه التهديدات صدر عن الجارة تركيا التي تتخوف من الاستفتاء حتى لا يثير النزعة الانفصالية لدى الأكراد الموجودين على أراضيها، وبالتالي يتهدّد أمنها القومي.

 

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعهد بإغلاق حدود بلاده مع كردستان في كلا الاتجاهين، قائلًا إنَّ جيشه على الحدود مستعد لاتخاذ الخطوات الضرورية، وذلك ردًا على استفتاء الانفصال.

 

أردوغان قال - في كلمة له - إنَّ بلاده تنظر إلى استفتاء استقلال كردستان العراق وكأنه لم يكن، مرجعًا ذلك إلى عدم قانونيته وشرعيته.

 

وأكد إغلاق الحدود مع شمال العراق في كلا الاتجاهين خلال الأيام المقبلة، وصرح: "سننظر كيف سيبيع الإقليم النفط بعد ذلك".

 

قرار أردوغان بإغلاق الحدود ووقف تصدير النفط الكردي جاء بعد دعوة حكومة بغداد الدول الأجنبية أمس، إلى وقف استيراد النفط الخام مباشرة من إقليم كردستان، وقصر التعاملات فيما يتعلق بالنفط على الحكومة المركزية.

 

الرئيس التركي أشار إلى عدم قبوله بلاده لأي خطوة مماثلة قد يقيمها الأكراد أيضًا في شمال سوريا، قائلًا إنَّ تركيا لن تسمح بتأسيس دول إرهابية في سوريا وستدخل فجأة ذات ليلة، حسب تعبيره.

 

إيران هي الأخرى رفضت الاستفتاء، وأغلقت حدودها مع الإقليم الكردي، ولوحت إلى تدخل بإجراءات تحفظ أمنها، تمامًا كما لوَّحت وهدّدت حكومة بغداد المركزية.

 

منذ اليوم الأول لإعلان إجرائه، قوبل الاستفتاء بموجة رفض عاصفة، إذ تراه أغلب الدول، إقليميًّا ودوليًّا، مهدِّدًا لأمن واستقرار المنطقة، على نحوٍ قد يكون بدايةً لتقسيم المنطقة إلى دول أخرى، كانت جنوب السودان باكورتها، فيما الدور الآن على كردستان العراق، ثم قد يكون الدور على سوريا.

 

الاستفتاء يتوقع أن يفتح شهية أكراد إيران وتركيا للانفصال، وهو مصير تتخوف منه أنقرة وطهران اللتان تحاولان تطويقه بالدبلوماسية، بينما تلوح الحكومة العراقية في بغداد بالحل العسكري، وهو ما ينذر بصراع في العراق بعد القضاء على تنظيم "الدولة"، ما ينذر باتجاه البلاد نحو جولة دموية جديدة، ولكن بعناوين قومية هذه المرة.

 

مثَّل المحور الإيراني العراقي التركي العامل الأبرز في الجبهة المضادة لإجراء الاستفتاء، وأصدر "الثلاثي" بيانًا مشتركًا ينص على اتخاذ "إجراءات" ضد إقليم كردستان العراق، إذا ما مضى قدمًا في إجراء الاستفتاء على الاستقلال.

 

وفي البيان المشترك الذي تلى اجتماعًا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبَّر وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري ونظيراه الإيراني محمد جواد ظريف، والتركي مولود جاويش أوغلو عن قلقهم من أن يعرض الاستفتاء المكاسب التي حققها العراق ضد تنظيم "الدولة" للخطر ومن احتمال اندلاع نزاعات جديدة في المنطقة.

 

وجاء في البيان الذي نشرته الخارجية العراقية على موقعها الإلكتروني: "الاستفتاء لن يكون مفيدًا للأكراد أو لحكومة إقليم كردستان، واتفق المجتمعون على اتخاذ إجراءات مضادة بالتنسيق فيما بينهم".

 

لعل المحور التركي – الإيراني هو الأكثر رفضًا للاستفتاء، وفي الوقت الذي كان يقوم فيه رئيس هيئة الأركان المشتركة الإيراني محمد حسين باقري بزيارة أنقرة منتصف أغسطس الماضي، كان قادته العسكريون يحشدون قواتهم على الحدود الإيرانية مع العراق، وهذه هي المرة الأولى التي تسعى فيها إيران لدعم من تركيا. 

 

وبالإضافة للقوات، كثَّفت إيران من طلعات طائرات بدون طيار، وتكهن الكثيرون عن إمكانية شن عملية إيرانية – تركية ضد قواعد حزب العمال الكردستاني إلا أن طهران نفت سريعا الأخبار، كما أعلنت طهران غلق المجال الجوي مع الإقليم.

 

كما انعقد في تركيا قبل 3 أيام اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان، وأصدر بيانًا وجَّه فيه نداءً أخيرًا إلى سلطات إقليم كردستان العراق لإلغاء الاستفتاء الذي تعتبره أنقرة "غير شرعي"، وتخشى أن يعزِّز حصول أكراد العراق على استقلالهم طموحات الأقلية الكردية التركية التي تمثل ربع السكان في تركيا.

 

فسِّرت هذه التحركات على أنَّ حربًا قد يشنها هذا التحالف على الإقليم الكردي تحسبًا لما بعد الاستفتاء، لا سيّما المناورات التي أجرتها طهران قرب الحدود الكردية، وكأنه استعدادٌ لحرب ضروس، قد تبدِّد أحلام الكرديين في دولتهم، كما تنذر بإشعال بؤرةٍ يُقال إنَّ فيها ما يكفيها.

 

وفيما يبدو ردًا كردي على كل هذه الاعتراضات وربما التهديدات العسكرية، أبدت حكومة الإقليم امتعاضها من هذه التصريحات، وأشارت إلى حق الكرد في تحقيق تطلعاتهم، لافتةً إلى أن الاستفتاء قضية عراقية داخلية ولا يحق لأي دولة أخرى التدخل به.

 

دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم أصدرت بيانًا، ذكرت فيه أنَّ "تقرير المصير" حق مشروع للشعب الكردي الذي قدم الكثير من التضحيات الجسام لتحقيقه شأنه شأن الشعوب الأخرى.

 

وأضاف البيان أن مسألة الاستفتاء مسألة عراقية داخلية وسيتم تباحث استقلال كردستان مع حكومة بغداد، ورفض أي تصريحات خارج هذا الإطار، وأي تدخل من أي طرف.

 

واكد أنَّ إجراء الاستفتاء حق طبيعي مشروع لشعب كردستان، مشيرًا إلى أنَّ الأكراد صاحب القرار النهائي بشأن الاستقلال.

 

كما صرح رئيس الإقليم مسعود بارزاني بأن الوقت قد حان بالفعل لاستقلال الكرد عن العراق، مشيرًا إلى أنَّ أولى الخطوات نحو ذلك الهدف، تتطلب إجراء استفتاء شعبي.

 

المحلل السياسي العراقي محمد أرسلان قال إنّ إجراء الاستفتاء على الانفصال جاء بعدما وصل الإعلان عنه إلى مرحلة اللاعودة، لكنه أوضح أنَّ الإشكالية تتمثل في المرحلة التي تلي ذلك.

 

وقال - في حديثه لـ"مصر العربية" - إنَّ خطوات ما بعد الاستفتاء إذا ما انتهى بـ"نعم" ستطول كثيرًا، لا سيَّما الحاجة إلى التوافق الدولي، في ظل الاعتراضات الكبيرة التي توجه للاستفتاء من قبل المجتمع الدولي، كما أنَّ الداخل الكردي ليس على توافق حيث تسود بعض الاختلافات هناك

 

المحلل العراقي استبعد أيضًا فرضية التدخل العسكري بعد التهديدات الصادرة من تركيا وإيران وكذلك العراق، وأشار إلى أنَّ التهديدات الصادرة عن "الدول الثلاث" ما هي إلا رسائل موجهة إلا إقليم كردستان.

 

وأضاف: "لا أعتقد شن عمل عسكري ضد الإقليم، لأنَّ دول إيران وتركيا والعراق تدرك جيدًا التوزانات بالمنطقة في الوقت الراهن، والكل يدرك أنَّ هناك لعبة خطيرة من قبل الغرب تمارس ضد الدول العربية في السنوات الأخيرة".

 

ما قد تفعله الدول الثلاث إزاء كردستان يوضحه "أرسلان" بأنّها قد تُقدم على إحداث بلبلة هناك، لافتًا إلى أنّ تركيا قد تستخدم التركمان في كركوك أو الموصل من أجل إشعال أعمال عنف هناك، بما يغيِّب الاستقرار عن هذه المنطقة.

 

المحلل العراقي عاد يؤكد أن الطرح العسكري مستعبد في خضم هذه الأزمة، معتبرًا ما يجري في هذه الآونة حربًا إعلامية وليست عسكرية بمعناها التقليدي. 

 

ووضع سببًا آخرًا لاستبعاد إمكانية التدخل العسكري، وهو أنَّ الدول الثلاث على قناعة تام بأنَّها ستكون بمثابة حرب استنزاف ويخسرون فيها أكثر ما يربحون.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى