اخبار السياسه نظرية ماكينة التعبئة

يلتقط العبوة من سير ماكينة التعبئة ليلصق عليها لوجو الشركة ثم يرجعها إلى السير مرة آخرى، دون أن يلتف حتى إلى النتيجة النهائية. عملية روتينية تتكرر لمئات المرات لعدد يبدو لا نهائي من العبوات، لمدة 8 ساعات يومياً، ليعود في اليوم التالي لإكمال نفس المهمة.

وظيفة عامل سير المصنع قد تبدو الوظيفة الأكثر مللاً على الإطلاق. هذا ما تؤول إليه كل الوظائف إذا لم يتحقق فيها عامل الرضا الوظيفي. بعض العوامل قد تجعل الوظائف الأكثر إمتاعاً الأسوء على الإطلاق. يمكن أن تتلخص تلك العوامل في:

أولاً: عدم وجود هدف محدد ومعلن ليتم تحقيقه من خلال العمل.

لا يعلم العامل أو الموظف الهدف وراء المهام المنوط به القيام بها، حيث لا تقوم المؤسسة بتوضيح كيف تساهم تلك المهام في تحقيق رؤية المؤسسة، ولا يتم الإعلان بشكل واضح عن الأهداف العامة للمؤسسة وخطتها السنوية، والأهداف التي تسعى الإدارة لتحقيقها كل شهر من أجل تنفيذ الخطة السنوية. غياب كل تلك المعلومات عن العامل أو الموظف يجعله يشعر أن المهام المطلوبة منه ما هي إلا أحد أشكال الروتين، وعدم شعوره بأهميتها لا يدفعه لإتقانها.

ثانياً: غياب العائد

لا أعني هنا العائد المادي فقط المتمثل في الأجور والمكافآت والحوافز، لكن العائد المعنوي. الشعور بالإنجاز هو أكثر ما يحفز الإنسان على بذل المزيد من الجهد من أجل إتمام العمل بشكل أفضل، ويمنحه شعور بالفخر يدفعه للقيام بالمزيد من الإنجازات.

أبسط وسيلة لتحقيق هذا هي جعل العامل أو الموظف يرى النتيجة النهائية لعمله ضمن الناتج العام للمؤسسة بعد انقضاء فترة من الوقت. فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة لكن لا أحد يحب أن يشعر إنه يتحرك في نفس المكان في طريق مظلم.

ثالثاً: ترس الماكينة

من أكثر العوامل التي تصيب الفرد بالإحباط هي شعوره أنه مجرد ترس في ماكينة العمل، إذا توقف عن العمل سيتم توفير قطع غيار بديلة له فوراً. فأنت تشبه الكثير غيرك ليس لديك مهارات مميزة ولا فائدة خاصة تحققها لمكان عملك. لكن كل فرد لديه مجموعة من الصفات والمهارات تميزه، الإدارة الجيدة تعمل على دعم تلك المهارات وجعل الفرد يرى كيف يمكن أن يوظفها بشكل أمثل لصالح العمل.

رابعاً: الأخذ دون مقابل

السؤال النمطي لأي مقابلة عمل هو "هتضيف إيه للشركة لو عينتك؟"، لكن هناك تساؤل آخر يدور في ذهن العاملين وهو "هتضيفوا إيه لي لما اتعين؟". يبحث الفرد عن العمل الذي يوفر له فرص مستمرة لتطوير مهاراته وإكسابه مهارات أخرى جديدة. فلا جدوى من قضاء سنوات في نفس مكان العمل لأجد إني عالق عند نفس المرحلة، وكأن الزمن توقف عندي بينما يتطور العالم حولي. سأصبح فجأة غير قادر على مسايرة مستجدات سوق العمل. فأتحول لعبء على مكان عملي.

خامساً: بيئة العمل

من أهم العناصر التي تساهم في خلق بيئة عمل جيدة هو التواصل الفعال بين الموظفين وبعضهم البعض وبين الإدارة والموظفين. لابد أن تحرص إدارة أي مؤسسة على دعم مهارات الاتصال بين فريق العمل، وتوفير مناخ تعاوني إيجابي بدلاً من خلق حالة من التنافسية السلبية. كما يجب أن تعمل على إتاحة قنوات اتصال لجعل صوت العاملين مسموع لديهم، فالاتصال الفعال لا يجب أن يكون أحادى الاتجاه، يقتصر على إعطاء الموظفين الأوامر وتكليفهم بمهام العمل.

في النهاية، العمل على توفير عوامل الرضا الوظيفي سيساهم في تحسين الإنتاج العام للمؤسسات وتحقيق التنمية المستدامة في المجتمع، والأهم الحفاظ على سلامة وصحة الفرد النفسية والجسدية؛ فهو يقضي نصف عمره في العمل والنصف الآخر في المواصلات ذهاباً وإياباً.