اخبار السياسه صاحبة صورة "جعل الشباب يقرأون" على قبر "العرّاب": كانت وصيته وحققتها

اخبار السياسه صاحبة صورة "جعل الشباب يقرأون" على قبر "العرّاب": كانت وصيته وحققتها
اخبار السياسه صاحبة صورة "جعل الشباب يقرأون" على قبر "العرّاب": كانت وصيته وحققتها

صاحبة صورة "جعل الشباب يقرأون" على قبر "العرّاب": كانت وصيته وحققتها

"هناك عبارة يقولها ر.ل.شتاين: أريد أن أكتب على قبري "جعل الأطفال يقرأون"، أما أنا فأريد أن يُكتَب على قبري جعل الشباب يقرأون".. ليست مجرد كلمات كتبها الراحل أحمد خالد توفيق وسط الآلاف من السطور، ربما كانت أمنتيه، لكنها كانت بمثابة "وصية" لكل "أولاده" كما يحبون أن يطلقوا على أنفسهم وليس مجرد "محبيه"، هالة كانت أحدهم، لم تحبه ككاتب، بل كأب شعرت معه بحنو فقدان أبيها، لتنفذ وصيته اليوم، وتكتب على قبره "جعل الشباب يقرأون".

صورة الورقة التي كتبت على قبر "العراب" وتحمل كلمات وصيته، التي غزت مواقع التواصل منذ إعلان خبر وفاته، كتبتها هالة محمد بعدما هرولت من القاهرة لطنطا في محاولة منها لتوديعه لآخر مرة، لم تتمكن من مشاركة الآلاف من أبنائه جنازته، لتصل وتجد البعض يجلس بجوار القبر، تلمسه وتبكي "هقولك وداعا يا بابا وأمشي" وتدعو له، تجد "كارت" صغير كتبت عليه المقولة نصا كما كتبها الراحل، فتخرج هي قلما وورقة وتكتب عليه ما تمناه هو "جعل الشباب يقرأون" وتمضي "ابنتك هالة".

 

"قريتله الفاتحة، وكتبت الجملة اللي كانت وصيته وحطتها على قبره".. تقولها هالة بصوت متهدج، ويضيف لها زوجها محمد "الوصية بتتوثق في الشهر العقاري عشان يشهدوا عليها، لكن أمنيته دي قالها قدام ملايين القراء، وكل الناس قرتها وكتبتها ونشرتها على "فيس بوك" و"تويتر"، القراء في كل حتة عارفين إن دي كلمته، فهي رسمي وصيته، واللي ينفذها ربنا يبره"، محمد كزوجته هالة ممن اجتمع على حب الدكتور، كان منهارا أمام قبر العراب كما تقول هالة، وسافر بصحبتها إلى طنطا لوداعه.

هالة التي فقدت والدها ووالدتها منذ زمن، لم تحب أحمد خالد توفيق كـ"كاتب مفضل" وجدت نفسها بين سطوره، لكنها كانت علاقة أقوى عبر عنها صوتها الحزين وهي تروي لـ"الوطن" بدايتها.. "من وأنا تقريبا في 5 ابتدائي بدأت أقرا روايات "ما وراء الطبيعة"، كنت بسرقهم من ورا أخويا وأقعد أقراها، عرفت رفعت إسماعيل، وكبرت على قصصه".

كما هو الحال مع كل من يقرأ له تقول هالة "دخلت في الحالة اللي بيدخل فيها أي حد بيقراله، فبدأت أخرج من "ما وراء الطبيعة" وأقرا رواياته، يوتوبيا اللي انبهرت بيها، والسنجة، الدكتور فتحلي آفاق تفكير تانية مكنتش أعرف إنها موجودة".

بعد الارتباط بقصصه ورواياته وكتبه، بات حلم هالة أن تقابل "الدكتور"، "عايزة أشوف الراجل اللي بيكتب الكلام ده، شكله إيه وهو بيكتب، بقى كل حلمي إني نفسي أقابله وأشوفه قدامي"، تتبعت هالة خطى من أحبت، وكانت الوسيلة الأسهل في البداية "فيس بوك"، "جانب النجوم".. هو الجروب الذي تجمع عليه محبي العرّاب، انضمت له ولم يكن يحوي عشرات من محبيه، حتى تجمع الآلاف به، "كنت بحب فيس بوك عشان الجروب ده تحديدا، بنتابع عليه أخبار وندوات الدكتور"، قررت هالة أن تحقق حلمها وتذهب لإحدى ندواته، لم تفلح في المرة الأولى التي سنحت فيها الفرصة، ولكن الحظ منحها فرصة ثانية وذهبت لتراه وتحضر له ندوة بمكتبة "أ" بالميرغني منذ حوالي ثلاث سنوات، وتحقق حلمها.

"سبت كل حاجة ورايا وروحت الندوة بتاعته عشان أشوفه، واتعرفت على معظم الناس اللي كنت عارفاهم من الجروب لأني  بقيت أدمن فيه بس مكنتش شوفتهم"، صوت البهجة طغى على هالة وهي تحكي بعدما تذكرت المرة الأولى التي رأته فيها "مش عارفة أخد نفسي، وبصاله شبه خارسة، أخيرا شوفت الراجل المشهور اللي كنت مستنية أقابله، كنت محضرة كام سؤال في الندوه، بس كل الأسئلة والكلام راحوا، مش عارفة أجمع.. بقيت بصاله ومبتسمة".. تصف هالة حالتها هذه بأحد مقولاته "طفل سابه أبوه وأمه في متجر حلوى".

في المرة الأولى التي رأته فيها هالة، أهدته شوكولاتة.. وبنظرات انبهار وحب قالت له "يادكتور.. اسمحلي أقولك يابابا"، فرد عليها بحنو "قوليلي يا بابا"، وطلبت منه "تتبناني؟" ليرد بضحك قائلا "تتجوزيني؟"، لا تحتفظ هالة بهذا المشهد في ذاكرتها فقط، بل هناك صورة أيضا التقطت لهما وهي تضحك من رده عليها وتضع يدها على قلبها وتضحك فرحا وضحكا وخجلا وحبا وتقول أمام الحاضرين في الندوة "خلاص خطبني"، وفي مرة ثانية التقت به هالة طلبت منه أن تتصور معه قائلة "تأنكجني؟" ليرفض خجلا ويوقع لها على كتابه "مش مأنكج"، حفظ ملامحها واعتبرها أحد أبنائه وأصدقائه، وبات يعرفها جيدا.

في أحد حفلات توقيعه بالزمالك، ذهبت هالة للحضور وبيدها عصير، وبمجرد دخولها قال لها في الميكرفون أمام الجميع ضاحكا "هالة، وجايبالي عصير مانجا؟"، تسترجع هالة الكثير من المواقف مع أبيها ليس الروحي فقط بل الفعلي كما شعرت تجاهه،  تحكي "في حفل تكريم ليه في مكتبة ألف الميرغني برده، كنت أنا اللي قطعت التورتة وأديتله أول قطعة، وبدأت أوزع ع الناس، وهو بيضحك ويقولي انتى شغالة معاهم هنا؟ وقبل ما يمشى قلتلهم طب نسمع سقفة بقا للدكتور يا جماعة، وفجأة كل الموجودين سقفوا ومن ضمنهم زوجي اللي لسه كنت هتعرف عليه"، تسعد هالة من الحديث عنه فتقول: "العلاقة اللي نشأت بيني وبينه كانت حاجة حلوة أوي، كان بيرد على إيميلاتي ويتصل يتطمن، مش مجرد كاتب ده أب بيجمع ولاده حواليه، وبرغم إنه إنسان ملول جدا، بس عمري ما حسيت أنه متضايق من وجودي أو بيتأفف.. بالعكس كان بيضحك من قلبه".

الكثير من المواقف تستدعيها ذاكرة هالة الواحد تلو الآخر من قرب علاقتها به، فتحكي في عام 2015 أجرت عملية جراحية وكانت تتواصل معه على الإيميل، ليتصل بها يطمئن عليها قائلا "أنا بعتذر أني متصلتش بيكي قبل كده، أنا بتطمن عليكي أنتي بخير يابنتي؟"، نست هالة مرضها وعمليتها وألمها ووصفت مكالمته لها بأنها "مكالمة العمر"، "مكنتش مصدقة إن اسمه هو اللي بيتصل بيا على التليفون وظاهر قدامي"، وعندما وصفها بـ"صديقته جدا" كانت فرحة لا توصف، حيث طلبت منه في مرة أن يكتب إهداء لصديقة لها من محافظة أخرى لم تتمكن من حضور ندوته بسبب دراستها، فكتبلها هذا الإهداء "إلى إسراء العزيزة، صديقة هالة صديقتي جدا".

أرهق التعب العراب، ولم يتمكن مؤخرا من حضور ندوات، وغاب عن آخر دورتين لمعرض الكتاب، ولكن هالة كانت على تواصل دائم معه، وفي سؤالها آخر مرة تواصلت فيها معه عن ندوة قريبة، قال لها "أنا بقيت تعبان لدرجة إني مبقتش قادر أنزل معرض الكتاب"، حتى علمت خبر وفاته من صديق لها بالجروب، ولكن اعتقدت إنها إشاعة ولم تصدق، "هو مشهور وأكيد بتطلع عليه إشاعة، اتصلت بيه لقيت تليفونه غير متاح، بدأت أقلق، بقيت أنا وصديق تاني نتصل بمستشفيات الدمرداش وعين شمس التخصصي اللي بيقولوا إنه فيها بس مبيردوش، بعت لأكونتات ابنه محمد وبنته مريم بس برده مردوش، مفيش أي أخبار غير كلام الكتَاب واصدقائه بيقولوا إنه مات"، لم تبك هالة ولم تنهار ولم تحزن، فقط تنتظر أن تسمع عكس ما أشيع "كنت مستنياه يكدب الإشاعة دي ويسخر منها، ويطلع بمقولة ليه زي عادته".

الحزن الذي قبض قلب هالة، وانطبع على صوتها كان كبيرا لدرجة إحساسها باليتم، بصوت حزين رقيق هادئ تقول "محستش باليتم غير لما هو مات، محستهاش لما بابايا شخصيا مات، أنا بحسد محمد ومريم على القعدات الثمينة اللي عاشوها في بيته ومعاه، كنت أتمنى أكون بنته، مش زي ما الناس بتقول إننا بندرك قيمة الحاجة لما نفقدها، بي أنا كنت عارفة قيمته في وجوده من غير ما أفقده، كان أبويا فعليا لدرجة غني مش مصدقة إني مش هشوفه تاني".  

"الفخر" هو الشعور الذي طغى على الحزن لدى هالة بعد كتابتها لوصية أبيها على قبره، لتمر على ذاكرتها كل المواقف التي جمعتها به كأحد مشاهد السينما وكأنه ما زال حيا بينما تقف أمام جثمانه، "أنا شوفته فعليا 3 مرات، وتواصلت معاه كتير، بس تأثيره في حياتي وتفكيري كان أكبر من كده بكتير، حسيت بالفخر إني كتبت الجملة دي وهي جزء صغير وبسيط من خيره عليا، أنا لقيت حد كتب المقولة نفسها اللي كان قايلها نصا بنفس الطريقة في كارت صغير يمين القبر، بس أنا كتبت الجملة تنفيذا لوصيته كما هي أنه عايز يتكتب على قبري الجملة دي فكتبتهاله، ومضتله ابنتك هالة اللي هيوحشني جدا اني اسمعها منه زي ما كان بيقولهالي".

الحزن هو سيد الموقف ليس لهالة فقط، بل لعشرات الآلاف من أبناء العراب الذين سعوا لنشر كلماته وصوره، وحكي مواقفهم معه، ولكن هالة من قربها منه والعلاقة الوطيدة التي جمعتها به يشاركها الناس حزنها "الناس بتدخل تعزيني كأني كنت واحدة من أهله، ده شيء أفخر بيه، أنا فعلا كنت بنته، وهو دايما كان يقولي "يا ابنتي".

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى