اخبار السياسه حمادة ليه؟! مؤرّخ إخوانى يشرف على مسلسل «الجماعة»

أنا وجيلى مَدينون للكاتب الكبير وحيد حامد بأنه أسهم بكتاباته فى السينما والدراما التليفزيونية فى تشكيل وجداننا، ولا يستطيع شخص أن يزايد على «وحيد» فى فضحه للإخوان والتيار السلفى التكفيرى، ليست هذه مقدمة روتينية لتبرئة الذمة، ولكنها إحساس عميق يسكننى تجاه هذا المبدع الكبير، لذلك كنتُ فى غاية الدهشة حينما عرفتُ أن المشرف التاريخى على مسلسل «الجماعة» هو د. حمادة حسنى، أستاذ التاريخ بكلية سياحة وفنادق قناة السويس! ومصدر العجب والدهشة -مع احترامى للأستاذ حمادة- ليست فى أن الكثيرين لا يعرفونه، فمن الممكن أن يكون باحثاً همّه الأول فى البحث والدراسة، ولا فى أن هناك كثيرين غيره من القامات الكبيرة التى من الممكن أن تعود بنا إلى زمن موضوعية وصرامة وعلمية الراحل د. يونان لبيب رزق، الذى كان اسمُه على التترات علامة جودة للمسلسلات التاريخية، كان من الممكن أن يستعين المؤلف باسم آخر من تلك الأسماء المعروفة بموضوعيتها، لكنى افترضت أن وحيد حامد يجرب شباب التأريخ الجديد كما هو يجرب فى إخراج عمل كبير مثل «الجماعة» اسم شريف البندارى، لذلك ليس هذا مصدر دهشة أيضاً، لكن مصدر الدهشة الأساسى كان بعد البحث والتقصى أنه قد استعان بمؤرخ إخوانى الهوى يعتبر الإخوان فصيلاً وطنياً، بل يعتبرهم الصنّاع الحقيقيين لثورة 52! وهذا المؤرخ أيضاً يكره «عبدالناصر» كراهية التحريم، ويعتبره شيطاناً رجيماً، ويعتقد مَن يسمعه أو يقرأ له أن هناك ثأراً شخصياً بينه وبين «ناصر»، وبرغم أننى لست ناصرياً، فإننى كنت أقرأ مقالاته عن «عبدالناصر» المغموسة فى حبر الكراهية المسمومة بعين النفور والتقزز من رداءة الأسلوب وغلّ التعبيرات، د. حمادة حرّ فى رأيه وله ما شاء من حرية، ليعبّر بها عن هذا الرأى فى أى منبر شاء، لكن عندما يتصدى للإشراف على مسلسل ضخم مثل مسلسل «الجماعة»، يشكل وجدان وعقل أمة، وسيعتبر مستقبلاً وثيقةً ومرجعاً عن زمن الإخوان، خاصة أن كاتبه بقامة وحجم «وحيد»، هنا يكون السؤال: كيف يستعين وحيد حامد بشخص غير موضوعى وغير محايد للإشراف والمراجعة التاريخية لمسلسل على هذه الدرجة من الأهمية والحساسية؟! هل كليات الآداب على امتداد القطر المصرى وأقسام التاريخ فيها نضبت وجفّت ولا يوجد إلا المؤرخ العلامة حمادة حسنى، الذى تحيط به علامات استفهام كثيرة، حول سبب تلك الكراهية الرهيبة لـ«عبدالناصر»، التى فسّرها لى بعض زملائه فى الجامعة، والعهدة على الرواة، بأن لها جذوراً شخصية، عندما تم القبض على أفراد عائلته من «الإخوان المسلمين» فرضع منذ الطفولة حليب الغل والرغبة فى الثأر من هذا الزعيم بشكل هستيرى لا يتفق مع رؤية وموضوعية أستاذ تاريخ؟! وإذا كان رد الأستاذ «وحيد» هو أنا حر أستعين بمن أشاء، فسيكون الرد حتماً: ونحن أيضاً أحرار فى طرح هذا السؤال الشرعى: «حمادة ليه؟ اشمعنى حمادة دوناً عن كل المحمدات أساتذة التاريخ؟!» لن أقول حمادة الإخوانى بل سأقول إخوانى الهوى! وحتى لا أشخصن الأمور بالرغم من أننى لم ألتقِ بالأستاذ حمادة، وحتى لا أُرجع الأمر لجذور نفسية، ولمزيد من الموضوعية، ولأن المشاهد والقارئ جزء أصيل ومشارك فعلى، وطرف ثالث فى تلك القضية، سأحاول قراءة د. حمادة من خلال كتاباته ولقاءاته فيما يختص بموضوع المسلسل، عن «الإخوان» وعن «عبدالناصر»، كيف أطمئن إلى موضوعية من كتب هذا الكلام تجاه «ناصر» فى 16 سبتمبر 2008:

http://www.youm7.com/story/2008/9/16/%D8%AF-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%AD%D8%B3%D9%86%D9%89-%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AE%D8%B1-2/40488

حين قال إن «عبدالناصر هو السبب الأساسى فى حدوث الهيمنة الأمريكية والصهيونية على المنطقة، فحكمه تميَّز بغياب مقومات الدولة المدنية، وعلى رأسها احترام القانون واحترام حقوق الإنسان»، «فحكم عبدالناصر بالجملة كان كارثةً على مصر وعلى جميع القضايا القومية التى تناولها»، بينما يقول حمادة عن «الإخوان»، فى نفس المقال، إن «حلّ جماعتهم وقتلَ مرشدهم يرجع لدورهم فى حرب فلسطين»، يعنى الإخوان الكيوت الوسطيين العظماء حُلّت جماعتهم فقط، لأنهم أشداء على الإنجليز رحماء بالمصريين، ومن بينهم النقراشى والخازندار! وكتب أيضاً: «الإخوان أول مَن خاضوا معارك مفتوحة مع الإنجليز فى التل الكبير يومَى 11 و12 يناير 1952، ونسفوا قضبان السكك الحديدية قبل وصول قطار الجند والذخيرة إلى معسكر التل الكبير، وتصدّوا مع رجال البوليس لبعض القوات البريطانية»، وهذا يدل على أن روّاد الوطنية والكفاح ضد الاحتلال هم «الإخوان»! ويستمر المقال، وكأن البلد ليس فيه إلا «الإخوان»، وأنها لم تكن عصابة إجرامية، بل مجموعة من راقصى الباليه ومنسّقى الزهور يحسبون القنبلة من فرط براءتهم عقد فُل وياسمين!

هل لم يشاهد الأستاذ «وحيد» قبل أن يختار «حمادة» هذا الفيديو:

وعنوانه: «حمادة حسنى يكشف حقيقة السفاح عبدالناصر»؟! بل ويصل به الغل والهستيريا إلى درجة التخلّى عن رداء الأستاذ الباحث، واستخدام أسلوب الردح والتلسين على «عبدالناصر» بأنه ابن «بوسطجى»!! فيقول فى هذا الرابط:

https://aljazeera22.wordpress.com/2013/02/25/%D9%87%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D9%85-%D9%88-%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D8%B6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8-%D8%A7/

بفضل حكومة «الوفد» والظروف الداخلية، دخل أبناء (البوسطجية) الكلية الحربية، وتخرّجوا فيها، ليحكموا الشعب المصرى، كما سنرى «بالحديد والنار»، ويبرّر لُغتَه تلك بقوله: «فقد كان لدينا قبل عهده السعيد 140 ألف مؤسسة صناعية، والإنتاج كان يكفى حاجة السكان، ويصدّر الفائض، كما كان لدينا 578 نقابة معترفاً بها، ولا تقع عليها أية وصاية.. فعبدالناصر هو الذى عطّل مسيرة التقدم فى المجتمع المصرى»!، ويتضح سبب غضب الدكتور حمادة الخفىّ من «عبدالناصر»، حين قال: «وبعد عودة الجيش المصرى من حرب فلسطين ومقتل حسن البنا، عمل عبدالناصر على الانفراد بتنظيم الضباط الأحرار، والتخلص من الضباط المعروفين بولائهم للإخوان، وخاصة البكباشى عبدالمنعم عبدالرؤوف، وتغاضى عن ضباط آخرين مرتبطين بالتنظيمات الشيوعية»، طبعاً كيف يتجرّأ «ناصر» على المقام السامى لـ«الإخوان» ويتمرد على نقل دمهم الأزرق لشرايين الوطن!، بل ويقارن بين «عبدالناصر» والإنجليز، ويخرج بنتيجة أن الإنجليز أفضل من «عبدالناصر» فيقول: «فإذا كان عبدالناصر أقام السد العالى، الذى شرَّد أهل النوبة وأضر البيئة، فالإنجليز أنشأوا شبكة سكك حديدية متميزة، وأقاموا مجموعة متكاملة من القناطر والترع، بالإضافة إلى خزان أسوان، وألغوا السُّخرة فى مصر»!! وتصل به الهلاوس الفكرية إلى أقصاها، حين يقول إن «النظام الديكتاتورى لم يُخرج لنا مبدعاً واحداً، فالإبداع خصم دائماً للديكتاتورية، وإن كل المبدعين ظهروا فى الفترة الليبرالية»، ألم تسأل نفسك يا أخ حمادة كيف تتعاون مع وحيد حامد وهو ابن الفترة الديكتاتورية التى لم تُخرج لنا مبدعاً واحداً؟!

يا أستاذ وحيد.. ليس لدىَّ اعتراض فى أن يقول حمادة الباحث أضعافَ ما قال فى الصالون وفى المطبخ وفى الجريدة، ويغنى به فى الحمام!! لكن أن تختاره ليقول لنا هذا عبر مسلسل، فهذا هو الذى أعترض عليه، وأتساءل بشأنه، ولا تقل لى أنا الذى أكتب وهو ليس له دور، وإلا فلماذا اخترته أصلاً؟ هل هو مجرد شخص سيمنح السيناريو الختم؟! إنه الباحث الذى يساعد ويبحث، وإذا كان هذا هو فكره، فمن الممكن أن يدسّ وأن يخفى وأن يبرز أيضاً، أما هل أثّر حمادة حسنى وانعكست نظرته على المسلسل من الناحية الفنية أم لا؟ فهذا سيكون موضوع مقال قادم إن شاء الله.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى