اخبار السياسه لماذا فشلت دول الجوار الجغرافى فى تسوية الأزمة الليبية؟ (2-2)

على حين يبدو الغرب موحداً فى موقفه من القضية الليبية، ابتداء من إيطاليا التى تستشعر الخطر البالغ على أمنها الوطنى بسبب قرب السواحل الأفريقية الليبية من السواحل الإيطالية، بما يجعلها الهدف الأول لعمليات الهجرة إلى أوروبا، التى تنظمها عصابات مسلحة تستثمر الساحل الليبى فى تهريب آلاف المهاجرين إلى السواحل الإيطالية، فضلاً عن خطورة سيطرة تنظيم داعش على عدد من المواقع الاستراتيجية الليبية تهدد أمن أوروبا وأمن البحر الأبيض، ويتوافق مع جهود الإيطاليين جهود الأمريكيين الذين يعاودون قصف مواقع تنظيم داعش فى مدينة سرت لتمكين قوات حكومة الوحدة الوطنية من السيطرة على المدينة، كما يتوافق مع ذلك جهود الفرنسيين فى المنطقة الشرقية التى كشف عنها أخيراً مقتل ثلاثة جنود فرنسيين يعملون مع قوات حفتر، ولا بأس المرة من أن يشارك الغرب فى الدفاع عن أمن الدولة الليبية ضد محاولات داعش الحصول على موطئ قدم فى ليبيا دفاعاً عن أمن البحر الأبيض والأمن الأوروبى، فى إطار رؤية مشتركة مع دول الجوار الجغرافى تصون وحدة الدولة والتراب الليبى، وتساعد ليبيا على استكمال مؤسسات الدولة بما فى ذلك الجيش والشرطة والأمن والقضاء، وتختصر فترة استنزاف الدولة والاقتصاد الليبى، أما أن تنصرم جهود دول الجوار الجغرافى كل فى واد فهو أمر خطير يمثل استنزافاً لا مبرر له، خاصة مع سيطرة داعش على أماكن حيوية فى ليبيا تهدد أمن مصر، كما تهدد أمن تونس والجزائر وربما يصل التهديد إلى حدود المغرب.

ومع الأسف تفتقد دول الجوار الجغرافى لليبيا، جنوباً وشرقاً وغرباً، التنسيق والتعاون المشترك من أجل مجابهة خطر داعش على الجميع، إلى حد انعدام وجود رؤية واحدة تفرض على جميع الأطراف تنسيقاً مشتركاً، لأن دول الجوار الجغرافى الجنوبى لليبيا المتمثلة فى النيجير وتشاد ومالى تمثل عبئاً على ليبيا بالنظر لمشاكل الهجرة ورغبة شعوب هذه الدول فى الهجرة شمالاً، ولا يختلف الوضع كثيراً فى تونس التى تتعرض لضغوط شديدة متزايدة من جماعات تونسية متطرفة ينتمى معظمها إلى منطقة الجنوب عادت من العراق وسوريا، حيث عملت سنوات طويلة فى تنظيم داعش لتجعل من ليبيا قاعدة لانطلاق عملياتها ضد تونس، وتتخذ من منطقة صبراتة على الحدود التونسية الليبية مقراً ومنطلقاً لعمليات إرهابية تستهدف ضرب السياحة فى تونس، ويشكل التونسيون القوة الضاربة الأكبر لتنظيم داعش فى ليبيا.

وبرغم محاولات مصر العديدة تنسيق جهودها مع دول الجوار الجغرافى حماية لأمنها وأمن واستقرار دول شمال أفريقيا، خاصة مع وجود تعاون وثيق بين منظمات الإرهاب الأفريقية (بوكوحرام) والقاعدة وداعش، إلا أن استجابة الجزائر مع الأسف جد محدودة لأسباب غير مفهومة لا تكاد تخرج عن رغبة الجزائر فى أن يكون لها وحدها القول الفصل فى الوضع الليبى رغم تأثيره البالغ الخطورة على الأمن المصرى، وقد تكون الجزائر بمساحتها الشاسعة عازلاً يمنع تأثير الموقف الليبى على الوضع فى المغرب ويحد من قوته، لكن المغرب الذى لعب دوراً مهماً فى خريطة التسوية السياسية للأزمة الليبية التى رسمها اتفاق الصخيرات يرى فى موقف الجزائر إصراراً على استمرار المنافسة المريرة بينهما التى تعيق علاقات التعاون المغاربى وتعطل عمليات التنسيق المشترك.

وإذا كان صحيحاً ما يراه أحمد أبوالغيط أمين عام الجامعة العربية من أن الأزمة الليبية تختلف شكلاً وموضوعاً عن المشكلة السورية وربما تكون الأقرب إلى التسوية لانحياز غالبية الشعب الليبى وغالبية قبائله إلى ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار ليبيا وتخليصها من سيطرة الجماعات المسلحة، فضلاً عن متغيرات الأزمة السورية ومضاعفاتها بسبب تدخل قوى عديدة ذات مصالح متباينة أبرزها إيران التى تعتبر سوريا جزءاً من مجالها الحيوى والاستراتيجى وتثقلها بقوات الحرس الثورى الإيرانى التى تشارك على كافة جبهات القتال، إضافة إلى روسيا التى تمكنت من تحقيق وجود عسكرى مؤثر شرق المتوسط يتمثل فى قاعدة اللاذقية البحرية إضافة إلى أسراب من الطائرات والمقاتلات الروسية كان لها فضل استعادة كثير من المناطق السورية التى تقع تحت سيطرة داعش، فضلاً عن قوات حزب الله اللبنانى التى تحارب إلى جوار بشار الأسد فى منطقة حلب، لكن وجود فرص ملائمة فى ليبيا لإنجاز تسوية سياسية يظل رهناً بمدى قدرة الأطراف المعنية على الإمساك بهذه الفرص وتحويلها إلى برامج عمل تلتزم حسن التطبيق وحسن النيات كى تعبر ليبيا هذه الأزمة، ومع الأسف لا تزال المشكلة الليبية عصية على التسوية السياسية رغم حماس الشعب الليبى وانتصاره لأمن واستقرار ليبيا ورفضه لجماعات الإرهاب والميليشيات المسلحة بسبب فشل جهود دول الجوار الجغرافى فى تنسيق خططها ورؤاها.

ولو أن دول الجوار الجغرافى نجحت فى تنسيق جهودها لتعزيز قدرة الصمود الليبى وتطبيق اتفاق الصخيرات بما يضمن حصار قوى التطرف وتصفيتها، وإزالة الحساسيات العالقة بين المنطقتين الشرقية والغربية فى الوقت التى تواصل فيه أسراب طائرات الغرب قصف مواقع داعش فى درنة وسرت وصبراتة وأجدابيا كى تمنع داعش من الحصول على موطئ قدم على طول الساحل الليبى، لامتنعت كل أسباب الفوضى التى أخضعت مناطق عديدة فى ليبيا إلى عصابات تهريب المهاجرين إلى أوروبا عبر الساحل الإيطالى، وتوقفت عمليات التهريب اليومى التى يذهب ضحيتها آلاف الأفارقة والعرب يغرقون بالجملة فى مياه المتوسط قبل الوصول إلى الشاطئ الإيطالى، ونعمت ليبيا بالأمن والاستقرار الذى يتمناه كل ليبى، لكن الجزائر ترفض مع الأسف أى تنسيق مشترك مع دول الجوار الجغرافى، وتؤثر الاعتماد الكامل على قواتها المسلحة فى مواجهة أى محاولة لاختراق حدودها، ولا تتحمس كثيراً لجهود الجامعة العربية من أجل الدعوة إلى مؤتمر ليبى يعقد فى رحاب الجامعة العربية لتعزيز صمود ليبيا والحفاظ على وحدة الدولة والتراب الليبى.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى اخبار السياسه عاجل.. قرار مفاجئ من الأهلي بشأن قضية الشيبي وحسين الشحات