اخبار السياسه أنا الدولة

أنا من المؤمنين عبر التاريخ وتجارب البشر بأن التوحد بين الشعوب والدول هو مسألة حتمية لتحقيق النهوض والتقدم. يتلاشى الإنسان إنتاجاً وانتماءً فى دولته، وتذوب الدولة عدالة وتخطيطاً فى مواطنها، فيصير كلاهما كياناً واحداً يمنح كل منهما الآخر الديمومة والاستمرارية والحياة والتجدد، ولنا فى تاريخ بلادنا القديم أسوة يا سادة، فقد عاشت مصر القديمة بحضارتها حتى تلك اللحظة حينما اتحد عطاء الفرد بحضور الدولة، فمنحوا الإنسانية أسرار العلم والخلق والفكر، مقاومين بذلك فكرة الفناء المحتومة بحكم الزمن.

لذلك أتعجب من تعليقات البعض، حينما يعلقون على ما تقدمه الدولة من مشروعات ضخمة فى كافة المجالات، متسائلين عن علاقة المواطن بكل تلك المشروعات التى لم تعد عليه برخاء انتظره، أو وفره حلم بها بعد ثورتين متتاليتين فى إطار فهم خاطئ لمعنى ثورة. أدرك سوء الفهم والتباس الأمور لدى البعض أحياناً، كما أفطن لسوء النية لنشر الإحباط بين الناس فى أحيان أخرى. ولكن الحقيقة وفقاً للتاريخ البشرى تؤكد أن ما من تنمية إلا وكان لها ثمن. وما من نهضة إلا ودفعت فيها الشعوب مقابلاً.

اقرأوا تاريخ ألمانيا حينما قررت إعادة بناء ذاتها بعد الحرب العالمية الثانية وكيف عاش المواطن حياة التقشف إلى حد الاعتماد على حبة بطاطس كانت نصيبه من الغذاء اليومى، حتى بلغت ألمانيا الخمسينات وقد بدأت نهضتها الصناعية. نعم، ساند الشعب الدولة لتنهض وتعوض ما فاتها فمنحته الدولة قوة الاقتصاد الذى انعكس على مستوى معيشة الفرد فى الإنفاق والخدمات اليوم. ارجعوا إلى اليابان وراجعوا حالة اليأس التى أصابت الشعب من انهيار طال كل شىء بعد إلقاء القنبلة الذرية عليهم، فتهدم البناء وضاع الإنسان لولا إصرار قيادات على نهضة صناعية عبر مشروعات ضخمة فى النقل والتصنيع وهم لا يمتلكون ثمن تحقيق الحلم، ولكن كان الإصرار على تعويض ما فات فكان لهم ما أرادوا فى مطلع الستينات. دفعت الشعوب ثمن نهوض دولها حينما أمنوا أن طريق التقدم لن يتأتى إلا حينما ينصهرون فى بنيان الدولة، فمنحوها عرقهم وإنتاجهم وانتماءهم رغم ما مر بهم من ضيق ذات اليد والحاجة واستغلال الفاسدين وتربص الاستعمار ومصالحه، لكنهم صبروا لتحيا دولهم.

ولذا أتوجه لكل المصريين بتساؤلات علها توضح الصورة لهم فى ظل غلاء بتنا نعانى جميعنا منه. هل تريدون بناء مصنع للبتروكيماويات بقيمة 1.9 مليار دولار لنصدر بها ما تتجاوز قيمته 600 مليون دولار، ومصنع لصناعة حلقات الأنفاق لتوفير احتياجات أكبر أنفاق تحفر فى العالم اليوم لتعبر لسيناء دون أن يكون لكم فيها مساهمة؟ هل تريدون إنشاء محطات كهرباء تكفى أجيالاً وشبكة طرق بلغت حتى الآن 3500 كيلومتر، وإصلاح مليون ونصف مليون فدان فى كل ربوع مصر بلا ثمن؟ هل تريدون إنشاء 800 ألف وحدة إسكان اجتماعى و150 ألف وحدة إسكان لنقل سكان المناطق الخطيرة وحفر قناة موازية للقناة بطول 72 كم وإعمار ما حولها باستثمارات التصنيع وتشغيل مليون فرد ومنح الفرصة لنحو 1000 شركة قطاع خاص فى مشاريع التعمير بدون مساهمة منكم فى ذلك؟ هل تريدون حل مشكلات الغذاء وعلاج فيروس سى ومضاعفة الرواتب من 90 مليار جنيه إلى 200 مليار جنيه ومقاومة إرهاب وتسليح جيش بمستوى لم يحدث منذ محمد على، وأنتم جالسون على المقاهى سارحون فى دخان الشيشة؟ هل تريدون الحصول على كل هذا دون غلاء للأسعار ودون التخلص من دعم لم يذهب يوماً لمستحقيه؟ ودون أن يهاجمكم فساد اعتاد العيش على أقواتكم واستعمار قسّم من بلاد حولكم وتجار دنيا ودين ينتعشون بخرابكم؟

يا سادة لا يمكنكم بناء بلدكم بمنطق اليهود لموسى: «إذهب أنت وربك، فقاتلا إنا ها هنا قاعدون» لا تقولوا: «إحنا والدولة»، بل آمنوا بأننا نحن الدولة، ففى هذا نجاتنا، نعم نحن الدولة.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه أسعار الفراخ البيضاء اليوم الاثنين 3-6-2024 في بورصة الدواجن
التالى اخبار السياسه الصحة العالمية لـ«الوطن»: هجمات غير مسبوقة على القطاع الطبي في غزة والسودان