اخبار السياسه صراع الوزارة والمشيخة

تشهد الدولة المصرية منذ فترة ليست قصيرة صراعاً مكتوماً بين الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف. وقد ظهر هذا الصراع مؤخراً إلى السطح، وتجلى فى الجدل والخلاف الذى دار حول قرار وزير الأوقاف بتطبيق الخطبة الموحدة وتعميمها بمنابر الجمعة. ويبدو أن هذا القرار صدر بدون استشارة مشيخة الأزهر، الأمر الذى أثار حفيظة الأزهر ورجاله. ونعنى بذلك الاعتراض الذى أبداه علماء الأزهر بشأن توحيد خطبة الجمعة، والذى اتخذ الشكل الرسمى من خلال القرار الصادر بالإجماع عن هيئة كبار العلماء، يوم الثلاثاء 21 شوال 1437هـ الموافق 26 يوليو 2016م برفض الخطبة المكتوبة، معتبرة هذه الخطوة تجميداً للخطاب الدينى، ومؤكدة أن الأئمة يحتاجون إلى تدريب جاد وتثقيف وتزويدهم بالكتب والمكتبات حتى يستطيعوا مواجهة الأفكار المتطرفة والشاذة بالعلم والفكر الصحيح. وبدوره، عبر مجمع البحوث الإسلامية عن رفضه الخطبة المكتوبة، مؤكداً التزام وعاظ الأزهر الشريف بقرار هيئة كبار العلماء فيما يخص الخطبة المكتوبة، معتبراً إياها تجميداً لعقول الدعاة.

وقد رأى البعض فى هذا الخلاف «معركة صفرية مكتملة الملامح والمعالم» بين شيخ الأزهر ووزير الأوقاف (محمد إبراهيم الدسوقى، حرب الشيخين، جريدة الأهرام، قضايا وآراء، الاثنين 27 شوال 1437هـ الموافق الأول من أغسطس 2016م، السنة 140، العدد 47355). وفى الإطار ذاته، استخدم البعض لفظ «المعركة» لوصف ما يحدث بين وزير الأوقاف وشيخ الأزهر، مؤكداً أن ما يحدث يشكل «مهزلة» (سعاد طنطاوى، معركة الطيب وجمعة، جريدة الأهرام، آراء حرة، الاثنين 27 شوال 1437هـ الموافق الأول من أغسطس 2016م، السنة 140، العدد 47355).

والواقع أن الأمر لا يشكل صراعاً بين شخصين، بقدر ما يدل على عوار تنظيمى وتشريعى، يكمن فى عدم الفصل الواضح بين اختصاصات وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر فيما يتعلق بمهام الدعوة، إلى الحد الذى يمكن معه القول بوجود ازدواجية فى الاختصاصات، ويطرح بالتالى التساؤل عن آلية إنشاء الوزارات وضرورات وجودها. بيان ذلك أن المادة السابعة، الفقرة الأولى من الدستور الحالى تنص على أن «الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم». والمستفاد من هذا النص هو أن المشرع الدستورى أناط بالأزهر الشريف مسئولية الدعوة فى مصر والعالم. ولا نغالى إذا قلنا بأن المسجد وخطبة الجمعة من أهم وسائل الدعوة الإسلامية. وقد كان مؤدى هذا النص هو إلغاء وزارة الأوقاف، مع الإبقاء على هيئة الأوقاف المصرية، بحيث تتولى الهيئة الإشراف المالى والإدارى على الأوقاف ومن بينها المساجد، بينما تتولى مشيخة الأزهر الإشراف الفنى على المساجد، من حيث اختيار الخطباء وإعدادهم وتأهيلهم. وتجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى أن النص الدستورى آنف الذكر لم يكن موجوداً فى الدستور المصرى لعام 1971م. فقد تم استحداث هذا النص فى دستور 2012م، وذلك فى المادة الرابعة الفقرة الأولى منه، بنصها على أن «الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم. ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية».

وهكذا، يمكن القول بأن نص المادة السابعة من الدستور المصرى الحالى يستوجب إلغاء وزارة الأوقاف وإناطة اختصاصها الدعوى إلى مشيخة الأزهر. ولكن السؤال الذى يفرض نفسه يتعلق بما إذا كانت الحكومة مستعدة لقبول هذه الفكرة، لاسيما فى ظل استقلال شيخ الأزهر وعدم قابليته للعزل، الأمر الذى قد يؤدى إلى أن تكون المساجد بمنأى عن رقابة وإشراف الحكومة. ولا شك أن هذا الوضع يجعل الأمر فى مصر مختلفاً تماماً عما هو مطبق فى جميع الدول العربية والإسلامية، حيث تشرف وزارة الأوقاف أو الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف على شئون المساجد.. والله من وراء القصد.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى اخبار السياسه الصحة العالمية لـ«الوطن»: هجمات غير مسبوقة على القطاع الطبي في غزة والسودان