اخبار السياسه الشعبويون الجدد

أصبحت الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها مصر حديث الساعة وسبب الخلاف بين عموم الناس عن المتسبب فيها.. على ساحات التواصل الاجتماعى يحاول كل طرف أن يلصق التهمة بالآخر، فمعارضو النظام والحكومة يهاجمون كل إجراء اُتخذ خلال عامين أو ثلاثة، لأنه أفضى بنا إلى ما وصلنا إليه.. وفى الجانب الآخر محبو النظام يستميتون دفاعاً عن نفس الإجراءات ويكيلون الاتهامات لعموم الناس لأنهم السبب فيما وصلنا إليه.. ولكن لا أحد يحاول أن ينظر إلى الأمور نظرة موضوعية بعيداً عن كيف كانت الأحوال قبل 2011.

يجب ألا ننسى أننا جزء من عالم يعانى أزمة اقتصادية بالغة القسوة طالت أعتى الاقتصادات العالمية بما فيها العملاق الصينى الذى كنا نظن أنه ليس هناك من يمكن وقف نموه السريع.. وطالت الأزمة بلدان الخليج التى وضعت خططها التنموية على فرضيات حطمها انهيار أسعار النفط العالمية، فبدأت إجراءات تقشفية يشعر بها مواطنوها فى حياتهم اليومية ومعهم ملايين الوافدين من جنسيات عدة، فإما أن يفقدوا وظائفهم أو يقبلوا بشروط صعبة للبقاء.. ولم تسلم أوروبا أو حتى الولايات المتحدة، وصار الكل فى الهم واحد..

أستشهد هنا بمقال روشير شارما، مؤلف كتاب «صعود وانهيار الأمم»، الذى قال فيه إن العالم ينبغى أن يستعد لعصر ما بعد العولمة حيث تنهار فكرة السوق المفتوحة والاقتصاد الواحد، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى قد يؤدى إلى انتقال العدوى لدول أخرى مثلما تسببت الأزمة المالية العالمية فى 2008 فى الكثير من الظواهر المرضية والتداعيات بما فيها تقلص حجم النمو الاقتصادى وتزايد معدلات عدم المساواة، ومنذ عام 2008 تقلصت نسبة تأييد الحكومات فى الدول الثلاثين الأعرق ديمقراطياً.. ويقول «شارما» إنه يسمى ذلك «عصر ما بعد الأزمة»، والغضب من الحكومات قد يصبح عرضة للاستغلال من قبل الشعبويين أمثال دونالد ترامب.

الكاتب يرى أن انعدام العدالة الاقتصادية تزايد عالمياً منذ الأزمة فأثبتت الدراسات التى أجراها بنك كريدى سويس فى الدول الست والأربعين الأكبر اقتصادياً أن نسبة عدم عدالة توزيع الثروة تتزايد منذ عام 2007، فوصل عدد الدول التى تشهد هذه الظاهرة إلى 35 دولة وهو ما يشير إلى تفشى انعدام العدالة فى توزيع الثروة.

عودة لمصر، لا يمكن أن تكون الإجراءات التى اتخذتها الدولة خلال عامين سليمة كلها، فهذا ضد طبيعة الأمور واحتمالات الخطأ واردة وبعضها تراجعت الدولة عنه وبعضها قامت بإصلاحه، وظل البعض على حاله، بينما كانت هناك إجراءات أو قرارات ضرورية لم تتخذ.. ولكن هذا لا يعنى أن حالنا تراجع تماماً وتردت الأحوال بشكل غير مسبوق لأن من يقول هذا، وكأنه لم يكن يعيش بيننا فى الأعوام الماضية..

اليوم فى شوارعنا نسير بأمان نسبى لم نكن نشعر به على مدة خمسة أعوام.. لا نبحث عن بقعة زيت رشها الإخوان على طريق فتنزلق السيارة لنلقى ربنا؟ كم إعلانات الطرق المضيئة فى أنحاء القاهرة الكبرى بعد أن كان أغلبها مهجوراً لعدة سنوات يشير إلى أن الأعمال تسير حتى ولو بتباطؤ لا نرضى عنه؟ الإشارات كثيرة أننا حالنا ليس بهذا السوء بعيداً عن تهكم من يكتبون «ماسر» و«شوف العراق وسوريا وليبيا واليمن»..

نعم، الغلاء توحش والنفوس خربت واللصوص زاد عددهم وبدأ كشفهم، فوجدنا أنهم ولله الحمد تركوا لنا القليل لنعيش عليه حتى ولو بصعوبة وهذا حال البسطاء والطبقة المتوسطة.. ولكن عند الحكم على الأمور يجب ألا نفصل بين ما يحدث هنا وما يحدث فى العالم.. نعم، نحتاج لقرارات فورية تمنع احتكار الثروة وتقضى على الفساد.. ولكن يجب أن نمنع الشعبويين أمثال ترامب، وهم كثر فى مصر وكثير منهم على مواقع التواصل الاجتماعى من أن يستغلونا لركوب الموجة فنصبح ضحية لهم ولأفكارهم الشعبوية..

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى اخبار السياسه عاجل.. قرار مفاجئ من الأهلي بشأن قضية الشيبي وحسين الشحات