اخبار السياسه الهرى والهرى المضاد فى مصر

كنا نقول إن أهل مصر لا كتالوج لهم، نفخر بذلك فى دلالة على الحيوية، والقدرة على إدهاش الغير، الآن نقول بأن لأهل مصر «تايم لاين» واحداً وموحداً يخبرك فيما يفكرون وكيف يتعاركون وأى «إفّيه سيستخدمون» وأى ضيف سيظهر فى برامج التليفزيون.

هكذا أصبح «تايم لاين» حياة المصريين واضحاً ومحدداً، لا يتغير من سنة إلى الأخرى، يأتى نفس اليوم بنفس النقاش ونفس الصورة ونفس الخلاف كالآتى:

■ تحل ذكرى ثورة 23 يوليو، ليبدأ معها أهل مصر فى الـ«فيس بوك» ثم البرامج بحديث لا يختلف عن حديث العام السابق، وما سبقه، وما سبقهما همّا الاتنين، ماذا تبقى من يوليو؟، هل كانت أيام الملكية أفضل؟، الملك فاروق المظلوم؟، المصريون الحفاة العراة؟، الشوارع المصرية الأجمل من شوارع باريس، الفلاحون المظلومون، وينتهى الأمر بنفس الإفّيه «على ابن الجناينى بقى ظابط يا إنجى».

■ فى أول يناير تظهر نفس الفتوى الوحيدة هل يجوز تهنئة الأقباط بعيدهم؟ وهل الاحتفال برأس السنة حرام؟، ثم تظهر نفس الصورة لأماكن السهر؟، ثم تبدأ نفس المقارنات حول الشعب الهايص والشعب اللايص، ثم تبدأ نفس المعارك حول فستان «هيفاء» فى الكريسماس، وسعر تذكرة عمرو دياب.

■ فى منتصف يناير تتخذ الأجواء شكلاً ثورياً، وتبدأ صور الأيام الثمانية عشر فى ميدان التحرير تظهر، ويبدأ بعضهم فى طرح السؤال المكرر هل نحتفل بذكرى الثورة أم عيد الشرطة؟، ثم يصرخ أحدهم «الثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها»، ثم ينشر البعض منا صور الشهداء، ثم تمتلئ الصحف المصرية بملفات عن الثورة سيرة ومسيرة، ثم تصنع برامج التليفزيون حلقات خاصة تحت عنوان «هل كانت 25 يناير مؤامرة؟»، ثم يأتى الإفّيه الأكبر ببيان «الداخلية» الذى يهنئ الشعب بالثورة، وبيان الإخوان الذى يترحم على الثورة التى سرقت.

■ فى الصيف، وتحديداً من يوليو، تظهر صور الساحل، وتبدأ الحفلة المعتادة، الطريق للساحل زحمة، البنات بتعمل شعرها ومش بتنزل الميَّه، الولاد بيعملوا فورمة الساحل، الطوابير طويلة أمام أماكن السهر، المحجبات عاوزين ينزلوا البحر أو يدخلوا البارات، الإصلاحات مستمرة فى طريق الإسكندرية، الإصلاحات مستمرة فى طريق العلمين، لا توجد خدمات على الطريق.

■ فى أغسطس تظهر صور «رابعة» وقصص الصمود، و«جبريل»، والفض، وهلاوس الإخوان، وفى نوفمبر يبدأ الحديث عن «محمد محمود» والموتوسيكلات، واقتحام «الداخلية» و«الإخوان اللى باعونا فى محمد محمود»، وحق الشهداء الذى لم يأتِ بعد.

■ فى العام الواحد يتكرر الأمر مرتَين بنفس تفاصيله فى كل سنة، لقاء القمة فى الدور الأول ولقاء القمة فى الدور الثانى، حفلة الوعيد والتذكير بمن فاز على مَن تبدأ قبل مباراة الأهلى والزمالك، وبعد انتهاء المباراة بفوز الأهلى غالباً يتحول جمهور الأهلى إلى فاعل والزمالك إلى مفعول به، وتظهر العبارات المقدسة، الزمالك لم يكسب الدورى منذ ظهور الـ«فيس بوك»، متى يكسب الزمالك الأهلى؟

■ فى أى يوم من أيام السنة وارد وقوع حوادث بشعة، مثلاً تفجير إرهابى، حادث قطار، غرق عبارة، حادث طريق، وفى كل الأحوال ستجد مشهداً متطابقاً بالكربون، عزاء وصراخ: «تعبنا بقى يا رب»، ثم حديث عن القصاص أو الثأر أو عقاب المقصرين، ثم ارتباك بسبب أرقام الضحايا، ثم حملات صحفية عن التقصير، ثم صور جنازات ودموع الأهالى المقهورين، ثم لا شىء على الإطلاق.. راحة فى انتظار تكرار المشهد.

• فى كل سنة تكرر بالكربون خناقة بطلها «السبكى»، بسبب مشهد عارٍ فى فيلم من أفلامه، وستجد معركة كبرى بسبب تصريحات مرتضى منصور، وستجد ألف اشتباك متكرر بسبب تصريحات كوميدية للوزراء، ونفس المعركة الدينية بسبب فتوى ياسر برهامى، أو وجدى غنيم، وفى كل سنة يظهر شيخ أزهرى يتحول إلى بطل بسبب تصريح أو فتوى غريبة، وفى كل سنة يتعارك الأهلى والزمالك على لاعب من أندية الوسط، ومن يفوز بالصفقة يحجز معها مكاناً فى الدكة لهذا اللاعب.

عموماً المساحة مفتوحة، أنت قطعاً تعرف ما هو أكثر منى، أنت تكرره كل عام بنفس التفاصيل، والتكرار يعلم الشطار، وكل شاطر يمكنه أن يضيف بنفسه آلاف الأحداث والقضايا والتفاصيل التى ننسخها سنوياً بالكربون فى نفس الزمان، حتى بدت صورتنا لمن يشاهدوننا من بعيد وكأننا نجرى فى المكان ونلهث، ولكننا لا نتحرك خطوة.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه خالد الجندي: الإنسان غير العامل يمثل عبئا على المجتمع
التالى اخبار السياسه عاجل.. قرار مفاجئ من الأهلي بشأن قضية الشيبي وحسين الشحات