اخبار السياسه رامى المتولي يكتب: عادل.. إمام الكوميديا في الثمانينات وما بعدها

رامى المتولي يكتب: عادل.. إمام الكوميديا في الثمانينات وما بعدها

كثيراً ما يظلم قطاع من الجمهور فن الكوميديا باعتباره درجة ثانية من الفنون، مفضلين عليه التراجيدى والميلودراما على الرغم من كونها فروعاً رئيسية للدراما بكل أشكالها المقدمة فى الأدب والمسرح ثم الإذاعة وبعدها السينما والتليفزيون، ومن خلالها تتفرع أنواع أخرى تبعاً لقدرات ورؤى صُناعها، منها كوميديا الفارص والكوميديا السوداء والروم-كوم التى تجمع بين الرومانسية والكوميديا، وغيرها الكثير، والتى ظهرت كنتيجة للتطور الحادث فى الكتابة لأى من الأشكال الفنية سابقة الذكر.

وعلى نفس المقياس يجرى التعامل مع صُناع الكوميديا، فلا نجد تمثيلاً كبيراً لهذا الفرع فى الجوائز والمهرجانات السينمائية بنفس القدر الذى تحظى به الأفلام من الفروع الأخرى، حيث تُقدَّم مثلاً الأفلام التاريخية على الكوميدية فى التعامل معها بجدية، وباستثناء نوعية فرعية، وهى الكوميديا السوداء، لن نجد تمثيلاً مكثفاً للكوميديا فى المنافسات الكبرى، حتى إن الممثلين الكوميديين يحظون بالاحتفاء الأكبر عندما يقدمون عملاً ميلودرامياً أو تراجيدياً، خلافاً لتقديمهم عملاً كوميدياً، وذلك على الرغم من أهمية الكوميديا كفرع رئيسى فى التعبير عن أفكار المبدعين والمساحة الكبيرة الممنوحة من خلاله لنقد المجتمع بعاداته وسلوكياته.

فى مصر أكبر الأسماء فى فرع الكوميديا تتلقى هذه النظرة مهما بلغت قدراتها التمثيلية وموهبتها، وتُقدَّر أعمالهم التراجيدية والميلودرامية أكثر، ومن منهم يخلص لفن الكوميديا يتم التقليل من منجزه الإبداعى، هذه السهام أصابت نجيب الريحانى بقدر أقل من تلميذه فؤاد المهندس الذى تلقَّى أكثر السهام من أبناء جيله مثل عبدالمنعم مدبولى وأبوبكر عزت على سبيل المثال، وتلقَّى خريج مدرسته الكوميدية عادل إمام سهاماً أكبر وأقوى فى نقده والتعامل مع منجزه للحد الذى بلغ التقليل من قدراته التمثيلية ومن رؤيته الإبداعية ومشروعه الذى ظل ممسكاً بإطاره طيلة حياته الفنية ولم يحد عنه حتى فى أدواره الثانية قبل البطولة المطلقة وتربعه على عرش النجومية لسنوات تخطت الخمسين عاماً، نال خلالها لقب «الزعيم» وأصبح مرادفاً لاسمه.

تأثير عادل إمام لم يكن قليلاً أو محدوداً بوقت وزمن معين، بل امتلك القدرة على الصمود باختياراته وذكائه كفنان فى مواجهة أكثر من جيل تلاه، شهد صعوداً قوياً لبعض أسمائه، سواء على المستوى النقدى أو الجماهيرى، على العكس كانت انطلاقة بعضهم من خلال أعماله، والآخرون يحملون له كل التقدير كواحد من أبرز فنانى الكوميديا فى المنطقة العربية، ليصل تأثيره وتأثير أعماله لأجيال صغيرة فى السن، يتفاعلون معها وكأنها وليدة اللحظة ولم تُنتَج قبل عشرين أو ثلاثين عاماً.

عادل إمام المخلص للكوميديا التى تُعد سلاحه لمواجهة الأفكار السياسية والسلوكيات الاجتماعية التى يقف ضدها ويعارضها، قدّم أشكالاً وألواناً مختلفة منها، فى رحلته الطويلة نقد الاتجاه الفكرى والسياسى الذى تبناه فى مراهقته، وتصدّى لموجات الإرهاب الدينى من خلال أعماله وبنفسه معرِّضاً نفسه للتهديدات، كما مثَّلت أعماله نقداً لواقع مجتمعى وسلوكيات ظهرت بعد وخلال هزات سياسية فى مصر، وكذلك الحال حتى مع رؤيته للعلاقات العاطفية والأسرية، وحتى مع أعماله المنتمية لأقل نوع فرعى للكوميديا فى التقدير النقدى عند البعض، وهو كوميديا الفارص، سنجد نقداً اجتماعياً واضحاً، وعلى الرغم من طبيعة أفلامه من هذا النوع والتى تحمل صبغة تجارية واضحة وتغازل شباك التذاكر، سنجد مشاهد ومواقف للشخصية الرئيسية تبعث برسائل وأفكار صُناعه للجمهور دون ضجيج أو محاولة لمغازلة مشاعر وأفكار جمهور الشباك بشكل سطحى ومقحم.

خلال مسيرة الزعيم الطويلة عاصر صعود وهبوط عشرات الفنانين، وكذلك الموجات الفنية، وظل منهجه محافظاً على استقلاليته حسب وجهة نظره، ففى ذروة توهج نجوميته ظهرت موجة الواقعية الجديدة، وسار نجاحهما بشكل متوازٍ، تمازج كلاهما من خلال فيلمى «الأفوكاتو» مع المخرج رأفت الميهى عام 1983 و«الحريف» مع المخرج محمد خان عام 1984، ونظراً للاختلاف فى المنهج فيما يتعلق بالنقد المجتمعى ونوعية الأفلام لم يجتمعا، وإن قدّم عادل إمام فى هذه الفترة أفلاماً تراجيدية صرفة ناقدة لتحولات المجتمع المصرى بعد الانفتاح الاقتصادى مثله مثل موجة الواقعية الجديدة، لكنها لم تخلُ من السخرية وكوميديا الموقف كجزء واضح من إخلاصه لهذا الفرع المهم من وجهة نظره، لتسلم الدفة بعدها إلى نقطة تحول جديدة فى مسيرة عادل إمام فى تسعينات القرن العشرين مزج فيها الكوميديا مع الحركة، ودُرة التاج فيها هى أفلام كوميديا الموقف والكوميديا السوداء من خلال خماسية الأفلام التى شهدت تعاون الثلاثى وحيد حامد مؤلفاً وشريف عرفة مخرجاً وعادل إمام ممثلاً.

ومع دخول عقد جديد وظهور المضحكين الجدد تحول عادل إمام بشكل واضح لكوميديا الفارص متعاوناً مع يوسف معاطى، ثم عودته للتليفزيون مرة أخرى فى العقد الثانى من الألفية الثالثة، كل هذه التحولات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أننا أمام فنان فذ عابر للأجيال والزمن، وإخلاصه للكوميديا على الرغم من كل ما يثار حولها وحوله كقيمة فنية مثال يُحتذى به، والأكبر من هذا وتلك هو المنهج الذى حافظ عليه عادل إمام مع تغير الصُناع وقدرته على الحفاظ على بوصلة موجهة للأمام دائماً، مكتشفاً فنانين ومواجهاً لأفكار وسلوكيات سلبية بالشكل الذى يجعله فى مرتبة واحدة مع المفكرين وصُناع الرأى مستخدماً أداة أخرى فى مخاطبة الجمهور وهى الكوميديا

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه بدء التقديم لمرحلة رياض الأطفال إلكترونيا بالجيزة اليوم.. رابط التسجيل
التالى اخبار السياسه الصحة العالمية لـ«الوطن»: هجمات غير مسبوقة على القطاع الطبي في غزة والسودان