اخبار السياسه «مشاركة لا مغالبة»: حيلة خداع القوى المدنية والاستحواذ على الساحة بعد الثورة

«مشاركة لا مغالبة»: حيلة خداع القوى المدنية والاستحواذ على الساحة بعد الثورة

رفعت جماعة الإخوان العديد من الشعارات بعد ثورة 25 يناير، رغبة منهم فى إظهار صورة ديمقراطية أمام الشعب، فنادوا بشعار «مشاركة لا مغالبة» فى الحياة السياسية، والسماح للجميع بأن يشارك ويكون له دور فى مرحلة ما بعد يناير، ولكن تبخرت الوعود، وكانت البداية فى استفتاء مارس عندما حولوا العمل السياسى إلى صراع بين الإيمان والكفر.

استخدموا الشعارات الدينية لتحويل الاستفتاء إلى «غزوة صناديق» وحشد الجماهير لتمرير «التعديلات الدستورية»

وأطلقوا على عملية الاستفتاء السياسى آنذاك معركة «غزوة الصناديق»، وخلالها سقط ثانى أقنعة الجماعة، عندما زعموا بأن المسيحيين شركاء الوطن، ثم انقلبوا على حديثهم وطعنوا مبادئ المواطنة.

حينها تعالت أصوات الإسلاميين، وخرج عبدالرحمن البر، مفتى الإخوان، مطالباً بضرورة التصويت بنعم على التعديلات الدستورية، وتم رفع شعار «نبنى البيت ثم نضع الأساس»، الذى ظلت الجماعة تنادى به، وبذلت كل جهودها حتى تقول الصناديق «نعم»، وحشدت الجماعة وموالوها من الإسلاميين الشعب للموافقة على التعديلات الدستورية، بسبب رغبتهم فى كتابة دستور جديد بعد وصولهم لسدة الحكم، وتم الحشد لأنصار جماعة الإخوان وعدد من قياداتهم، ودخل إلى الساحة السياسية حزب النور، وبالفعل خرجت النتيجة كما أرادوا، ليعتبرها البعض أول مسمار تدقه الجماعة فى نعش ثورة 25 يناير.

شق الصف ونشر الصراعات بين القوى السياسية كان منهجهم للانفراد بالبرلمان

وجاءت الانتخابات البرلمانية ثانى شاهد على أكذوبة الإخوان فى شعار «مشاركة لا مغالبة»، حيث أعلنت الجماعة، المتمثلة حينها فى حزب الحرية والعدالة التابع لمكتب الإرشاد، عدم الترشح على أغلبية البرلمان ثم فعلوها، واستغلوا وقتها فترات الارتباك وعدم وضوح الرؤية، وكذلك سذاجة بعض التيارات السياسية التى تصدرت المشهد ودفعت نحو المقاطعة، وروّجوا لأفكارهم واستعملوا الشعارات الدينية فى شق الصف ونشر التفكك والصراع، وتمكنوا بالفعل من حصد أغلبية البرلمان بالخداع، حيث استنزفت القوى المدنية قواها على مدار أشهر منذ تنحى مبارك، عبر خدعة أعدها الإخوان وهى التحالف الديمقراطى بزعم جمع كل المؤيدين لـ25 يناير لمواجهة فلول الحزب الوطنى، ثم عاد الإخوان وأفشلوا مفاوضات التحالف، فخاضت الجماعة مفاوضات أخرى مع عدد من الأحزاب، ونجحوا فى الإيقاع بينهم.

وزادت حصة الإخوان المعلنة فى المنافسة على الانتخابات، فبعدما كانت 25%، وصلت إلى المنافسة على نحو 60%، حصلوا على 49% منها، فيما تركوا جزءاً لحلفائهم من السلفيين الذين حصلوا على 25% من المقاعد الأخرى، ليشكلوا تكتلاً تحت قبة البرلمان بقوة 75%.

الانقضاض على الانتخابات الرئاسية كشف زيف وعودهم ورغبتهم الجامحة فى الوصول إلى سدة الحكم عبر «المرشح الاستبن» بعد استبعاد «الشاطر» من السباق

وكان الانقضاض على الانتخابات الرئاسية ثالث أكاذيب شعار «مشاركة لا مغالبة» الذى رفعه الإخوان فى أعقاب 25 يناير، فقد أكدت الجماعة مراراً وتكراراً أنها لن تخوض انتخابات الرئاسة، ليأتى يوم 5 أبريل 2012 كمحطة فارقة فى علاقة الإخوان بالأحزاب والقوى المدنية، حيث حشدوا المئات من أنصارهم أمام أبواب اللجنة العليا للانتخابات لاستقبال خيرت الشاطر لدى تقديم أوراقه كمرشح للرئاسة، وتأكيداً على عزمهم اختطاف المنصب، قدموا فى سرية تامة مرشحاً احتياطياً، وهو محمد مرسى، الذى اشتهر بسبب هذا الموقف بـ«المرشح الاستبن».

11049748611656792628.jpg

وتمكنت جماعة الإخوان بالفعل من الوصول إلى سدة الحكم، بعدما استبعدت اللجنة العليا المشرفة على انتخابات الرئاسة خيرت الشاطر من سباق الترشح على منصب رئيس الجمهورية، لإدانته فى الجناية رقم «2/2007» عسكرية ولم يرد إليه اعتباره فيها على النحو الذى رسمه القانون، وتمكنت الجماعة من الفوز وقتها بالانتخابات عبر «المرشح الاستبن» محمد مرسى، الذى فاز فى انتخابات الإعادة على حساب المرشح أحمد شفيق.

وسقط آخر أقنعة شعار مشاركة لا مغالبة فى الاجتماع الذى جمع الإخوان بالقوى المدنية، وعُرف بـ«اجتماع فيرمونت»، الذى أعطى خلاله الإخوان ضمانات المشاركة فى السلطة واتباع الديمقراطية.

وجاء سبب الاجتماع أن الإعلان عن نتيجة جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية كان قد تأخر، وحاول الإخوان استغلال القوى السياسية المتشككة فى عقد صفقة بين المجلس العسكرى والفريق أحمد شفيق، وأعلنوا حينها أن وصول شفيق سيكون إجهاضاً للثورة، ونجح الإخوان بلعبهم على ذلك الوتر، فكان هدفهم من الاجتماع هو الحصول على دعم القوى الوطنية ورموز العمل السياسى، وبالفعل فاز مرسى بالانتخابات بفارق 1% فقط عن المرشح أحمد شفيق، ومع الإعلان الرسمى عن نتيجة الانتخابات الرئاسية تبخرت الضمانات التى أعطاها الإخوان فى اجتماع «فيرمونت» للقوى المدنية، فلم تكن سوى حبر على ورق، لينفردوا بالسلطة.

وجاءت أحداث مذبحة الاتحادية آنذاك لتعلن عن انتهاء العلاقة رسمياً بين جماعة الإخوان والقوى المدنية بمختلف أطيافها، فالجماعة وقيادتها، وعلى رأسهم المرشد العام، وكذلك محمد مرسى الرئيس المعزول، كانوا قد صرحوا فى أكثر من لقاء بأن التظاهر حق للجميع وأن مصر فى فترة ثورية والجميع له مطالب، ولكن كالعادة تبدل الحال بالوصول إلى سدة الحكم، فوقعت فى عهدهم مذبحة الاتحادية التى راح ضحيتها شباب قرروا الاعتصام أمام القصر رفضاً للإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى، والذى جعل القرارات الرئاسية نهائية غير قابلة للطعن أمام أى جهة أخرى، مثل المحكمة الدستورية على سبيل المثال.

أقال «مرسى» فى أعقاب إعلانه الدستورى النائب العام حينها المستشار عبدالمجيد محمود، لاستبداله بالمستشار طلعت إبراهيم، وأمد مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لوضع الدستور بالحصانة لإنهاء كتابة دستور جماعته الجديد، وإعادة محاكمة المتهمين فى القضايا المتعلقة بقتل وإصابة وإرهاب المتظاهرين أثناء الثورة بمنظور الجماعة.

لم ترضَ المعارضة عن ذلك الإعلان، ورأت فيه تمهيداً لصناعة فرعون جديد، فحشدت أنصارها للتظاهر والاعتصام أمام قصر الاتحادية للتنديد بالإعلان والتعبير عن رفضهم لإعطاء الرئيس الأسبق سلطات مطلقة تجعله فرعوناً جديداً.

3220430871656792626.jpg

وقابلت الجماعة الإرهابية هذا الرفض آنذاك بحشد الأنصار والهجوم على المعتصمين أمام قصر الاتحادية، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص، من بينهم الصحفى الحسينى أبوضيف، وإصابة أكثر من 700 شخص، لم تقف التجاوزات من الجماعة الإرهابية عند هذا الحد، بل وصلت إلى تعليق متظاهر أعزل على أحد أعمدة الإنارة الموجودة بجوار مسجد عمر بن عبدالعزيز، بعد الاعتداء عليه بالضرب المبرح، وتدخلت قوات الحرس الجمهورى لتحريره منهم.

وبررت العناصر التابعة للجماعة اعتداءها على المعتصمين باعتراضها على ما قام به بعض المتظاهرين من الاعتصام ضد رئيس شرعى منتخب للبلاد بحسب وصفهم، لتستمر بذلك سلسلة سقوط أكاذيب الإخوان تحت شعار «مشاركة لا مغالبة» حتى قامت ثورة 30 يونيو التى أسقطت حكم الجماعة.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى