اخبار السياسه هل ألغى الأسد منصب «مفتي سوريا» بسبب تفسيره سورة «والتين والزيتون»؟

في الوقت الذي اهتمت فيه وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بخبر إلغاء الرئيس السوري بشار الأسد منصب مفتي الجمهورية، الذي كان يشغله أحمد بدر الدين حسون، تصاعدت التكهنات بشأن الأسباب الحقيقة وراء هذا القرار، وسط تقديرات وترجيحات كثيرة ربطت بين ذلك وبين الأزمة التي خلفها تفسيره لسورة «والتين والزيتون»، التي أعقبها قرار الأسد بإلغاء هذا المنصب.

بداية أزمة تفسير آية «والتين والزيتون»

بدأت أزمة تفسير مفتي سوريا السابق، أحمد بدر الدين حسون، لسورة «والتين والزيتون»، خلال مشاركته في عزاء المطرب الراحل صباح فخري، الذي رحل عن عالمنا في الرابع من الشهر الجاري، حيث صوره مقطع فيديو أثناء تقديمه واجب العزاء في الفنان الراحل، وهو يقول: «أين خريطة سوريا في القرآن؟ موجودة في سورة نقراها كتير في صلواتنا»، واستشهد بسورة «والتين والزيتون» ليدعم وجهة نظره.

واستطرد مفتى سوريا وقتها: «لقد خلقنا الإنسان في هذه البلاد في أحسن تقويم، فإذا تركها رددناه إلى أسفل سافلين»، في إشارة إلى اللاجئين، وهذا التفسير لم يسبق للفقهاء أن فسروه، مما أثار زوبعة بين اللاجئين، لاسيما أن دمشق تشهد انفتاحا عربيا واسعا، وتستعد مع موسكو لافتتاح أكبر مؤتمر للاجئين في سوريا، وذلك حسبما ذكر تقرير لـ«إندبندنت عربية».

أزمة بين مفتى سوريا والأوقاف السورية

وأدى تفسير المفتي، أحمد بدر الدين حسون، إلى أزمة كبيرة بينه وبين وزارة الأوقاف السورية، التي اعتبرت التفسير تحريفات، وحذرت من خطورة إطلاق مثل هذه التصريحات، في خلاف واضح بين السلطتين الدينيتين في البلاد.

ونشرت وزارة الأوقاف السورية، بيانا، عبر صفحتها على موقع «فيس بوك» جاء فيه: «لابد من البيان أن المفسرين قد أجمعوا فيما ذكروه من تفسير الآيات أن الله تعالى يقسم بكل عظيم، ومنه ما خلق للإنسان مما ينفعه ويصلح حياته، وما جعل في التين والزيتون من نفع عظيم، ثم أقسم بالبقاع المقدسة، ثم بيّن سبحانه أنه خلق الإنسان الذي هو المحور الأساسيُّ في الكون في أحسن تقويم، والمقصود به كل إنسان، وليس إنسانا مخصوصا بعينه في زمان ما أو مكان ما».

الأوقاف: التفسير بالأغراض الشخصية أدى لظهور التطرف

وأضافت قائلة: «فإن هذه عصبية مقيتة حذّر الإسلام منها ونهى عنها، ثم تحدَّث سبحانه عن أطوار الإنسان وردِّه إلى (أسفل سافلين) والذي عبّر عنه في آيات أخرى بـ(أرذل العمر)؛ للضعف الذي يصيبه بعد القوة والكمال، أو بمعنى أن الإنسان يحط من مرتبته القويمة إلى أسفل سافلين عندما يخالف أوامر الله ويعرض عنها، وهذا حال يصيب كل إنسان في كل مكان وفي كل زمان، ولا علاقة له ببلاد الشام أو غيرها من المسميات القطرية التي تتغير من زمان لآخر»، وفقا للبيان.

وتابعت الوزارة في بيانها بالقول: «إن تفسير إعجاز الخلق بهذا المفهوم الضيق بعدٌ عن المقصد الإنساني الذي أراده الله في هذه السورة وهو كلام لا ينطلق من دراية بقواعد تفسير القرآن الكريم، كما أنه إقحام للدِّين في إطار إقليمي ضيق»، وأردفت: «وأما فضل بلاد الشام فمعروف تثبته الكثير من الآيات والأحاديث الواضحة الصريحة ولا حاجة في إثباته لمثل هذه التحريفات ولي أعناق الآيات».

وختمت الأوقاف بيانها بالقول: «ويذكِّرُ المجلس العلمي الفقهي بأن منهج التفسير بالأغراض الشخصية أدى إلى ظهور التطرف في تفسيره من جهة أخرى؛ لأن منهج المتطرفين والتكفيريين إنما يعتمد على تحريف تفسير آيات القرآن لتنسجم مع أهدافهم التكفيرية»، حسب قولها.

الأزمة تشعل انتفاضة إلكترونية للمهاجرين السوريين

وامتدت الأزمة بطبيعة الحال إلى المهاجرين السوريين، الذين انتفضوا على وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد المفتي، وبثوا له مقاطع مصورة يخاطبهم بالعودة للديار، ويضعون مقارنة بين مطالبته بالعودة مع صور لحركة النزوح الثانية، وهي الأشد هذا العام عن مثيلتها في العام 2015، مع صور لطوابير المواطنين وهم يصطفون لشراء الخبز والغاز والمحروقات.

وعقب الأزمة مباشرة، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، قرارا يقضي بإلغاء منصب مفتي الجمهورية في البلاد، بموجب مرسوم أصدره، أمس الإثنين، وتوسيع صلاحيات المجلس العلمي الفقهي (التابع للأوقاف) ونقل صلاحيات المفتي إليه.

وأكد مراقبون أن قرار الرئيس السوري، الذي جاء بعد تصريحات حسون، وتفسيره لسورة «والتين والزيتون»، يعتبر تحركا رئاسيا لنزع فتيل الأزمة وتصحيحا للوضع، حسبما ذكرت «الإمارات اليوم».