اخبار السياسه «نساء من ذهب» خلقن حياة خاصة بهن

«نساء من ذهب» خلقن حياة خاصة بهن

خلال السنوات القليلة الماضية، شهد مجتمع الريف والصعيد تحولات ثقافية واجتماعية ألقت بظلالها على نمط الحياة فى منظومة القيم الثقافية فى هذا المجتمع، كما انعكست على نظرة أهل تلك القرى إلى الكثير من القضايا والأمور، فما كان مرفوضاً بالأمس صار متاحاً اليوم، خاصة فى الأمور التى تتعلق بخروج المرأة إلى سوق العمل لتكفل أسرتها.

ويرجع سبب هذه التحولات إلى عدة أمور، بعضها نتيجة لما شهدته القرية، سواء فى الصعيد أو الدلتا من انتشار التعليم، الذى أدى إلى تغيير بعض المفاهيم ونظرة المجتمع لتلك القضايا أو نتيجة للأوضاع الاقتصادية الخانقة وظروف الحياة الصعبة وارتفاع معدلات الفقر، التى دفعت المرأة، خصوصاً تلك التى تكفل أسرة بمفردها بعد وفاة الأب أو ظروف مرضه، فلا تجد سبيلاً أمامها سوى الخروج لسوق العمل لكى تلبى احتياجات أسرتها.

ووسط هذه الظروف، ظهرت مجموعة من المشاريع الداعمة لتمكين المرأة، كان من بينها مشروع «برايم» وهو يهدف إلى تعزيز القدرات التسويقية لصغار المزارعين فى الريف، ويدعمه عدد من المؤسسات الدولية مثل الصندوق الدولى للتنمية الزراعية «الإيفاد»، وعدد من الجمعيات الأهلية، إضافة إلى وزارة الزراعة وصندوق تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التى دعمت عدداً من المزارعين، خاصة السيدات، وتمكينهم اقتصادياً، وهو ما ستستعرضه «الوطن»، لنماذج من قصص سيدات نجحن وخلقن حياة خاصة بهن.

«إلهام» تركت «الحقوق» وحولت «هادر» الرمان إلى «دبس»: «فى طريقى للعالمية»

قررت التخلى عن الحقوق والاتجاه إلى الزراعة، كى تخدم أهلها فى محافظة أسيوط، التى تشتهر بزراعة الرمان، وتخفف من العبء الكبير الذى يقع على المزارعين والأسر أثناء فترة حصاد الرمان، بسبب وجود 30% من المحصول «هادر»، أى جزء تالف نتيجة تفتح الرمانة مما يدفع المزارعين إلى تركه أمام الترع وعلى رأس الأراضى.

فكرت «إلهام أحمد جابر»، ابنة مركز ساحل سليم بمحافظة أسيوط، والحاصلة على ليسانس حقوق، أن تستخدم هادر الرمان لكى تصنع به منتجاً ذا دخل اقتصادى، يخفف العبء على المزارعين، الذين يتكبدون مبالغ ضخمة لزراعة الرمان، وبالفعل أنشأت وحدة لتصنيع دبس الرمان من الهادر، لكنها كانت تحتاج إلى شخص يوجهها ويعطيها خطوات العمل، وكان «مشروع برايم»، وهو لدعم صغار المزارعين تساهم فيه جهات حكومية ومنظمات أهلية ودولية، كان بمثابة الشخص الذى مد إليها يد العون وأعطاها التأسيس الصحيح لهذا المشروع ومدها بتدريبات على التصنيع وسلامة الغذاء والتسويق.

بدأت «الهام» أولى خطوات مشروعها بجمع هادر الرمان من المزارعين، وتصنيع دبس الرمان، وشاركت فى المعارض التى نظمها «برايم»، وبدأ يطلب منها كميات كبيرة، ولكن كان أمامها عقبات وهى ضيق المكان الذى كانت تصنع فيه، وكذلك قلة عدد العاملين فى المصنع، بالإضافة إلى أن العصارات التى كنت تستخدمها كانت يدوية وبطيئة: «العصارات كانت تحتاج مجهود بدنى ووقت، رجعت للناس فى برايم وطلبت منهم دعمى بمعدات جديدة».

صاحبة وحدة التصنيع: «كان يعمل معى 10 مزارعين وبفضل برايم أصبحوا 50 .. وحاولت تخفيف عبء الخسائر عنهم»

وطلبت «إلهام» من «مشروع برايم» أن يدعمها ويمولها، وبالفعل أمدوها بعصارة أوتوماتيك حديثة، كانت أول عصارة فى أسيوط، تقول «إلهام»: «من بعدها مشروعى اتغير 360 درجة، وأصبح المصنع يعصر من 5 إلى 6 أطنان يومياً بدلاً من 1 طن يومياً.

لم يمر وقت طويل حتى قامت «إلهام» بدراسة معايير سلامة الغذاء، وأخذ كورسات فى التسويق الرقمى، وتقرر بعد ذلك ترخيص مصنعها بإنشاء سجل تجارى وآخر ضريبى، وتقوم بتصنيع دبس الرمان، بداية من جمعه للمزارعين وعصره حتى تغليفه وإعادة بيعه: «مع الوقت بدأت أدرس تسويق وسلامة غذاء، وقررت أن أقوم بجميع عمليات التصنيع حتى التغليف، وربنا كرمنى وقدرت أعمل عقود مع شركات كتير وأورد لهم منتجى الخاص»، وتضيف «إلهام»: «بفضل الله ثم «برايم» بعدما كان يعمل معى 10 مزارعين، أصبحوا 50، وساعدنا برايم فى الحصول على منح الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وتؤسس لنا الوكالة حالياً وحدة تصنيع كمكافأة، وسوف ترونى فى الأسواق الخارجية، حيث إننا بدأنا نضع قدمنا على أول خطوة فى التسويق وأول إبرام عقود دبس رمان، ورمان مخصص للتصدير، وسترتفع أصواتنا فى الخارج».

19433116161633638687.jpg

«صباح»: «برايم» دربنى على التسويق.. ووفرت فرص عمل للعشرات

تستيقظ فى الصباح الباكر، تجلس أمام فرنها، بعدما قامت بعجن كمية من الدقيق لصناعة المخبوزات على اختلاف أنواعها، وسط الإشادة بمذاق منتجاتها من أقاربها وجيرانها، الأمر الذى دفعها للتساؤل لماذا لا تستفيد من هذه المهارة فى كسب مصدر رزق يعين على مصاعب الحياة، ويساند زوجها الذى يعمل باليومية.

بدأت «صباح»، السيدة الثلاثينية، مشروعها بـ5 كيلو من الدقيق يومياً فى منزلها، بتسوية منتجاتها داخل فرنها، لتبدأ فى توزيع المنتجات مقابل مبلغ مالى على الأقارب والجيران وطلاب المدارس فى محيط قريتها منسافيس بالمنيا، وقالت: «الحياة أصعب من إنى أسيب جوزى يواجه الدنيا لوحده، مفيش مشكلة إنى أنزل وأتعلم حاجة وأساعده أو إنى أسيب ولادى يعافروا لوحدهم فى الدنيا».

بعد نجاح «صباح» فى مشروعها الصغير، بدأت تبحث عن فرصة لتوسيع مشروعها، ونصحها البعض بالتوجه إلى مشروع «برايم»، وهو مشروع يعمل على تعزيز القدرات التسويقية لصغار المزارعين بالريف، وبالفعل استجاب لها العاملون بالمشروع، وألحقوها بالمدرسة الحقلية، كى تتعلم طرق صناعة المخبوزات بمعايير الجودة، وطرق إدارة المشروعات والتسويق.

لم يمر وقت طويل على السيدة الثلاثينية حتى توسعت فى مشروعها، ونجحت فى الحصول على قرض من «برايم»، وتمكنت من شراء أفران حديثة وأدوات للتغليف ومستلزمات المخبز، وأضافت: «فى البداية كنت أقوم بصناعة أنواع من المخبوزات والفطائر بكميات بسيطة للطلاب، ثم بدأت فى التوسع وحصلت على قرض من (برايم) وقمت بشراء معدات وأجهزة حديثة تساعدنى فى زيادة الإنتاج، خاصة أن فرنى الوحيد أصبح غير قادر على تلبية الطلب المتزايد على منتجاتى».

بدأت بـ5 كيلو دقيق فى منزلها ووصلت لـ300 كيلو يومياً «ملكة المخبوزات فى المنيا»

وتابعت: «بفضل الله بعدما كنت أقوم بعجن 5 كيلو دقيق يومياً، زاد إنتاجى إلى 50 كيلو ثم 100 كيلو إلى أن وصل إلى 300 كيلو يومياً، وتمكنت من المشاركة فى معارض برايم على مستوى محافظة المنيا وليس على مستوى قريتى فقط».

سعادة «صباح» ليست فقط بسبب نجاحها وإنما لكونها سبباً فى توفير فرص عمل لعشرات الأشخاص معها: «ربنا كرمنى وقدرت أكون سبب فى فتح باب رزق لأشخاص تانيين، بعد نجاح مشروعى لقيت ناس كتير بتقول لى بتتعبى نفسك على إيه، طالما جوزك شغال ليه بتشتغلى؟ وهذه المطالبات لم تجعلنى أترك مشروعى لأننى حققت نجاحاً كبيراً وأردت أن يكون هذا المشروع أماناً لى ولأسرتى، خاصة وبناتى مقبلات على الزواج، وأريد توفير حياة كريمة ومريحة لهن، عشان كده تجاهلت كل هذا الكلام وقررت أكثف شغلى الفترة القادمة لكى أحمى أسرتى من العوز».

7969635271633638675.jpg

«نيفين» حولت غرفة تربية الأرانب لـ«مزرعة»  

مرت بظروف مادية ومعيشية صعبة، واستدانت من الجيران والأقارب، وواجهت مشكلة كبيرة فسعت بكل ما أوتيت من قوة لمواجهتها، وتزامن ذلك مع وجود مشروع «برايم» فى محافظتها المنيا، فتوجهت «نيفين عيد»، إلى المشروع، تطلب منهم الانضمام أملاً فى إيجاد فكرة مشروع لها، لا يتطلب مكاناً وفى نفس الوقت لا يكلفها مبلغاً كبيراً.

انضمت الفتاة الثلاثينية للمدرسة الحقلية، وخضعت لتدريب قررت بعده أن يكون مشروعها هو تربية الأرانب، وبعد اختيار الفكرة، توجهت بها للمسئولين عن المشروع فوفروا لها أطباء بيطريين، خصصوا لها تدريباً إضافياً، وعن ذلك قالت: «بلغتهم إنى محتاجة أعمل مشروع تربية الأرانب، والمشروع خصص لى أطباء بيطريين علمونى طرق التربية والمعاملة، ومعلومات عن أفضل أنواع الأعلاف، والسلالات الجيدة وطرق الوقاية من الأمراض والعلاج والتلقيح».

واجهت مشكلة فى التسويق.. والمشروع عرض منتجاتها فى منافذ البيع 

بعد خضوعها للتدريب، توجهت «نيفين» لمنزلها، وخصصت غرفة فوق السطوح، وقامت بتجهيزها بجميع الاحتياجات اللازمة لتربية الأرانب، وتابعت: «جهزت غرفة فوق سطح البيت، وزودتها بسقايات ميه وعلافات وبطاريات».

واجهت «نيفين» مشكلة، فبعدما أصبحت قادرة على تربية الأرانب، وأصبح لديها إنتاج وفير، وأضافت: «مع الوقت كان عندى مشكلة فى بيع الأرانب، رجعت لهم فى برايم، وهناك قاموا بعرض منتجاتى فى منافذ البيع الخاصة بهم بعد وضع القيمة المضافة وتغليفها فى علب شكلها جميل»، مشيرة إلى أن هذه الخطوة ساهمت فى زيادة الإقبال على منتجاتها، ووصل الأمر إلى قيام بعض الشركات بطلب كميات كبيرة منها.

زيادة الطلب على منتجات «نيفين» جعلتها تتوسع فى تربية الأرانب، وقامت بإنشاء مزرعة أرانب، وأدخلت سلالات نادرة من الأرانب بالمشروع، وهو الأمر الذى أشاد به الصندوق الدولى للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة «الإيفاد» خلال زيارة المشروعات المدعومة من «برايم».

9630490211633638681.jpg

«عفهافة» مديرة ورئيسة رابطة: «عشان أكفل أسرتى» 

فقدت عفهافة جبر، من منشأة بدينى بمحافظة المنيا، زوجها قبل 7 أعوام، تاركاً لها قطعة أرض زراعية، ولم يكن أمامها وقتها خيار سوى العمل بالزراعة إلى جانب عملها كمديرة مدرسة كى تستطيع كفالة أسرتها، ونظراً لخبرتها القليلة فى هذا المجال، بحثت عن حلول تساعدها للاستفادة من أرضها، وبعد فترة من البحث والسؤال، نصحها مجموعة من المهندسين الزراعيين بالتوجه إلى مقر مشروع «برايم»، وبالفعل التحقت السيدة الأربعينية بالمدرسة الحقلية التابعة للمشروع، حتى أتقنت المهنة، وأصبحت رئيسة رابطة الزراعيين فى حوض أرضها.

«أنا مديرة مدرسة منشأة بدينى تعليم أساسى، وأهتم بالزراعة بدرجة كبيرة رغم أنى من 7 سنوات ما كنتش أعرف حاجة عنها، وأنا واحدة ست ماكانتش عقبة أمامى لأنى عندى إصرار وعزيمة.

الرى المطور يزيد المحصول 30% ويقلل البذور الضارة 

مواقف كثيرة تعرضت لها «عفهافة» أثناء زراعة أرضها، أبرزها عندما بدأت بإدخال الرى المطور إلى أرضها، ونتج عنه تلف قطعة كبيرة من الأرض، ما جعلها تعترض على المشروع، ولكن بعد تدخل المهندسين القائمين على المشروع فى «برايم»، واستخدامه بشكل صحيح، أصبحت من أشد المؤيدين له، وشجعت جميع المزارعين عليه»، مشيرة إلى أن الرى المطور يزيد المحصول بنسبة 30%، ويحد من انتشار البذور الضارة.

بعد نجاح «عفهافة» فى مشروع الرى المطور، وانعكاسه على زيادة الإنتاج، نتيجة تدريبها المستمر فى المدرسة الحقلية، ومتابعة المهندسين المشرفين عليها من «برايم»، أصبحت السيدة الأربعينية مرجعاً لجيرانها المزارعين، فجعلوها رئيساً لرابطة المزارعين فى نطاق حوضها الزراعى، الذى يصل لنحو 30 فداناً، تملك منها هى فداناً ونصفاً.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار السياسه حدث ليلا: رعب نتنياهو وتمرد ضباط إسرائيليين وارتقاء 22 شهيدا برفح الفلسطينية
التالى اخبار السياسه الساعة كام الآن؟.. تقديم الساعات 60 دقيقة مع تطبيق التوقيت الصيفي