خصلة وخصال

خصلة وخصال
خصلة وخصال

خصلة وخصال

هل يعيد بعض أفراد المجتمع في مرحلته الانتقالية إنتاج التصنيف أو التصانيف نفسها، لكن بشكل مقلوب؟ فينتقل من وصف «الملتزم بالصحوة» والانتصار له في الظاهر على الأقل، إلى وصف «الملتزم بالانفتاح»، وأيضا في الظاهر!

إذا تم الاتفاق على أن المظهر أو السلوك الذي يصفون يمكن تسميته بـ«انفتاح» فهم ينقلون أو يحاولون نقل المجتمع، في بعض مكوناته، من مهاجمة من لا يلتزم بشكليات أو سلوكيات الصحوة، إلى مهاجمة من لا «يندمج» في بعض شكليات المرحلة الجديدة اجتماعيا. كلا الفريقين، في كلا المرحلتين، يصادر حق الاختيار، وهو «السمة» الأهم لهذه المرحلة، وإذا كان بعض أهل الصحوة شوّه الدين وسماحته ويسره، وكرّس أنماطاً كثيرة تتسم معظمها بمحاصرة الحرية، فإن الفريق الآخر ربما يقعون في الأمر نفسه ويشوّهون الدين لمجرد النكاية بمرحلة ورموزها.

يتناسى الطرفان أن الفرد المسلم له خياراته، وفكرته، وممارسته للدين في كلتا المرحلتين، وله رغباته، وبخاصة في إطاره الشخصي أو الاسري أو حتى القبلي الخاص، أو في حدود سلطته التي تختلف عن سلطة هؤلاء وأولئك بأنها ترتكز على الحب، وليس على تسلّط يسره المنبر أو المدرسة، أو تسلّط مضاد اليوم يسرته وسائل التواصل الاجتماعي.

ركّز رموز وحركيو الصحوة على القشور، وها هم رموز وحركيو الانفتاح – الانفتاح بتعريفهم هم – يقعون في الفخ نفسه، يتمسّكون بقشور جديدة، وكأننا نقوم باستبدال قشرة مكان أخرى، والمأمول هو أنه بعد إزالة القشور القديمة، النظر إلى اللب، فإذا كان معطوباً نعمل على إصلاحه بعمق، وانطلاقا من العمق، وإذا كان سليما فهو سليم ويجب تركه «في حاله»، يقرر في أحواله ما يشاء، ومن المتوقع أن تكون قرارات من سلِمَ لُبّهم وخياراتهم أفضل طالما سلِموا من مرحلة الترهيب والتنميط، وانتقلوا إلى مرحلة الاختيار من دون تشوهات. اهتم من «بادت» مرحلتهم بـ«صغائر» ضخّموها حتى كاد المجتمع أن يصدق أنها كبائر، ركّزوا على الشكل، شكل المرأة تحديدا بمثابة منطلق للتمييز، وهاهم السائدون اليوم في المشهد يقعون في الفخ نفسه ويركزون على شكل المرأة بمثابة منطلق للتماهي مع المرحلة، والتمييز على الأساس نفسه بوصفه فكرة، لكن بشكل مقلوب، وكلاهما يقع في مهاترات لا تفيد. في كلتا المرحلتين، «طنّشت» المرأة ذات الطموح والهدف كل القشور؛ قشور التشدد في شكلها، أو التشدد المضاد له تماما، ومضت في محافل ومجالات عدة تنقش بصمتها في مسيرة الوطن الفعلية. في كلتا المرحلتين، حافظ من يريد على عاداته، سواء أكان مقتنعا أنها من الدين، أم عالما بأنها من العرف، وعلى بعضهم إعفاء المجتمع من الانتقال من إلزام الالتزام من وجهة نظر، إلى إلزام التزام وجهة النظر المضادة. فليتركوا الاهتمام بخصلة من شعرها لها وحدها حق إعطاء الوصاية عليها لنفسها أو لمن ترى، وليركزوه على خصال تعليمها وثقافتها وإنتاجها، ومشاركتها التي تتزايد على أرض الواقع في هذه التحولات.

* نقلا عن "الحياة"

** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى