ماذا نغرس مكان ما نجتث؟

ماذا نغرس مكان ما نجتث؟
ماذا نغرس مكان ما نجتث؟

ماذا نغرس مكان ما نجتث؟

ليس بالضرورة أن تغرس السعودية عبر وزارة التعليم الفكر المقابل أو المضاد للفكرين الإخواني والصحوي بعدما أعلنت الحرب عليهما وبدء تنفيذ «اجتثاث الفكر الإخواني» تحديداً من التعليم، فهي بالتأكيد لا تريد الانتقال بالتعليم من أقصى اليمين الذين هيمن ودمر، إلى يسار لا يعرف أهله ملامحه، فضلاً عن أن هذا ليس الهدف.

تقف السعودية اليوم على جبهات كثيرة لمكافحة الفساد و «اجتثاثه»، ليس الفساد المالي وخيانة الأمانة للمسؤول الحكومي أو المسؤول في القطاع الخاص فحسب، وإنما فساد الذائقة وفساد النوايا الذي سيطر على كثير من مفاصل الحياة اليومية، وأهمها التعليم.

ستنجح السعودية في ذلك طالما هناك إرادة سياسية لا تقبل النقاش أعلنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان امتداداً لإعلانات سابقة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي بدا واضحاً من يومه الأول على العرش السعودي أنه وضع اجتثاث الفساد نصب عينيه واضعاً خطط التنفيذ فوراً ومطبقاً ذلك على مراحل شهدها العالم في خطوات وقرارات تاريخية أثلجت الصدور.

ستنجح طالما يحيط بهذه الإرادة السياسة زخم شعبي مبتهج ومساند لكل ما يحدث، لذا ستجد وزارة التعليم استجابة شعبية تفوق توقعاتها، وعليها فقط أن تحسن اختيار ما تغرس مكان ما ستجتث.

أول ما يخطر في البال أن ترسخ وزارة التعليم لدى منسوبيها فكرة أن التعليم هو لتلقي المعرفة، والقيم، والمهارات، وصولاً إلى تحقيق السلوك الإنساني الحضاري المميز، الأخلاق بكلمة جامعة مانعة، الأخلاق التي يمارسها الناشئة ليس لأنه تم تخويفهم، أو ترغيبهم، بل لأنه تمت زراعة القناعة بها أولاً، ثم منح مساحة للتفكير في معانيها، وجدواها الشخصية لهم، وجدواها العامة للمجتمع.

التفكير، هذه الكلمة التي كانت ترعب الإخوان وحركيي الصحوة فحرصوا على تحييدها في العملية التعليمية، وصولاً إلى تكريس التلقي كمصدر وحيد، وتكريس الإيمان بما يتلقى الطالب حتى لو خالف فطرته العفوية السوية، التحييد الذي نجحوا فيه نسبياً، لكنه ألقى بظلاله على جيل أو اثنين عانوا وبعضهم لا يزال يعاني من الازدواجية بين ما يتعلم، وبين ما يعيش، أو ما يرغب أن يعيش.

إنها إحدى أهم الخطوات السعودية نحو التغيير، وستجد مقاومة خفية لعلنا اليوم أكثر قدرة على اكتشافها، ومن ثم تحطيمها، وسيكون على الوزارة أن تستلهم من الماضي الدروس والعبر.

لعلها سانحة أيضاً لتحقيق العدالة ولو متأخراً، فقد شهدت أروقة التعليم مظالم كثيرة وقطع لأرزاق بعض المعلمين والمعلمات الذين بحث أصواتهم وهم يقاومون التيارين المتغلغلين في التعليم، وتم إقصاؤهم بالفصل أو عبر محاكمات ارتكزت على اتهام أفكارهم ومبادئهم التي كانت تدعو لامعان العقل، والتفكير في الطرح الإخواني أو الصحوي.

يوجد في ملفات الشؤون القانونية، وشؤون الموظفين في وزارة التعليم مجموعة من هذه القضايا بعضها اشتهر حتى إعلامياً، والواجب اليوم بعد الاعتذار لهم، أن تتم إعادة الاعتبار أو الوظيفة لهم إذا كانوا يرغبون ولديهم القدرة على العمل والعطاء، لأنهم كانوا الأشجع في مواجهة فكر الإخوان على رغم أقليتهم وضعفهم.

*نقلاً عن "الحياة"

** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى