مختبرات وزارة الصحة محزنة

مختبرات وزارة الصحة محزنة
مختبرات وزارة الصحة محزنة

مختبرات وزارة الصحة محزنة

لا شك أن العديد من المراجعين للمراكز الصحية الأولية والمستشفيات ومراكز السكري يحتاجون إلى عمل فحوصات «تحاليل» مخبرية للتوصل إلى التشخيص الصحيح والدقيق أحيانا لأمراضهم.

ومن المعلوم طبيا أن نتائج التحاليل فضلا عن الحاجة الملحة لها لتشخيص المرض مبدئيا فإنه تبنى عليها أمور حسمية لا جدال فيها، كجرعة العلاج الذي سيتم صرفه، وعدد مرات تناوله، ومدة استخدامه، ومتى يجب التوقف عنه، وهل حصلت هناك مضاعفات من استخدام هذا الدواء أو من المرض نفسه، وماهية هذا المرض وعلاقته بالعلاج؟ هل خضع لهذا العلاج فاتجه باتجاه التحسن الإيجابي من عدمه؟.. كل هذه أمور حيوية ملحة تبنى على التحاليل المخبرية قبل وأثناء وبعد المرض.

يصادف الطييب في عيادته أو في قسم الطوارئ العديد من الحالات التي يحتاج فيها إلى عمل التحاليل لاتخاذ العديد من القرارات التي تتراوح بين الفوري والطارئ إلى الاختياري، يقوم هذا الطبيب بما يستوجبه عمله فيعمل تحويلا للمريض ليذهب إلى المختبر المرجعي -كما في المراكز الصحية- أو يعمل له نموذج تحليل ليذهب به إلى المختبر داخل المستشفى، وبينما يستحضر الطبيب توقعاته التشخيصية Differential Diagnosis ليربطها بالنتائج المخبرية، ليتوصل إلى التشخيص الصحيح، يتفاجأ بالمريض عائدا إليه بخيبة أمل قائلا: المختبر (عطلان)، أو ما فيه تحاليل، أو على أفضل الحالات: هذي التحاليل الموجودة، وكأن الطبيب عندما طلب عددا معينا من التحاليل طلب قائمة من «النواشف» التي يمكن فيها حذف القشطة واستبدالها بـ «لبنة»! وكأن التحاليل المطلوبة ليست ركائز مترابطة مكملة لبعضها للتوصل إلى التشخيص الصحيح؛ فضلا عن «الدقيق».

تظهر هذه الصورة ماثلة بشكل جلي عندما يرسل الطبيب مرضى السكري ليعملوا التحاليل التي لا بد منها كل «ستة أشهر» فيتفاجأ بالنموذج وقد رجع به المريض بعد «عدة أيام» خالي الجعبة! مقتصرين فيه على تحليل روتيني لا يسمن ولا يغني من جوع! فلا تحليل للسكر التراكمي HbA1c -الذي هو عمدة المتابعة لمرض السكري، - ولا تخطيط للقلب - ونعلم أن مريض السكري لفقده الإحساس الطرفي Peripheral Neuropathy ربما يصاب في أي لحظة بسكتة قلبية دون ألم Silent، - ولا عمل لملف الدهون- الذي إن اختل تعرض المريض للجلطات التي يكلف علاجها أضعاف تكلفة علاج السكري-. وعندما ترسل أيها الطبيب امرأة تشكي من آلام عظامها التي طالما منعت عن ضوء الشمس مما أكسبها عوزا في الكالسيوم Osteomalacia، فلا تغضب عندما تعود إليك قائلة: ما حللوا لي! لأن المختبر المرجعي للمراكز الصحية لا يملك Indicators للكالسيوم، وكلنا نعلم أن نسبة هشاشة العظام بين نسائنا بلغت 67%‏..

ومن أوجه تعطل المختبرات علاوة على انعدام المواد الكيمائية؛ هو غياب فني المختبر إما لإجازة أمومة «طويلة الأجل» أو لأي ظرف آخر، وعدم توفر البديل الذي بات معضلة المعضلات!

ومن المبكي علاوة على ذلك أن «يفتي» بعض فنيي المختبر -عند تواجدهم- لذلك المريض بفتوى يشكك فيها بضرورة عمل تلك الفحوصات، وأن ذلك الطبيب «لا يفهم»؛ فلربما كان هذا الفني «المتطبب» متكاسلا «ما له نفس» لعمل هذه التحاليل الشاقة التي لا يتجاوز عملها «دقائق»، فيحقن مريضه حقنة «فكرية» تؤدي بهذا المريض إلى الاقتناع بخلوه من الأمراض، فيبقى أرداحا من الزمن دون ذهاب إلى طبيب وبين عشية وضحاها..«رحمه الله»..

إن تمكين المرضى من عمل تحاليلهم المطلوبة -خصوصا مرضى السكري (1.8 مليون نسمة وسيصل إلى 4.3 ملايين عام 2030)، وارتفاع ضغط الدم (65.2% في شريحة عمر 65 سنة)- أمر شديد الأهمية، لتجنيبهم المضاعفات الكارثية التي نعلمها طبيا فنحفظ أرواحهم ولتوفير خسارات حكومية أكبر مستقبلا، وإن اقتصار كل امرئ على ما حدد إليه من عمل ومن مهام وظيفية لأمر يحبه الله قبل خلقه، فلا مناص من هذه الديباجة الملحة التي طال ترديدها وقصر تطبيقها.

* نقلا عن "الوطن"

** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى