الثوابت والمتغيّرات في الخطاب الملكي

الثوابت والمتغيّرات في الخطاب الملكي
الثوابت والمتغيّرات في الخطاب الملكي

الثوابت والمتغيّرات في الخطاب الملكي

الخطاب الملكي في مجلس الشورى يعد وثيقة عمل للجهازين التشريعي والتنفيذي في مهمة تنسيق متوازنة، ورؤية منسجمة في التعاطي مع المواقف والأحداث والمتغيرات على أساس من الثوابت، وتقدير المصالح، وتقديم السعودية الجديدة للعالم كدولة مؤسسات عميقة في قراراتها وتوجهاتها، واستشعار مسؤولياتها تجاه مواطنيها، بما يعزز من مكانتها وإمكاناتها وفق رؤية طموحة نحو المستقبل.

المتغيرات المتسارعة في المنطقة والعالم لم تنل من ثوابت السياسة السعودية الخارجية، وتحديداً في قضايا الأمن والاستقرار، والحرب على الإرهاب والدول الداعمة لمنظماته، ومواجهة التطرف والأيديولوجيا المغذية لأفكاره، والموقف من إيران الطائفية والميليشيات التابعة لها، إلى جانب التأكيد على القضية الفلسطينية، وتعميق العلاقات العربية والدولية، ولكنها في التعامل مع تلك القضايا وغيرها لم تبق جامدة، أو مستنسخة لمواقفها، حيث بدى واضحاً أن هناك تحولاً دبلوماسياً للمزاوجة بين المبادئ والمصالح في قراءة المشهد الدولي، فلم تعد السعودية دولة مبادئ على حساب مصالحها، أو العكس، وإنما دولة مبادئ ومصالح معاً، وهي مهمة ليست سهلة في التبرير لها، ولكنها ضرورية لمواجهة التحديات والمخاطر في المنطقة.

كذلك المتغيرات على الصعيد الداخلي تشهد تحولاً لافتاً في إعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس من رؤية تحارب الفساد، وتعزز من كفاءة الإنفاق والتوازن المالي، وتنويع مصادر الدخل، وتعظيم المحتوى المحلي، ومشاركة القطاع الخاص، إلى جانب رفع مستوى الخدمات في الصحة والتعليم والنقل، وجذب الاستثمارات، وتحريك العنصر البشري نحو واقع جديد يعتمد فيه على ذاته، ومهاراته، وكسب عيشه، والتخلي عن ثقافة الدولة الرعوية، وهذه المتغيرات الداخلية المهمة منحت المجتمع حضوراً غير مسبوق في الرهان على المستقبل، والخروج من تقليدية الممارسة إلى حلول مستدامة لتنميته وتطوره.

الملك سلمان في خطابه يجدد ثقته في الدور الذي يؤديه مجلس الشورى كوسيط بين الحكومة والمواطن في مهمة تشريعية رقابية لصياغة واقتراح الأنظمة، وتقديم التوصيات، ومراجعة التقارير السنوية للأداء الحكومي، ومذكرات واتفاقيات العمل بين المملكة والدول الأخرى، كما يمنح المشاركة الشورية (البرلمانية) مهمة الإصلاح وفق إجراءات نظامية محددة، ومساحة من النقد البناء، بما يسهم في تعزيز مسؤولية العمل الوطني المشترك.

هذا الدور لمجلس الشورى هو ما يعوّل عليه الملك سلمان مستقبلاً في التعامل مع المتغيرات المتسارعة التي تحيط بالوطن من كل جانب بكثير من الحكمة، والتعقّل، وبُعد النظر، فلا مجال لاجتهادات أحادية، أو معالجات قاصرة، ولا وقت نضيّعه مع بيروقراطية الممارسة، أو التأخير في إصدار التوصيات ومتابعتها مع صانع القرار؛ حتى يكون المواطن محور التنمية الحقيقية.

*نقلا عن "الرياض"

** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى